وهكذا يكون المزاح !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 في لحظة أُنسٍ, صافية، وأحاديث هامسة، وابتسامات عذبة، بينه وبينها، جاء دور إراحة الألسنة من الكلام، وأخذ النفس العميق.. للاستعداد لمعركة أخرى غرامية، بينه وبينها!! على مائدة العشاء.

استرخى بعد أن أتخم تلك المعدة المسكينة بما صنعته يد الحبيبة!..

 

قال: شعرتُ بضرورة تدفعني إلى تحريك رقبتي يميناً وشمالاً لأسمع لها (طقطقة).. أشعر بعدها بالارتياح.

قال: فتوكلت على الله وحركت رأسي لجهة اليمين بقوة عظيمة! حتى انبعث من جراء ذلك صوت (الطقطقة) المنتظر، ثم.. استخرت الله فأدرته لجهة الشمال فسمعتها أيضاً للمرة الثانية.. وبعد أن قُضي الأمر.. حمدتُ الله، وتنفستُ الصعداء!..

وهي تنظر إلىَّ بعينين واسعتين تبرقان بريقاً يخطف الأبصار ذكّرني بلمعان البرق في ليالي الشتاء المظلمة! فَتَحَتهما حتى ظننت أنهما ستلتهماني!! وفكرتُ في نفسي، ما هذا الجرم العظيم الذي ارتكبته، والأمر النكر الذي جعلها تنظر إليَّ بهذه الطريقة..

استطعتُ أن أنتزع فكّي الأعلى من أخيه الأسفل وأُخرج من بين الأسنان المتلاصقة سؤالاً قوياً خرج في شبه زئير الأسد!:- مالكِ؟! لماذا تنظرين إليَّ هذه النظرة؟!

قالت: (وهي لا تزال تنظر إليَّ): كيف استطعت أن (تطقطق) رقبتك بهذه الطريقة دون أن تمسك رأسك بيديك؟!

كدتُ أنفجر من الضحك لولا أن الله ـ تعالى ـ ثبتني فلم أفعل، وإلاَّ...!!

قلت: الأمر سهل.. حرّكي رأسك برفق.. دون أن تشدي أعصابك.. حركيه مراراً.. وفي المرة الأخيرة أديري الرأس نحو اليمين بقوة.. وستسمعين ـ بإذن الله ـ ما يسرٌّك ويُرضي خاطرك! فحاولت أن تطبق ما قلته لها، فلم تنجح!

قلت لها: (عن إذنك!)

فقمت إليها.. وأمسكت طرف ذقنها بيدي اليمنى، وأعلى رأسها بيدي الشمال. واستعنت الله ـ تعالى ـ وأرجحت رأسها قليلاً قليلاً ثم دفعته إلى جهة الشمال بقوة فصاحت صيحة سمعها الثقلان(1) وخرت على الأرض مغشياً عليها!.

أما أنا فيبست مكاني، وتجمدت الدماء في عروقي! ووجمت فلم أدر ما أفعل؟ ولم أستطع حراكاً.

أخيراً! تنبهت إلى ضرورة إحضار ماء بارد، فضربت به وجهها.. فإذا بها تنطق الشهادة!!

فعلمت أنها لا تزال على قيد الحياة.. فارتدت إلى روحي! وحمدت الله.

حاولت أن أخفف مصابها بأن هذا قضاء وقدر! لكنني إن فتحت فمي سمع الثقلان مرة أخرى دوي ضحكتي من سخافة الموقف.. وربما جررت على نفسي خزيها واستطلقت لسانها الطويل علي! فعضضت على شفتيّ بقوة.. والدمع يتقافز من عيني من شدة الضحك المكتوم!!

قلت: سلامات..!

قالت: (الله لا يسلمك.. أبعد عني.. ما رأيت وجهك ورأيت الخير)! تركتها حتى إذا استجمعت قواها.. وهي تئن أنيناً يقطّع القلب! .. نظرت إليها من طرفٍ, خفي! فإذا هي تحاول أن تواري ضحكة تصارعها بكل قوة كي لا تخرج فتسقط هيبتها أمامي!.

تشاغلت عنها بالأولاد أداعبهم وأضحك منهم! وفي الحقيقة ليس في أمرهم ما يضحك! وإنما ضحكي من موقف زوجتي وخدمتي الجليلة لها!

 

قلت له: (وأنا غارق في الضحك): أعلمُ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يمازح أزواجه، وقد سابق عائشة، لكن الراوي لم يقل مازحها كمزحك لزوجك! كدت تكسر رقبتها يا أخي!

قال: هذا ما حدث.. وإن شئت أن تحدث بها فلا حرج.

قلت له: سأفكر!  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply