بول وولفويتز ذئب في حراسة الدجاج


بسم الله الرحمن الرحيم

رأت صحيفة"لوموند" الفرنسية في خبر ترشيح الرئيس الأمريكي جورج بوش لبول وولفويتز في الأسبوع الماضي لرئاسة البنك العالمي مفاجأة كبيرة في الولاية الثانية للحزب الجمهوري، ومحاولة من الإدارة الأمريكية الحالية لتثبيت هيمنتها الدولية، واحتلال الصف الأول في المؤسسات الدولية الهامة، وذلك من خلال دفع أقطاب المحافظين الجدد والصقور المتشددين إلى احتلال المناصب القيادية في هذه المؤسسات للدفاع عن المصالح الأمريكية في العالم، وفرض رؤية المحافظين الجدد، حيث إن هذه الخطوة من جانب البيت الأبيض جاءت عقب تعيين جون بولتون - وهو أحد أقطاب التيار المحافظ - سفير لواشنطن لدى منظمة الأمم المتحدة.

 

غياب أوروبا:

وكتب الكاتب الفرنسي "كريستيان كوميليو" في مقاله:" هل ينبغي التعبير عن القلق من الاقتراح الأمريكي بترشيح بول وولفويتز لمنصب رئيس البنك العالمي؟

بالتأكيد نعم، فعلاوة على ما نعرفه عن المرشح - انتماؤه المحافظ المتشدد، ودوره في بلورة مفهوم الحرب الصليبية للخير ضد الشر، ودوره الحاسم في قرار الحرب على العراق - فإن هذا الاقتراح يمثل تحريضاً جديداً للعناصر الأكثر يمينية في فريق بوش، ويكذب مزاعم الانفتاح الخجول الذي اعتقدنا أنه بدأ مع الولاية الثانية، ولكن الاقتراح يكشف أيضاً - ومرة أخرى - بهذه المناسبة الغياب السياسي لأوروبا، ففرنسا وألمانيا أعلنتا مسبقاً أنهما لن يعترضا على هذا الترشيح، مشيرين إلى أن لهما مرشحهما المفضل أيضاً لقيادة المنظمة العالمية للتجارة، ولكن لا ندري على أي أساس ستبنى معارضة منسجمة، ولا نرى مبرراً للفرح".

وتساءل الكاتب عما إذا كان وارداً أن يعيد وولفويتز "المرشح العدواني" - في حال وصوله إلى البنك رئيساً - النظر في مبدأ "المساعدة في التنمية" الذي أرساه البنك العالمي منذ سنوات خلت، وما إذا كان سيحدث ثورة في النظام النقدي العالمي.

 

ذئب لحراسة الدجاج:

وفي صحيفة"إيستريا ديخيتال" الإسبانية كتب الصحافي الإسباني"إينوسينسيو أرياس" مقالاً تحت عنوان: "لقد جاء الذئب" قال فيه:" إن ترشيح بوش لبول وولفويتز لرئاسة البنك العالمي قد أثار استغراباً وتحذيراً في مختلف الدول، فكيف يمكن أن نصدق بأن أكبر المحافظين الجدد يوجد على رأس مؤسسة دولية مهمتها الأساسية هي الحرب ضد الفقر؟، إن المسألة تتعلق - كما تقول أصوات عدة - بإعادة بعث النزعة الأحادية الأمريكية، فنحن أمام ذئب يوضع لحراسة خم الدجاج"، وبعد أن ذكر الكاتب بأن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت حريصة طيلة العقود الأربعة الماضية على وضع أمريكي على رأس البنك العالمي، في تقاسم للأدوار مع الأوروبيين الذين ظلوا يحتفظون بمنصب رئيس صندوق النقد الدولي، أضاف قائلاً:" لا يهم أن يضع الأوروبيون مرشحهم في هذا التوقيت على رأس صندوق النقد الدولي، فسيكون هناك قلق وتردد في الجانب الأوروبي، بيد أن ذلك لن يتحول إلى معارضة مفتوحة، فالبلدان الأوروبية التي تبدو مندهشة من هذا الترشيح (فرنسا وألمانيا وهولندا) ليست مقتنعة بأن الأوروبيين الآخرين يمكن أن يسيروا خلفها في إبداء الرفض من جهة، ومن جهة ثانية لا يبدو الوقت مناسباً، بعد ذوبان الجليد بين أوروبا وبوش إثر الجولة الأوروبية لهذا الأخير، إعادة فتح مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية. إن الأمر يبدو وكأنه البداية من الصفر"، وأضاف الكاتب:" ما يطرح في هذه الحالة ليس الأهلية الثقافية لوولفويتز الذي يعرف بذكائه، وقدرته على التنظيم، وحماسته الكبيرة، إنما يتعلق الأمر بالجانب السياسي، فهو أحد زعماء التيار اليميني المحافظ، وكان موقفه من الحرب على العراق واضحاً عندما قال: إن تكاليف الحرب على العراق سيجري التقليص منها، وما يخشى منه هو أن يستمر وفياً للسياسة الأمريكية الحالية للبيت الأبيض".

 

"الربيع الأمريكي" الخاطىء:

وتحت هذا العنوان كتب "باسكال ريتشي" في صحيفة"ليبراسيون"الفرنسية، حيث استهل مقاله بالقول:" إلى أين يتجه جورج بوش؟، قليلاً ما كانت السياسة الأمريكية أكثر تناقضاً كما هي اليوم، فمن جانب يكثف الرئيس الأمريكي من رسائله التصالحية الموجهة إلى أوروبا، مظهراً استعداده ليكون أكثر انفتاحاً وتقبلاً للتعددية القطبية في التعاطي مع مشكلات العالم، ففي عدة قضايا بدأت كاتبة الدولة في الخارجية كوندوليسا رايس تبتعد عن الخط المتشدد في الإدارة الأمريكية، حيث بدت أكثر قرباً من الموقف الأوروبي من إيران، والاعتراف بأهمية الحوار الذي دشنه الأوروبيون مع نظام الملالي، وفي المسألة اللبنانية لم تعد تلح على القضاء على حزب الله، تاركة للبنانيين اختيار خياراتهم السياسية بأنفسهم، لكن في نفس الوقت ترسل واشنطن إشارات تكذب هذا "الربيع الأمريكي"، فقد رشح بوش وولفويتز - أحد أنصار القطبية الأحادية والرجل الثاني حتى الآن في وزارة الدفاع الأمريكية - لشغل منصب رئيس البنك العالمي، هذا الترشيح جاء وقتاً قصيراً فقط بعد تعيين جون بولتون، نائب كاتب الدولة الأمريكية المكلف بنزع التسلح، في منصب سفير واشنطن لدى الأمم المتحدة، المؤسسة التي تقلق الولايات المتحدة بشكل كبير"، ويتابع الكاتب قائلاً:" لقد استقبلت أوروبا خبر تعيين كل من بولتون وولفويتز باستغراب كبير، حيث تعتقد الحكومات الأوروبية بأن بولتون سيشن حرباً صليبية ضد الأمم المتحدة من داخلها، أليس هو الذي سبق أن أعلن بأن بناية الأمم المتحدة في نيويورك يمكن أن تتقلص"بلا مشاكل إلى عشر طبقات"؟، أما ترشيح وولفويتز الذي يعتبر أحد مهندسي حرب العراق على رأس أقوى مؤسسة مالية عالمية فهو يخيفهم بشكل أكبر"، ويختم كاتب المقال:" إن الرجل الثاني في البنتاغون، الذي كرس جزءاً من حياته كداعية لنشر نشر الديمقراطية على النمط الغربي في العالمº لن يتخلى عن مهمته هذه، ومن هنا فإن استعمال موارد البنك العالمي لمعاقبة هؤلاء، ومكافأة أولئكº سيكون أشد خطراً".

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply