مفهوم التنمية الإدارية وإدارة التنمية والفرق بينهما


بسم الله الرحمن الرحيم

 

المقدمة:

أبدأ قولي بقول رسول الله سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام -

\" المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا..\" [متفق عليه]..

الحمد لله رب العالمين الهادي المعين، باسمه أبدأ وبه أستعين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وبعد:

لكم يسرني أن أقدم بين أيديكم بحثي المتواضع والذي أتناول فيه موضوعاً يعتبر من أهم المواضيع التي تهم المجتمعات المعاصرة المتقدمة منها والنامية، لأنه مع درجة التقدم ودخول وسائل التكنولوجيا المختلفة التي نشهدها مؤخراً..

كان لابد من زيادة عدد المشكلات المرافقة لهذا التطور والنمو والذي يطلق عليه البعض ضريبة التقدم والنجاح...

إن مفهوم التطور والتنمية والتقدم يختلف باختلاف جوانب أو مجالات الحياة اقتصادية كانت أو ثقافية أو اجتماعية أو....... والتي من شأنها أن تؤثر في تقدم المجتمع كجزء لا يتجزأ عن بعض...

وسوف أتناول بالبحث والدارسة في موضوع التنمية من الجانب الإداري والذي يُعتبر الركيزة الأساسية لنجاح أي مجال من مجالات الحياة وبالأخص من الناحية التربوية كما قال قائلٌ \" وراء كل أمة ً عظيمة تربية عظيمة \".

أولاً: مفهوم التنمية

هناك عدة مفاهيم لمصطلح التنمية باختلاف مناهج ومدارس أولئك الذين تصدوا لتعريف التنمية إلى أن الجميع متفق على أن مفهوم التنمية \" عملية ارتقاء الإنسان به ومن أجله \" اليونسكو أي أن الإنسان هو المحور الأساسي لتنمية المجتمعات من مختلف جوانبها، ولبلوغ ذلك لابد أن يسهم كافة أفراد المجتمع في تحقيق هذه الغاية.

 

ثانياً: مفهوم التنمية الإدارية:

وتعرف تلك في البلدان النامية \" بأنها نمط من زيادة الفاعلية في استعمال الوسائل الإدارية المتوفرة لتحقيق الأهداف العامة في جهاز الدولة، أم على الصعيد التربوي فهي تعني \" تلك الأنشطة والمجهودات التي تبذل من أجل التخلص من أسباب عجز الجهاز الإداري عن أداء وظيفته في قبادة التنمية الاجتماعية بقوة وحماس وكفاءة \".

لقد اتجه بعض الباحثين إلى عدة مصطلحات للتنمية الإدارية: الفساد الإداري / التطوير الإداري / الإصلاح الإداري / الإدارة الفوضوية، وجميعها تؤدي إلى نهاية واحدة وهي تحقيق الهدف المنشود والعمل على التطور من أجل الرقي وإحداث التنمية المرجوة.

 

ثالثاً: علاقة التنمية بالإدارة:

بما أنه سبق تعريف التنمية فإنه أصبح لزاماً أن نعرف الإدارة قبل أن نوضح العلاقة بينهما.

مفهوم الإدارة بشكل عام \" وهي الجهد الجماعي المنظم الذي يهدف إلى تحقيق السياسات والأهداف المخطط لها من قيل المنظمة، وهي تشترك مع الإدارة التربوية أو التعليمية في عمليات التنظيم والتوجيه والمتابعة والتقويم واتخاذ القرارات. وعلى ضوء ذلك نرى العلاقة بين التنمية والإدارة بأنهما وجهان لعملة واحدة. إليك جدول يوضح هذه العلاقة:

 

التنمية الإدارة:

محورها: الفرد محورها: الفرد

تكون في مختلف جوانب الحياة موجودة في مختلف فروع العلم والتخصصات.

وجود إدارة ناجحة أدى إلى حدوث تنمية حدوث التنمية سبب لإدارة ناجحة.

هي حاصل تفاعل كافة مظاهر المجتمع هي محصلة تضافر وتكامل الجهاز الإداري.

تعتمد التنمية على التخطيط الفعّال كذلك تعتمد على التخطيط.

 

رابعاً: العلاقة بين إدارة التنمية والتنمية الإدارية:

نسمع دائماً عن مصطلح إدارة التنمية والتنمية الإدارية بحيث يرى القاريء أو المستمع أنه لا يوجد فرق بينهما، ولكن الحقيقة هي العكس فمفهوم إدارة التنمية يهتم بوضع الأهداف والنظريات بحيث يضع التصميم أو الإطار العام للتنمية وهو يرتبط بقضايا الإنسان وحاجاته وطموحاته.

بينما التنمية الإدارية هي أقل شمولاً وعمقاً فهي تتناول الطرق والأساليب وفنون الأداء لتنفيذ تلك الأهداف من أجل التطوير الإداري أو حتى سعياً وراء الإصلاح لغرض التنمية الشاملة. إذن العلاقة بينهما هي تكاملية متلازمة وأن أي محاولة لوضع استراتيجية لإدارة التنمية تبقى غير كاملة ولا فالة بدون وضع استراتيجية مماثلة للتنمية الإدارية..

 

خامساً: أهم الصعوبات والمشكلات التي تواجه التنمية في جانبها التربوي:

كلما قطعت المجتمعات شوطاً كبيراً في سلم التقدم زاد ذلك من كثرة المشكلات والصعوبات. وبما أن جوانب المجتمع تتكاملة مع بعضها و تعمل جنباً إلى جنب فإن أي قصور أو تساهل في أي جانب من جوانبها يؤدي ذلك إلى خلل في التطور في جميع أجهزة المجتمع، بمعنى أن الخلل الذي أصيب الجانب الاجتماعي وفي الفترة الأخيرة بالذات كان له أثر على الجانب أو النظام التربوي.

ومن أهم المشكلات التي تواجه التنمية الإدارية التربوية بشكل خاص والتي تشمل (المدراء المدرسين الطلبة المستخدمين الإداريين وحتى أولياء الأمور) أدى ذلك إلى تأخر في العملية الإدارية التربوية.

وبشكل موجز نوضح تلك الصعوبات على مستوى المنظمة التعليمية (المدرسة):

1- عدم الاستفادة الملائمة من الكفاءات ووضع الشخص المناسب في المكان الغير مناسب وذلك عن طريق وجود عامل الواسطة. وقد قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - (إني وُليت عليكم ولست بخيركم ف، أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانه والكذب خيانة والضعيف فيكم قويٌ عندي حتى آخذ الحق له والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله..

2- استغلال المنصب الإداري لجر منفعة إلى شخص قريب، فقد نرى أن المدير قد يعين قريباً له في منصب إداري لمجرد القرابة دون أي اعتبار إلى مدى فعالية هذا الشخص أو إمكانياته بالنسبة للمكان الذي وُضع فيه.

3- تداخل الصلاحيات، وذلك من جراء تجاوز حدود عمل بعض المديرين لواجباته ومسؤلياته فيتدخل في ما ليس له صلاحيته أو من صميم عمله إما لمصلحة شخصية أو جهله بالأنظمة والتعليمات.

4- عدم الاهتمام بوضع خطة عمل مع أنها الأساس المتين والقوي الذي تبنى عليه المؤسسة أهدافها وواجباتها وإعمالها والتي تحقق عنصر التنظيم والتنسيق في المؤسسة التعليمية.

5- ضعف العلاقات الإنسانية داخل المؤسسة وذلك بسبب البعد عن كتاب الله وسنة رسوله فالجميع يسعى على حساب غيره فنرى المعلم يوشي بأخيه من أجل علاوة أو منصب أو..

6- هبوط الروح المعنوية لدى العاملين وذلك سببه الروتين والجمود في الأنظمة أو حتى أسلوب الحياة في المؤسسة.

7- زيادة عدد ساعات العمل يؤدي إلى الملل والإجهاد بالتالي عدم كفاءة الإنتاج، مثلاً اضطرار المعلمين للتواجد لدوام كامل أثناء فترات الاختبارات مما يؤدي لحدوث كثير من الأخطاء التصحيحية.

8- التردد في اتخاذ القرار وعدم السرعه في اتخاذه سبيل إلى وقوع المشاكل فمثلاً: انتقال طالبة من مدرسة إلى مدرسة أو من مدينة إلى أخرى يأخذ إجراءات كثيرة وطويلة تؤثر على وقت الطالبة قبل كل شيء.

9- الجمود وعدم التجديد وعدم الاستفادة المطلقة من الإمكانات المتاحة، فرأيي الشخصي أنه لا يوجد إمكانات ولو كانت بسيطة لا يمكن الاستفادة منها بل هذا يرجع إلى المشرفين الذين بإمكانهم وضع الحلو ل دائماً. مثلاً: لدى مدرسة ما مشكلة في عدم وجود أجهزة أو وسائل تعليمية بسيطة بحجة أنه لابد من أخذ رأيي مكتب الإشراف أو التوجيه قبل التصرف وتوفيرها عن طريق إيرادات المقصف المدرسي أو من أي نشاط مدرسي أخر.

10- قلة الاهتمام بانعقاد مجالس أولياء الأمور والمعلمين. مما يؤدي إلى ضعف العلاقة بين الاثنين من جهة ومن جهة أخرى عدم التعرف على المشاكل التي يصادفها الطلاب أو المديرين وتراكمها ومن ثم ضعف وقصور في الإنتاج. وإذا أخذنا قول الخليفة علي بن أبي طالب (نعم المؤازرة المشاورة، وبئس الاستعداد الاستبداد، وقد خاطر من استغنى برأيه).

11- سوء المباني المدرسية وإن كان لا دخل للمدرسة بذلك بل من الإدارة العليا والمخططين الذين يأمروا بفتح هذه المباني بحجة مساعدتهم لحل مشكلة الزيادة السكانية التي أدت إلى ضرورة وجود مدارس. فتارة نجد المدرسة عبارة عن عمارة سكنية لا تصلح لمكان دراسة لعدم توفرها لبنود معينة، وتارة نجد المدرسة في موقع لا يصلح لوجود مدرسة (كالأزقة).

12- عدم وجود تعاون بين المؤسسات التعليمية وهذا ربما سببه الإدارة العليا التي لا تشجع ذلك أو لسياسة بعض المديرين والمشرفين، مع أنه يمكن الاستفادة والإفادة من ذلك التعاون.

13- جهل المشرفين على الإدارة باللوائح والنظم الإدارية و التعليمات. وفي رأيي الشخصي أحبذ أنه عندما تكون المدرسة بحاجة إلى مدير فإنه يتم بخطوات: أولها أن يتم ترشيح مدير من بين عدة أشخاص من نفس المدرسة وإجراء مقابلة له، وثانياً عمل استفتاء من قبل المعلمين والطلبة عن الشخص المناسب ومن ثم إعطائه دورة مكثفة عن عمل الإدارة حتى لا يبدأ من الصفر وإنما يكمل ما بدأه غيره.

14- بُعد جوانب المجتمع (الاقتصادية الدينية السياسية-... ) عن الإدارة المدرسية.

ففي ظل الظروف والمتغيرة المختلفة التي نعيشها أصبح لزاماً على المديرين والمشرفين والطلبة الأخذ بهذه التغيرات على الصعيد النظري والعملي.

والكثير الكثير من المشاكل التي تواجهها الإدارة التربوية والتي تعيقها من التقدم إلى الأمام لذلك ما زلنا من الدول النامية.

 

سادساً: بعض التوصيات أو الحلول المقترحة:

1- التمسك بكتاب الله وسنة نبيه هو الأساس و الدليل على تقدم وتطور الأمة من جميع جوانبها لا سيما المملكة العربية السعودية والتي تحدد منهاجها وشريعتها على ذلك الأساس

2- العلاقات الإنسانية أساس نجاح جميع الأنظمة والإدارات والمؤسسات والمجتمع بشكل عام لذلك أرى أن المدير وحده يمكن غرس الروح الأخوية بين المعلمين والطلية والمستخدمين باعتباره الدعامة الأساسية التي تقوم عليها المدرسة.

3- وضع الشخص المناسب في المكان المناسب دون استخدام أي نفوذ أو سلطة وعند تحقيقنا لذلك نكون قد حققنا أحد المعايير الأساسية في الأمارة والقيادة الإسلامية وهي الأمانة فسيدنا عمر بن الخطاب ذم الرجل الذي أستغل منصبه لأغراضه الشخصية بحيث قال: من استعلمت رجلاً لمودة أو قرابة. لا يحمله على استعماله إلا ذلك. فقد خان الله ورسوله والمؤمنين.

3- تحديد المسؤلية لكل فرد في الجهاز الإداري حتى لا تتداخل الصلاحيات، وأتذكر قول الشاعر:

كل شعب قام يبني نهضة ** وأرى بُنيانكم منقسما

في قديم الدهر كنتم أمة *** لهف نفسي كيف صرتم أمما؟

4- يجب وضع خطة عمل وسير للمؤسسة التعليمية لمعرفة الأهداف المرجو تحقيقها، وإذا تذكرنا قول نابليون عندما قال: لا يستطيع أحد أن يقود أفراداً دون أن يقوم بتوضيح المستقبل الخاص بهم، فالقائد هو بائع الأمل. بمعنى أن الخطة مثابة رؤية مستقبلية للمؤسسة بما فيها من أفراد.

5- يجب الأخذ بالاعتبار أن المؤسسة التعليمية هي جزء لا يتجزأ عن جميع جوانب الحياة سواءً السياسية أو الاجتماعية أو الدينية أو.... وغيرها من الجوانب لأن الكل يتأثر بالجزء والعكس صحيح.

 

وأخيراً أحب أن أوضح أن وجود مثل هذه الصعوبات والمعوقات وغيرها مما لم يذكر ليست إلا دليل على تطور المجتمع ورغبته في التطوير والإصلاح من أجل الفرد أولاً وأخيراً، وأننا لا يجب أن نقف أمام هذه المعوقات بلا حول ولا قوة بل يجب أن يكون لدينا الإصرار والقوة والرغبة في إحداث تغير (التنمية).

وأنا أعلم أن هذه الصفحات لم تكفي لمناقشة الموضوع من جميع زواياه، ولكني أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة......

 

________________

المراجع:

1- مشكلات وقضايا تربوية معاصرة صالح سالم باقارش عبد الله علي الآنسي..

2- إدارة التنمية العلم والعمل د/ حلمي شحادة- محمد يوسف

3- التربية التنموية د/ يعقوب حسين نشوان

4- الإدارة في اٍ,لإسلام محمد مهنا العلي

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

دارسة ممتازة

-

أحمد الطيب السماني

07:46:05 2016-09-03

حقيقة دارسة مختصرة ومفيدة وشاملة يمكن التوسع فيها لتكون أكثر فائدة ويمكن أن تنال بها درجة علمية رفيعةوتكون إضافة لمكتبة التنمية الإدارية . ودمتم بخير