بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي العزيز: أرعني سمعك يا رعاك الله, وافتح قلبك لأخ يحبك، ويفخر بك كلما رآك تتقدم نحو الخير والبر خطوة. أخي الكريم إنني بعد أن حذرتك من صحبة أقوام يمرضون القلوب، ويفسدون الإيمان أوصيك بصحبة أخيار تزداد بصحبتهم خيراً، وإيماناً، وعلماً، ومعرفة، وبراً.
روى الإمام أحمد عن سهل بن سعد مرفوعاً "المؤمن مألفة ولا خير فيمن لا يؤلف"، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي".
وقال عمر بن الخطاب: "ما أعطي عبد بعد الإسلام خيراً من أخ صالح".
وقال أبو الدرداء: "لولا ثلاث لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها، لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيب الكلام كما ينتقى طيب التمر، أو أعفر وجهي ساجداً لله -عز وجل-، أو غدوة أو روحة في سبيل الله -عز وجل-".
وقال محمد بن واسع: "ما بقي في الدنيا شيء ألذ به إلا الصلاة جماعة، ولقي الإخوان".
وقال عمر: "آخ الإخوان على قدر التقوى، ولا تجعل حديثك بذلة إلا عند من يشتهيه، ولا تضع حاجتك إلا عند من يحب قضاءها، ولا تغبط الأحياء إلا بما تغبط الأموات، وشاور في أمرك الذين يخشون الله –عز وجل-".
وصاحب إذا صاحبت حراً فإنمــا يزين ويزري بالفتى قـــــــرنـاؤه
ما عاتب المـرء الـكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح
قال ابن شوذب: "من نعمة الله على الشاب والأعجمي إذا نسكا أن يوفقا لصاحب سنة يحملهما عليها لأن الأعجمي يأخذ فيه ما يسبق إليه".
وقال عمرو بن قيس الملائي: "إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه فإذا رأيته مع أهل البدع فايأس منه فإن الشاب على أول نشؤه".
قال: إن الشاب لينشأ فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم، وإن مال إلى غيرهم كاد أن يعطب".
علامتهم:
1. أن رؤيتهم تذكرك بالله. وقد أخرج الحاكم وحسنه الألباني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله قال: " أولياء الله -تعالى- الذين إذا رؤوا ذكر الله -تعالى-".
2. أن مجالسهم مجالس ذكر لله -تعالى- . روى مسلم في صحيحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقعد قوم يذكرون الله ـ عز وجل ـ إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده". وروى أحمد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله ولا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات".
3. امتازوا بالأمانة وخشية الله -تعالى- وطاعته. قال عمر بن الخطاب: "لا تتكلم فيما لا يعنيك، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله -عز وجل- ويطيعه، ولا تمش مع الفاجر فيعلمك من فجوره، ولا تطلعه على سرك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله –سبحانه-".
وقال بلال بن سعد: "أخ لك كلما لقيك ذكرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك ديناراً".
4. تذكيرك بالخير وإعانتك عليه. روى ابن أبي الدنيا عن الحسن البصري مرفوعاً في خير الإخوان: "صاحب إذا ذكرت الله -تبارك وتعالى- أعانك، وإذا نسيته ذكرك".
5. هم الأيسر مؤونة الأكثر معونة. قال رجل لداود الطائي أوصني؟ قال: "اصحب أهل التقوى، فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤونة، وأكثرهم لك معونة".
إن أخاك الحق من كان معك ومن يضـــــر نفسـه لينفعك
ومن إذا ريب زمـــان صدعك شتت شمل نفسه لينفعك
6. يذكرونك بالعيوب ويحذرونك الذنوب. وقد قال يحي بن معاذ: "أخوك من ذكرك العيوب، وصديقك من حذرك الذنوب".
7. عدم المن في الإحسان. قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "اصحب من ينسى معروفه عندك، ويذكرك حقوقك عليه".
8. الوضوح وعدم الغموض في العلاقات.
9. الإحسان إلى المخلوقين وتفريج كربات المكروبين.
10. انشغالهم بما يعني عما لا يعني.
11. أوقاتهم مشغولة بالخير دائماً.
آثارهم:
1. هم القوم لا يشقى بهم جلسهم.
2. أن من جالسهم شملته بركة مجلسهم. كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم – عز وجل - وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قال: تقول {يعني الملائكة}: يسبحونك ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك .." فذكر الحديث بطوله وفي آخره " فيقول الله: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة"وفي لفظ "فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم قال: فيقول: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" وفي لفظ "فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
3. أن الجليس الصالح يبصرك بعيوبك ويمحضك النصح ويدلك على أوجه النقص والضعف عندك كمافي الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن مرآة المؤمن".
وقال الحسن البصري: "المؤمن مرآة أخيه، إن رأى فيه ما لا يعجبه سدده وقومه، وحاطه وحفظه في السر والعلانية. إن لك من خليلك نصيباً وإن لك نصيباً من ذكر من أحببت. فثقوا بالأصحاب والإخوان والمجالس".
4. التأثر بسلوكهم الصالح وأخلاقهم الفاضلة. قال موسى بن عقبة: "إن كنت لألقى الأخ من إخواني فأكون بلقيه عاقلاً أياماً". وقال أبو سليمان: "كنت أنظر إلى أخ من إخواني بالعراق فأعمل على رؤيته شهرا".
5. أنهم شرف وزين في الرخاء، وعدة في الشدة والبلاء. خرج ابن مسعود مرة على أصحابه فقال: "أنتم جلاء حزني".
وقال أكثم بن صيفي: "لقاء الأحبة مسلاة للهم"،
وقال عمر بن الخطاب: "عليك بإخوان الصدق، فعش في أكنافهم، فإنهم زين في الرخاء وعدة في البلاء"،
وقال علي بن أبي طالب: "عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة"،
وقال رجل لداود الطائي: "أوصني؟ قال: اصحب أهل التقوى فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤونة، وأكثرهم لك معونة"،
وقال شبيب بن شيبة: "إخوان الصدق خير مكاسب الدنيا، وهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، ومعونة على حسن المعاشرة".
حقوق الأخوة الصالحين:
قال معاذ بن جبل: "إذا كان لك أخ في الله -تعالى- فلا تماره، ولا تسمع فيه من أحد فربما قال لك ما ليس فيه فحال بينك وبينه".
إذا كنت في كل الأمـــور معاتبا صديقك لـم تلق الذي لا تعاتبه
عتبت على سعد فلما فقـدته وجربت أقوما بكيت على سعد
عتبت على بشر فلما جفـوتـه وصاحبت أقواماً بكيت على بشر
- أن تلاقيه بطلاقة وجه. ففي الحديث المتفق عليه عن جرير بن عبد الله البجلي قال: "ما رآني النبي منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي".
روى مسلم عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق".
- سخاء النفس بالبذل له إن احتاج إليك، مع حفظ ماء وجهه وعدم إذلاله.
كان عامر بن عبد الله بن الزبير يتحين العباد وهم سجود: أبا حازم، وصفوان بن سليم، وسليمان بن سحيم وأشباههم. فيأتيهم بالصرر فيها الدنانير والدراهم فيضعها عند نعالهم، حيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانه. فيقال: ما يمنعك أن ترسل بها إليهم؟ فيقول: أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي أو إذا لقيني.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد