التسامح إلى أين ؟!


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله. والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإن ديننا مبني على السماحة ورفع الحرج. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالحنيفية السمحة) وقال الله - تعالى -: {وما جعل عليكم في الدين من حرج (78)} [الحج]. فالتسامح ورفع الحرج من سمات هذا الدين العظيم. عكس ما في الشرائع السابقة من الآصار والأغلال التي جعلها الله على أهلها بسبب تعنتهم ومخالفتهم لأوامر الله واختلافهم على أنبيائهم.

والتسامح والتيسير في الشريعة الإسلامية يكمنان في أوامرها ونواهيها وتشريعاتها وليسا بالتنازل عن شيء من أحكام الشريعةº لأن هذا من المداهنة في دين الله وليس من التسامح قال - تعالى -: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81)} [الواقعة]. وقال - تعالى -: {ودوا لو تدهن فيدهنون (9)} [القلم]. والكفار لن يرضيهم إلا أن نتنازل عن ديننا كله قال - تعالى -: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم (120)} [البقرة]. وقال - تعالى -: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء (89)} [النساء]. والجدال معهم بالتي هي أحسن أمر مطلوب شرعا لإقناعهم بالحق. إلا إذا صار الجدال معهم لا يجدي أو صاروا يقصدون به منا التنازل عن شيء من ديننا، فحينئذ لا نلين معهم حتى يطمعوا بل نغلظ عليهم القول حتى ييأسوا من مطلبهم قال - تعالى -: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم (73)} [التوبة]. وقال - تعالى -: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم (46)} [العنكبوت]. لأن اللين معهم في تلك الحالة يكون من وضع الشيء في غير موضعه على حد قول المتنبي:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أكرمت اللئيم تمردا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلى*** مضر كوضع السيف في موضع الندى

وكثيرا ما نسمع ونرى ونقرأ من متكلمينا وخطبائنا الحث على التسامح مع الأعداء، وأن ديننا دين التسامح والمحبة. وهذا الكلام لا يصلح على إطلاقه لما يترتب عليه من استغلال سيء وإيهام للسامع والقارئ.

فالواجب التنبه لهذا الأمر ووضع الأمور في مواضعها. وكم رددنا مثل هذه العبارات ولم تحول الكفار عن طبيعتهم نحونا ونحو ديننا.

وما حادث تمزيق المصاحف وإلقائها في المراحيض وسب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عنا ببعيد {وما تخفي صدورهم أكبر (118)} [آل عمران]. وأفعالهم مع المسلمين أبلغ من أقوالهم كما وقع في أفغانستان والعراق والبوسنة والهرسك. وصدق الله - تعالى -إذ يقول: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا (217)} [البقرة]. ويقول: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون (2)} [الممتحنة].

هذا ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويخذل أعداءه.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply