شاهد من أهلها شكراً للإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم



الدكتورة \" لورا فيشيا فاجليرى \"

المستشرقة الإيطالية الشهيرة



\" بينما كان النبي العربي مستغرقاً في مناجاة خالقه، إذ أوحى إليه وحي مبين، فقام يدعو إلى التوحيد الخالص عابدي الأوثان، وأتباع اليهودية والمسيحية المحرفتين، ومن ثَمّ واجه بنفسه في صراع سافر أولئك الناس الذين ينكصون على أعقابهم، ويتقهقرون عن التوحيد فيدعون من دون الخالق آلهة أخرى، إنه لم يسلك في دعوتهم إلى الإيمان بالله الواحد الأحد تلك الأساليب التي تشل قدرة الإنسان على التفكير، فلم يخدعهم أو يغرهم بأحداث انحرفت عن مسارها الطبيعي في الخلق، أعني ما يطلق عليه المعجزات [إن مما يُعرف به الإنسان أنه رسول من عند الله حقاً أن تظهر معه آثار قدرة الله الذي لا يعجزه شيء فتظهر على يديه خوارق لعادات وقوانين وأسباب مما لا يمكن أن ينشأ عن جهد بشري، فيعرف الناس حينئذ أنه مؤيد من عند الله، بدليل أنه قد ظهرت معه آثار قدرة الله، ومع أن المعجزة الأولى والأساسية لرسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - هي القرآن الكريم نفسه، إلا أن الله - سبحانه - قد جمع له إلى ذلك كمَّاً هائلاً من المعجزات الحسية الباهرة التي أيده بها، وهي ثابتة ثبوتاً تاريخياً وفقاً لأدق منهج علمي عرفه التاريخ، يتحدى أدق معايير النقد التاريخي، ويبدوا أن الكاتبة كانت متأثرة بموقف الشيخ محمد عبده ومدرسته فيما قالته بشأن المعجزات، وهو موقف أنكره عليه معاصروه، ومن تبعهم من أهل العلم والتحقيق]، ولم يهددهم بوعيد إلهي يجبرهم على أن يظلوا مشدوهين [بل هددهم بذلك بعد أن عتوا، وتجبروا، وجحدوا آيات الله الباهرة، ومعجزاته القاهرة، وحججه الظاهرة، وذكّرهم بمصائر من سبقهم من الظالمين، وإنما كان ذلك بعد دعوتهم للتفكر والتدبر في آيات توحيده التنزيلية والكونية المبثوثة في الآفاق وفي أنفسهم، وبعد محاورتهم وإقامة الحجة عليهم].

إنه بكل بساطة دعاهم إلى التدبر والتفكر في الكون، ونواميس الطبيعة، بدلاً من أن يعزلهم عن محيطهم وواقعهم، لقد دعاهم في بساطة متناهية إلى أن يقرءوا كتاب الحياة، ليحصّلوا من خلال التأمل فيه اليقين بالله الواحد الأحد الذي لا يستغنون عنه أبداً \". وبعد سردها جملة من الآيات القرآنية الكريمة المناسبة للمقام، استطردت الكاتبة قائلة:

شكراً للإسلام؟ :

لأنه قهر الوثنية بكل ضراوتها، وبكافة أشـكالها.

ولأنه حرر مفهوم الكون، والشعائر الدينية، والأعراف الاجتماعية من كافة الأغلال التي انحدرت بالإنسانية، وهبطت بالعقول البشرية عن مقامها، فانطلقت تلك العقول متحررة من قيودها، وأدرك الإنسان أخيراً كرامته، فتواضع أمام خالقه رب العالمين.

ولأن به أي بالإسلام تحررت نفس الإنسان من التعصب، وتحررت إرادته من الروابط التي تُكبّله بإرادة غيره من البشر، أو تشده إلى مما يُدَّعى أنه قوي خفية كامنة في الكهنة الكذبة، حفظة الأسرار والطلاسم، وسماسرة الخلاص.

إن كل هؤلاء - المدعين بأنهم الوسطاء بين الإنسان وبين ربه، وبالتالي يعتقدون بأن لهم السلطان على إرادة الناس قد سقطوا من على عروشهم، فقد أصبح الإنسان عبداً لله وحده، ولم يعد يشده إلى غيره من الناس سوى التزامات الإنسان الحر نحو الإنسان الحر.

وذلك بعد أن عانى فيما سلف عذاب القهر في المجتمعات المختلفة.

لقد أعلن الإسلام المساواة بين الناس، فلا فضل لمسلم على آخر بحَسَبِ ولا بغيره من العوامل التي لا ترتبط بشخصيته، وإنما يتفاضل عليه بتقوى الله، وعمله الصالح، وخلقه الحسن، ومواهبه، وفكره السديد.

إن الإسلام رسالة عالمية، ووحدة واحدة تتجلى في وحدانية الله، ووحدة الدين، ووحدة الأنبياء، فكل الأديان السابقة هي دين واحد، وكل الأنبياء من كل الأمم هم أنبياء الله الواحد الأحد … أهـ.



* Laura Veccia Vaglieri، Apologia dell Islamismo. PP. 33، 34.،

Translated into English as an “ Interpretation of Islam \" by Dr. caselli. PP. 30، 31.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply