ذكِّري أسرتك بصيام الست من شوال


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

أنت في أسرتك الموجه والمنبه، القدوة ولما تفعلين وتقولين تأثير كبير على هذه الأسرة، وحين تحرصين على فعل الخير والمواظبة على الطاعات تدفعين بأفراد أسرتك جميعهم إلى فعل ذلك، يقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..).

والمسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس، ومن أجل هذه التزكية شرعت الطاعات والعبادات وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بعده عن التزكية، لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.

والصوم من تلك العبادات التي تطهر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها...

وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى.

وصيام الست من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى بعد أن منَّ الله عليه بصيام شهر رمضان المبارك.

 

فضل صيامها:

أرشدنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى فضل صيام الست من شوال، وحثنا ورغبنا إلى صيامها، فعن أبي أيوب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صام رمضان ثم اتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر).

أي أن المسلم بصيامه لشهر رمضان كاملاً، ثم صيام ستة أيام من شهر شوال فقد حاز على أجر صيام السنة الكاملة، وهذا من فضل الله علينا ونعمه الوفيرة التي لا تحصى.

ولعل في صيام هذه الأيام الستة بعد شهر رمضان دليل على شكر الصائم لربه -تعالى- أن منَّ عليه ووفقه لصيام شهر رمضان المبارك، وحبه لعمل الطاعات.

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: (فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً).

 

الحسنة بعشر أمثالها:

قد يسألك أحد أبنائك كيف يكون صيام شهر رمضان وستة من شوال كصيام الدهر؟

والمعروف أن الدهر هو السنة الكاملة (اثنا عشر شهراً).

وهذا لا يكون مستغرباً إذا علمنا أن الله -سبحانه وتعالى- يضاعف الأعمال الصالحة للعبد المسلم فالحسنة بعشر أمثالها.

قال الله -تعالى-: {مَن جَاء بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَهُم لاَ يُظلَمُونَ{.

قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، وستة من شوال تعادل شهرين).

من فوائد صيام الست من شوال من المهم أن تعرفي أبناءك على فوائد صيام الست من شوال ولعل من الفوائد المهمة هو تعويض النقص الذي قد يحصل لصيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب يؤثر سلباً في صيامه ويوم القيامة والحساب يؤخذ من النوافل لجبر نقص الفرائض.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم أنقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم".

 

فتاوى تتعلق بالست من شوال:

-       هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟

الجواب:

قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل..

ومن قدم صيام الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما اتبعها بعض رمضان، ولأن قضاء رمضان فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام. (مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- تعالى).

 

-       هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة، أم يجوز بعد العيد بعدة أيام؟

الجواب:

لا يلزم المسلم صيامها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام (مجموع فتاوى اللجنة الدائمة).

 

-       هل يجب على المسلم صيام ستة من شوال متتابعة أم يجوز التفريق بين أيام الصوم؟

الجواب:

يجوز للمسلم صيام ستة من شوال متتابعة أو متفرقة في شهر شوال حسب ما تيسر له والأمر في ذلك واسع فهي سنة وليست فريضة (مجموع فتاوى اللجنة الدائمة).

 

-       بدأت في صيام الست من شوال، ولكنني لم أستطع إكمالها بسبب بعض الظروف والأعمال، حيث بقي علي منها يومان، فماذا أعمل، هل أقضيها وهل علي إثم؟

الجواب:

صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة، فلك أجر ما صمت منها، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذراً شرعياً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً".

وليس عليك قضاء ما تركت منها والله الموفق (مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله تعالى).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply