أخطاء في الدعاء يجب مراعاة عدم الوقوع فيها


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

إخواني وأحبتي أتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ إن الدعاء هو أساس العبادة، وقاعدتها الثابتة فهو إقرار بأن الله واحد قيوم، قدير وغني عمن سواه، واعتراف بافتقار العبد إلى ربه وحاجته إلى إعانته سبحانه وتعالى. ومن العجيب أن يجهل المسلم فقه الدعاء وترى البعض يقع في أخطاء فادحة وصلت إلى البدع في بعض الحالات، ومن قلب محب أمليت هذه الكلمات أنبه بها وأحذر من بعض المخالفات والأخطاء التي قد يقع فيها المسلم إما بجهل أو تهاون، وأوجزتها علها أن تقر في القلوب وتعيها العقول والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.

 

 أولاً: اشتمال الدعاء على التوسلات الشركية والبدعية: كالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبذاته وغيره من الصالحين قال شيخ الإسلام: «ولم يذكر أحد من العلماء أنه يشرع التوسل والاستسقاء بالنبي والصالح بعد موته ولا في مغيبه ولا استحبوا ذلك في الاستسقاء ولا في الاستنصار ولا غير ذلك من الأدعية والدعاء مخ العبادة والعبادة مبناها على السنة والإتباع لا على الأهواء والابتداع وإنما يعبد الله بما شرع لا يعبد بالأهواء والبدع»(مجموع الفتاوى 27/86).

 

 ثانياً: الإعتداء في الدعاء كتعجيل العقوبة أو الدعاء بالممتنع عقلاً أو شرعا، قال شيخ الإسلام: «ومن الإعتداء في الدعاء أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله مثل أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم أو المغفرة للمشركين ونحو ذلك أو يسأله ما فيه معصية الله كإعانته على الكفر والفسوق والعصيان»(مجموع الفتاوى 1/130).

 

 ثالثاً: السجع والتكلف في الدعاء قال شيخ الإسلام «يكره تكلف السجع في الدعاء فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به فإن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه والدعاء يجوز بالعربية وبغير العربية والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يقوله لسانه فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات»(مجموع الفتاوى 22/489).

 

 رابعاً: الاستثناء والتعليق في الدعاء: كأن يقولوا اللهم أغفر لي إن شئت فيظن أن الله قد يفعل الشيء مكرها وقد يفعل مختارا كالملوك فيقول اغفر لي إن شئت وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ" (أخرجه مسلم، كتاب: الذكر والدعاء، باب: العزم بالدعاء، رقم: 2679).

 

خامساً: ترك الدعاء في الرخاء، فتجد البعض لا يلجأ للدعاء إلا إذا أصابته مصيبة أو بلاء لا يعرف الدعاء إلا في الشدة، وقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنهما بقوله: "احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ"(أخرجه الإمام أحمد، كتاب: مسند بني هاشم، باب: مسند عبدالله بن عباس، رقم:2800).

 

سادساً: رفع الصوت في الدعاء قال بن مفلح «يكره رفع الصوت بالدعاء مطلقا قال المروذي سمعت أبا عبد الله يقول ينبغي أن يسر دعاءه لقوله تعالى: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا)[الإسراء: 110] قال هذا الدعاء قال وسمعت أبا عبد الله يقول: «وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء لا سيما عند شدة الحرب وحمل الجنازة والمشي»(الآداب الشرعية 2/261).

 

 سابعاً: التعجل وعدم الصبر: قال شيخ الإسلام «ولا يسأم من الدعاء والطلب فإن العبد يستجاب له ما لم يعجل فيقول قد دعوت ودعوت فلم يستجاب لي وليعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، ولم ينل أحد شيئا من ختم الخير نبي فمن دونه إلا بالصبر»(مجموع الفتاوى10/137).

 

هذا وعلى المرء مراعاة: التوجه بقلب صادق في دعائه متوجهاً إلى القبلة، وأن يبدأ وينهي بالحمد والثناء، والصلاة على خير الأنام، وأن يكثر من الاستغفار وأن يغتنم خير الأوقات والأزمان كالثلث الأخير من الليل ويوم الجمعة وشهر رمضان ويوم عرفة، وأن لا يتعجل في الاستجابة فإن الله سبحانه لا يعجل لعجلة أحد ولكن لكلٍ قدر وميعاد، وصدق من قال: سِهَامُ اللَّيلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ لها أمدُ وللأمدِ انقضاءُ وليضع نصب عينيه قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ ليس فيها أثم وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إلا أَعْطَاهُ الله بها إِحْدَى ثَلاَثٍ أما أَنْ تُعَجَّلَ له دَعْوَتُهُ وإما أَنْ يَدَّخِرَهَا له في الآخِرَةِ وإما أَنْ يَصْرِفَ عنه مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا"، قالوا إِذاً نُكْثِرُ قال: صلى الله عليه وسلم الله: "أَكْثَرُ"(أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، رقم: 11149).

 والله أسأل أن يتقبل هذه الكلمات وأن يصلح العباد ويحفظ البلاد،

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply