فاتقون يا أولي الألباب لعلكم تتقون


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

استقبلنا بالأمس القريب شهر رمضان المبارك، وها نحن نتأهب لوداعه، فقد انقضت أيامه الطيبة المباركة سراعاً، وقبل أن يرحل عنا نتوقف قليلاً لنتأمل بعض حكم الصوم وآثارها على الفرد والمجتمع:

يقو الحق - تبارك وتعالى -: \"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون\" (183) (البقرة) فجعل الله - سبحانه وتعالى - الصيام طريقاً إلى تحصيل التقوى التي فسرها سيدنا على بن أبي طالب - رضي الله عنه - بأنها: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.

ولا شك أن التقوى تولد عند العبد خشية من الله – تعالى- والبعد عن ارتكاب ما حرم ونهى عنه، وتوقظ الضمير الإنساني الذي يتجنب حديث الإفك وشهادة الزور ويبتعد عن الكذب والبهتان والتجني والافتراء.

وكنا نأمل أن يكتسب من يعملون في حقل الإعلام على وجه الخصوص تلك الصفات الطيبة بصيامهم في رمضان وأن يتحلوا بها طوال العام.. ومن ثم طوال العمر، لكي يكون إعلامنا في عالمنا العربي والإسلامي نظيفاً صادقاً أميناً، فالكلمة أمانة عظيمةº إما أن ترفع قائلها إلى مرتبة الشهداء أو تهوي به في النار، ومع ذلك فإننا لو عرضنا كثيراً مما تكتبه وتنشره بعض الأقلام على معيار التقوى وأمانة الكلمة لسقطت في اختبار التقييم، لا بل لن تنال حظاً يذكر من التقدير والاحترام، فقد انحرفت تلك الأقلام عن المسار الصحيح وسلكت مسارات تركز على بث الفتنة وتأليب المجتمعات والأفراد والسلطات ضد بعضها البعض، وتغيبب العقل، وليِّ الحقائق، وتوجيه الاتهامات جزافاً دون دليل، والأسوأ من ذلك أن بعضها أصبحت تجارته تزيين المنكر والإشادة به والدعوة إليه، والتعريض بالحق والخير والتحريض عليهما!

وتحول أصحاب تلك الأقلام إلى سماسرة للباطل، صرفوا همهم وجل عملهم لمحاولة النيل من الآخرين، بل من مقدسات الدين.. عقيدةً وقيماً وأخلاقاً، ومحاولة هدم تاريخ الإسلام المنير والتهجم على العاملين للإسلام والأعمال والمؤسسات الخيرية.

ويفعل بعضهم ذلك زلفى لأعداء الإسلام المتربصين به الدوائر ولا يراعون في ذلك الحرمات إلاًّ ولا ذمة.

ويحسب أولئك أنها تجارة رائجة، والواقع أنها تجارة خاسرة بالنظر إلى ما ينتظرهم يوم الحساب.. يوم لا ينفع مال ولا بنون.

ونعود إلى ما بدأنا به فنقول إن شهر رمضان فرصة مباركة لتحصيل التقوى وتصفية القلوب وتصافح الأيدي وتجديد العهد مع الله على تقواه والاستقامة على أمره لكي تصبح مجتمعاتنا مجتمعات إسلامية مثالية ونموذجاً يحتذى في العالم الضال، كما أنه فرصة لتهذيب النفس وتعويدها البعد عن الوقوع في مدارك المعاصي والموبقات.. نسأل الله تعالى أن يهدي أولئك الذين سلكوا سبيل الغواية إلى طريقه المستقيم.

أما من نالهم وينالهم الأذى وقبح القول وفحشه فأولئك نحسبهم مثابين من الله على ما يتعرضون له، وهم يدركون أن طريقهم مليئة بالأشواك، محفوفة بالمخاطر، لكنهم لا يبالون بما يقع لهم في سبيل الله ولو اتٌّهموا باطلاً وسُلطت عليهم الأقلام المأجورةº فإن عقيدتهم أن الله يدافع عن الذين آمنوا وهم يعلمون أنه إذا تكفل الله وحده لهم بالأمن فلا يضرهم سواه. وطريق تحصيل الأمن كما يقول العلماء: عبادة الله وحده لا شريك له والاستقامة على طاعته وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى\" لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا (النور:55)، الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون 82 (الأنعام).

اللهم ارزقنا التقوى وحسن القول والعمل دائماً، وجنبنا القول الفاحش وشهادة الزور فيما نقول ونكتب واهد من سلكوا طريق الغواية والترويج للفواحش والمنكرات إلى طريق الحق والصواب.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply