هل يصح هذا الدعاء


  

 بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال

وردني من إحدى معارفي الدعاء التالي المسمى الصلاة النارية:

اللهم صلِّ صلاة كاملة وسلم سلاماً تاما على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم، ويستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه بعدد كل معلوم لك.

ما صحة هذا الدعاء؟ مع علمي بأنه لا يجوز ويندرج ضمن الشرك بالله حسب نصه الوارد؟

 

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذا الدعاء من أدعية الصوفية الذين يغلون بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويخترعون أدعية وصلوات على الرسول - عليه الصلاة والسلام - فيها غلو ومبالغة وتنطع ظاهر، قد يصل إلى الشرك الأكبر، ثم يجعلون هذه الصلوات التي اخترعوها ورداً لهم يرددونه في الصباح والمساء، وقد يفضلونها على تلاوة القرآن.

ثم من تعظيمهم لهذه الصلوات التي اخترعها بعض شيوخهم أن يجعلوا لها من الفضائل ما يجعلها أفضل من تلاوة القرآن، وينسبون كل دعاء من هذه الأورادº هذه صلاة فلان وصلاة فلان من شيوخ الصوفية ورؤوس البدعة.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - علّم أصحابه كيف يصلون عليه حين قالوا له: يا رسول: عَلِمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال: \"قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد...\" إلى آخره.صحيح البخاري (3370)، وصحيح مسلم (405).

وقد جاءت في ذلك روايات بألفاظ مقاربة، وهذا الدعاء المسؤول عنه هو كما ذكر السائل أنه دعاء مبتدع مشتمل على ألفاظ بدعية منكرة.

 

فقوله في هذا الدعاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - (الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب إلى آخره... ).

فإن كان بهذا القائل يريد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يقضي الحوائج ويحل العقد أي المشكلات فإنه شرك أكبرº لأنه قد جعل له - صلى الله عليه وسلم - ما هو من خصائص الربوبية فإنه - تعالى -وحده هو الذي يوفق لحسن الخواتيم، بيده الملك وبيده الخير والعطاء والمنع فيفرج الكربات، ويقضي الحاجات، ويهدي من يشاء من الضلالة - سبحانه وتعالى -، ويوفق من يشاء.

 

وإن كان هذا القائل يريد أن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سبب تحصل به هذه المطالب، فذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وينبغي أن يعلم أن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على وجوه:

أحدها: التوسل إلى الله بالإيمان به ومحبته فهذا حق. فالإيمان بالرسول وطاعته ومحبته هي أعظم الوسائل.

الثاني: التوسل بدعائه وذلك إنما يكون في حياته، كما قال عكاشة بن محصن - رضي الله عنه -: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: \"أنت منهم\". صحيح البخاري (6541)، وصحيح مسلم (220). وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يسألونه الدعاء فيدعو لهم وإذا أجدبوا سألوه أن يستسقي لهم.

وأما بعد وفاته فلم يكن أحد يأتي إلى قبره، ويسأله الدعاء، بل عدلوا في الاستسقاء إلى دعاء العباس - رضي الله عنه - كما قال عمر - رضي الله عنه -: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقوا. صحيح البخاري (1010).

 

والوجه الثالث التوسل بذاته أو جاهه - صلى الله عليه وسلم - وهو علو منزلته عند ربه وهذا بدعةº فجاهه - صلى الله عليه وسلم - عظيم ولكن إنما يعود نفع ذلك عليه - صلى الله عليه وسلم - ولمن دعا له في حياته، وأما بعد وفاته فلا يطلب منه الدعاء كما تقدم. فالمقصود أن ما ذكره السائل من أن هذا الدعاء مخالف للسنة هو كما قال. فالدعاء به حرامº لأن ألفاظه دائرة بين الشرك والبدعة نعوذ بالله من الضلال واتباع الهوى. والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply