من المقصود بالدعوة إلى اللَّه - عز وجل -


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وبعد.

فقد يكون في عنوانِ هذه المقالة شيءٌ من الغرابةِ عند البعض، ذلك لأنَّ الجواب معروف، ولا يجهل أحد أن المقصودين بالدعوة إلى الله - عز وجل -: هم طوائف الناس على اختلاف مشاربهم، وذلك بتعبيد هم لربهم - سبحانه -، حتى يسعدوا في الدنيا بالحياة الطيبة، وفي الآخرة برضوان الله - عز وجل - وجنّته.

فإذا كان الجواب معروفًا، فما المقصود بعنوان المقالة إذن؟

إنَّ المقصود بهذا السؤال تنبيهٌ لنفسي وإخواني الدعاة، إلى أن الدعوة إلى الله - عز وجل - تعني أول من تعني، دعوة النفس إلى الله - عز وجل -، وتعبيدها له - سبحانه -، ويدخلُ في ذلك الأهلُ والقرابة، لأنَّ المُشاهد في حياة الكثير منَّا، الاهتمامُ بدعوة الآخرين، ونسيان النفس أو الغفلة عنها في زحمة دعوة الآخرين، وهذا إنما نشأ من أنَّ مفهوم الدعوة قد ينحصرُ عند الكثير منَّا في دعوة الناس، ولم نتنبّه إلى أن الدعوة إلى الله - عز وجل - على قسمين: دعوة النفس، ودعوة الغير.

والذي دفعني إلى إثارةِ هذا الموضوع، ما رأيتهُ من نفسي ومن بعض إخواني الدعاة، من غفلة عمَّا ينقص النفس من واجباتٍ, وأخلاقيات، أو ما يتلبسُ بها من مثالب وأمراض باطنة وظاهرة، يجب أن يُبذل الجهد في إزالتها، وأن تُدعى النفس إلى الدخول في السِّلم كافة.

ويلحق بذلك الأولاد والزوجة والوالدين، ثم الأقرب فالأقرب.

قال الله - تعالى -: ((يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ)) (التحريم: 6).

ولا يعني هذا تركُ دعوة الآخرين حتى تصلح النفس، ويصلح الأهلون والأقارب، كلا. فالكمالُ عزيز، والنقصُ من طبيعةِ الإنسان.

ولكنَّ المراد: الاعتناءُ بالنفس والأهل، ودعوتهم إلى الله - عز وجل - في الوقت الذي يدعى فيه الآخرون، ويجبُ أن تسيرَ دعوةُ النفس ودعوةُ الغير في خطين متوازيين غير متقاطعين.

وكم يكون لدعوة الآخرين من ثمرةٍ, وفائدةٍ, كبيرة إذا كان الداعية مهتمًا بنفسه، محاسبًا لها، داعيًا لها إلى الله - عز وجل -، وذلك لما يضعُ الله - تعالى -على يديهِ من البركة والقبول في أقواله وأفعاله، ولما يجدُ الناسُ فيه من القدوةِ والمثال الذي يُحتذ ى، فالناسُ ينظرون إلى الأفعال أكثر من نظرهم إلى الأقوال المجردة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply