شبــهة السيـــف


بسم الله الرحمن الرحيم

 
 
 
 
شبهة أنه لم يدخل  في الإسلام مسلم طواعية و إنما بالغلبة و السيف:
 

يردٌّ عليها بأن يُقالَ : من أصول ومبادئ الإسلام و قواعده ، أن يترك الحريةَ للأفرادِ في اعتناقِ الإسلامِº فمَن شاءَ أن يدخلَ في الإسلام فليدخل، ومَن شاء أن يبقى على دينِهِ بقي عليه ، له حقوقُه وعليه واجباتٌ تحفظ له كرامتَهُ في ظلِّ حُكمِ الإسلامِ ، عن قتادة (رَضِيَ اللهُ عَنهُ) في قوله سبحانه وتعالى : { لا إكراه في الدين } قال: كانتِ العربُ ليس لها دينٌ فأُكرهوا على الدِّين بالسَّيفِ، قال: ولا يُكره اليهوديٌّ ولا النصرانيٌّ ولا المجوسيٌّ إذا أعطوا الجزيةَ. تفسير الطبري (3/16) يقول ابن كثير –رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية: {لا إكراه في الدين}  أي :  لا تكر هوا أحداً على الدخول في دين الإسلام فانه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فانه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا تفسير ابن كثير (1/313) وقد نزلت هذه الآيةُ في قومٍ, من الأنصارِ أو في رجل منهم كان لهم أولاد قد هوَّدُوهم أو نصروهم فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه فنهاهم الله عن ذلك حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام . عن ابن عباس (رَضِيَ اللهُ عَنهُ) قال: ( كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتاً لا يعيش لها ولد، فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم ، فجاء الإسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم فقالوا إنما جعلناهم على دينهم ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا، وإذ جاء الله بالإسلام فلنُكرهنهم فنزلت (لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ ) تفسير ابن كثير (1/313) فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإسلام فمن لحق بهم اختار اليهودية ومن أقام اختار الإسلام . عن ابن عباس (رَضِيَ اللهُ عَنهُ)  في قوله: { لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرٌّشدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكفُر بِالطَّاغُوتِ وَيُؤمِن بِاللّهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة، الآية 256  قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلاً مسلماً، فقال للنبي (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) : ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية فأنزل الله فيه ذلك) تفسير ابن جرير الطبري (3/14)  فهل هناك أظهر من دحض هذه الشبة ؟؟ التي هي في الحقيقة زبدةٌ طافية كما قال تعالى: {فَاحتَمَلَ السَّيلُ زَبَدًا رَّابِيًا } الرعد، الآية: 17 عن قتادة قال : ربا فوق الماء الزبد . والإسلام تزيده هذه الشبه بريقاً و لمعاناًً ، مثل كل شيء يوقد عليه في النار الذهب والفضة والنحاس والحديد فيذهب خبثه ويبقى ما ينفع في أيديهم ، والخبث والزبد مثل الباطل قال تعالى : { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيهِ فِي النَّارِ } الرعد، الآية: 17 هو الذهب إذا أدخل النار بقي صفوه، وذهب ما كان من كدر فهذا مثل ضربه الله تعالى للحق والباطل{ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفَاء } الرعد، الآية: 17 يتعلق بالشجر فلا يكون شيئاً فهذا مثل الباطل {وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمكُثُ فِي الأَرضِ  }. الرعد، الآية: 17 كما يقال بياناً لتميز دين الإسلام الحضاري الحق: كان القتال محرمٌ ، في بدء الإسلام ، حتى على المظلومين

أخرج الإمام البخاري –رحمه الله- في صحيحه : عن خباب (رَضِيَ اللهُ عَنهُ) قال: (شكونا إلى رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا، فقال قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه) البخاري-كتاب الإكراه-باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر برقم6943   يقول ابن حجر –رحمه الله- في الفتح : وليس في الحديث تصريح أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) لم يدع لهم بل يحتم أنه دعا وإنما قال قد كان من قبلكم يؤخذ ...الخ \"تسلية لهم وإشارة إلى الصبر حتى تنقضي المدة المحددة وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر الحديث ولكنكم تستعجلون\" فتح الباري بشرح صحيح البخاري ابن حجر (12/317)  يقول ابن بطال: أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن أختار الرخصة ، وأما غير الكفر فإنه أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلاً فالفعل أولى. فتح الباري بشرح صحيح البخاري ابن حجر (12/317)  ويقول سبحانه وتعالى : {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ, سَيِّئَةٌ مِّثلُهَا فَمَن عَفَا وَأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبٌّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيهِم مِّن سَبِيلٍ, إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظلِمُونَ النَّاسَ وَيَبغُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ أُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} سورة الشورى، الآية: 40، 41، 42 فجاء الإذن بالقتال لرد العدوان و الظلم و التسلط على الجماعة المسلمة وكذلك إن ابتداء الكفار بقتال المسلمين ، فلا بد من تحقيق العدل ، والرد بالمثل ولكن دون طغيان واعتداء ، قال العلماء جعل الله المؤمنين صنفين صنف يعفون عن الظالم فبدأ بذكرهم في قوله وإذا ما غضبوا هم يغفروا وصنف ينتصرون من ظالمهم ثم بين حد الانتصار بقوله   وجزاء سيئة سيئة مثلها  تفسير القرطبي (16/40) وقال تعالى : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم وَلاَ تَعتَدُوا إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ المُعتَدِينَ} البقرة، الآية:190  و السيف الذي شهره المسلمون هو لإزالة العقبة عن طريق هداية الإسلام ، و لكي ينتشر الإسلام وتعرفه جميع الشعوب وتقوى شوكته، فلا بد للحق من قوة تحميه، فما بالك بأعظم الحقائق وهو الدين العالمي والدين الخاتم الذي لا يقبل الله ديناً من أحد غيره ، قال تعالى : {وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلاَمِ دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} آل عمران :51 نعوذ بالله من الانتكاسة والخذلان ، وأجارنا الله وإياكم من غضب الديان  والله تعالى أعلم والحمد لله رب العالمين.

 

أهم المصادر والمراجع :

1.     تفسير ابن جرير الطبري (3/14) و (3/16) .

2.     فتح الباري بشرح صحيح البخاري (12/317)

3.     تفسير ابن كثير (1/313)

4.      تفسير القرطبي (16/40) .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply