العادة السرية حطمتني


 

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني منذ سنوات من العادة السرية، ولم أستطع أن أفك نفسي من أسرها، مع علمي التام بأضرارها من جميع الجوانب، وقبل ذلك حكمها الشرعي، ولكني الآن في صراع محموم مع هذه السيئة، خصوصًا وأنه يسألني طلابي أكثر من مرة عن حكمها وأضرارها، وأجيبهم بما علمت من الأدلة الشرعية والطبية والنفسية، وبعد هذا أرى أني أتجرأ على الله بوقاحة، عندما أمنع غيري وأحذرهم من هذه العادة وأنا أمارسها منذ سنوات، وبصراحة يا شيخ أرى أني لا أصلح لأن أكون مدرسًا في المسجد وأنا على هذه الحال، المصيبة أني أعرف أن هذا من مداخل الشيطان حتى أترك الاستقامة، ولكني لا أستطيع الاستمرار على هذه الحال! وأريد إخبارك أني استخدمت جميع طرق مكافحة هذه العادة من صيام، أو غض البصر، أو العلم الشرعي، ولم أستطع، وأشعر الآن أني أسير سراعًا في طريق لا أعرف ما نهايته، وإلى أين سينتهي بي المطاف، فأسألك بالله، وأستحلفك به أن تساعدني، ولك من الله أجري، وأجر من هم تحت يدي من شباب المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الجواب:

الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا- أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وجعلنا وإياك من المتحابين في الله، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وجزاك الله خيرًا على ثنائك، ونرجو أن نكون جميعًا من العاملين لهذا الدين العظيم الذي أكرمنا الله به، وإن من أعظم نعم الله على العبد أن يستعمله في مرضاته، وإذا أحب الله عبدًا استعمله في عمل الخير ثم قبضه عليه، وإني لأرجو الله أن يجعلنا جميعًا من هؤلاء.

ثانيًا- أعجبني فيك صراحتك وإحاطتك بالمشكلة وطبيعتها.

ثالثًا- إن إدراك الإنسان لطبيعة مشكلته، وعلمه بالأسباب الموقعة فيها يسهل الوصول للحل ما دام جادًّا في ذلك، وقد لمحت من كلامك وحديثك ضيقك الكبير من هذا التناقض الذي تعيشه، أو الازدواجية في جانب من جوانب شخصيتك، حيث تنهى عن أمر وتأتيه، وهذا في حد ذاته بداية الحل، واعلم أنه علامة على إيمانك الصادق، واستقامتك الجادةº لأن كراهية المنكر وإتيانه دليل على إيمان العبد وصدق توجهه إلى الله - سبحانه -، ولذلك أقترح عليك -كحل لهذه المعضلة -ما يلي:

- إن كنت تستطيع الزواج فعليك بالمسارعة في ذلك، وإذا كنت تقول ظروفي المادية لا تسمح أقول لك: اتق الله وابدأ مشوار الزواجº من خطبة وغيره، وسوف تتسهل الأمور، بإذن الله، وفي الحديث الصحيح: \"ثَلَاثَةٌ حَقُّ عَلَى اللَّهِ عَونُهُم: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ\". أخرجه الترمذي (1655) والنسائي (3120). فاعزم على الأمر وتوكل على الله، يعينك ربك ويسهل عليك الصعب. وأعرفُ مَن كانت حالته شبيهة بحالتك وكان من أفقر خلق الله، ولما أشير عليه بالزواج قال: ومن أين أملك قوت يومي حتى أملك مالًا للزواج. فقيل له: ابدأ المشوار وستتسهل الأمور، بإذن الله، يقينًا بالوعد المذكور في الحديث النبوي الشريف. وسبحان الله جاءته الإعانة من كل مكان، فتوكل على الله يا أخي، واطرق الأبواب المشروعة وستُعان- إن شاء الله.

ولو فرضنا صعوبة الأمر في ذلك، وتخشى على نفسك الوقوع في الحرام، فلا بأس بارتكاب أدنى المفسدتين اتقاء أعلاهما، فارتكاب العادة السرية أو نكاح اليد أهون من الوقوع في الزنى أو اللواط، واستشعر عند فعلها بارتكاب المعصية، وخوفك من الله أن يغضب عليك، ثم ألح عليه أن يجنبك الفتنة، والشر، والمعصية، ويحبب إليك الإيمان والطاعة، وأن يسهل عليك الحلالº فإنه قريب من عبده لا يخذله ولا يرده خائبًا.

ثم عليك- بارك الله فيك- التقليل من الأكل، وغيره من أسباب إثارة الشهوةº فإنه سبب مهم في التخفيف من هذه المعصية وكرهها.

وأقترح عليك إشغال أكثر وقتك في عمل خير كالدعوة إلى الله، أو السعي على الأرملة والمسكين، أو ما شابهه، أو في عمل مباح من الأعمال التي تكسب بها رزقًاº حتى تجهد وتصل إلى بيتك لا تجد وقتًا للتفكير في مثل هذه المعصية.

اصبر، وما صبرك إلا بالله، ومن تصبَّر يصبره الله، والله معك، وندعو الله لي ولك أن يرزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply