أوقاف خيرية للحيوان فمن يوقف للإنسان ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد كنت أتحدث مع بعض أهل العلم عن قضية المرأة، وكيف يمكن سد حاجة الكثيرات منهن، سواء كن مطلقات أو أرامل أو عوانس لا عائل لهنº فذكر أحدهم أن أحد الأمراء أوقف وقفاً لإطعام القطط العمياء..وقد شدني هذا الخبر للبحث فيه..ولكن وللأسف لم أعثر على شيء حيال هذا الموضوع.. ولكن وجدت صوراً رائعة ونماذج فائقة في إنشاء أوقاف خيرية للعناية بالحيوان، امتثالاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((في كل ذات كبد رطبة أجر)).

ففي عهد المماليك تم تخصيص أماكن لشرب الحيوانات، وأماكن مظللة لتستريح بها بعيداً عن الشمس، وتُعالج إذا كانت مريضة.. وكانت الوقفية تنص على أن يحصل أرباب الوظائف من البيطريين والمسئولين عن إطعام الحيوانات ورعايتها على رواتب من ريع أراض زراعية موقوفة على ذلك.

وإذا كان المسلمون قد اعتنوا بالبهائم فكيف بالإنسان الذي كرمه الله - تعالى -؟!!

ـ لقد كانت هناك أوقاف للنساء اللاتي لا يقدرن على دفع أجور السقاءين للحصول على حاجاتهن المنزلية من الماء [1]

ـ وأوقاف مخصصة لرعاية المقعدين والمكفوفين والشيوخ، وأوقاف لإمدادهم بمن يقودهم ويخدمهم، وأوقاف لتزويج الشباب والفتيات ممن تضيق أيديهم وأيدي أوليائهم عن نفقاتهم، وأنشئت في بعض المدن دور خاصة حبست على الفقراء لإقامة أعراسهم [2]، كما أنشئت دور لإيواء العجزة المسنين[3]، والقيام على خدمتهم.

ـ وقد خصصت بعض الأوقاف للإنفاق من ريعها على المستشفيات، على نحو ما نراه في وقف السلطان (نور الدين زنكي)، وتحدثنا كتب التاريخ عن المستشفيات التي أنشئت في مصر بفضل أموال الوقف · ويذكر المؤرخون منها مستشفى أنشأه الفتح بن خاقان (وزير) المتوكل على الله العباسي، ومستشفى آخر أسسه أمير مصر(أحمد بن طولون)، سُمِّي باسمه، وحبس له من الأوقاف ما يلزم للإنفاق عليه، وبني فيه الحمامات للرجال والنساء[4].

 

ولذا أوجه رسائل سريعة إلى:

ـ أهل الخير والإحسان والجود والكرم.. لماذا لا تُقيمون أوقافا خيرية تُصرف على النساء المطلقات والأرامل، وسد حاجاتهن كي لا تستغل في قضايا لا أخلاقية، أو بناء مستشفيات خاصة بالنساء وأخرى للرجال، كي تُصان الأعراض وتحفظ العورات، ويعالج المرضى والمحتاجين، أو تخصيص أوقاف لإعانة الشباب على الزواج.. كما فعل بعض المحسنين من وقف أجهزة غسيل الكلى في عدد من مدن المملكةº بدلاً من قصرها في أشياء يُوقفها الناس كثيراً.

ـ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.. هلا جعلت في ميزان حسناتك تخصيص شيء من هذه الأوقاف العامة لرعاية الأرامل والمطلقات والعوانس ونحوهن من ذوات الحاجة والفاقة.. فعلى كثرت الأوقاف إلا أننا لم نر أثراً ملموساً في هذه المشاريع.

ـ العلماء والدعاة والخطباء والقضاة، وكتاب العدل.. هلا طرحتم القضية على المسئولين وأهل الخير والبذل والإحسان، للقيام بتخصيص الأوقاف الخيرية بما يُعد متنفساً للمسلمين والمسلمات.

ـ أهل الإعلام ـ مرئية ومسموعة ومقروءة ـ أرجو أن يفعّل هذا الموضوع في وسائل الإعلام من خلال المقالات والحوارات، والتحقيقات والندوات مع العلماء وطلاب العلم، لشرح القضية للناس لعلها تكون متنفساً لهم، ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله.

ـ أنت أخي القارئ.. لا أريد أن يقتصر دورك على قراءة المقال فحسب، بل آمل أن تسعى بكل ما تستطيع مع أهل الخير والإحسان لحثهم لإنشاء الأوقاف في مصالح المسلمين العامة، والسعي للكتابة في وسائل الإعلام عن القضية، أو تخصيص حلقات حوار في الموضوع عبر القنوات والإذاعاتº كي ينتشر بين الناس ويعم الخير بإذن الله تعالىº فاستعن بالله - تعالى - ولا تعجز.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

----------------------------------------

[1] ـ د ·أحمد الصاوي، الأسيلة ماء الحضارة، صفحة 59·

[2] ـ د·أحمد أبو زيد، نظام الوقف الإسلامي: تطور أساليب العمل وتحليل نتائج بعض الدراسات الحديثة، 45: 46·

[3] ـ د·إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف السياسية في مصر، صفحة 292·

[4] تقي الدين المقريزي، الخطط المقريزية (المواعظ والاعتبار)، دار صادر، بيروت، الجزء الثاني، صفحة 402·

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply