كيف تعامل العلماء مع مفهوم البدعة؟


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

لقد تعامل جمهور الأمة من العلماء المتبوعين مع البدعة على أنها أقسام كما ظهر ذلك في كلام الشافعي ومن أتباعه العز بن عبدالسلام والنووي وأبو شامة، ومن المالكية القرافي والزرقاني، ومن الحنفية ابن عابدين، ومن الحنابلة ابن الجوزي، ومن الظاهرية ابن حزم.

ويتمثل هذا الاتجاه في تعريف العز بن عبدالسلام للبدعة وهو: أنها فعل ما لم يعهد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسـم وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة وبدعة محرمة وبدعة مندوبة وبدعة مكروهة وبدعة مباحة. وضربوا لذلك أمثلة؛

فالبدعة الواجبة كالاشتغال بعلم النحو الذي به يُفهم كلام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسـلم وذلك واجب؛ لأنه لابد منه لحفظ الشريعة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والبدعة المحرمة من أمثلتها: مذهب القدرية والجبرية والمرجئة والخوارج، والبدعة المندوبة مثل إحداث المدارس وبناء القناطر ومنها صلاة التراويح جماعة في المسجد بإمام واحد. والبدعة المكروهة مثل زخرفة المساجد وتزيين المصاحف، والبدعة المباحة مثل المصافحة عقب الصلوات ومنها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس. واستدلوا لرأيهم في تقسيم البدعة إلى الأحكام الخمسة بأدلة منها:

أ‌-                 قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح جماعة في المسجد في رمضان: "نعمت البدعة هذه".. فقد روي عن عبدالرحمن بن عبدالقاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أُبَيّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: "نِعْمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون" يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.

ب‌-            تسمية ابن عمر صلاة الضحى جماعة في المسجد بدعة وهي من الأمور الحسنة، رُوي عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبدالله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، فسألناه عن صلاتهم فقال: بدعة.

ت‌-            الأحاديث التي تفيد انقسام البدعة إلى الحسنة والسيئة، ومنها ما رُوي مرفوعا "من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".

ومما سبق يتضح أن هناك رؤيتين: رؤية إجمالية وهي التي ذهب إليها ابن رجب الحنبلي  وغيره، وهي أن الأفعال التي يُثاب المرء عليها ويُشرع له فعلها لا تسمى بدعة شرعا وإن صدق عليها الاسم في اللغة، وهو يقصد أنها لا تسمى بدعة مذمومة شرعا، ورؤية تفصيلية وهي ما ذكره العز بن عبدالسلام وأوردناه تفصيلا.

ما ذُكر ينبغي للمسلم أن يحيط به في قضية باتت من أهم القضايا التي تؤثر في الفكر الإسلامي وكيفية تناوله للمسائل الفقهية، وكذلك نظره لإخوانه من المسلمين؛ حيث يقع الجاهل في الحكم على المسلمين بأنهم مبتدعون وفساق والعياذ بالله بسبب جهله بهذه المبادئ التي كانت واضحة، وأصبحت في هذه الأيام في غاية الغموض والاستغراب.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

غير واضح

-

عماد الدين

11:37:50 2016-04-24

لم نسمع ان الشافعي قسم البدعه وانما من قسمها هو النووي ولو قسمها ياليت لو تفضلتم علينا ووضعتم المصدر للشافعي ولكل شخص عدا النووي ممن تزعمون انهم قسموا البدعه جزاكم الله خيرا