وقف المصحف عن الميت


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

سئل فضيلة الشيخ عن حكم وقف المصحف عن الميت، وأن يقرأ فيه الشخص في شهر رمضان وغيره لأجل نفع الميت، وإشراكه في الأجر، فما صحة هذا الفعل؟ وما المقصود من حديث: "أو صدقة جارية" من الميت أو مِن غيره؟

فأجاب فضيلة الشيخ حفظه الله أن ظاهر الحديث المشار إليه، وما فيه مِن الأمور الثّلاثة المذكورة أنّ المراد بها: ما كان مِن عمل الميت؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (انقطعَ عملهُ إلّا مِن ثلاث)، وقد اختلفَ العلماء فيما يصل إلى الميت مِن سعي غيره مِن الأحياء، والصّحيح أنّ ما يصل إليه هو أثرُ الدّعاء، وثواب الصّدقة، والحج، على خلاف فيما يصل إليه مِن ثواب الحج؛ أهو ثواب النّفقة أو ثواب فعل المناسك، وكذا الصّوم الواجب؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن ماتَ وعليه صومٌ صامَ عنه وليُّه).

أما بالنسبة إلى وقف المصحف أو غيره من كتب العلم: فهو مِن نوع الصّدقة، ويرجى أن يصل إلى الميت أجر ثمن المصحف، وأمّا أجر التّلاوة فللتالي، لا للميت الذي وقف المصحف عنه؛ لأنّ الراجح عندي أنّ تلاوة القرآن كالصّلاة لا تفعل عن الميت، ولا يهدى ثوابها؛ لأنّ ذلك لم يرد عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ولا عن أحد مِن أصحابه، والذي أوصي به لنفع الميت هو كثرة الدّعاء؛ لأنّه الذي جاء عن الأنبياء، قال نوح عليه السّلام: ﴿رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ﴾[نوح:28]، وقال إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ﴾[إبراهيم:41].

وأمر الله بذلك نبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم فقال: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ﴾[محمد:19]، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply