إلى أهل الحسبة مع التحية !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله، والصلاة والسلام على خير رسله وأنبيائه.

لما كان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أمراً ربانياً من أجله بعث الله - تعالى -الأنبياء والرسل كما في قوله - تعالى -{ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}. (1)

ولما كان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من أوصاف سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، دالاً عليه قوله - تعالى -{الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر} (2)..الآية.

 

ولما كان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من صفات المؤمنين الصالحين متمثلاً بقوله - تعالى -: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين}.(3)

 

لما كان الأمر الرباني بإقامة التوحيد والنهي عن الشرك، والنهي عن المنكرات والأمر بالخيرات، سبباً لإقامة هذه الشعيرة المباركة، والتي لا يبغضها ولا يعرقل سيرها إلا من في قلبه مرض.. !

 

من هذا المنطلق الشرعي نقول:

إليكم أيها الأبطال، إليكم حماة الفضيلة، إليكم يامن سهرتم ونحن نيام، إليكم أيها الشرفاء، أهل الغيرة، وأهل الخيرية، وأهل الفضل السابق المشهود لكم به من كل فرد في المجتمع...

إليكم أصدق الدعوات نرفعها إلى الله - تعالى -بأن يوفقكم ويسدد خطاكم، ويرد كيد كل كائد بكم ومتربص في نحره، من كبراء الخارج وأعوانهم من شياطين الإنس في الداخل...

 

إخواننا رجال الحسبة (4): أنتم والله تاج شرف يُرفع على جبين الأمة، كيف لا وقد رفع الباري جل شأنه ذكركم في كتابه، قال - سبحانه وتعالى -:

(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (4)

فأي فلاح وأي شرف، خصكم الله - تعالى -به، وأنتم له أهل..

هنيئا لكم هذا الإختصاص يامن قمتم وتقومون به تحت راية واحدة حق قيام بإذن الله..

يا خيرنا.. يا فخرنا.. يا ذخرنا *** حق علي بمثلكم أن أفخرا (5)

 

إخواننا: سيروا على بركة الله في طريق الخير والفلاح، ولا تبالوا بالمرجفين والحاقدين، والمبغضين لهذه الشعيرة المباركة، كيف لا وهي تحجبهم عن الرذائل التي ألفوها، فبدأو يشنون ألوان التهم، لأعضاء هذا الجهاز المبارك، ويرقبون الأخطاء ويضخمونها عند حدوثها لحاجة في نفس يعقوب لم تعد خافية!!

 

نعم هناك أخطاء، نعم هناك ثغرات، يقر بها أهل الحسبة أنفسهم، وقبل أي متربص حاقد، فهم بشر وليسوا ملائكة، ولكن: أن يبالغ في ردات الفعل، وتتعداها لكيل التهم والإفتراءات المستمرة، هذا والله ما يدل دلالة واضحة، على البغض المتأصل على هذه الشعيرة المباركة وأمنية زوالها، وزوال رجالها ونساءها الأخيار تباعاً إن استطاعوا، ولن يستطيعوا بحول الله!!

 

سيروا إخواننا على بركة الله ولا تلتفتوا لأهل الأهواء، فالصراخ لا يكون إلا على قدر الألم..

ولنا أن نتخيل المجتمع بلا هيئات؟؟

بلا أمر بمعروف ونهي عن منكر؟؟

بلا فضيلة يدعى لها، أو ورذية يحذر منها وينهى عنها؟؟؟

 

أولئك الناعقين والناعقات، في الصحف خاصة، ووسائل الإعلام عامة، ممن ضاقوا ذراعاً بالإصلاح الذي يقوم به رجال الحسبة، ووصل بهم الحال للمطالبة بحل هذا الجهاز المبارك والقائمين عليه بأسلوب مباشر أو غير مباشر، وإن كان البعض منهم يرى أن كلامه نقداً على حد زعمه، وهو أبعد ما يكون عن النقد، وإلا لكانوا سلكوا سبله،

تلك الدعاوى السقيمة، لن يهدأ لها بال، ولن يسعد بها حال، إلا بحل هذا الجهاز المبارك، ليشابهوا بني إسرائيل!!

 

قال - تعالى -: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون}(6)

 

فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ونعوذ بالله من تمني اللعنات والعيش فيها بعد أن جعلنا الله - تعالى -: خير أمة أخرجت للناس، بإقامة هذه الشعيرة المباركة..

 

فيا أهل الحسبة: بالله عليكم كونوا كما عهدناكم، ولا يفت في عزائمكم دعاوى المرجفين، وكونوا لكل رذيلة بالمرصاد، ولا تنشغلوا بالأقزام والرد عليهم، عن رسالتكم التي خصكم الله - تعالى -بها، وأوجبها - سبحانه - على كل مسلم:

قال - صلى الله عليه وسلم -: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (7)

 

استمعت لكلمة قيلت في برنامج الدائرة وهي ثمينة يا إخواننا أهل الحسبة قالها أحد المداخلين جزاه الله خيراً، مفادها: عدم التنازل والسكوت عن الحقوق فيم يخص الإتهامات الباطلة التي يشنها القوم، لابد من إيقاف أهل الباطل عند حدهم، وعدم السماح لهم ببث سمومهم وأكاذيبهم، تشويهاً لهذه الشعيرة المباركة وأهميتها العظيمة في المجتمع بالهجوم المتكرر على الحسبة وأهلها..

فلا تسكتوا عن شعيرة ربكم ومن ثم حقوقكم..

 

كم غافل أرشدتموه إلى الهدى ** إذ عاد من بعد الضلالة مبصرا

وإذا أتينا للبيوت بمنكر *** عصروا القلوب إذا رأوه تحسرا

ياعائل الأجيال أدركهم *** ولا تطرح ذنوبهم عليك فتكفرا

مابالهم ماطاق حمل ذنوبهم ** يدعوا لوزرهم بالفساد ليؤزرا

من يدعو للمعروف يجزبمثله *** والله أكثر للفتى إن أكثرا (8)

اللهم سدد رمي إخواننا، وثبت أقدامهم، ورد كيد كل كائد بهم ومتربص في نحره...

 

-----------------------------

(1)سورة النحل 36

(2)سورة الأعراف 157

(3)سورة التوبة 112

(4)الحسبة تعريفها ومشروعيتها ووجوبها، د. فضل إلهي.

(5)سورة آل عمران 104

(6)ديوان أنشودة الخريف.

(7) سورة المائدة 78-79

(8) صحيح مسلم، كتاب الإيمان رقم الحديث 49، 1/69.

(9) ديوان أنشودة الخريف.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply