في ذم الخوارج والتنديد بحادثة القصيم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الإسلام هو دين عظيم شامل كامل احتوى مبادئ سامية وقيما ضاربة بجذورها في نفوس المسلمين ومن تلك القيم الأخلاق الحميدة وتعظيم شعائر الله تعالى وحرماته ومنها حفظ الضرورات الخمس التي جاءت الشرائع السماوية بحفظها ورعايتها وهي الدين والعقل والنفس والعرض والمال، وشريعة الإسلام جاءت حاثة على الجماعة والتعاون على البر والتقوى وحفظ الأمن في الأوطان.

 

ولقد ظهرت وللأسف طوائف وفئام تدعي زورا وبهتانا بأنها تحمي بيضة المسلمين وتذود عن حياض الإسلام وتدعي الجهاد في سبيل وهي في ذات الوقت تقتل أهل الإسلام وتدع أهل الأوثان، وتستبيح دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وتفرق الجماعة وتشق عصى الطاعة وتسمي نفسها زوراً بهتاناً بأسماء وألقاب تغري المفتونين والأغرار من الشباب ودهماء الناس.

وهذه الطوائف ليست الأولى وإنما هم خلف سيء لسلف أسوأ فهي امتداد للخوارج ‏فأول البدع ظهوراً في الإسلام وأظهرها ذما في السنة والآثار بدعة الحرورية المارقة فإن أولهم وهو ذو الخويصرة قال للنبي وهو يقسم الغنائم بالجعرانة: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، وأمر بقتلهم وقتالهم، وقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فعدت من مناقبه وفضائله وأصبح سيف علي على الخوارج سيف عدل وحق إلى قيام الساعة.

وقد كان بداية ظهورهم في عهد عثمان رضي الله عنه حيث أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخرجوا وتجمعوا من بلدان شتى، وقدموا المدينة وكانت نهاية خروجهم أن قتل عثمان مظلوما شهيداً ثم خرجوا على علي رضي الله عنه ولم يرضوا بحكمه، وقالوا: لا حكم إلا لله، فقال علي رضي الله عنه: كلمة حق أرادوا بها الباطل، فقاتلهم وقتلهم شر قتله ثم قتلوه بعد ذلك رضي الله عنه. ولازالوا يظهرون كلما ظهر قرن قطع.

 

فرقة الخوارج من الفرق الضالة المنحرفة عن الصراط المستقيم شر الخلق والخليقة والسنة المطهرة مستفيضة بصفة الخوارج وذمهم والأمر بقتالهم فقال : ((يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة)).

 وقال : ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم؛ أينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة)).

قال الإمام أحمد: صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه.

‏وذكر ابن كثير أكثر من ثلاثين حديثا وردت في الصحاح والسنن والمسانيد.

إن الفرق التي ضلت عن منهج أهل السنة والجماعة فرق كثيرة لكن شرها وأخبثها هم الخوارج قال الإمام أحمد: الخوارج قوم سوء لا أعلم في الأرض شراً منهم.

وقال الإمام محمد بن الحسين الآجري رحمه الله: (لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله  عز وجل ولرسوله ، وإن صلّوا وصاموا، واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس ذلك بنافع لهم؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموّهون على المسلمين... والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج، يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين). أهـ.

الخوارج فرقة مارقة عن الدين لا يألون في مسلم إلا ولا ذمة، لا يفرقون بين مسلم وغيره بل يستحلون دماء الجميع، ويكاد أن يكون قتلهم للمسلمين هو الأبشع والأكثر وصدق الرسول : ((يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)) رواه البخاري ومسلم.

 

والحادث الإجرامي والعمل الإرهابي الذي أدى إلى استشهاد رجل أمن ومقيم عند نقطة أمنية في منطقة القصيم، لاشك ولا ريب أنه عمل أثيم وهو فعل الخوارج الذين هم شرذمة مجرمة خرجوا على جماعة المسلمين وإمامهم واستحلوا الدماء المعصومة بالقتل والتفجير والغدر والخسة والدناءة، منهم من قتل أباه وأمه ومنهم من قتل قريبه وجاره ومنهم من غدر برجال الأمن ومنهم من ألحد في الحرم النبوي وهكذا من الجرائم والبلايا مما يدل على شر متأصل في نفوسهم، وفساد منهجهم وسوء قصدهم.

إن هؤلاء القوم نرى آثارهم وجرائمهم في بلاد شتى من دول العرب والمسلمين فأريقت الدماء وتسلط الأعداء!.

وهؤلاء بمحاولاتهم اليائسة والفاشلة يريدون زعزعة أمن بلاد التوحيد والسنة وبلاد الحرمين الشريفين وخدمة أعداء الدين، ولن يحققوا مرادهم بحول الله وحفظه ثم بيقظة وعزيمة رجال أمننا الأبطال، وتعاون المواطن والمقيم ووقوفهم صفاً واحداً مع ولاة الأمر في مكافحة هذه الفئة الضالة.

ومن توفيق الله تعالى وحفظه أن وفق رجال الأمن فقطعوا دابر الخوارج والبغاة والمجرمين ولازالوا بحمد الله يحققون بطولات في دحرهم وتدمير أوكارهم والقبض عليهم تمهيداً لتقديمهم للقضاء الشرعي العادل.

نسأل الله تعالى أن يقطع دابر هؤلاء الخوارج وأهل الفتن ودعاة السوء وأن يكبتهم وأن يوفق رجال الأمن لدحرهم وأن يزيدهم ثباتا ورباطا في سبيل الله وأن يتقبل ميتهم بواسع رحمته وأن يحفظ بلادنا وديننا ومقدساتنا وحدودنا من كل سوء ومكروه.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين أصطفى وبعد، فكما أنّ الاتفاق سبب للنجاح، والطاعة سبب للنصر، والاستغفار سبب لرغد العيش والقطر، فكذلك الاختلاف سبب للفشل، والعصيان سبب للهزيمة: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم).

 قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله: (ولما أحدثت الأمّة الإسلاميّة ما أحدثت، وفرقوا دينهم، وتمرّدوا على أئمتهم، وخرجوا عليهم، وكانوا شيعاً؛ نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم، وتداعت عليهم الأمم، وصاروا غثاء كغثاء السيل).

فيجب علينا عباد الله أن نحذر ونحاذر من هؤلاء الخوارج ومن مذهبهم وموارده ومصادره.

إن واجبنا ودورنا كبير ومؤثر في حماية الإسلام والمسلمين وحفظ جماعتهم وأوطانهم حتى لا يتسلط عليها الأعداء، وذلك بالحرص على جماعة المسلمين وإمامهم والرجوع لعلماء السنة والجماعة الذين عرفوا بالرسوخ في العلم ولزوم السنة، فأخذُ العلم والصدور عنه أمانٌ من المزالق بتوفيق الله وفضله، والزهد في أخذ العلم عن العلماء الراسخين من أسباب الانحراف كما حصل للخوارج الأُول فإنهم لم يأخذوا العلم عن الصحابة وإنما أخذوه عن جهالهم وعبادهم الذين يقرؤون القرآن ويفسرونه بحسب أهوائهم فضلوا وأضلوا.

ومن الأسباب التي تحمي المجتمع من ويلات هذه الفرق المنحرفة وشرورها وذلك بمعرفة منهج أهل السنة والجماعة في كيفية التعامل مع ولاة أمر المسلمين والذي يقوم على السمع والطاعة في المعروف وبذل النصح لهم وستر معايبهم والدعاء لهم بالتوفيق والصلاح والمعافاة وإن جاروا وظلموا.

 

وعلى المسلم أن يتحرى في مصادر التلقي خاصة في أحكام دينه ألا يأخذها إلا من المصادر الموثوقة قال ابن سيرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"

وواجب الآباء والأمهات والمربين عظيم في هذا الباب خاصة مع تطور تقنيات الألعاب والجوالات ووسائل التواصل التي قد تغريهم بالعنف وبمنكرات ومخالفات تعود بإهراق الدماء والانعزال عن المجتمع والدخول في الفتن، وقد أخبر النبي أنه سيوجد في هذه الأمة دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها.

نسأل الله أن يعصمنا وإياكم من الزيغ والضلال، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم من أراد الإسلام وبلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل تدميره في تدبيره ياسميع الدعاء، اللهم أصلح ولاة أمورنا وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتحذرهم من الشر، اللهم احفظ جنودنا ورجال أمننا وأمن حدودنا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

من خطبة جامع الأميرة موضي السديري بالعريجاء 29 /10/1439هـ

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply