بسم الله الرحمن الرحيم
أمة الإسلام:
هبوطٌ بالقلب، وارتفاعٌ للسكرِ في الدم، و سكتةٌ قلبية، وهوسٌ وجنون، كل ذلك جرى ويجري، لا من أجلِ مسلمةٍ, انتهك عرضُها، ولا من أجلِ مؤمنةٍ, بَقرَ العدو بطنَها، ولا من أجلِ مسلمٍ, مزقَ الكافرُ أعضاءُه، كلاº ولكن من أجل هبوطٍ, في الأسهم المالية!! فما بين لحظةٍ, وأخرى ترتفعُ الأسعارُ وتنخفض، وتزيدُ وتنقص، فأناسٌ لا يتحملون تلك المواقف، فإذا بهم صرعى على الأسرةِ البيضاء، وربما انتقل آخرون من هذه الدارِ إلى دارٍ, أخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!!
هذا حال بعضُ إخواننا الذين فتنوا في الأسهم المالية، فباع كلَ ما يملك من عقارٍ, ودار من أجلِ الفوزِ بأعلى المكاسب، وأسرعِ المرابح، فترى المسكينَ في صالاتِ البنوك، وخلفَ شاشاتِ الحاسبِ الآلي يُحدقُ بعينه في أسعارِ الأسهم، لعله أن يظفرَ بشيءٍ, يفوزُ به، ونحن من على منبرِ محمدٍ,- صلى الله عليه وسلم - نرسلُ رسالةً معطرةً بالإخاء، محملةً بالصفاء، لمن نُكنُ لهم الخير، ونودُ لهم العافية، رسالةً تحملُ في طياتِها وصايا مخلصة، ونصائحَ هادفة، فآملُ أن تجد آذنا صاغية، وقلوباً واعية.
الوصية الأولى:
يجب أن نعلمَ جميعاً أن سوقَ الأسهمِ نموذجٌ غربي، مبنيٌ على فلسفةِ الاقتصادِ الرأسمالي، والذي يعتمد أساساً على الربا بأشكالهِ المختلفة، ويخالطُهُ القمارَ والاحتكار، فالأصلُ فيه أنه سوقُ شبهاتٍ, محرمة، لا بد للمسلمين أن يجردوهُ من الشوائبِ المحرمةِ قبلَ ولُوجهِ واستيراده، وهو وإن كان قائماً على تحقيقِ منافعَ اقتصادية، إلا أن هذه المنافعَ يمكنُ تحقيقَها بدون ما يحتوي عليه من مفاسد، فالآليةُ التي تُدار بها السوقº لا تزال تُعاني من إشكالاتٍ, شرعية، تدورُ حولَ الربا الذي تتمولُ به بعضُ الشركاتِ المساهمةِ، إضافة إلى ما يحصلُ من خداعٍ, وكذبٍ, وغش، وتسريبٍ, لمعلوماتٍ, خاطئة داخل السوق، مما يُفوتُ المصالح المرجُوةِ، ويجلبُ المفاسد، ولهذا كثيراً ما نتساءل، ما سرُ الصعودِ والهبوطِ لهذه الأسهمِ من لحظةٍ, لأخرى؟ رغمَ عدمِ تغيرِ واقعِ الشركاتِ التي يجري التعاملُ على أسهمِها؟!! بل بعضُها في خسارة!!
أيها المسلمون: ينبغي أن نعي لعبةَ الأسهم، فهناك مجموعاتٌ لا تخافُ الله - تعالى -ولا ترجو الدارَ الآخرة، يتحكمون في السوق ويعقدون اتفاقاتٍ, خاصةº مع بعضِ الشركاتِ التي يرغبونَ في زيادة أسعارِ أسهمِهاº وبالمقابلِ يكسرونَ أسعارَ أسهمِ شركاتٍ, أخرى بما يملكون من سيطرةٍ, ماليةٍ, احتكاريةٍ, على السوق، ولهذا فهم يتلاعبون بأسعارِ الأسهمº كما يفعلُ لاعبو اليانصيبِ بما قد يؤدي فعلُه هذا إلى أضرارٍ, اقتصاديةº فها نحن اليوم نرى انصرافَ فئامٍ, من الناسِ عن المشاريعِ الإنتاجيةِ الفاعلة، ركضاً وراءَ الأرباحِ العاجلةº فقلي بربك؟!
ألا يعدُ هذا ضرراً على المجتمع؟!
ألم تتراكم الأموالُ في البنوك دون أن يكون لها أثر في تطوير البلد، وإنشاء المصانعِ وإقامة المشاريع؟!!
ألم ترتفع أسعار الإيجارات؟!! فمن المتضرر!!
ألم تتقلص حركة البناء في البلد؟!!
ألم تتقلص الحركة التجارية في البلد؟!!
ألم يخسر أصحاب المصانع والمحلات بسبب وقوف المشاريع التجارية أو بسبب تأخر دفع المستحقاتº لأن الأموال تحرك في الأسهم؟!!
وبناءً على ما سبق فإنني لا أنصحُ بالتعاملِ في هذه السوقِ بحالتِها الراهنةِ، فهي شبهاتٌ بعضُها فوق بعض، وإنني آملُ من أهلِ العلمِ الشرعي وأصحابِ الخبرةِ الاقتصادية والماليةِ إعادةَ النظرِ في الآلياتِ التي تُدارُ بها السوقº لإيجادِ مخرجٍ, شرعيٍ, و اقتصادي يُحققُ المصالحَ المعتبرة.
الوصية الثانية:
فإن أبيتَ إلا الدخولَ في هذا السوقِ وقد سبقَ لك أن تعلمتَ ما فيه من الحلالِ والحرام، فإني أنصحكَ ألا تستعمل جميعَ ما تملكِ في الأسهمº لأنك قد تصبحُ طعماً سهلاً للكبارِ دون أن تشعر، فإذا بي أراك تُساهم في بدايةِ أمركَ بمبلغٍ, رمزيٍ,، فيعطونَك طعماً يسيلُ له لعابكº ثم تطمعُ فتزيدَ من رأسِ المالِ فتربحº فتبيعَ بيتك من أجلِ الفوزِ بمكاسبَ ضخمةٍ, في وقتٍ, قياسيº فلا تشعر بنفسِكَ إلا وقد أصبحتَ من المفلسين، ولا حول ولا قوة إلا بالله!! إذن ليس من الحكمةِ أن تضعَ البيضَ كلَّهُ في سلةٍ, واحدة، ولا مانعَ أن يشترك اثنانِ أحدهُما يُساهُم باسمهِ والآخرُ بماله ويكون الربحُ بينهما على حسبِ الاتفاقº ولكن الذي يُمنعُ منه أن تبيعَ الاسمَ للمساهمةِ به في الشركاتº (لأن الاسمَ ليس بمالٍ, ولا في حكمِ المال، ولما يترتبُ في ذلك من الكذب، ولأن المشتريَ يأخذُ بالاسمِ أسهماً زيادةً على ما خُصصَ له وهو لا يستحقُها) هكذا قالت اللجنةُ الدائمةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاء.
الوصية الثالثة:
لا تتعامل مع الشركاتِ التي تتعاملُ بالربا أو فيها نسبةُ ولو قليلةٌ من الربا، فالربا إعلانٌ للحربِ على الله ورسوله، فيا ترى من يحاربُ الله ورسولَه أتراه ينتصر؟!! يقول الله جل جلاله: ((يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ، فَإِن لَم تَفعَلُوا فَأذَنُوا بِحَربٍ, مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُؤُوسُ أَموَالِكُم لا تَظلِمُونَ وَلا تُظلَمُونَ)) (البقرة: 279).
وقال- صلى الله عليه وسلم -: ((درهم ربا يأكلٌّه الرجلُ وهو يعلمº أشدٌّ من ستةٍ, وثلاثين زنية)) [رواه أحمد و صححه الألباني [صحيح الترغيب - الرقم 1855] عن عبد الله بن حنظلة- رضي الله عنه-].
وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((الربا ثلاثٌ وسبعون باباº أيسرُها مثلُ أن ينكحَ الرجلُ أمه)) [صححه الألباني في صحيح الترغيب (1851)].
فاتق الله في نفسك ولا تعرض نفسَك وأهلكَ لأكلِ الحرام.
يقولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخلُ الجنةَ لحمٌ ولا دمٌ نبتَ من سحتٍ,، النارُ أولى به)) [رواه الطبراني ورجاله ثقاة، عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه -، ورواه أحمد عن جابر- رضي الله عنه- ورجاله رجال الصحيح].
ولذلك أيها المسلمُ إذا أردتَ شراءَ أسهمِ أيَّ شركةٍ, فعليك أن تتثبتَ من أنَّ نشاطَها مباحاً، فلا يصحٌّ بحالٍ, أن تساهمَ في شركاتِ التأمينِ التجاري، أو البنوكِ الربوية، أو الشركاتِ المصنعةِ للسلعِ التي حرمها الله - تعالى -، كالدخانِ أو الخمرِ وما شابه ذلك، و أن تسلمَ الشركةُ من الربا إيداعاً واقتراضاً، فما انطبقت عليه هذه الشروطُ جازَ تداولُه حين يطرحُ في السوقِ المالية، وهذا ما يقودنا.
أيها الأخوةُ في الله:
للحديثِ عن صناديقِ الاستثمارِ الموجودةِ في البنوكِ التجارية، فكلٌّها تقومُ على فتوى بجوازِ أسهمِ الشركات، التي تقترضُ وتُقرِضُ بالربا حسبَ تفصيلٍ, لا يسعُ المقامُ له، وقد أصدرَ مجمعانِ فقهيانِ مشهورانِ[1] قرارينِ يقضيانِ بتحريمِ هذا النوعِ من الشركات، وهذان المجمعانِ يحويانِ ثلةٌ من علماءِ العصرِ المعتبرين، وممن ذهبَ إلى هذا القولِ: اللجنةُ الدائمةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ بالمملكةِ، وعلى رأسِها سماحةُ الشيخِ عبدُ العزيزِ بنِ باز، - رحمه الله -.
فاتق الله أيها المسلم، و استبرأ لدينكº فالحسابُ عسيرٌ، والموقفُ مهول، والدنيا زائلةٌ، والآخرةُ باقية.
أيها المسلمون:
وهنا قضيةُ حريٌ التنبيهُ عليها، وهي أن غالبَ البنوكِ الموجودةِ اليومَ، يوجد لها لجانٌ شرعية، ولكنها تفتقرُ إلى إداراتٍ, للرقابةِ الشرعية، والتي تتولى التدقيقَ على ما يقومُ به البنكُ من عملياتٍ, تجارية، ومن هنا تحدثُ المخالفاتُ والتي أحيانا تُخالف ما أفتت به الهيئاتُ الشرعيةُ في ذلك البنك.
ولذا لا يجوزُ الاشتراكُ في أي صندوقٍ, يعملُ حسبَ ما ذكر، وعليه أن يعملََ بنفسِه في الشركاتِ التي توفرت فيها الشروطُ السابقة، أو أن يبحثَ عن بعضِ المستثمرين الثقاة ليستثمرَ له أموالَه فيها، وإن وقعَ أحياناً دون علمٍ, بشراءِ أسهمٍ, لشركاتٍ, تبينَ له أنها أسهمٌ لشركاتٍ, غيرِ نقية، فإن عليه أن يتخلصَ منها ببيعها، وما ربحَ من هذه الأسهمُ فهي له.
الوصية الرابعة:
أخي الكريم: إذا دخلتَ مضمارَ الأسهم فعليكَ بالأمانةِ في التعاملِ مع الناسِ، والنصحِ لهم، فلا غشَ ولا خداع، فلا يحقُ لك بحالٍ, أن تكذبَ على الناسِ في أسعارِ الأسهم، أو أن تُوهِمَهُم أن أسهمَ هذه الشركةِ في ازدياد، وفي حقيقتِها أنها في خسارةٍ,، أو تدعي أنك تستثمرُ أموالَهم في شركاتٍ, نقية، وأنتَ قد خلطتَ الحلالَ بالحرام، فالنبيٌّ- صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من غشنا فليس منا)) رواه مسلم، وقال- صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحلُ لأحدٍ, يبيعُ شيئاً إلا بيَّن ما فيه، ولا يحلُ لمن علم ذلك إلا بيَّنه)) [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه -. ].
وقال- صلى الله عليه وسلم -: ((البيعانِ بالخيارِ ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركةُ بيعهما)) [متفق عليه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه].
الوصية الخامسة:
الأسهمُ والمكاسبُ المالية، لها بريقٌ ولمعانº قد تصدٌّ الإنسانَ عن ذكرِ الله - تعالى -وعن الصلاةº فليتق الله أولئكº فإن فعلَهم ذاك خطرٌ وعظيم، فقل لي بربك؟ ماذا بعد أن جمعتَ الأموالَ الطائلة، وتركتَ بعدك الملياراتِ الهائلة، وأنت قد ضيعتَ صلاتَك، وفرطتَ في طاعةِ ربك، ماذا تنفعُك تلك الأموال؟!!
ماذا ينفعُك حرصُك على جمعِ حطامِ الدنيا إذا أُوقفتَ على سقر؟ وما أدراك ما سقر؟ لا تُبقي ولا تذر، لواحةٌ للبشرِ، عليها تسعةُ عشر؟!!
ماذا ينفعُك حرصُك على الأسهمِ واللهثِ وراءَها إذا أوقفتَ بين يدي الله - تعالى -، وبدأتَ تبحثُ يمنةً ويسرةً عن حسنةٍ, واحدةٍ, تُنجيك بإذن الله - تعالى -من ناره وجحيمه فلم تجد؟!!
يا أخي كن ممن قال الله فيهم: ((رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ)) (النور: 37).
واعلم رعاك الله أنك إذا حافظتَ على صلاتِك، وداومتَ على طاعةِ ربك، فتحَ لك الرزاقُ الكريم أبوابَ فضلِه، وجاءكَ الخيرُ من حيثُ لا تحتسب، يقول الله - تعالى -: ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيءٍ, قَدرًا)) (سورة الطلاق: 3. 2).
يقول النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: ((الكيّسُ من دانَ نفسَه وعملَ لما بعد الموتِ، والعاجزُ من اتبعَ نفسَه هواها وتمنى على الله الأماني)) رواهُ الترمذي.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية:
الوصية السادسة:
عليك أخي الفاضل أن تخرجَ ما وجب عليك من زكاةٍ, في أسهمكº لأنك أنتَ المطالبُ بذلك وليس الشركة، وزكاةُ الأسهمِ تُخرجُ وفقَ الطريقةِ الآتية:
إن كنتَ ساهمتَ في الشركةِ بقصدِ الاستفادةِ من ريعِ الأسهمِ السنوية، وليس بقصدِ التجارةِ، فإنَّ صاحبَ هذه الأسهمِ لا زكاةَ عليه في أصلِ السهم، وإنما تجبُ الزكاةُ في الربح، وهي ربعُ العشرِ بعدَ دورانِ الحولِ من يومِ قبضِ الربحِ إن كان نصاباً.
وإن كانتَ قد اقتنيتَ الأسهمَ بقصدِ التجارة، فزكاتُها زكاةُ عروضِ التجارة، فإذا جاءَ حولُ زكاتك وهي في ملككَ، زكيتَها بقيمتِها الحاليةِ في السوقِ لا بما اشتريتَها به، وإذا لم يكن لها سوقٌ، زكيت قيمتَها بتقويمِ أهلِ الخبرة، فيخرجُ ربعَ العشرِ من تلكَ القيمةِ ومن الربحِ، إذا كان للأسهمِ ربح.
وإذا باعَ المساهمُ أَسهُمَه في أثناءِ الحولِ ضمَ ثمنَها إلى مالِه وزكَّاه معه، عندما يجيءُ حولُ زكاته. أما المشتري فيُزكي الأسهمَ التي اشتراها على النحوِ السابق، وإذا أخرجتِ الشركةُ الزكاةَ فيكتفي بذلك ولا يخرجَها المساهمُ، وكذلك العكسُ لئلا تجبَ زكاتانِ في مالٍ, واحد.
الوصية السابعة:
كثيراً ما يتساءلُ الناسُ فيقولُ قائلهم: فلانٌ من العلماءِ قال بجوازِ شراءِ أسهمِ الشركةِ الفلانية، وفلانٌ قال بحرمتِها، فكيفَ نوفقُ بينهما؟
وأقول: يجب أن نعلمَ أن سببَ الخلافِ بين أهلِ العلمِ في هذه القضيةِ هوº هل يجوزُ المساهمةُ في شركةٍ, أصلُها حلالٌ وفيها نسبةٌ قليلةٌ من الربا أم لا؟
فبعضهم يرى جواز ذلك، وقد ذكرت لك في ثنايا الخطبةِ أن جماهيرَ العلماءِ يرون حرمةَ المساهمةِ في ذلكº لأن الله حرم الربا قليلهِ وكثيرِه، ونهانا عن التعاونِ على الإثمِ والعدوان.
والأصلُ في المسلمِ أن يتجنبَ الشبهاتِ حرصاً على دينه، وحفظاً لآخرته، ولذلك أخبر - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ النعمانِ بنِ بشير المتفقِ عليه عن ذلك بقوله: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه)).
والمشتبه هو ما اختُلِف في حله أو تحريمه، وفسرها الإمامُ الزاهدُ الورعُ أحمدُ بنُ حنبل - رحمه الله - بأنها منزلةٌ بين الحلالِ والحرام، وقال: من اتقاها فقد استبرأ لدينه، وفسرها تارةً باختلاطِ الحلالِ والحرام، وقال سفيانُ بنُ عيينة- رحمه الله -: لا يُصيبُ عبدٌ حقيقةَ الإيمانِ حتى يجعلَ بينَه وبين الحرامِ حاجزاً من الحلال، وحتى يدعَ الإثمَ وما تشابه منه.
نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
----------------------------------------
[1] ـ وهما المجمعُ الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد