محطة الوصول


بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

ماذا نريد؟ سؤال جوابه الهدف الذي نسعى إليه من خلال السير في طريق التغيير وهذا الهدف، تسامى حتى تجاوز المصالح الشخصية، واحتقر المنافع المادية، وخلف ورائه الأهواء البعيدة عن طريق الحق، وقد علمنا أن الضلال، في اتباع الهوى، بعيداً عن الله تعالى الذي يتفضل بقوله: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) القصص50.

 هدفنا واضح، لا غبار عليه، ولا ريبة فيه، سبيلنا إلى الله ماضٍ، وندعوا إليه عن بينةٍ، كيف لا؟، وهو سبيل الرشاد، وسبيل الخلاص، وسبيل الحياة، حيث يتفضل الله تعالى قائلاً: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف 108.

(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الأنفال24.

ولا نمن على أحدٍ، إنما المنة لله وحده، الهادي، البصير بعباده، أن رسم لنا السبيل، وقال هذه سبيلي فاسلكوها: (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) الحجرات 16– 17.

هدفنا الذي نريد، هدفنا الذي نجاهد لأجله، هو الهدف الذي جاء الأنبياء والرسل لأجله، وجاهدوا في سبيله، وتحملوا ما تحملوا لتحقيقه، إنه العمل على التغيير من واقعنا نحو واقعٍ آخر، أراده الله لنا، وخلقنا لأجله، وسخر لنا ما في الأرض جميعاً لتحقيق هذا الواقع.

نعم، إننا نريد ترسيخ عقيدة التوحيد التي اهتزت لدى الناس، نريد أن نقول للناس ما قاله الأنبياء والرسل لأقوامهم من قبل: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف 65.

(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء 25.

(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) النحل 36.

نعم، نريد لقومنا العودة إلى الله، حتى لا يُأخذوا على حين غرة، وهم غافلون معرضون عن طريق الله: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون) الأنبياء 1.

نعم، نريد لقومنا أن يستجيبوا لله وللرسول فإن في دعوتهم دعوة للحياة: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الأنفال 24.

نعم، نريد لعشيرتنا أن تتحرر من أغلالها، وأن تضع الإصر الذي أنهك كاهلها، ونريد لهم أن يتمتعوا بالطيبات، ويتجنبوا الموبقات، نريد أن نوجههم للمعروف ونحيد بهم عن المنكر: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف 157.

نريد لأمتنا أن تعيش حياة تملأها السعادة، والرخاء، بعيداً عن غضب الله تعالى الذي ينعكس على حياتها بما اقترفته أيديها. ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث جامع مبيناً أن كل فاحشة ترتكب لابد وأن تنعكس على واقع الأمة: (يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) رواه ابن ماجه.

ويقول الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم 41.

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف 96.

نعم كل هذا نريده لأمتنا و زيادة، نريد لأمتنا أن تعود أمةً وسطاً لتكون الشاهدة على الناس: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143.

نعم، نريد لأمتنا العودة إلى خيريتها التي فقدتها منذ أمد: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران 110.

نعم، نريد لهذه الأمة أن تعود لخلافة هذه الأرض، بعد أن استبدلها الله لما ضلت الطريق، وسيطرت الأهواء، والماديات على حياتها، وقعدت عن الجهاد في سبيله، فخاب سعيها وظلمت نفسها، فذاقت الآلام: (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) محمد 38.

(إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التوبة 39.

(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة 24.

نعم، نريد لقومنا، وأهلنا، وعشيرتنا العودة إلى الله، عله يمن علينا بالهدى، والعمل الصالح، فيتحقق وعده، ونعود لنكون سادة الكون كما كنا زمناً، ويعود الأمن والإطمئنان ويمكن الله لنا ديننا الذي ارتضى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور 55.

نعم، نريد أن يمن الله على قومنا بعدما استضعفوا، ويجعلهم أئمة، ويجعلهم الوارثين الحقيقيين للأرض، بعد صبر السنين: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) القصص 5.

(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) السجدة 24.

 نعم، إننا نريد العمل على إعمار الكون، وفق ما أراد الله، وفق منهج الحق، ونريد أن نجعل أرضنا قبلةً، يهتدي بها الناس إلى الله، بما فيها من تجليات ربانية، وسمات أخلاقية، وبما فيها من حكمةٍ ربانيةٍ في الحكم، والتشريع، والإدارة، نريد لعشيرتنا السلام، والحياة الهانئة، التي تحفظ حقوقهم، وتعينهم على واجباتهم، ونريد لهم أن يتمتعوا بجو من اليسر وعدم المشقة: (هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) الجاثية 20.

(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة 50.

(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) الشرح 5- 6.

(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة 286.

وهنا محطة الوصول، الله أكبر ولله الحمد...

وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply