هل قال الائمة الأربعة ببدعية المولد ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

ورد في إحدى القنوات الفضائية برنامج عن المولد، وذُكِر فيه أن الأصل جوازه، وأن من منعه فإنه يخالف الأمة كلها، وأن هؤلاء الذين قالوا بتبديع المولد خالفوا الأئمة الأربعة، وأهل العلم كابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، وغيرهم. سؤالي: هل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه، أو عن أهل العلم الشرعي- كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وابن تيمية- ما دلَّ على جواز الاحتفال بالمولد؟

 

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالاحتفال بالمولد بدعة أحدثها الملك المظفر صاحب إربل من أعمال الموصل في القرن السابع الهجري، وأول من ألَّف في المولد أبو الخطاب ابن دحية سماه التنوير في مولد البشير النذير، قدمه للملك المظفر فأجازهُ بألف دينار ذهباً.

لم تكن احتفالات المولد معروفة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا على عهد الخلفاء الراشدين، ولا على عهد التابعين وتابعيهم، ولا على عهد الدولة الأموية والعباسية، ولم يقل بمشروعيته أحد من أهل العلم من القرون المفضلة الأولى إلى عهد الملك المظفر(المتوفى سنة 630هـ).

وما نقل عن ابن تيمية وابن كثير وغيرهم غير صحيح، وعلى الناقل الدليل، وإذا لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن صحابته ولا عن التابعين ومن تبعهم شيء من ذلك فمن أين جاءوا به؟ وقد قال المولى في محكم التنزيل: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" وقال - تعالى -: "قل أتعلمون الله بدينكم)[الحجرات: 16] وقد صح في البخاري(2697)، ومسلم(1718) (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية عند مسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".

فالواحب على المسلم الاتباع وعدم الابتداعº اتباع ما جاء به الكتاب والسنة ثم اقتفاء نهج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -º فهم صحابة رسول الله، وهم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه، واختارهم الله لنصرة دينه، وحمل رسالته من بعده، وهم أحق الناس بمحبته، ولو كان خيراً لسبقونا إليه وعليه فمن ادعى سنية هذه الموالد فقد نسب للنبي - صلى الله عليه وسلم - التقصير في إبلاغ الدعوة، حيث لم يبلغ أمته بذلك، وقد اتهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرون الأولى بالخلل والتقصير في محبته - صلى الله عليه وسلم -، ثم إننا لو فرضنا أن كل مناسبة دينية تتخذ عيدا لكان لنا في يوم بعثته عيد أكبر من يوم ولادته، إذ بالبعثة ظهور فجر الإسلام، وظهور هذا الدين، ثم في يوم بدر عيد أكبر، ومثله أحد، وفتح مكة، والإسراء، وغير ذلك كثير من المناسبات العظيمة التي كانت تاجاً يكلل جبين الأمة الإسلامية، فهل نجعل لهذه المناسبات أعياداً أخرى لتكون حياة المسلم أعياداً وموالد.

وقد روى أحمد والحاكم وغيرهما من حديث أنس قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فقال: "إن الله- تبارك وتعالى - قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر".

وقد عدّ ابن تيمية ذلك من البدع المكروهة، وتغيير الشريعة، وتشبيه غير المشروع بالمشروع، ومثل لذلك بمن يعمل لشعبان تراويح، أوأذاناً للعيدين، أوحجة إلى بيت المقدس، وقال: وهكذا الشريعة، وهي أن يشرع ما لم يأذن الله، ثم قال: فمن جعل شيئاً دينا قربة بلا شرع من الله فهو مبتدع ضال، وهو الذي عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله (كل بدعة ضلالة) مجموع فتاوى ابن تيمية(23/123).

والله در القائل

وخير أمور الناس ما كان سنة *** وشر الأمور المحدثات البدائع.

وقول آخر:

وكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في اتباع من خلف

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply