الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
ثم أما بعد:ـ
فإن من نعمة الله - تعالى- على هذه الأمة أن حفظ لها كتابها الذي هو مصدر عزها وكمال هدايةتها ونهاية رفعتها فقال: ( إنها نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ). وحفظ الذكر حفظ للسنة فلا يزالان هذان المصدران الصافيان من الشوب والكدر، هما من عهد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إلى عصرنا هذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لم يدخلهما تبديل ولا تحريف ولا تزوير، ولم يستطع أهل الإلحاد والزندقة أن يصلوا إلى شيء من ذلك على رغم كثرة تخطيطهم وتنوع محاولاتهم وتفنن مكرهم وما حاول أحد منهم محاولة إدخال تحريف أو وضع شيء مكذوب إلا وسخر الله من أهل العلم من يكشف عواره ويهتك ستره ويفضح أمره ويبين للأمة زيف قوله، وهذا من نعمة الله - تعالى- على الأمة المرحومة زادها الله شرفاً ورفعة. وإن من الجهود المباركة التي بذلها علماء هذه الأمة وأخص منهم علماء الحديث أعلا الله نزلهم وغفر لميتهم وثبت حيهم وجمعنا بهم في الجنة، تأليف نوعين من الكتب هي في بابها هامة جداً، والحاجة إليها ماسة.
الأول: تأليف الكتب التي تبين درجة الأحاديث والأقاويل المشتهرة على ألسنة الناس وردها إلى أصولها وبيان صحيحها من معلولها.
والثاني: تأليف الكتب التي توضح للأمة الأحاديث الموضوعة المكذوبة المفتراة التي وضعها الزنادقة عمداً أو قالها بعض أهل العلم ورفعها من بعدهم إلى النبي خطأ وجهلاً، أو هي من قبيل الأمثال السائرة التي لشهرتها ظنها بعض العوام وأنصاف المثقفين من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غير ذلك، فأجاد علماء الحديث في ذلك أيما إجادة وميزوا الخبيث من الطيب، فلا يزال ولله الحمد والمنة مورد السنة عذباً صافياً لما ورده لا شوب فيه ولا كدر، فجزاهم الله خير الجزاء وأعظم لهم الأجر والمثوبة ورفع نزلهم في الفردوس الأعلى، وفي حالة كوني أطالع بعض هذه الكتب المؤلفة في هذين النوعين رأيت كماً كبيراً جداً من هذه الأحاديث والأقاويل لا زالت تدور على ألسنة الناس في زمننا وهي من قبيل المعتمد عندهم، يظنون أنها ثابتة صحيحة فكان من النصيحة لله ورسوله ولعامة المسلمين أن أستخرجها من هذه الكتب الضخمة الطويلة وألخصها في وريقات يسيرة من بيان الحكم عليها مستمداً ذلك مما قاله الأولون - رحمهم الله - تعالى -فإنما الفضل بعد الله ثم لهم وإنما مهمتي الجمع والاستخراج لما قالوه فقط والذي دعاني لذلك هو أن كثيراً من الناس لا يحرص على قراءة الكتب المطولة، ولكن نفوسهم تستهل قراءة الكتيبات الصغيرة فكان مما ينبغي بعد الاستفادة وأخذ المعلومة من مظانها إهداؤها للغير بالطريقة المحببة اليسيرة التي تحقق الفائدة المرجوة والغاية المطلوبة بأيسر طريق وأقل كلفة وهاأنذا أشرع في المقصود سائلاً المولى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقني لصلاح القول والعمل وأن ينفع بما أقول وأكتب وأن ينزل فيه البركة تلو البركة وأن يرزقه القبول ويشرح له الصدور فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد العون والفضل والتأييد: ـ
فمن ذلك قول: \" آخر الدواء الكي \" مشهور على ألسنة الناس لكنه ليس بحديث فلا تصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحذر من رفعه إلى مقامه الشريف وإذا سمعت أحداً يقوله فبادر بالتوجيه والنصيحة الواجبة، وإنما هو مثل من الأمثلة. والله أعلم.
ومنها قولهم: \" أبو حنيفة سراج أمتي \" وقد سمعت بعض الحنيفية يقول ذلك، وهذا الكلام موضوع باتفاق الأئمة، وإنما الذي أفرزه العصبية المذهبية المقيتة لا كثر الله أهلها، ولكن لاشك أن أبا حنيفة من مصابيح الهدى ودعاة الإسلام الكبار لكن لا يبلغ بنا حبه وتعظيمه إلى اختلاق الأحاديث فإن هذا الإمام غني عن ذلك، ومثله ما افتراه أحمد بن مأمون لما قيل له ألا ترى إلى الإمام الشافعي ومن تابعه بخراسان فقال: حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا عبد الله بن معدان الأزدي عن أن مرفوعاً \" يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ورجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي \" قلت: بل أنت يا كذاب أضر علينا من إبليس أخزاك الله يا وضاع وعاملك بما توعد به الكاذبين على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو يقال هذا الكلام في إمام من أئمة الهدى وأعلام الدنيا، لكنه التعصب المقيت المميت عافانا الله وإياك من كل بلاء.
ومن ذلك: قولهم \" اتق شر من أحسنت إليه \" هو مشهور على الألسنة لكنه لا يعرف له سند في كتب الحديث، قال السخاوي: لا أعرفه ويشبه أن يكون من كلام بعض السلف، أو قلت: ولا أظنه من كلام بعض السلف لأن فيه سداً لباب الإحسان خوفاً من الشر المقابل وفيه دعوى إساءة الظن بمن تحسن بهم وقد قال - تعالى -( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) وبالجملة فهذا الكلام كلام فاسد مطرح والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" اختلاف أمتي رحمة \" مشهور على ألسنة كثير من الوعاظ والقصاص وبعض طلبة العلم لكن لا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قال السبكي: وليس بمعروف عند المحدثين ولم أقف له على سندٍ, صحيح ولا موضوع. أ. هـ. وإن كان له أصل فإنه من كلام بعض أهل العلم فقط والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" إذا كبر ولدك فآخه \" وهو مع شهرته على الألسنة إلا أنه لا أصل له فرفعه كذب مختلق فاحذر من ذلك ومثله قولهم \" الولد سبع سنين سيد وأمير وسبع سنين عبد وأسير وسبع سنين أخ ووزير فإن رضيت مكانه وإلا فاضرب على جنبه فقد أعذرت فيما بينك وبينه \" وهذا الكلام وإن كان قد رواه الطبراني في الأوسط والدارقطني مرفوعاً إلا أنه موضوع ليس عليه نور النبوة، فقبح الله واضعه وأخزاه.
ومن ذلك: قولهم \" أربع لا يشبعن من أربع: أرض من مطر، وأنثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم \" قلت: وبقيت خامسة وهي كذاب من كذب. فإن هذا الكلام موضوع مكذوب لا تجوز نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم.
ومن ذلك: أحاديث الأرز فإنها كلها كذب مختلق مصنوع قبح الله واضعها وأخزاه كقولهم \" من أكل الأرز أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه ولسانه \". قلت: أفلا تستحي يا فاجر أن تنسب هراءك إلى أكرم الخلق! فاللهم غفرانك. ومنه قولهم: \" الأرز مني وأنا منه \" وهوا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث. ومنه قولهم: \" لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً \" وهو موضوع أيضاً. وأظن واضع هذه الخرافات رجلاً قد اشترى صفقة أرز فلم يشتر منه أحد لدناءة أرزه فبحث عن طريقة يرغبهم في بضاعته فلم يجد أحسن من الكذب على خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخرين ليتربح بكذبه وتروج بضاعته ألا فأبعدك الله يا فاجر وأراح الأمة من أمثالك من الكذابين. والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" الأقربون أولى بالمعروف \" فإن أحداً لا ينكر شهرته على ألسنة الكثير لكنه لا يعرف وليس له سند يثبت فلا يصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن معناه صحيح لقولـه - تعالى -: ( وأولوا الأرحام أولى ببعض ) وقوله ( وأنذر عشيرتك الأقربين ). وحديث (أرى أن تجعلها في الأقربين) متفق عليه. لكن مع صحة معناه فإنه لا يثبت مبناه ويزيد الأمر سوءاً أن بعض الناس يقوله على أنه قرآن كريم. فاللهم اغفر وارحم. والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" إكرام الميت دفنه \" قال السخاوي: لم أقف عليه مرفوعاً وإنما أخرجه ابن أبي الدنيا من جهة أيوب السختياني قال: كان يقال: من كرامة الميت على أهله تعجيله إلى حفرته قلت: هو كلام صحيح في المعنى لكن لا تصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكفينا قوله - تعالى -: ( ثم أماته فأقبره ) وحديث (أسرعوا بالجنازة) فلا داعي إلى التلفظ بهذه الألفاظ التي توهم أنها من كلام النبوة وليس هو منها في شيء. والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" اللهم أيد الإسلام بأحد العمرين \" لا أصل له بهذا اللفظ، فهو مع شهرته على ألسنة الكثير لا يصح، ويغني عنه ما رواه أحمد والترمذي من حديث ابن عمر بلفظ \" الله أيد الإسلام بأحب هذه الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر ابن الخطاب \". والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" الله اصلح الراعي والرعية \" هو مع شهرته على الأسنة وبعضهم يرفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه لا أصل له كما قاله الإمام العراقي - رحمه الله تعالى -، لكن لا بأس بالدعاء به من غير اعتقاد أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم عند تقبيل الحجر الأسود \" الله صل على نبي قبّلك \" فهذا تقوله العامة وخصوصاً من غير أهل هذه البلاد عند تقبيل الحجر الأسود ولا أصل له، بل لا يتصور أصلاً أن يكون له اصل بهذا المعنى فانتبه ونبه فإن هذا من النصيحة التي هي مقتضى الدين. والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر \" هو كلام صحيح لا غبار عليه لكنه ليس بحديث، وقد اشتهر بين الأصوليين والفقهاء الأحابر ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنشورة وجزع العراقي بأنه لا أصل له وكذا أنكره المربي السيوطي: هذا من كلام الشافعي في الرسالة. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير: لم أقف له على سند. أ. هـ. قلت: ويكفي في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس) وحديث (أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا). ولذلك فالقاعدة عندنا تقول: لنا الظاهر والله يتولى السرائر. والمقصود أن هذا الكلام صحيح معناه لكن لا أصل لمبناه. والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" أنا أفصح من نطق بالضاد \" هو مشهور على الألسنة لكن قال ابن الجوزي: لا أصل له وكذا قاله ابن كثير - رحمه الله تعالى -، ولطالما سمعناه من بعض النحويين وأهل التجويد والأصول لكن الحق أحق أن يتبع، والله أعلم. ومن ذلك أيضاً: قولهم \" أنا مدينة العلم وعلي بابها \" وهذا مشهور عند الشيعة ومن شايعهم وقد رواه الإمام الترمذي في جامعه وقال: إنه منكر وكذا قال البخاري وقال: إنه كذب لا أصل له، وقال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: إنه موضوع. قلت: فضائل علي - رضي الله عنه - أكثر من أن تذكر وأشهر من أن تروى فلا داعي لهذه الأقاويل في فضله، ففضله معروف محفوظ عند أهل السنة - رحمهم الله - تعالى -، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" أنفق مافي الجيب يأتيك مافي الغيب \" هو مشهور على الألسنة ولا أصل له ويكفينا في ذلك قوله - تعالى -: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً ) وقوله - تعالى -: ( أوما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) وحديث (أنفق ينفق عليك). ومنها: قولهم \" إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب \" لا يصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه ليس له سند يثبت، لكن يكفينا في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) والله أعلم.
ومن ذلك: قول باعة الباذنجان \" الباذنجان لما أكل له \" هو موضوع باتفاق المحدثين، ومثله قولهم \" الباذنجان شفاء من كل داء \" قبح الله واضعها، فإنه مخالف للحس ذلك لأن أكل الباذنجان قد يزيد بعض الأمراض سوءاً، قال ابن القيم: ولو أكل الباذنجان للحمى السوداء الغالبة وكثير من الأمراض لم تزدها إلا شدة ولو أكله فقير ليستغني لم يفده الغنا أو جاهل لم يفده العلم. أ. هـ، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء \" هو مع شهرته على ألسنة الوعاظ والخطباء إلا أنه لا يثبت وإنما ذكره بعض الفقهاء بلا سند، والأحاديث التي تحذر من ذلك معروفة مشهورة وفي الصحيح غنى هذه الأقوال التي لا أصل لها، والله أعلم. ومن ذلك: الأحاديث التي في الباقلاء كلها كذب مختلقة أخزى الله واضعها والمراد بالباقلاء أي الفول، ولله در الإمام الزركشي إذ قال: أحاديث الباقلاء والعدس باطلة. قلت: وأظن واضع ذلك صاحب بوفية إن كان في الأزمان المتقدمة مطاعم!! والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" البطنة تذهب الفطنة \" هو من جملة الأمثال المشهورة على الألسنة لكن لا أصل له فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز، ويروى معنى هذا الكلام عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" البلاء موكل بالمنطق \" هو مع شهرته على ألسنة الناس إلا أنه قد أورده ابن الجوزي في الموضوعات فلا يحل رفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه إما موضوع أو ضعيف جداً لا تقوم بمثله الحجة، إلا أن الواجب على الإنسان حفظ منطقة الأحاديث الصحيحة في ذلك أي في حفظ المنطق كثيرة جداً، والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" تحية البيت الطواف \" فإنه لا ينكر أحداً شهرته لكن قال السخاوي: لم أره بهذا اللفظ، قلت: فمن وجد له أصلاً فليتفضل به مشكوراً، وإنما هو مشهور في كتب الفقهاء لكن بلا إسناد يثبت إلا أن المراد به عندهم هو أن الآفاقي إذا وصل إلى البيت فإن أول شيء يفعله هو الطواف بالبيت وليس المراد به أن الطواف تحية البيت لكل داخل بل تحية المسجد الحرام هي بعينها تحية سائر المساجد وهي صلاة ركعتين كما صحت بذلك الأحاديث، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" تفقهوا قبل أن تسودوا \" لا يصح مرفوعاً وإنما ورد من كلام عمر - رضي الله عنه - فانتبه لهذا. ومن ذلك: قولهم \" التكبير جزم التسليم جزم \" هو مشهور عند طلاب العلم لكن لا أصل له وإنما هو من كلام إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى -ولا شك أنه لا يؤخذ منه حكم شرعي لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة، والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" تفكر ساعة خير من عبادة سنة \" فإنه مع شهرته إلا أنه لا أصل في المرفوع وإنما هو من كلام بعض السلف، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" الجار إلى أربعين \" لا أصل له في المرفوع وإنما هو من كلام بعض السلف، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها \" هو مشهور عند الوعاظ والمتكلمين في الأخلاق لكن قال ابن كثير: والحديث لا يصح بالكلية، وقال السخاوي: يروى مرفوعاً وموقوفاً وهو باطل من الوجهين، قلت: فإذا سمعت أحداً يقوله فبادره بالنصيحة الواجبة بين الإخوان وليكن ذلك منك بينك وبينه حتى لا تأخذه العزة بالإثم فينتصر لنفسه ويدخل عليك الشيطان فتتحول المسألة من النصح إلى الانتصار للنفوس، والله أعلم. ومن ذلك أيضاً: قولهم \" جنبوا مساجدكم صبيانكم \" هو مع شهرته لكنه منكر من القول فهو إن سلمنا أنه ليس بموضوع فهو ضعيف جداً، وقد يحمل عند البعض على الصبيان الذين يكون في حضورهم إلى المساجد مفسدة راجحة أو خالصة، لكن هذا لا يستدل له بالأدلة التي فيها صيانة المساجد عن ذلك وإلا فقد كان الحسن والحسين يدخلون المسجد ولا يزال الناس في بلاد الإسلام يدخلون صبيانهم المساجد من غير نكير إلا أحدث مفسدة فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ويكفينا حديث (مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين... الحديث) والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" حب الدنيا رأس كل خطيئة \" فإنه مشهور على ألسنة الوعاظ وأهل الزهد لكن حكم عليه ابن تيمية - رحمه الله تعالى -بالوضع وقال إنه من قول جندب البجلي، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" حب الوطن من الإيمان \" فقد قال عن الزركشي: لم أقف عليه، وكذلك قال السخاوي. قلت: ولا شك أنه موضوع وكذب إذ لا علاقة ولا تلازم بين الوطن وبين الإيمان وما أشد فرح من يدعو إلى تعظيم الوطن وتقديسه بهذا الحديث لكن نقول له: أربع على نفسك فإنه لا أصل له فإثبات كون حب الوطن من شعب الإيمان لابد فيه من دليل صحيح، نعم إذا كان هذا الوطن قد أثبتت الأدلة تعظيمه كمكة والمدينة وبيت المقدس فإن حبه من الإيمان، والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش \" هو مع شهرته لا أصل له، قال العراقي: لم أقف له على أصل، وقال السبكي: لم أجد له إسناداً. وكذلك: قولهم \" الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب \" قال في الكشف وهو باطل أيضاً ولا شك أن إثبات حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي الصحيح الصريح، والله أعلم.
ومن ذلك: قولهم \" حسنات الأبرار سيئات المقربين \" لا أصل له وإنما هو من كلام أبي سعيد الخراز، ومعناه لا يصح أصلاً فتدبره. ومن ذلك: قولهم \" الحسود لا يسود \" هو مثل من الأمثلة السائرة لكن ليس له إسناد يثبت، فرفعه إلى مقام النبوة لا يصح وإنما هو من كلام بعض السلف، ويكفي عنه الأحاديث الواردة في ذم الحسد والتحذير منه، والله أعلم.
ومن ذلك أيضاً: قولهم \" الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر \" هو كلام يقال لكنه ليس بحديث، وأما معناه فصحيح لا غبار عليه، فقله على أنه مثل من الأمثال لا على أنه من جملة الأحاديث، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" حكمي على الواحد كحكمي على الجماعة \" فإن من قرأ كتب الأصول لا يشك في شهرته عندهم إلا أنه مع شهرته فإنه لا أصل له كما قاله الحافظ العراقي وأنكره الإمام المزي والذهبي، وقال الزركشي: لا يعرف، وأما قوله (إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة) فهو حديث حسن رواه الترمذي من حديث أميمة بنت رقيقة، والله - تعالى -أعلم. ومن ذلك: قولهم \" خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء \" يعني عائشة - رضي الله عنها - وهو تصغير حمراء يعني البيضاء، وهو على شهرته قال عنه ابن حجر: لا أعرف له إسناداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ولم يذكر من خرجه. أ. هـ. وذكر ابن كثير أنه سأل المزي والذهبي فلم يعرفاه. أ. هـ. وقال السيوطي: لم أقف عليه، وقال الإمام ابن القيم: وكل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق. أ. هـ، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" خير البر عاجله \" فإنه مشهور الشهرة العامة لكن لا أصل له، فانظر يا رعاك الله أهمية معرفة حكم المشتهر على الألسنة فإذا قيل على أنه مثل من الأمثلة فلا بأس به لكن رفعه على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصح فانتبه ونبه والله يتولانا وإياك. ومن ذلك: قولهم \" خير الأسماء ما عُبّد وحُمّد \" فإنه أيضاً مشهور شهرة لا تخفى على أحد لكن قال السيوطي: لم أقف عليه. أ. هـ قلت: فهو مما لا أصل له كما قاله الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -، ويكفي عنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح (أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبد الرحمن وأصدقها همام وحارث)، والله أعلم. ومن ذلك: قولهم \" الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة \" وهو حديث مشهور أيضاً عند العامة والخاصة إلا أنه لا أصل له ولا يعرف كما قال ابن حجر - رحمه الله تعالى -ولكن معناه صحيح ويغني عنه حديث (ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين إلى أن تقوم الساعة) والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" الدنيا مزرعة الآخرة \" فإنه مع شهرته على ألسنة بعض الوعاظ والخطباء إلا أنه لا سند له يثبت ولكن معناه صحيح، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب \". قال الحافظ - رحمه الله تعالى -: هو مشهور على الألسنة وهو من كلام إبراهيم بن أبي عبلة. أ. هـ. قلت: أي أنه لا أصل له، وإنما هو مما يروى عن جابرٍ, وإسناده ضعيف أيضاً، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" سب أصحابي ذنب لا يغفر \" فإنه مشهور على ألسنة الذابين عن حياض الصحابة وخصوصاً في ردهم على الرافضة، لكن قال أبو العباس بن تيمية عنه: إنه كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال - تعالى -: ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) فهذا الكلام لا يصح رفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبه تعلم أن التكلف في طلب التأويل الصحيح له من بعض أهل العلم ليس بسديد لأنه لا فائدة من ذلك، والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" الصلاة عماد الدين \" فإن أحداً لا يشك في شهرته على الألسنة اشتهاراً كبيراً لكن مع هذه الشهرة قال عنه النووي: إنه منكر باطل، وقال عنه ابن الصلاح: إنه غير معروف. أ. هـ. فهو من ناحية ثبوته رواية لا يعرف إلا أن معناه صحيح فإن الصلاة ثاني أركان الإسلام وأحد مبانيه العظام والأدلة في أهميتها وتعظيمها من الكتاب والسنة تفوق الحصر فيكتفى بذلك ويطرح مالم يثبت فإن الثابت غنية عنه، والله أعلم. ومن ذلك أيضاً قولهم: \" ضاع العلم في أفخاذ النساء \" وفي لفظ \" بين أفخاذ النساء \" قلت: هو بهذا اللفظ لا أصل له في المرفوع ولا في الموقوف على الصحابة وإنما هو بمعناه عن بشر الحافي فإنه قال: لا يفلح من ألف أفخاذ النساء. وكلامه - رحمه الله - لا يؤخذ من تشريع عام ولا خاص، بل الشريعة حثت على التزويج والتعدد فيه وتركت كثرة الوطء بين الزوجين من عدمه راجع إلى الحاجة والمتعة وهذا شيء أحله الله - تعالى -إلا أنه لا ينبغي أن يكون مشغلاً للإنسان عن ما يجب عليه ويستحب له من تعلم العلم الشرعي والدعوة إليه، وعلى كل فلا يصح من ذلك شيء عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة \" هو كلام مشهور على ألسنة الوعاظ إلا أنه لا أصل له في المرفوع كذا قاله الحافظ ابن حجر، وقال الحافظ العراقي: ليس له أصل في المرفوع وإنما هو من قول سفيان بن عيينة. أ. هـ. قلت: ولا شك أن هذا من جملة الأمور الغيبية التي تفتقر في إثباتها إلى الدليل الصحيح الصريح، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل \" وهذا الكلام لا أظن أحداً ينكر شهرته على الألسنة، لكن قال الإمام النووي: لا يصح. قلت: وإنما المعروف الثابت أنه موقوف على عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وإنما الذي لا يصح هو رفعه فقط وإنما وقفه على ابن مسعود فصحيح وعلى كل فالأدلة في تحريم الغناء كثيرة، وقد استوفاها العلامة الألباني - رحمه الله تعالى -في كتابه ((تحريم آلات الطرب)) فارجع إليه إن شئت، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" القلب بيت الرب \" ليس هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو من الكلام السائر على ألسنة الصوفية ومن تأثر بهم، ولذلك قال السخاوي: ليس له أصل في المرفوع وكذلك قال الإمام الزركشي. وأعظم من ذلك قول شيخ الإسلام أبو العباس: هو موضوع، ومثله أيضاً حديث \" ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي \" فهو أيضاً مكذوب ليس من كلام النبوة، وأظن أن هذا الكلام من الإسرائيليات التي لا خطام لها ولا زمام فانتبه ونبه، والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" لا كلام على طعام \" هو مع شهرته إلا أنه لا أصل له ويؤيد كذبه واختلاقه أنه - صلى الله عليه وسلم - تكلم على المائدة كما في حديث (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) وحديث أبي هريرة (أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر... الحديث الطويل)، والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" لكل ساقطة لاقطة \" هو مشهور لكنه ليس بحديث وإنما هو من كلام بعض السلف فإذا قيل على أنه مثل من الأمثلة وناسب المقام لقوله فلا بأس لكن لا تقله على أنه من كلام المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" لكل مجتهد نصيب \" لا أصل له في المرفوع وإنما هو من كلام بعض أهل العلم، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" ما جسد من حسد \" ليس هو حديث بهذا اللفظ وإنما روي بلفظ (كل بني حسود) وليس سنده يصح أيضاً، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" المعاصي تزيل النعم \" هو كلام صحيح إلا أنه لا يصح في المرفوع فليس هو بحديث وإنما هو من كلام بعض السلف ويغني عنه قوله - تعالى -: ( فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) وقوله: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) وقوله - تعالى -: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ). والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء \" هو من كلام الحارث بن كلدة وهو طبيب معروف ولكن لا يصح رفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" من أسلم على يديه رجل وجبت له الجنة \" هو موضوع كما قاله الصغاني ويكفي عنه حديث (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) متفق عليه، والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" من جدّ وجد ومن زرع حصد \" هذا مثل مشهور لكنه ليس بحديث، وإنما هو حكمة قد قالها بعض الفضلاء فاحذر من رفعه يرحمك الله، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" من حدث حديثاً فعطس عنده فهو حق \" لا شك أنه موضوع ليس فيه مطلق حلاوة كلام النبوة، قال ابن القيم: وإن صحح بعض الناس سنده فالحس يشهد بوضعه لأننا نشاهد العطاس والكذب يعمل عمله ولو عطس مئة ألف رجل عند حديث يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بصحته بالعطاس ولو عطسوا عند شهادة زور لم تصدق. أ. هـ.، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" من حفر حفرة لأخيه وقع فيها \" هو مع شهرته لكنه ليس بحديث، قال الحافظ: \" لا أصل له ويكفي عنه قوله - تعالى -: ( ولا يحيق المكر السيء إلى بأهله). والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" من حج فلم يزرني فقد جفاني \" ومثله قولهم: \" من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة \" قال ابن تيمية: إنه موضوع، وكذا قال النووي وهو كما قالا - رحمهما الله - تعالى -، فإذا سمعت أحداً يذكره فبادر بالنصيحة الواجبة بين الإخوان فإنما الدين النصيحة، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" من طاف بهذا البيت أسبوعاً وصلى خلف المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفرت له ذنوبه بالغة ما بلغت \" وكذلك قولهم: \" من طاف حول البيت سبعاً في يوم صائف شديد حره... إلخ \" وكذلك قولهم: \" من طاف أسبوعاً حافياً حاسراً كان له كعتق رقبة \" كل ذلك موضوع باطل فلا تغتر بكثرة من يقوله وخصوصاً إذا سمعته من غير أهل هذه البلاد، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار \" لا أصل له وهو موضوع من غير قصد فقد اتفق أئمة الحديث على أنه قاله شريك لثابت لما دخل عليه فكتبت عنه على أنها من الحديث. فاللهم اغفر لمن كتبها، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" الناس على دين ملوكهم \" هو مع شهرته إلا أنه لا أصل له كما قاله الإمام السخاوي، والله أعلم. ومن ذلك قولهم: \" النظر إلى وجه الجميل عبادة \" قبح الله واضعه، قال ابن القيم: سئل عنه شيخنا يعني ابن تيمية فقال: هذا كذب باطل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يروه أحد بإسناد صحيح بل هو من الموضوعات. أ. هـ. قلت: وما أفرح عشاق الصور بهذا الكذب فاللهم أصلح قلوبنا ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم يا أرحم الراحمين، والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" نية المؤمن خير من عمله \" هو مشهور لكنه ضعيف جداً وقد ذكر ابن تيمية وجه ذلك لو كان صحيحاً من عدة أوجه:
الأول/ أن النية الصالحة يثاب عليها العبد ولو لم يقارنها عمل لكن لا يثاب على العمل إلا بالنية.
الثاني/ أن من اجتهد وبذل ما في وسعه وعجز عن بعض العمل أنه يكمل له ذلك بنيته، إلخ ما ذكره أبو العباس - رحمه الله تعالى -، والله أعلم.
ومن ذلك قولهم: \" لا هم إلا هم الدين ولا وجع إلى وجع العين \" هو مع شهرته إلا أنه ليس بحديث، ولذلك قال الزركشي قال أحمد: لا أصل له، والله أعلم.ومن ذلك قولهم: \" ناكح اليد ملعون \" لا أصل له ويكفي عنه قوله - تعالى -: ( فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ).
وهذا ما تيسر ذكره في هذه العجالة وليست هي كافية إلا أنها تغير درجة من درجات تمييز ما يرد على الألسنة، فاللهم انفع مقيده وقارئه وناشره وجميع المسلمين يا رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد