في التحرش الجنسي بالأطفال... الكل يلوذ بالصمت!!


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

عندما يغتصب عالم البراءة تتجلى الجريمة في أبشع صورها.. ألعابها كانت هناك.. مطبخها الصغير.. قصصها الملونة والصلصال.. عالم تعيش فيه أحلى سنين عمرها.. وهاهي لعبتها المفضلة تنام بجانبها على السرير سعيدة هي بهذا العالم المنسوج من الجمال والألوان والخيال..

وخلف الستار يد ملوثة تحاول أن تمتد لها.. تدنس عالمها ترمي بلعبتها المفضلة من سريرها وتزحف نحوها تريد قتل براءتها وانتزاعها من عالمها الذي تحبه إلى الأبد.

التحرش الجنسي بالأطفال من القضايا التي تؤرق العالم أجمع، ما دفع بعض الدول لسن قوانين رادعة للمتحرشين بالأطفال، وتبنت المملكة المغربية قبل مدة حملة واسعة للتوعية ضد هذا الوباء الاجتماعي المدمر.. وتعد هذه القضية من أخطر القضايا الاجتماعية التي يتم التكتم عليها خشية الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي، دون بذل جهود كبيرة لاستئصالها من مجتمعاتنا العربية ما يجعلها ماضية في الاستفحال، غير مستجيبة لما يقدم حيالها من حلول لاسيما وأنها حلول مؤقتة غير ناجعة.

(لها أون لاين) طرح قضية التحرش الجنسي بالأطفال بين أيدي قراءه، وترك الباب مفتوحاً أمامهم للتعبير عن هذه المشكلة، عمقها، أسبابها، دوافعها، الحلول الممكنة لها، كما لم تخل بعض الإجابات من عرض أسرار خاصة لدى البعض في صميم هذه المشكلة.

 

قصص واقعية لضحايا التحرش الجنسي وصلت موقع (لها أون لاين):

للأسف إن ما سنعرضه فيما يلي قصص واقعية وحقيقية حدثت لفتيات في عمر البراءة والطفولة.. منهن من أرسلتها كطلب استشارة، ومنهن من شاركت بها في القضية التي طرحناها مؤخراً..

أخاف أن أقع معه في العقاب:

تقول ن. ع. ن: أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاماً تعرضت للاعتداء الجنسي في عامي الثاني عشر من ابن أختي الذي يكبرني بثلاث سنوات.

وكان كلما رآني يتحرش بي وكان يأتي إلى بيتنا كثيراً وبخاصة في أوقات نومي فأتفاجأ به يعتدي علي وأنا نائمة!! وإذا استيقظت أضربه وأبكي وأرتجف من الخوف وكان يقول لي إنني عشيقته وأنه يحبني وكان يأتي لي بالأشياء التي أحبها دون مناسبة واستمر هذا الأمر حتى بلغت عامي السادس عشر.. لم أخبر أحداً، كنت دائماً أهدده بإخبار أمه ولكنني أتراجع في اللحظة الأخيرة، أخاف أن أقع معه في العقاب.. مع أني لم أفعل شيئاً.. وكنت دائماً أدعو عليه حتى ذهب للخارج للدراسة وكنت فرحة جداً لأنني تخلصت منه والآن عاد وخطبت له أمه فتاة من العائلة.. ولم يعد لعادته القديمة.. مشكلتي الآن أنني أكرهه كثيراً ولا أبقى معه في مجلس وإذا كلمني أجامله.. دائماً أقول لنفسي إنه ابن أختي ويجب أن أنسى ذلك الماضي لكنني لا أستطيع!!.. وبحكم ديننا وعاداتنا فأنا لم أعرف من الرجال إلا أبي وأبناء أختي الاثنين وليس لدي إخوة.. وأخاف أن أتزوج فأكره الرجل فلا أعرف هل لدي عقدة من الرجال؟.. وكثيراً ما أبكي من قسوة الحياة، فهو سيتزوج ولن تعلم زوجته عن ماضيه.. أما أنا لا أعلم ماذا أفعل فقد تقدم لي خاطب وأهلي يقنعونني بالزواج منه وأنا خائفة لم أقبل به خوفاً من أن يكون ابن أختي أفقدني عذريتي فلا تقل لي أن أذهب إلى دكتورة فهذا مستحيل ولا تقل لي أن أخبر أحداً من أهلي فأنا بالكاد كتبت لك مشكلتي الفريدة بشناعتها وواقعها المرير.. فماذا أفعل؟...

كسيرة النفس.. سارحة الذهن:

تحكي بنت أبوها قصة حدثت لقريبتها: تعرضت إحدى قريباتي لموقف أليم منذ 6 سنوات أي عندما كان عمرها 14 عاماً، وهذه السن سن الزهور الحرجة التي تتكون فيها شخصية الإنسان قام أحد الأقرباء (من جهة الأم) عمره (40 عاماً متزوج) بأخذها معه في السيارة والذهاب بها إلى أحد الأماكن وهناك قام بكشف عورته وأجبرها بالقوة على لمسها (لكنه لم يقترب منها) في حين أنها لم تستطع المدافعة عن نفسها ولم تخبرنا في حينها عن هذا الموقف وتمر 6 سنوات والبنت تكبر وتكبر الصورة التي رأتها في مخيلتها حتى باتت ترى أن هناك أناساً يحاولون الاعتداء عليها، ومن تلك الفترة إلى الآن وهي تحس بآلام أسفل البطن، ذهبت إلى المستوصفات وإلى أكبر المستشفيات وأكدوا خلوها من الأمراض لا ترسبات ولا انسداد ولا التهاب (خالية من الأمراض) ورغم الأدوية والمهدئات التي صرفت بغير فائدة ما زالت تحس بهذه الآلام، لقد وصلت إلى حالة نفسية سيئة فبعد أن كنا نعرفها بمرحها ومشاكستها صارت لا صوت ولا حركة، كسيرة النفس ومترددة دائماً، نظراتها باتجاه الأرض وسارحة الذهن، اصفر لونها وفقدت شهيتها حتى أصيبت بفقر الدم وتعاني من تشنجات وشبه إغماء واستفراغ وأصبحت كثيرة النوم والبكاء لم تعد تلك البنت الجريئة التي كلما طلبت شيئاً لابد أن يجاب لها، قيل لنا ربما تكون مصابة بالعين أو حالة نفسية بدأنا علاجها بقراءة القرآن عليها وعلى الماء والزيت واستخدامه ومحاولة التغيير من أسلوب حياتها وعدم تركها وحدها مع محاولة شغل وقت فراغها مع الالتجاء إلى الله بالدعاء وكانت الجهود فردية (أي بدون الالتجاء إلى طبيب نفسي)، تحسنت قليلاً لكن الأثر مازال كبيراً ونحن الآن بين الرجاء والخوف من الانتكاسة لحالتها (علماً بأن والدها وإخوانها الأولاد لا يدرون بهذا الأمر خوفاً من ردة انفعالهم).. فما الحل؟

التحرش الجنسي وصور من الذاكرة:

تقول أمة الله في استشارتها لا أعلم من أين أبدأ.. حدثت لي حادثتان في صغري ونسيتهما على مر الأيام، إذ لم تشكلا يوماً شيئا مميزا لكني من فترة سنة تقريبا بدأت الذكرى تلوح من فترة لأخرى والآن أنا أشك أنها كانت تحرشا جنسيا ولا أعلم إن كانت لها تأثير في حياتي وأنا لا اعلم.

الأولى كنت صغيرة جدا قبل دخولي المدرسة ربما كنت 4 أو 5 سنين لا اعلم كيف وصلت مع ابن خالتي وهو ابن عمي في نفس الوقت إلى الفناء حيث الأراجيح ولا اعلم من البادئ المهم أننا كنا نقوم بفعل أشياء خاطئة ولم يعلم عنا احد طبعا مع العلم انه أكبر بـ 6 شهور تقريبا ونسيت الحادثة

وكذلك حدث لي أمر مشابه مع أخي والذي بدأ عن طريق المزاح ولقد سمعتنا الخادمة وأخبرت أمي وسألتني أمي وأخبرتها ولا اعلم ماذا حدث لأخي بعدها حيث إننا عدنا كالسابق أو هذا ما اذكره ولا ادري لم بدأت هذه الذكرى تزورني كثيرا، رغم أني متزوجة من أربع سنين تقريبا وحياتي الجنسية مع زوجي جيدة والحمد لله.

من أحد محارمي:

تقول حنان في استشارتها تعرضت في صغري للتحرش الجنسي من أحد محارمي وهذا يجعلني أخاف على أبنائي من أن يتعرضوا للموقف نفسه لذا فإني أود أن أعرف كيف يمكن أن أحمي أطفالي من التحرشات الجنسية في المحيط العائلي قبل غيره؟

 

أسرار مدفونة:

شكّل استطلاع الرأي الذي أجراه موقع (لها أون لاين) فرصة لدى البعض، في الكشف عن أسرارهم المدفونة الخاصة، التي قد لا يجدون متسعاً لذكرها خوفاً من الملامة والفضيحة، فبثّوها من خلال السطور، علّهم يحصلون على نصيحة مفيدة، أو حل ينهي لهم أزمتهم النفسية.

تقول إحدى الفتيات من السعودية: "الخوف من الأهل وعلم من يتحرش بهذا الشيء هو ما يدفع المتحرش للتحرش والتمادي في جريمته، وهذا كله بسبب عدم تقبل الأهل لحصول هذا الشيء والنظر إلى المفتعل فيه وكأنه المذنب، وأنا واحدة ممن تعرضت لهذا الأمر، وإحدى صديقاتي مازالت تتعرض للتحرش من زوج خالتها ولم تبح إلا لي.. بعد أن كادت تنهار.. تتألم وتبكي، تكره الذهاب إليهم وتخشى أن تتكلم.. وما زال قريبها حتى الآن يستغل أقل الفرص لفعله الدنيء.. السؤال.. ما الحل؟".

شهد، تؤكد أيضاً بأن هذه الجريمة تقع أكثر ما تقع من قبل الأقارب، وتقول: "نشكر تعرضكم لهذا الموضوع المهم والخطير وما له من انعكاسات على أطفالنا جسديا ونفسيا -لكن من اخطر الحالات التي يجب التنبه لها هي التحرش الجنسي من قبل الأقرباء الذين لا نشك بهم أصلا فكثير من حالات الاعتداء تقع من الأعمام والأخوال والإخوة أحيانا، ثم الجيران ثم الحارس ثم السائق ثم الخادم أو الخادمة أحياناً".

فيما تذهب (الدلوعة من مصر) إلى أبعد من ذلك، حيث تسرد قصتها بإيجاز، تقول: "أنا بنت مصريه تعرضت للتحرش أكثر من مرة وكل زملائي في الكلية، ويقولون هناك "إن هذا الفعل (موضة) هل تريدين أن تبقي (دقة قديمة)"، مع أنني أحاول أن أتلاءم مع التطورات في عصري، وأتساءل هل معنى ذلك أننا نعارض الدين في هذا؟".

أما حنان (من السعودية) فتروي قصتها التي تثير العديد من التساؤلات حول تعامل المجتمع مع المعتدى عليه، وطريقة تعامله مع المجتمع، والأثر النفسي الذي قد يلاقيه..

كتبت تقول: "تعرضت للتحرش من خالي في عمر ما قبل المدرسة في غرفته الخاصة.. كنت أحبه وكنت أظن أن ما يفعله شيء طبيعي.. ولم أفطن للأمر إلا عندما أراد إعادته عندما أصبحت في التاسعة من عمري فلم أسمح له.. ثم تحرشت فيما بعد بابن عمي وبأخواتي (مع العم أنني الكبرى بينهن) وأنا لم أتجاوز العاشرة من العمر.. ولا أعلم عن الأمر سوى أنه شيء تعلمته على يد خالي.. عشت معاناة كبيرة بعدما فهمت كل شيء.. معاناة مع تأنيب الضمير ومع شهوة عارمة عرفتها منذ صغري.. معاناة لأنني لم أجد من يقف معي.. ولم أرتح إلا عندما لجأت لربي وسخر لي صديقة صالحة بحت لها بمكنون صدري ومن بعدها امتلأ قلبي بالرضا.. واليوم كلما تذكرت ما حدث لا أجد سوى كلمة : حسبي الله ونعم الوكيل"..

وتكشف فتاة سمّت نفسها "تعيسة" عن معاناتها الدائمة التي أرغمتها على العنوسة رغماً عنها، تقول: "أنا فتاة عمري 30 سنة لم أتزوج بعد أن تعرضت للاغتصاب، أرغب بالزواج وأخاف من العار هل لديكم حل؟".

 

مخاوف.. وتساؤلات:

تبين من خلال استطلاع الرأي أن هذه القضية تثير مخاوف وتساؤلات العديد من الأهالي الذين كشفوا مقدار عمق هذه المشكلة في مجتمعاتنا المختلفة، والخوف المستمر الذي يحمله الناس على أبناءهم وأقاربهم وأنفسهم أيضاً، من هذه الخطيئة الأخلاقية الدينية التي يمر بها البعض، ويترك آثارها واضحة على الأشخاص الذين يعتدي عليهم.

من بين التساؤلات التي أثارتها أم لجين (من السعودية)، هي "عندما يكون احد أطفالك متحرش به من قبل قريبه ولا تدري كيف تعالج المشكلة؟ من سوف يصدقك؟"، وهي أزمة حقيقية تقتضي من الكثير من الأهالي التحاشي عن ذكر تلك المشكلة، مخافة "الفضيحة"، ولأن الناس عادة "يشككون في كل قصة من هذا النوع.

فيما تشير تسنيم (من المملكة المتحدة) إلى المخاوف من الآثار العميقة التي يتركها هذا الفعل على الطفل، وانه يدمّر حياته وذاكرته، وتقول: "إن التحرش الجنسي عموما فعل حقير ويجب معاقبة المجرم دون أي تساهل".

عمر (من الأردن) يشير إلى مخاوف أخرى حول هذه الجريمة، ويقول من واقع تجربة وقرب من هذا الأمر: "يوجد بعض التحرش الجنسي بين الطلاب وبين الأساتذة والطلاب والطالبات، إذ في السنة الماضية خرجت من المدرسة 22 بنت حاملا في عمان".

وتؤكد ميادة (من مصر) أن الأهل باتوا يخشون على أطفالهم في كل مكان من هذا التحرش الجنسي والذي قد يفضي إلى الاعتداء، قائلة: "لا أعرف ماذا أعمل، لدي ابنة عمرها 11 عاماً، وأينما نذهب نرى أناس ينظرون إليها بطريقة سيئة، آخر مرة كنا في محل مشهور لشراء ملابس، وتركت ابنتي تختار ملابس لها، فإذا بها تركض نحوي بعد وقت قصير خوفاً من أحد العمال في المحل الذي حاول التحرّش بها، مع العلم أن ابنتي محجبة، وأنا بصراحة بت أخاف عليها كثيراً".

وفي مقارنة مع الواقع الحالي، والمطالب التي بدأت تتنامى لدى البعض ممن يريد التغرير ببنات المسلمين، يقول أحمد (من السعودية): "الآن بدأ الناس من ذوي الشهوات الخاصة يطالبون بنزع حجاب المرأة المسلمة"، مشيراً إلى أن ذلك سيفضي إلى المزيد من المشاكل والفساد الأخلاقي والديني في المجتمع.

 

إحصاءات وأرقام:

تذكر بعض الإحصاءات التي أورتها وسائل إعلام ومراكز اجتماعية عديدة، إلى أن انتشار هذه الجريمة في المجتمعات باتت أمراً متزايداً، مشيرة إلى أن معظم الحالات تمّت على يد أقارب أو جيران أو معارف. على سبيل المثال، تذكر عيادة الطبيب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية، كان المعتدي فيها من داخل العائلة في 48 حالة، وكان المعتدي معروفا للطفل الضحية (جار – قريب) في 79 حالة، وفي 47 حالة كان المعتدي غير معروف للطفل أو غريبا عنه.

وفي لبنان أظهرت دراسة صادرة عن جريدة "لوريان لوجور" أن المتحرش ذكر في جميع الحالات، ويبلغ من العمر 7- 13 عامًا، وأن الضحية شملت 18 فتاة، 10 أولاد تراوح أعمارهم ما بين سنة ونصف: 17 سنة، وأشار المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين.

وفي مصر: تشير أول دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة "فاتن عبدالرحمن الطنباري" -أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس- إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية.

كما أكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم.

وقد تبين أن هناك 77% من هؤلاء المعتدين "آباء" للأطفال الضحايا، و11% من أقاربهم، وأن أكثر من 75% من المعتدين هم أشخاص معروفون للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة. والتحرش الجنسي أحد أنواع هذا الإيذاء.

أما في الغرب، الذي انتشرت عنده الإباحية الجنسية، والذي يريد البعض من مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن يتبنى أفكار وأخلاقيات تلك الدول، فإن إحدى الدراسات صدرت في الولايات المتحدة عن الجمعية الأمريكية للتعليم الجامعي للنساء قالت: "إن نحو 80% من طلاب المدارس الأمريكية ذكورًا وإناثًا قد تعرضوا إلى نوع من أنواع التحرش الجنسي في حياتهم المدرسية".

 

أسباب الظاهرة:

أشار العديد من المشاركين في استطلاع الرأي إلى عدة أمور تشكّل "حسب رأيهم" أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، منها:

الأهل:

يقول أحمد عرفة (من مصر): "من رأي، فإن التحرش الجنسي بالأطفال هو بسبب غياب الأب والأم والدين من البيت".

كما يقول أنور (من المغرب): "أسباب التحرش يرجع إلى سوء التربية وعدم الإقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيه الأبناء التوجه السليم، والسماح لهن برؤية الغير مباح مما يثير فيهن الغرائز الجنسية مع عدم المراقبة الدائمة واستغلال المواقف للتوجيه".

ويوافقهم محمد (من ليبيا) قائلاً: "هذه الظاهرة السيئة تعود إلى الوالدين لعدم تربية أطفالهم بالطريقة الصحيحة".

كما يقول فيصل الطويرقي (من السعودية): "هذه المسألة تعود إلى الوالدين في تربية أبنائهما التربية الإسلامية الصحيحة، وعلى الوالدين كذلك عدم تربية الطفل على النعومة والدلع الزائد".

أما أم زيد (من السعودية)، فترى أنه "لا بد من المكاشفة.......حتى لا ينجرف الأطفال إلى طرق خاطئة.. أو يصابوا بعقد نفسية.. لابد من المصارحة بين الأبناء والوالدين.. ولابد من التربية السليمة... ومراعاة أبنائنا حق الرعاية فهم أمانة في أعناقنا وهبة من الله علينا المحافظة عليها.."

ويحدد (مرعي طالب من اليمن) نقاطاً محدداً في دور الأهل في انتشار هذه الظاهرة، قائلاً: "من أهم أسبابها:

1) الرفقة السيئة من المدرسة وأولاد الجيران

2) عدم السؤال على الأولاد والسبب في تأخرهم عن البيت

3) التربية، مثلا الأب يعوّد الابن على الصلاة ومكارم الأخلاق والشجاعة والشهامة.

 

وسائل الإعلام:

باتت وسائل الإعلام تأخذ حيزاً متزايداً من وقت واهتمام الأبناء، وأيضاً من وقت واهتمام الكبار الذين باتوا يتعرضون لعمليات تشويه فكرية وأخلاقية ودينية، ساعدت في ذلك انتشار الفضائيات المخلة بالآداب، وفساد النظم الرقابية في الكثير من الوسائل الإعلام العربية والإسلامية، ما ساهم في تمرير صور ومناظر وأفكار مشوّهة عن التطور والحضارة، وساعد كل ذلك في إثارة الغرائز الجنسية الغير طبيعية عند المتابعين، خاصة في المجتمعات المحافظة.

يقول أبو علي (من الكويت): "السبب في التحرش الجنسي للأطفال هو انتشار الإعلان لمثل تلك التحرشات بوسائل الأعلام، فيستهين الناس بهذا الشيء بعد ما كان مستغرب وشاذ".

فيما تقول (عبير من السعودية): "أولاً وأخيراً وأصيح بأعلى صوتي أن السبب هي القنوات الفضائية، فهي الشيطان المدمر للنفوس والبيوت، لا بارك الله فيها، وفيها من غش أهل بيته بها. وأنا ألقي اللوم الكبير على الآباء الذين أصبحوا بلا غيره، رحم الله آباءنا وأجدادنا لما يملكون من غيره على بيوتهم ونسائهم وبناتهم".

وتقول (التائبة من مصر): "السبب هو الإعلام، وما أدراك ما الإعلام، الذي أصبح يعج بالفساد إلا ما رحم ربي، وبرأيي أنه هو السبب أولاً وأخيراً" .

ويشاطرهم الرأي (أبو خالد من السعودية) قائلا: "سبب انتشار تلك الجريمة وجود القنوات الفضائية في المنزل مما يجعل (الشباب) يعتاد على الإباحية وعدم التمنع من الجنس باعتباره أمراً طبيعياً".

أما (حطين) فيسطر كلمات مهمة حول دور الإعلام المفسد في مجتمعاتنا، قائلاً: "لما توضع العراقيل للفضيلة وتعولم الرذيلة والعهر والبذاءة لا تسل عن النتائج التي قد يصل إليها المرء فيرتكس في أخلاقه ليكون دون البهائم والأنعام!!!

حينما تعرض المشاهد المنكرة وينتقى لها أصحاب الجمال للإغراء والفتنة!!

حينما تنحصر علاقتنا كمربين وأولياء بالجيل في افعل ولا تفعل دون نقاش وحوار وتوعية حميمة!!

حينما يكون دور الوالدين مع الأبناء دور المطعم مع الزبائن فلا تربية ولا توجيه ولا متابعة!!

بالأمس كنا نخاف على البنت دون الولد اليوم عليهما معاً!!

إنه اللعين ذلك الإعلام الهابط علينا من السماء والذي يرعى الغرائز ويثير مكامن الشهوات دون خوف من الله ولا حياء من خلقه!! ولا ننسى من أمن العقوبة أساء الأدب".

 

المجتمع:

ألقى العديد من المشاركين في الاستطلاع باللوم على "المجتمع"، وطريقة تعامله مع المشكلة، ونظرته للمعتدى عليه، وطريقة التربية التي يؤثر فيها على الأهل.

تقول (عبير من السعودية): "في مجتمعنا السعودي أرى أن من أسباب انتشار التحرش الجنسي بالأطفال، طرق التربية الخاطئة وزيادة الكبت".

كما يقول (سليم من السعودية): "للأسف فإن مجمعاتنا تربي الطفل على الخوف حتى عندما يتحرش به أحد يسكت وهذا الشيء راجع للإعلام الجنسي الذي يدفع المراهقين للبحث عن أي متنفس لتلك الشهوات" .

(مون من السعودية)، كتبت تقول: "التحرش الجنسي بالأطفال يعتبر من القضايا المهمة.. ومن رأيي فإن أسباب هذه القضية تعود إلى:

1-              قلة الوازع الديني.

2-              رؤية القنوات الفضائية التي تعرض المشاهد الإباحية.

3-              الفكرة العامة أن هذا طفل لن يشعر بالجرم أبدا... وغير ذلك من الأسباب التي توقع في مثل هذه المشكلة".

 

أسباب أخرى عديدة:

لم يقف المشاركون في الاستطلاع عند حدود الأهل والمجتمع والإعلام، بل شملوا العديد من الأسباب التي تعتبر "بالفعل" دافعاً ومحفّزاً لهذه الأمور، منها ما ذكرته (ناصرة الإسلام من السعودية)

- تهاون الأهل في تستر البنات وجعلهن يختلطن مع المحارم بصورة تتجاوز الحدود في المزح والخلوة التي لا داعي لها

- عدم اهتمام الأهل بلباس الفتيات والتساهل بكشف الصدور والظهور بل والبطون أيضا وغير ذلك سواء أمام المحارم أو السائقين أو حتى الصديقات

- اعتماد الوالدين على الخدم والسائقين في تربية الأبناء وإعطائهم الصلاحية الكاملة لذلك".

فيما كتبت إحدى السيدات من الإمارات العربية المتحدة تقول: "إهمال الوالدين للأبناء خارج المنزل أمام السيل العارم من الوافدين من الآسيويين خاصة الذين لا يضعون في الاعتبار أن الله تعالى يراهم.

-ترك الأبناء مع الخدم الذين يثأرون من الأهالي من الأبناء (الضحايا) فمن القصص التي أعرفها أن خادمة طالت فترة خدمتها لعائلة أمنتها على بناتها الأربع ولكنها خانت الأمانة بأن اغتالت عذرية جميع الفتيات الأربع وأخبرتهم بذلك بعدما سافرت ووصلت إلى بلادها مطمئنة أنه لن يعاقبها أحد في بلادها علما بأنها عاشت مع العائلة منذ ولادة البنت الأولى والعائلة غافلة عن البنات".

(شهد من السعودية) كتب تقول: "أظن أن من أسباب التحرش الجنسي

1-              ضعف الوازع الديني

2-              قلة الوعي الاجتماعي والأسري

3-              كثرة المثيرات الغريزية

4-              الاختلاط الأسري وغيره

5-              عدم المراقبة الأسرية

6-              الإهمال الزائد وغيرها من الأسباب".

أما سليم من سورية فيرى أن "أهم أسباب انتشار هذه الجريمة، هو ضعف الوعي والوازع الديني وإهمال هذه الظاهرة".

وتشدد (سمسم من السعودية) على أن "أكبر وأهم سبب لانتشار هذا الوباء هو البعد عن الكتاب والسنة قولا وعملا ، و أن ذلك لن ينجلي إلا برجوعنا إلى المولى جل وعلا".

 

نصائح وحلول:

ذكر العديد من المشاركين عدة حلول ونصائح لأنفسهم ولغيرهم، علّها تفيد في الحد من انتشار هذه الظاهرة المتنامية، أو تساعد الذين تعرّضوا لاعتداء على تجاوز تلك الأزمة.

(آسيا من الجزائر تقول): "من الأفضل أن نتكلم عن الحل وألا نسكت مخافة العار لان السكوت عن المنكر منكر، إذ لا بد أن يأخذ الجاني جزائه. علينا بالتربية السليمة لأبنائنا حتى لا نتركهم عرضة لذئاب بشرية لا ترحم الطفولة".

ويقول أيمن محمد القحطاني: "للخروج من هذه الأزمة يجب:

1-              يجب تقوية الوازع الديني ومعرفة أن اللواط محرم.

2-              تربية الأولاد على الصراحة مع الآباء .

3-              عدم الاطمئنان لأي شخص حتى الخال وأولاد العم وغيرهم".

ويرى (سانا من تونس)، أن "تسليط أقصى العقوبات على هذه الفئة الشاذة، وإعدامهم إذا لزم الأمر"، حلاً ناجعاً لهذه الظاهرة.

فيما ترى (أم ريم) الحل في عدم التكتم على هذه الجريمة، وكتبت تقول: "أرى بأنه لو تم التكتم سيكون هذا الطفل ذكرا كان أم أنثى ضحية والديه وترددهم وعنادهم لأنفسهم ، فهذا طفل ضحية من أراد تدميره بدافع شهوة حيوانية ليس إلا؟ ففي رأي أن تتم المكاشفة فأنا طفلي لم يخطئ ويجب أن أطالب بعقاب من أخطأ في حقه ولا أتنازل أبدا".

(يقين من السعودية) ترى الحل في:

1-              نشر الثقافة الدينية.

2-              إشباع الغريزة العاطفية.

3-              تعليم الطفل سبل الدفاع عن نفسه إذا تعرض لهذا الموقف (بالصراخ/ إبلاغ الوالدين/...).

4-              إلباس الطفل ملابس ساترة وغير مغرية.

5-              عدم إهمال الأطفال وتركهم مع الغرباء والخدم".

فيما ترى (هالة من ليبيا) أن الحل يكمن في "توعية الطفل بطرق مبسطة بالمحاذير في التعامل مع الغرباء.. وتوضيح العيب والحرام بدون بث الرعب في نفس الطفل.. وتقبل أحاديثه البريئة بصدر رحب يقي من حدوث المشكلة وإن وقعت لا قدر الله يقي من استفحالها".

(نداء من السعودية) كتبت تقول عن الحل: "أطفالنا أهم ما نملك فنصيحة يا أختا, لا تجلبي خادم رجل آسيوي أو غيره في بيتك فبعضهم ليس لديهم لا مذهب ولا دين.

راقبي أطفالك ولا تهمليهم بخروجك عنهم وتركهم عند الخادمة أو إرسالهم معها بدون رقيب

نبهيهم وحذريهم من الغرباء وأن يبوحوا لك بكل شيء".

وتشدد (الجوهرة من السعودية) على المصارحة، وتقول: "المكاشفة أهم شيء، حتى تتم معالجة المشكلة في أسرع وقت ممكن، وحتى وإن هدد المتحرش بعرض صورهم فحذار من الصمت لأنه لن يستطيع مواجهة ولي أمر المتحرش به أو المتحرش بها".

 

الخطر القادم من الداخل!

في استطلاع قدمه لها أون لاين بالتزامن مع إثارة قضية التحرش الجنسي بالأطفال في شاركوا بالرأي طرح سؤال لمتصفحي الموقع وكان نصه: تعرض الأطفال للتحرش الجنسي تتوقع أن يكون بدرجة كبيرة من الأقارب أم المدرسة أم الجيران؟

كان إجمالي الأصوات التي شاركت في الاستطلاع 996 صوتاً 56% وهي النسبة الأكثر تتوقع أن تعرض الأطفال للتحرش الجنسي يمكن أن يكون من الأقارب وأنهم مصدر الخطر الأول، بينما 28.7% رأوا أن الطفل معرض للتحرش الجنسي من لمدرسة، و15.3 فقط توقعوا أن الأطفال معرضين للتحرش الجنسي من قبل الجيران.

وهذه النسب تدل بشكل أو بآخر على انتشار التحرش الجنسي بين الأقارب، الأمر الذي يضعنا أمام قضية شديدة الخطورة لأننا هكذا أمام مواجهة خطر من الداخل، خطر كان حتى وقت قريب غير متوقع، وهنا سؤال يطرح نفسه ولا بد له من إجابة كيف نحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي خاصة إذا كان الخطر الذي يداهمهم قد يكون من الناس المقربين منهم والذين نتركهم برفقتهم دون أن يساورنا أدنى شك أنهم مصدر الأذى بالنسبة لهم..

 

كيف نحمي أطفالنا من التحرشات الجنسية؟

 ما عرضناه آنفاً قصص من الماضي، كُتبت بأقلام أصحابها بعد أن مضى ما مضى، ذكريات تهدد حاضرهم، فهل سنسمع غداً قصص أطفالنا وما مروا به من أذى وتحرش ونحن لا ندري الآن ما يحصل لهم، ونحن لا نعرف عنهم شيئاً.. لو كان ذلك ما سيحدث فأي مصيبة نحن بها.. لئلا يغدو ماضيهم حاضر أبنائنا

يعرض المستشار خالد بن عبد العزيز بن إبراهيم "ماجستير في العلوم الشرعية" بعض النصائح لنحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي.

يقول: تبقى التربية الناضجة لأطفالنا ـ بعد توفيق الله وحفظه ـ هي صمام الأمان من الوقوع في مثل هذه المشاكل.. ومن أهم أولويات التربية الناضجة لأبنائناً أن نحطم كل السدود والحواجز التي تحول بيننا وبين أولادنا.. فتكون الأم هي مستودع سر أولادها.. هي الصديق الأمين التي تفضي لها البنت بكل همومها وآلامها وآمالها.. نعم.. يجب أن نتخلص من كل ما يحول بيننا وبين قلوب أبنائنا.. لنتبسط في الحديث إليهم.. لنودعهم بعض همومنا حتى يشعروا بالثقة.. لنكن مستمعين أذكياء لكل همومهم ومشاكلهم ولنتحمل كل شيء في سبيل ذلك.. فالتربية تستحق منا أكثر من هذا...

إنني دائماً أتساءل في نفسي: تلك البنت التي تتصل على المستشارين والمشايخ لتقول لهم كل ما في قلبها من هموم ولا تتحفظ في ذلك.. وتنتظر منهم كلمة توجيه وإرشاد.. هذه البنت لو وجدت من أبيها أو أمها قلباً مفتوحاً وصدراً رحباً وحباً صادقاً هل كانت تحتاج معهما إلى غيرهم؟!

إحداهن تتعرض منذ سنوات لابتزاز شرس من أحد لصوص الأعراض وتظل رهن هذا الابتزاز سنوات طويلة وتبقى تقاوم حتى تتصل علي لتعرض مشكلتها رجاء حلها...

أسألها: لِمَ لَمْ تفض بهذا إلى أمك أو أبيك أو أخيك؟! تجيب ـ بتلقائية: أخاف منهم...

نعم إنهم لم يعرفوها في وقت الرخاء لتعرفهم في وقت الشدة...

نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيد للأسرة دورها المسلوب.. إن هذه التقنيات الحديثة رغم إيجابياتها إلا أنها سرقت منا أجمل لحظات حياتنا.. سرقت منا لحظات الصفاء.. لحظات الأنس.. لحظات السرور.. لحظات البهجة..

نعم.. إنهم يجلسون ويستمعون لكن إلى التلفاز.. يتحدثون بسرور لكن عبر الهاتف!!.! نعم تجلس أجسادهم متقاربة لكن تظل أرواحهم متنافرة..

نحن بحاجة لأن يجلس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض.. يتحدثون من قلوبهم... يتجاذبون أطراف الهموم والآمال.. يتعرف كل واحد منهم على عالم أخيه أو أخته..

إن مثل هذه الجلسات هي أشبه ما تكون بالإبر الوقائية عن الكثير من الأمراض..

ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو؟! يقوم من مكانه ليستقبل ابنته فاطمة كلما أقبلت عليه.. يصافحها ويحادثها.. يسارها في الكلام فتضحك.. ويسارها مرة أخرى فتبكي...

لكن واقع الكثير منا مؤسف جداً.. فالأب مشغول بتجارته وعمله.. والأم بهمومها الخاصة.. ويبقى الأولاد هم من يدفع الثمن حتى ولو كان غالياً!!

إذن من المهم جداً أن تبني الأم بينها وبين أولادها جسوراً من الحب والتواصل..

وفي الثقافة الجنسية لا بأس ـ بل ضرورة ـ إذا بلغ الولد (والولد يطلق على الذكر والأنثى) سن التمييز أن يعطى جرعات تقيه من الوقوع ضحية للتحرش الجنسي.. ويمكن ذلك أن يكون بأن يعرف بمناطق العورات ويقال له: إن هذه المناطق مناطق محرمة لا يجوز كشفها للناس.. ولا تسمح لأحد أن يقترب منها.. أو يعبث بها وإذا وقع مثل هذا فلابد أن تخبرني..

وفي اعتقادي أن الطفل إذا تربى على هذا المبدأ فإنه سيقيه بإذن الله تعالى من الوقوع في مثل هذه المشاكل...

ورغم هذا فأنا واثق أن الأب أو الأم إذا كان قريبين من أولادهما فإن الولد سيقول لهما كل ما يهمه ويعترض طريقه..

وقناعتي التي أؤمن بها وأراهن على نجاحها بإذن الله تعالى: اعرف ولدك وقت الرخاء يعرفك في وقت الشدة..

وفي الأخير والأول لابد من التذكير ـ بلا ملل ـ أن أفضل معين لصلاح الأبناء هو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله الحفظ والتوفيق والسداد.. ومن كان الله معه فلن يخيب..

 

تعاريف ومفاهيم:

لتكون الصورة أوضح نورد لكم مجموعة من التعاريف حول الطفولة، المتحرش والاعتداء الجنسي..

مفهوم الطفولة:الطفل هو المولود أو الصغير من كل شيء، وقد حدد القرآن الكريم مدة الطفولة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} (الحج: 5).

ومن الناحية القانونية فقد أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل وصادقت عليها دولها عام 1990، وحددت هذه الوثيقة الطفل بأنه: "كل إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، ما لم تحدد القوانين الوطنية سنا أصغر للرشد" (الأمم المتحدة، اتفاقية حقوق الطفل ص2).

 

المتحرش أو المعتدي:

المعتدي حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل وله علاقة ثقة وقرب للضحية، وقد دلت الدراسات أن أكثر من 75% من المعتدين هم ممن لهم علاقة قرب مثل أب، أخ، عم، خال، جد أو معروفين للضحية.

 

ما هو الاعتداء الجنسي على الطفل؟

الاعتداء الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق.

وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا.

ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية.

وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمّرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبه غالبا من أشكال سوء المعاملة، وهو ينطوي أيضاً على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.

 

ويقول الشيخ خالد أبا الخيل المستشار الشرعي والاجتماعي لموقع لها أون لاين:

هذه القضية بالتأكيد هي قضية مهمة.. وليس صحيحا أن نتجاهل قضايانا (الحساسة والهامة ) بدعوى أنها لم تصل بعد إلى درجة الظاهرة! إذ من الواجب ـ تجاه مشاكلنا التربوية أن ندق ناقوس الخطر لأدنى خطر يمكن أن يقع.

ذلك أن الخطأ التربوي تكمن خطورته بكونه يتحول تلقائيا إلى خطأ تراكمي.. وهذا هو سر الخطورة فيه..

والتحرش يمكن أن يقع فعله من المحارم .. أو من الأقارب وهذا هو الكثير.. ويمكن أن يقع من الغرباء الأجانب.. وقد جاءت شريعة الإسلام بسد الذرائع المفضية إلى هذا المزلق.. وخاصة من الأقارب.. ولذا أمر الإسلام بالتفريق بين الأولاد في المضاجع .

وهذا بالتأكيد له دلالة مهمة وهو أن التحرش يمكن أن يقع حتى بين الإخوة مع أخواتهم أو بين كل جنس مع جنسه..

ولذا كان من أهم الوسائل في صيانة الطفل من التعرض لهذا الخطر هو سد الذرائع المفضية للوقوع في هذا المنزلق.. ومن أهم الوسائل التي نُص عليها هي التفريق بين الأطفال في مراقدهم.. ويلتحق بها الحذر من تمكين ضعيف الديانة ـ حتى ولو كان من المحارم ـ من الخلوة بالولد سواء كان ذكرا أم أنثى.. وليس معنى هذا الدعوة إلى نزع الثقة من الجميع.. إنما المراد الكياسة والحذر مع التعقل.

ومن الوسائل أيضا: تشييد الجسور العالية من الثقة بين الولد ووالديه.. وغياب هذه الرؤية عند كثير من الآباء، هي في اعتقادي السبب الرئيس في كثير أزماتنا التربوية..

إن بناء الثقة بين الولد ـ ذكرا أو أنثى ـ وبين والديه هي صمام أمان ـ بإذن الله ـ للولد من الاستجابة لكل وسائل الهدم والإغراء.. لأن الولد إذا أدرك أن صدر والديه أو أحدهما هو الصدر الرحب الرحيم الذي سيمتص كل أخطائه مهما كانت فلن يرضخ للابتزاز والضغط من أي شخص كان.. والولد بطبعه ـ كإنسان ـ يبحث عن الأمان دائما.. فمتى ما وجد هذا الأمان عند أبويه أو أحدهما لم يحتج معه إلى غيره .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply