كل شيء في الأمل إلا الرزق بالعمل


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

العمل هو غاية نسعى لها من أجل استمرار بقائنا ولولا العمل لا قيمة للإنسان، فالعمل شرف الحياة، وصيانة لكرامة الإنسان، وقيمة كل فرد تأتي من خلال ما يقدمه من عمل، فهو قيمتنا وشرفنا ولا يمكن لأحد أن يعيش دون عمل يضمن له حياة سعيدة وربما للآخرين قد يكون مسئولا عنهم ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد عمل راعياً، وتاجراً وكذلك صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأبو بكر الصديق كان يبيع الثياب، وعمر كان يرعى الجمال، وعلي بن أبي طالب كان خياطاً، وسعد بن أبي وقاص كان بارياً للنبل، وعمرو بن العاص جزاراً، وسلمان الفارسي يصنع الخوص، فالعمل إذا شرف عظيم أطيب ما أكل الرجل من كسبه حديث شريف.

والعمل في الإسلام للقادر عليه شرف للإنسان وكرامة للشخص ونفع للأسرة والإنسانية، كما أن التعب في طلب الرزق الحلال يكفِّر ذنوباً ارتكبها الإنسان كما جاء في قوله - تعالى -: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك: 15، وإن الله يحب الإنسان العامل وأن يكسب رزقه حلالاً وأن ينفع نفسه وغيره في هذه الحياة ومتى قصد بذلك وجه الله - تعالى -كان عمله للدنيا والآخرة معاً ويسَّره الله بفضله، وتؤكد الآية الكريمة هذا المعنى (فابتغوا عند الله الرزق) والرزق هنا لا يتم إلا بالعمل كما يقول - تعالى -: (فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) الجمعة: 01، وكما يقول المثل "كل شيء في الأمل إلا الرزق بالعمل"، فالعمل يجلب الرزق، والرزق هو ما يكفي الإنسان ويسد حاجته ولا تطلق كلمة الرزق على المال الذي يصح تملٌّكه وما لا يتملك عندهم لا يسمى رزقاً، فالعمل إذاً وسيلة للمعاش ولا يتحقق المعاش إلا بكمال الكفاية ولا تكون الكفاية إلا بأن تكون قيمة العمل مساوية على الأقل لتلبية حاجات الإنسان الضرورية من غذاء وملبس ومسكن يكفيه ويكفي من تلزمه نفقتهم من أفراد الأسرة.

 

سؤال الناس مذلة:

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خيراً له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه) متفق عليه.

وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كان داود - عليه السلام - لا يأكل إلا من عمل يده) رواه البخاري، وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كان زكريا نجاراً) رواه مسلم، وعن المقدام بن معدي كرب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يدهد).

فالعمل عزة للإنسان مذلة "واليد العليا خير من اليد السفلى"، فاليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة.

 

إتقان العمل واجب شرعي:

أول شيء نُعاب عليه هو عدم إتقان كثير منَّا عمله إن الدين الإسلامي دين عمل فالعمل في ديننا يكاد يكون شريعة ومنهاجاً يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه> وبهذا يصبح إتقان العمل واجباً دينياً وإهمالنا في عملنا أودى بنا إلى هذا المنحدر الذي نعاني منه إلى هذا المنزلق السحيق فلم نعد قادرين على علاجه اجتماعياً، والأمثلة على ذلك كثيرة، فالمعلم الذي لا يخلص في العطاء والعامل الذي يهمل عمله ولا يخلص فيه والموظف الذي يتخاذل في وظيفته ويخون الأمانة ولا يؤدي دوره على أكمل وجه هو خادم للأمة أصلاً ويسهر على مصالحها ويدفع عنها ما يضرها فالأمة تقدم له الخدمات لتؤمن حاجاته فإذا لم يقم بوظيفته بأمانة، يصبح عاقاً لأمته سيئاً)

وقد جاء في قانون حمورابي الذي يعتبر من أقدم القوانين 1728 ـ 1686ق·م، "إن إتقان العمل واجب قانوني، فالبنَّاء مسؤول عن سلامة البناء الذي يبنيه"، ولن يتحقق لنا الرقي ونصبح أمة متبوعة لا تابعة إلا إذا أتقنا عملنا.

فالعمل إذاً جهاد في سبيل الله والاجتهاد في العمل وتطويره والإخلاص فيه سعادة كبيرة ونفع عام للمجتمع وأفراده، وبالتالي بناء للوطن في المحصلة.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply