الحمد لله الذي أعز من أطاعه وأذل من عصاه ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه ، أما بعد : فالجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام ، وموطن الكرامة والشرف الإيمان ، فلا عزة إلا بالجهاد ، وما تركت أمة الجهاد في سبيل الله إلا ذلّت ، وباءت بهوان مبين .
وما من مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر إلا ويتمنى أن يكون له الحظ الأوفر والنصيب الأكبر من قتال أعداء الله تعالى ، وخصوصاً إذا رأى ما يفعله الأعداء من اليهود والنصارى وغيرهم بالمسلمين المستضعفين في الأرض ، وعندما يقرأ ويرى الأجور العظيمة والمنح الكريمة التي أعدها مولاه ـ جلّ في علاه ـ للمجاهدين في سبيل الله ، والمقاتلين لأعدائه ، والرافعين للوائه ، والذائدين عن حمى دينه ، يحن قلبه ، وتشتاق نفسه للقتال في مواطن النزال ، ومحاضن الرجال ، ومدارس الأبطال .
وقد يحول بينه وبين الجهاد موانع شرعية دينية أو صوارف دنيوية تحول بينه وبين ما يتمنى من الجهاد في سبيل الله ، ولقلبه حنين ولصدره أنين ، فبماذا يدرك ذلك الأجر ، وينال ذلك الثواب ؟!
فيأتي الجواب عاجلاً في النصوص الشرعية لبيان الأسباب في نيل ذلك الأجر والثواب ، وفي ذلك بيان لسعة رحمة الله بعباده المسلمين ، وعظيم لطفه بهم ، وكريم جوده عليهم ، فإليك ما تشرئب له الرقاب ، وتتشوق له القلوب ، وتتشوف له العيون .
فمنها : أن تكون عاملاً أميناً على أموال المسلمين :
فعن عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :\" العامل إذا استعمل فأخذ الحق ، وأعطى الحق ، لم يزل كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع بيته \"
( رواه الطبراني في الكبير ، انظر : صحيح الترغيب 1/478 ـ 775)
وعن رافع بن خديج ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :\" العامل على الصدقة بالحقِّ كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته \"
(صحيح سنن أبي داود 2/567 ـ 2545 )
ومنها أن تكون ساعياً على الأرملة والمسكين :
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :\" الساعي على الأرملة والمسكين ، كالمجاهد في سبيل الله ، أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل \" ( صحيح البخاري 7/101 ـ 6006 )
ومنها : طلب العلم الشرعي وتعليمه للناس :
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :\" من دخل مسجدنا هذا ليتعلّم خيراً أو ليعلِّمه º كان كالمجاهد في سبيل الله ، ومن دخله لغير ذلك º كان كالناظر على ما ليس له \"
( صحيح موارد الظمآن ، الألباني ـ 1/122 ـ 69 )
ومنها : أن تخلف الغازي في أهله بخير :
فعن زيد بن خالد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :\" من جهَّز غازياً في سبيل الله ، فقد غزا ، ومن خلف عازياً في أهله بخير فقد غزا \"
(صحيح مسلم 3/1197 ـ 1895 )
ويكفيك ما سأضعه بين يديك من هذا الوعيد الشديد في بيان خطورة ترك الجهاد في سبيل الله ، أو على أقلِّ تقدير º دفع ذلك التقصير في إخلاف الغازي في أهله بخير ، بالقيام على مصالحهم ، ورعايتهم , و توفير احتياجاتهم ، والعناية بهم ، والدفاع عنهم ، وغير ذلك مما فيه إحسان بهم ودفع للأذى عنهم ، فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :\" من لم يغزُ ، أو يجهَّز غازياً ، أو يخلف غازياً في أهله بخير º أصابه الله بقارعةٍ, قبل يوم القيامة \"
(صحيح سنن أبي داود 2/475 ـ 2185 )
ومع فضل هذه الأعمال ومنزلة هذه الأفعال إلا أنها لا تُغني عن الجهاد في سبيل الله ، الذي به عزٌّ الأمة وشرفها ، ولن تعود الأمة لسابق عهدها بوافر مجدها إلا بالعودة للسيف والسنان ، والخروج من الدنيا للآخرة ، وحب الموت كحب الحياة ، و إلا فالذل سيطبق ، والخزي سيلحق ، والعار سيشتعل في أطرافنا كالنار !!
(الأمة التي لا تغزو تُغزى ، والأمة التي لا تدعو تُدعى ).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد