وقفة محاسبة مع الآباء


  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى أما بعد،،،

 

 في هدأة الليل البهيم ارتفع صوت الأم وهي تبكي..تخاطب ولدها الماثل أمامها: أرجوك يا بني..أتوسل إليك.. لا تتركني وحدي أعيش بين هذه الجدران الأربعة تحيط بي الوحشة والخوف والحاجة والعوز.

 

أبنُي.. أهذه وصية أبيك لك حينما وصاك بي.. أنسيت ما قاله لك وهو يحتضر!؟ لقد ذَرَفتَ الدموع قليلا ثم تنكرت لي، وذهبت تعيش مع زوجتك وأولادك، وتركتني وحدي.. أبني.. إني على استعداد لأكون خادمة لك ولزوجتك وأولادي لكن لا تتركني للظلام والوحدة.. كان الابن العاق ينظر إلى أمه غير مكترث لما تقول.. وبعد صمت طويل أخرج من جيبه خمسمائة ريال ووضعها في يد أمه وقال: سأزورك بعد شهر!! قالت يا بني لكني..

فقاطعها قائلا: إني مشغول، ولدي أعمال كثيرة لابد من إنجازها في أسرع وقت.. ثم خرج.. ومضى شهر واثنان وثلاثة ولم يزرها أو يقف على بابها.. حتى جاء ذلك اليوم الذي أُخبر فيه أنها وجدت ملقية على الأرض قد فارقت الحياة منذ أيام.. [1]

هكذا.. تطالعنا الصحف يوما بعد يوم عن أخبار مؤسفة، وحكايات مؤلمة، وقصص مفزعة،

نعم كم سمعنا وقراءنا عن أولئك الذين تجرؤا على فعل أفظع جريمة ترتكب!؟

كم قراءنا عن أولئك البائسين الذين وصلت بهم قسوة القلب إلى أن تمتد يد أحدهم القذرة إلى من كان السبب في وجوده بعد الله!؟ سمعنا عن ذاك الرجل الذي تجرأ على قتل والده بطريقة بشعة مفزعة.. ! سمعنا عن ذاك الذي تآمر هو و زوجته على قتل أمه التي بلغت سن الكبر.. أمه التي حملته وهنا على وهن!؟ حملته كرها، ووضعته كرها!

ولكن يا لله!! ويا للعجب كيف تجرأ أولئك أن يمدوا يد الجريمة النكراء إلى أقرب الناس إليهم؟ بل من لهم الفضل بعد الله - تعالى - في وجودهم!

هل كان ذاك ناتجا من حسن التربية والتوجيه؟ كلا

هل هو ناتج من الاهتمام والشعور بالمسؤولية تجاه الأبناء؟ كلا

هل هو ناتج عن تذكر ثقل الأمانة الملقاة على كواهلنا تجاه الأبناء؟ كلا! كلا!!

إنها سوء التربية.. سوء التوجيه.. إنه التفريط في متابعة الأبناء.. إنه عدم الشعور بالمسؤولية.. بالأمانة العظمى.. إنه التواكل عن القيام بحقوق أولئك الشباب.. إنه الإخلاد إلى الأرض والسعي وراء حطامها الفاني.. إنه الاهتمام المنقطع النظير بأمر دنياهم ومعاشهم والتغافل الكبير عن دينهم وأخلاقهم.. إن هذا كله وغيره ـ بعد تقدير الله ومشيئته ـ أدى إلى حصول تلك الجرائم المؤلمة، والقصص المفزعة، وما خفي أعظم!

قال ابن القيم - رحمه الله -: (من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم)[2]

أيها الأب المبارك: كيف ترجو نفع ولدك وإحسانه وأنت قد جلبت له أسباب الشقاء.. قد هيأت له ما تقسوا به القلوب.. بل تموت!

 

كيف ترجوا نفعه وبره وقد تركت له الحبل على الغارب، يذهب متى يشاء، ويعود متى أراد!؟

 

كيف ترجو خيره وأنت تراه مقيما على المعصية فلا تنهاه! بل ربما وصل بك الأمر ـ واسمح لي إن قسوت عليك في العبارة فما أريد ورب الكعبة إلا نفعك ـ أن تكون أنت أول من يفعل ذلك أمامه، بل قد تراه أمرا لا غضاضة فيه، وهذا والله لهو الخطأ الفادح بكل المقايس، والفعل المشين بكل المعايير. قال عمرو بن عتبة لمعلم ولده منبهاً له: (ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت)[3] فإن أبيت إلا ركوب رأسك فكما قيل (على نفسها جنت براقش)

كل منا يرجو الخير لنفسه في حياته، ويرجو أن يتاح له من الظروف ما يمكنه من قضاء شيخوخته بسرور واكتفاء.. وهذا لا يتحقق للمرء في حالة كبره إلا من أبناء بررة، ولن يكون الأولاد بررة إلا بالتربية الدينية الكريمة ومن هنا كان إهمالنا لتربية أولادنا إساءة لأنفسنا في الدنيا عندما نكون في أشد الحاجة إلى برهم ومساعدتهم ومواساتهم، [4] جاء رجل إلى عمر بن الخطاب t فقال إن ابني هذا يعقني. فقال عمر للابن: أما تخاف الله في عقوق والدك! فإن من حق الوالد كذا، ومن حق الوالد كذا. فقال الابن: يا أمير المؤمنين ! أما للابن على والده حق؟

قال نعم، حقه عليه أن يستنخب أُمه، لكيلا يكون للابن تعييرٌ بها، ويحسن اسمهº ويعلمه القرآن. فقال الابن: فوالله ما استنخب أُمي، وما هي إلا سندية اشتراها بأربعمائة درهمº ولا أحسن اسمي، سماني جُعلاº ولا علمني من كتاب الله آية واحدة.

فالتفت عمر إلى الأب وقال: تقول ابني يعقني، فقد عققته قبل أن يعقك، قم عني. [5]

إننا لا نلقي اللوم على أولئك الذين فعلوا الأسباب، وتخيروا من أساليب التربية والتوجيه ما هي كفيلة بإذن الله بإصلاح أبنائهم، وسعادتهم في الدارين، ثم بعد ذلك يشاء الله لحكمة يعلمها أن لا يستقيم الابن، فهذا نبي الله نوح - عليه السلام - يجاهد ولده و يدعوه إلى الإيمان ويقول له: \" يَا بُنَيَّ اركَب مَعَنَا وَلَا تَكُن مَعَ الكَافِرِينَ(42)قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ, يَعصِمُنِي مِن المَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَحِمَ وَحَالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكَانَ مِن المُغرَقِينَ(43)\"

ولكن اللوم كل اللوم على أولئك الذين فرطوا وأهملوا وهم يتعلقون بتلك المقولة المشهورة على السنة الناس (الله الهادي)!! كلمة حق أُريد بها باطل،

نعم الهداية بيد الله والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه: ماذا قدمت من الأسباب التي تكفل بإذن الله صلاح ولدك وفلذة كبدك!؟

هل كنت تحرص على تعليمه القرآن؟ هل كنت تذكره في كل إشراقة شمس عظمة الله وفادحة مخالفة أمره، وارتكاب نهيه؟ هل كنت توقظ في قلبه روح المراقبة لله - عز وجل - حتى يصبح كأنه يرى الله - عز وجل - فإن لم يكن يرى الله فإن الله - تعالى - يراه؟ ثم هل في يوم من الأيام أخذت بيده وذهبت به إلى المقبرة حتى يرى ما هو صائر إليه؟ وعندما رأيت منه إقبالا على الخير، ومحبة الطاعة، هل كنت عونا له على ذاك؟ هل عندما رأيت نفسك قد شغلتك دنياك.. والصفق في الأسواق أحضرت من يقوم بتربية ولدك وتعليمه ما به يسمو ويكمل؟

إن الله يهيب بالمؤمنين أن يؤدوا واجبهم في بيوتهم من التربية والتوجيه والتذكير، فيقوا أنفسهم وأهليهم من النار: \" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون \"

إن مسؤولية الأب في نفسه وفي أهله مسؤولية عظيمة رهيبة، فالنار هناك وهو متعرض لها وأهله، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظره هناك.. إنها نار فظيعة مستعرة، وقودها الناس والحجارة.. إنها نار كلها بؤس وعناء.. نار كلها عذاب وشقاء.. نار عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون.

أيها الأخ المبارك: وإذا قلبت طرفك في صفحات التاريخ وقفت على حقائق ناصعة كلها صفاء وبهاء من اهتمام الأجيال الفذة بتربية أبنائهم والاعتناء بهم، إن هذا الاهتمام كان له أعظم الأثر في صلاح أبناءهم ومن ثم إحسانهم إليهم وبرهم بهم. فهذا لقمان الحكيم يقول لولده ويوصيه بقوله: { وَإِذ قَالَ لُقمَانُ لِابنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ(13)}ويقول له أيضا ليزرع في قلبه مراقبة الله:{ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُن مِثقَالَ حَبَّةٍ, مِن خَردَلٍ, فَتَكُن فِي صَخرَةٍ, أَو فِي السَّمَاوَاتِ أَو فِي الأَرضِ يَأتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ(16)يَا بُنَيَّ أَقِم الصَّلَاةَ وَأمُر بِالمَعرُوفِ وَانهَ عَن المُنكَرِ وَاصبِر عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُورِ(17) وَلَا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبٌّ كُلَّ مُختَالٍ, فَخُورٍ,(18)وَاقصِد فِي مَشيِكَ وَاغضُض مِن صَوتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ(19) }وهذا عمر فاروق هذه الأمة يؤدب ولده عندما دخل عليه وهو مترجل، وقد لبس ثيابا حسانا، فضربه عمر بالدرة حتى أبكاه، فقالت له حفصة: لم ضربته؟ قال رأيته قد أعجبته نفسه، فأحببت أن أصغرها إليه [6] وهذا عبد الملك عمر بن عبد العزيز الذي نهل الدين قويما، والخلق صافيا، والشجاعة الأدبية من أبيه وكان كما قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

وهل هذا الشبل إلا من ذاك الأسد! لقد كان يقوم الليل في آية يقرأها وهي قول الله - تعالى – { أفرءيت إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون } يرددها ويبكي.. وهذا سفيان الثوري - رحمه الله - قالت له أمه: (يا بني! اطلب العلم، وأنا أكفيك بمغزلي \" فكانت تعمل ـ وتقدم له ليتفرغ للعلم، وكانت تتخوله بالموعظة والنصيحة، قالت له ذات مرة: (يا بني إذا كتبت عشرة أحرف، فانظر: هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك، فاعلم أنها تضرك، ولا تنفعك \" [7] فهل من غرابة بعد هذا أن نرى سفيان يتبوأ منصب الإمامة في الدين، كيف وهو قد ترعرع في كنف مثل هذه الأم الرحيمة، وتغذي بلبان تلك الأم الناصحة التقية؟! وهذه أم ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك أنفقت على تعليم ولدها ثلاثين ألف دينار خلفها زوجها عندها، وخرج إلى الغزو، ولم يعد لها إلا بعد أن استكمل ولده الرجولة والمشيخة، وكانت أمه قد اشترتهما له بمال الرجل، فأحمد صنيعها، وأربح تجارتها.. وهذا الإمام مالك توصيه أمه بأن يتعاهد حلقة الإمام ربيعة بن عبد الرحمن.. وكذا الإمام الشافعي وأحمد - رحمهم الله - تعالى -!

وهذا سهل بن عبد الله يقول: كنت ابن ثلاث سنين، وأنا أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لي خالي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ قلت: كيف اذكره؟ قال: قل بقلبك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك: الله معي، الله ناظر إليّ، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلت ذلك فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة، قال لي خالي: احفظ ما علمتك، ودم عليه إلى أن تدخل قبرك، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت له حلاوة في سري، ثم قال لي خالي: يا سهل من كان الله معه، وهو ناظر إليه، وشاهد عليه، هل يعصيه؟ إياك والمعصية ومضيت إلى المكتب، وحفظت القرآن، وأنا ابن ست سنين أو سبع، ثم كنت أصوم الدهر، وقوتي من خبز، ثم بعد ذلك كنت أقوم الليلة كله! [8]

فمن منا لا يعرف هؤلاء الرجال! ومن منا يجحد فضل هؤلاء الكرام! إن الأمة كلها تشهد لهؤلاء فضلهم ومكانتهم في الإسلام، إن أعمال أولئك العظماء التي عملوها في حياتهم.. كلها في ميزان من كان السبب في إقبالهم على الخير والسعي فيه. فأي فضل هذا؟ وأي نعمة تلك؟ ولكن وما ذلك على الله بعزيز؟ نعم وما ذلك على الله بعزيز.. إننا مطالبون بفعل الأسباب والنتائج على الله - عز وجل -، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم..

 

أخي يا رعاك الله: إن تربية الدواجن والحيوانات أمر يعهد به إلى مختصين يعرفون واجبهم.. فكيف نفرط في حق أعظم مخلوق على هذه الأرض وهو الإنسان؟ لابد من أن يعي كل أب وكل أم مسؤوليتهم الضخمة فيما استخلفهم الله فيه، قال - عليه الصلاة والسلام -: \" كلكم راع ومسؤول عن رعيته.. والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.. \"

 

فإبراء لذمتنا، وإخلاء لعهدتنا أقدم لك أيها الأب المبارك توجيهات سريعة تستضيء بها في تربية ولدك وفلذة كبدك فأرع يا رعاك الله لها سمعك وأحضر لها قلبك..

 

أولا: [9] من الأمور المهمة أن يغتنم الأبوان مرحلة الصغر والتأثر لأن الولد في هذا السن صفحة بيضاء، فكل مولد يولد على الفطرة، ثم يأتي دور الأبوين فإما أن يكون دورا مجيدا مشرفا شاعرا بالمسؤولية، وإما أن يكون دورا مخربا مفسدا لا مباليا. ويصعب عليهما فيما بعد أن يتداركا الأمر كما قال القائل:

إن الغصون إذ قومتها اعتدلت *** ولا يلين إذا قومته الخشب

 

ثانيا: لابد أن يكون هناك تفاهم قائم بين الزوجين، وأن يتعاونا على التربية الفاضلة، فلا يجوز أن يتلقى الطفل أوامر متناقضة لا يدري أيها ينفذ؟ ويجد لنفسه النصير إن عصى أمر أحد والدية، بحجة طاعته أمر الآخر، لابد أن يكون هناك تنسيق وتعاون وتفاهم بين الوالدين.

 

ثالثا: ألا يرى الأولاد في سلوك أبويه ما يخالف النصائح التي سمعها منهما.. حتى تكون ثمرة التربية مجدية نافعة. أما الازدواج الذي يقوم بين ما يقوله الآباء وبين ما يسلكون، فهو من أكبر أسباب الانحراف التي تُفسد الناشئة وتجعلهم يشكون في القيم والمثل العليا كلها. وكما قال القائل:

 

لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذ فعلت عظيم

رابعا: ومن أسس تربية الأولاد غرس الروح الدينية في نفوسهم، وتنشئتهم على المخافة من الله - تعالى -، فإن ذلك سبب لاستقامتهم على السبيل السوي الفاضل، وعلى الوالدين أن يشربا الأولاد حب الله وحب رسوله.

 

خامسا: ومن أسس تربية الأولاد تعداد الوسائل في تقويمهم، فالضرب في سنّ، وعند الضرورة، وبعد زوال الحدة، ولا يجوز أن يستمر الوالد في الضرب، لأن ذلك قد يؤدي إلى مخاطر عظيمة.. ومن أهم الملاحظات في هذا المجال أن يتفهم الوالد عقلية أولاده عندما يكبرون ويناقشهم، ويحترم شخصياتهم، ولا يستمر في نظرته إليهم على أنهم ما يزالون صغارا. إن العقد النفسية بدأت تمزق صدور كثير من الشباب والشابات بسبب تصرف سيء يقوم به أحد الأبوين، فلنتق الله في أبنائنا ولنعلم أنهم أكبادنا يمشون على الأرض.

 

سادسا: ومن الأسس الهامة في تربية الأولاد العدل بينهم، فلا يجوز تفضيل الذكر على الأنثى أو الأنثى على الذكر، ولا تفضيل واحد على واحد، وهذا رسول الله يسأل من أراد أن يشهده على عطية أراد أن يعطيها ولده قائلا: \" أكل ولدك أعطيتهم مثل هذا؟ قال: لا. فقال: \" أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور اتقوا الله واعدلوا في أولادكم \" [10]

 

سابعا: ومن الأسس الهامة في تربية الأولاد اختيار الرفقاء الصالحين لهم فالرفيق ذو تأثر كبير، فعلى الأبوين مراقبة الأولاد في أصدقائهم. (فالمرء على دين خليله)[11]

 

ثامنا: تشكل ظاهرة انتشار الخادمات الأجنبيات خطرا فادحا على عقيدة الولد وخلقه وثقافته، وقد دلت البحوث الميدانية بمنطقة الخليج على أن أكثرهن غير مسلمات، ولديهن اهتمام بعقائدهن وشعائرهن التعبدية، إلى جانب ثبوت انحرافات خلقية وسلوكية عند كثير منهن، مما يشير إلى مدى الخطورة المتوقعة من أمثلهن على الأولاد، ولا شك أن الأب هو المسؤول الأول عن تربية أولاده ورعايتهم وحفظهم من الانحراف، ولهذا ينبغي للأب إن كان ولابد فاعل لهذا البلاء أن يحرص غاية الحرص على حسن انتقاء الخادمة المسلمة الملتزمة شرع الله، والكبيرة السن، وفق الضوابط الشرعية مع مراعاة عدم تكليفها شيئا من شؤون الأولاد المباشرة. [12]

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

----------------------------------------

[1] انظر: جريدة المدينة في عددها الصادر برقم (11257)

[2] تحفة المودود ص161 بتصرف.

[3] مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد ص68

[5] صفحات مشرقة ص224

[6] صفات مشرقة ص230

[7] عودة الحجاب (2/203)

[8] منهاج القاصدين ص175

[9] انظر في هذه كتاب نظرات في الأسرة المسلمة ص 191بتصرف.

[10] رواه البخاري ومسلم.

[11] أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد (2/303) وغيرهم.

[12] مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد ص 578 بتصرف.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply