جواب في الإيمان ونواقضه


 

بسم الله الرحمن الرحيم





الحمد لله الذي منَّ على من شاء بالإيمان، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً..أما بعد:

فقد سأل بعضُ طلاب العلم عن مسألة كثر فيها الخوض في هذه الأيام، وصورة السؤال: هل جنس العمل في الإيمان شرط صحة أو شرط كمال، وهل سوء التربية عذر في كفر من سب الله أو رسوله؟



و الجواب أن يقال: دل الكتاب والسنة على أن الإيمان اسم يشمل:

1- اعتقاد القلب، وهو تصديقه، وإقراره.

2- إقرار اللسان.

3- عمل القلب، وهو انقياده، وإرادته، وما يتبع ذلك من أعمال القلوب كالتوكل، والرجال، والخوف، والمحبة.

4- عمل الخوارج واللسان من الجوارح والعمل يشمل الأفعال والتروك القولية أو الفعلية.

قال الله - تعالى -(يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبلُ وَمَن يَكفُر بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَاليَومِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداًً) النساء: 136.

و قال - تعالى - (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) التغابن: 8.

و قال - تعالى - (آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله) البقرة: 285.

و قال - تعالى - (إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون [2] الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون [3] أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) الأنفال: 2-4.

و قال - تعالى - (ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَلَ المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) البقرة: 177.

و قال - تعالى -(و من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) النحل: 106.

و قال - تعالى -(و ما كان الله ليضيع إيمانكم) البقرة: 143.

و الآيات في هذا المعنى كثيرة.

و في \" الصحيحين \" عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس لما أتوا إليه، قال (من القوم؟ أو من الوفد؟ ) قالوا: ربيعة، قال (مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى) فقالوا: يا رسول الله، إنما لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام، وبيننا وبينك الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال (أتردون ما الإيمان بالله وحده؟ ) قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس، ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت وربما قال: المقير وقال (احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم).

و في \" الصحيحين \" عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان).

و في \" الصحيحين \" عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أي العمل أفضل؟ فقال (إيمان بالله ورسوله)، قيل: ثم ماذا؟ قال (الجهاد في سبيل الله) قيل: ثم ماذا؟ قال (حج مبرور).



و في \" صحيح مسلم \" عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

و قد استفاض عن أئمة أهل السنة مثل: مالك بن أنس، والأوزاعي، وابن جريج، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وغيرهم الكثير قولهم (الإيمان قول وعمل).

و أرادوا بالقول: قول القلب واللسان، وبالعمل: عمل القلب والجوارح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في \" العقيدة الواسطية \" (ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب، واللسان، والجوارح)

فظهر أن اسم الإيمان يشمل كل ما أمر الله به ورسوله من: الاعتقادات والإرادات، وأعمال القلوب، وأقوال اللسان، وأعمال الجوارح أفعالاً وتروكاً، فيدخل في ذلك فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات، والمكروهات، وإحلال الحلال، وتحريم الحرام.

و هذه الواجبات والمحرمات، بل والمستحبات والمكروهات، على درجات متفاوتة تفاوتاً كبيراً.

وبهذا يتبين أنه لا يصح إطلاق القول بأن العمل شرط صحة أو شرط كمال بل يحتاج إلى تفصيلº فإن اسم العمل يشمل عمل القلب وعمل الجوارح، ويشمل الفعل والترك، ويشمل الواجبات التي هي أصول الدين الخمسة، وما دونها، ويشمل ترك الشرك والكفر وما دونهما من الذنوب.

فأما ترك الشرك وأنواع الكفر والبراءة منها فهو شرط صحة لا يتحقق الإيمان إلا به.

و أما ترك سائر الذنوب فهو شرط لكمال الإيمان الواجب.

وأما انقياد القلب وهو إذعانه لمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما لابد منه لذلك من عمل القلب كمحبة الله ورسوله، وخوف الله ورجائه وإقرار اللسان وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله فهو كذلك شرط صحة لا يحقق الإيمان بدونهما.

وأما أركان الإسلام بعد الشهادتين فلم يتفق أهل السنة على أن شيئاً منها شرط لصحة الإيمانº بمعنى أن تركه كفر، بل اختلفوا في كفر من ترك شيئاً منها، وإن كان أظهر وأعظم ما اختلفوا فيه الصلوات الخمس، لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولما ورد في خصوصها مما يدل على كفر تارك الصلاةº كحديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه وغيره، وحديث بريده بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه نو سلم (إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه أصحاب السنن.

وأما سائر الواجبات بعد أركان الإسلام الخمسة فلا يختلف أهل السنة أن فعلها شرط لكمال إيمان العبد، وتركها معصية لا تخرجه من الإيمان.

و ينبغي أن يعلم أن المراد بالشرط هنا معناه الأعم، وهو ما تتوقف الحقيقة على وجوده سواء كان ركناً فيها أو خارجاً عنها، فما قيل فيه هنا أنه شرط للإيمان هو من الإيمان.

و هذا التفصيل كله على مذهب أهل السنة، والجماعة فلا يكون من قال بعدكم كفر تارك الصلاة كسلاً أو غيرها من الأركان مرجئاً، كما لا يكون القائل بكفره حرورياً.

و إنما يكون الرجل من المرجئة بإخراج أعمال القلوب والجوارح عن مسمى الإيمان فإن قال بوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، وترتب العقوبات فهو قول مرجئة الفقهاء المعروف وهو الذي أنكره الأئمة، وبينوا مخالفته لنصوص الكتاب والسنة.

و إن قال: لا يضر مع الإيمان ذنب، والإيمان هو المعرفة، فهو قول غلاة المرجئة الجهمية وهم كفار عند السلف.

و بهذا يظهر الجواب عن مسألة العمل في الإيمان هل هو شرط صحة أو شرط كمال، ومذهب المرجئة في ذلك وهذا ولا أعلم أحداً من الأئمة المتقدمين تكلم بهذا، وإنما ورد في كلام بعض المتأخرين.

و بهذا التقسيم والتفصيل يتهيؤ الجواب عن سؤالين:

أحدهما: بم يدخل الكافر الأصلي في الإسلام، ويثبت له حكمه؟

والثاني: بم يخرج المسلم عن الإسلام، بحيث يصير مرتداً؟



فأما الجواب عن الأول:

فهو أن الكافر يدخل في الإسلام، ويثبت له حكمه بالإقرار بالشهادتين (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) فمن أقر بذلك بلسانه دون قلبه ثبت له حكم الإسلام ظاهراً، وإن أقر بذلك ظاهراً وباطناً كان مسلماً على الحقيقة ومعه أصل الإيمان، إذ لا إسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام.

و هذا الإقرار الذي تثبت به حقيقة الإسلام يشمل ثلاثة أمور: تصديق القلب، وانقياده، ونطق اللسانº وبانقياد القلب ونطق اللسان يتحقق الإقرار ظاهراً وباطناً، وذلك يتضمن ما يعرف عن أهل العلم بالتزام شرائع الإسلامº وهو الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبما جاءه به وعقدُ القلب على طاعته، فمن خلا عن هذا الالتزام لم يكن مقراً على الحقيقة.

فأما التصديق: فضده التكذيب والشك والإعراض.

وأما الإنقياد: فإنه يتضمن الاستجابة، والمحبة، والرضا والقبول، وضد ذلك الإباء، والاستكبار والكراهة لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

و أما النطق باللسان: فضده التكذيب والإعراض، فمن صدق بقلبه وكذب بلسانه فكفره كفر جحود، ومن أقر بلسانه دون قلبه فكفره كفر نفاق.

فنتج عن هذا ستة أنواع من الكفر كلها ضد ما يتحقق به أصل الإسلام وهذه الأنواع هي:

1- كفر التكذيب.

2- كفر الشك.

3- كفر الإعراض.

4- كفر الإباء.

5- كفر الجحود.

6- كفر الإعراض.

و من كفر الإباء والاستكبار: الامتناع عن متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاستجابة لما يدعو إليه، ولو مع التصديق بالقلب واللسان، وذلك ككفر أبي طالب، وكفر من أظهر الاعتراف بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود وغيرهم.



وأما جواب السؤال الثاني:

وهو ما يخرج به المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتداً، فجماعه ثلاثة أمور:

الأول: ما يضاد الإقرار بالشهادتين، وهو أنواع الكفر الستة المتقدمة، فمتى وقع من المسلم واحد منها نقض إقراره وصار مرتداً.



الثاني: ما يناقض حقيقة الشهادتين (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله):

أ- فحقيقة شهادة أن لا إله إلا الله: الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، وهذا يشمل التوحيد بأنواعه الثلاثة:

توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

و هذا يتضمن الإيمان بأنه - تعالى -رب كل شيء ومليكه، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وانه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، وأنه الموصوف بكل كمال والمنزه عن كل نقص، وأنه كما وصف نفسه وكما وصفه رسوله صلى الله عله وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل، على حق قوله - تعالى -(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) الشورى: 11.

و إقراده مع ذلك بالعبادة، والبراءة من كل ما يعبد من دونه.

و جملة ما يناقض التوحيد أمور:

1- جحد وجود الله، وهذا شر الكفر والإلحاد وهو مناقض للتوحيد جملة، ومنه القول بوحدة الوجود.

2- اعتقاد أن مع الله خالقاً، ومدبراً، ومؤثراً مستقلاً عن الله في التأثير والتدبير، وهذا هو الشرك في الربوبية.

3- اعتقاد أن لله مثلاً في شيء من صفات كماله، كعلمه، وقدرته.

4- تشبيهه - تعالى -بخلقه في ذاته أو صفاته أو أفعاله، كقول المشبه: له سمع كسمعي، وبصر كبصري، ويدخل في ذلك وصفه بالنقائص كالفقر والبخل والعجز، ونسبة الصاحبة والولد إليه.

5- اعتقاد أن أحداً من الخلق يستحق العبادة مع الله، وهذا هو اعتقاد الشرك في الألهية، ولو لم يكن معه عبادة لغير الله.

و هذه الأمور الخمسة كلها تدخل في كفر الاعتقاد وشرك الاعتقاد.

6- عبادة أحد مع الله بنوع من أنواع العبادة، وهذا هو الشرك في العبادة سواء اعتقد أنه ينفع ويضر، أو زعم أنه واسطة يقربه إلى الله زلفى، ومن ذلك السجود للصنم.

و الفرق بين هذا والذي قبله أن هذا من باب الشرك العملي المناقض لتوحيد العمل الذي هو إفراد الله بالعبادة، وذاك من باب الشرك في الاعتقاد المنافي لاعتقاد تفرد الله بالإلهية واستحقاق العبادة.

و لما بين الاعتقاد والعمل من التلازم صار يعبر عن هذا التوحيد بتوحيد الإلهية، وتوحيد العبادة، وعن ضده بالشرك في الإلهية، أو الشرك في العبادة.

7- جحد أسماء الله وصفاته أو شيء منها.

8- السحر، ويشمل:

* ما يفرَّق به بين المرء وزوجه كسحر أهل بابل.

* ما يسحل أعين الناس حتى ترى الأشياء على غير حقيقتها كسحر سحرة فرعون.

* ما يكون بالنفث في العقد كسحر لبيد بن الأعصم وبناته.

و هذه الأنواع تقوم على الشرك بالله بعبادة الجن أو الكواكب.

و أما السحر الرياضي وهو: ما يرجع إلى خفة اليد وسرعة الحركة، والسحر التمويهي وهو: ما يكون بتمويه بعض المواد بما يظهرها على غير حقيقتها فهذان النوعان من الغش والخداع وليسا من السحر الذي هو كفر.



ب - حقيقة شهادة أنَّ محمداً رسول الله: أن الله أرسله إلى جميع الناس بالهدى ودين الحق، وأنه خاتم النبيين، وأنه الصادق المصدوق في كل ما أخبر به، وأن هديه - صلى الله عليه وسلم - خير الهدي، وأن الإيمان به، وطاعته، ومحبته، وأتباعه واجب على كفر أحد.

و جملة ما يناقض حقيقة شهادة أن محمداً رسول الله أمور:

1- جحد رسالته - صلى الله عليه وسلم -، أو تكذيبه، أو الشك في صدقه.

2- جحد ختمه للنبوة، أو دعوى النبوة بعده - صلى الله عليه وسلم -، أو تصديق مدعيها، أو الشك في كذبه.

3- جحد عموم رسالته - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك اعتقاد أنه رسولٌ للعرب خاصة، أو دعوى ذلك، أو أن اليهود والنصارى لا يجب عليهم اتباعه، أو أن أحداً يسعه الخروج عن شريعته - صلى الله عليه وسلم - كالفيلسوف أو العارف من الصوفية ونحوهما.

4- تنقص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعيبه في شخصه، أو في هديه وسيرته.

5- السخرية من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاستهزاء به، او بشيء مما جاء به من العقائد، والشرائع.

6- تكذيبه - صلى الله عليه وسلم - في شيء مما أخبر به من الغيب مما يتعلق بالله، أو يتعلق بالملائكة، والكتب والرسل والمبدأ والمعاد والجنة والنار.



ج ما يناقض حقيقة الشهادتين جميعاً، ويشمل أموراً:

1- التكذيب بأن القرآن من عند الله، أو جحد سورة، أو آية، أو حرف منه، أو أنه مخلوق، أو أنه ليس كلام الله.

2- تفضيل حكم القانون الوضعي على حكم الله، ورسوله، أو تسويته به، أو تجويز الحكم به ولو مع تفضيل حكم الله ورسوله.

3- تحريم ما أحل الله، ورسوله، وتحليل ما حرم الله، ورسوله، أو الطاعة في ذلك.



تنبيه: ينبغي أن يعلم:

أولاً: أن ما تقدم من أنواع الردة منه ما لا يحتمل العذر كجحد وجود الله، وتكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يكفر به المعين بكل حال.

و منه ما يحتمل العذر بالجهل، أو التأويل..

مثل: جحد شيء مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار والشرائع، وهذا لا يكفر به المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه.

ثانياً: أن من أظهر شيئاً مما تقدم من أنواع الردة جاداً أو هازلاً أو مداهناً أو معانداً في خصومة أي غير مكره كَفَرَ بذلك لقوله - تعالى - (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.. الآية) النحل: 106.

و من ذلك: إظهار السجود للصنم مجاملة للمشركين، وطلباً للمنزلة لديهم، والنيل من دنياهم، مع دعوى أنه يقصد بذلك السجود لله أو لا يقصد السجود للصنم، فإنه بذلك مظهرٌ لكفر من غير إكراه، فيدخل في عموم قوله - تعالى -(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.. الآية) النحل: 106.



الثالث: ما يلزم منه لزوماً ظاهراً ويدل دلالة ظاهرة على عدم الإقرار بالشهادتين باطناً ن ولو أقر بهما ظاهراً وذلك يشمل أمور:

1- الإعراض عن دين الإسلام، لا يتعلمه، ولا يعمل به، ولا يبالي بما ترك من الواجبات، وما يأتي من المحرمات، ولا بما يجهل من أحكام.

و ينبغي أن يعلم أن المكلف لا يخرج من كفر الإعراض المستلزم لعدم إقراره بفعل أي خصلة من خصال البر، وشعب الإيمان، فإن من هذه الخصال ما يشترك الناس في فعله كافرهم ومؤمنهم كإماطة الأذى عن الطريق، وبر الوالدين، وأداء الأمانة.

و إنما يتحقق عدم هذا الإعراض، والسلامة منه بفعل شيء من الواجبات التي تختص بها شرعية الإسلام التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالصلاة والزكاة والصيام والحج إذا فعل شيئاً من ذلك إيماناً واحتساباً، قال شيخ الإسلام بن تيمية (فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد - صلى الله عليه وسلم -) من \" مجموع الفتاوى \" (7 / 621).

ملاحظة: هكذا وردت العبارة في \" الفتاوى \"، ولعل المناسب للسياق (مع عدم فعل شيء).

2- أن يضع الوالي قانوناً يتضمن أحكاماً تناقض أحكام قطعية من أحكام الشريعة معلومة من دين الإسلام بالضرورة، ويفرض الحكم به، والتحاكم إليه، ويعاقب من حَكَمَ بحكم الشريعة المخالف له، ويدعي مع ذلك الإقرار بوجوب الحكم بالشريعة شريعة الإسلام التي هي حكم الله ورسوله.

و من ذلك هذه الأحكام الطاغوتية المضادة لحكم الله ورسوله:

أ) الحكم بحرية الاعتقاد فلا يقتل المرتد، ولا يستتاب.

ب) حرية السلوك، فلا يجبر أحد على فعل الصلاة، ولا الصيام، ولا يعاقب على ترك ذلك.

ج) تبديل حد السرقة الذي هو قطع اليد بالتعزير والغرامة.

د) منع عقوبة الزانيين بتراضيهما إلا لحق الزوج أو نحو ذلك مما يتضمن إباحة الزنا وتعطيل حدِّه من الجلد والرجم.

هـ) الإذن بصناعة الخمر، والمتاجرة فيه، ومنع عقوبة شاربه.

3- تولي الكفار من اليهود والنصارى، والمشركين، بمناصرتهم على المسلمين، قال - تعالى -(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة: 51.

4- أن يترك المسلم الصلاة دائماً بحيث لا يصلى إلا مجاملة للناص إذا كان بينهم، ولو بغير طهارة، فإن ترك الصلاة على هذا الوجه لا يصدر ممن يقر بوجوبها في الباطن، فكفر بترك الإقرار بوجوب الصلاةº لا بمطلق ترك الصلاة الذي اختلف فيه أهل السنة، ولهذا يجب أن يفرق بين هذا وبين من يصلي لكنه لا يحافظ عليها فيتركها أحياناً ويقص في واجباتها، كما يدل على ذلك حديث عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن ولم يضيع من حقهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن جاء وليس عنده له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإنشاء أدخله الجنة).



قال شيخ الإسلام بن تيمية في \" مجموع الفتاوى \" (22 / 49):

(فأما من كان مصراً على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا لا إصرار، والترك، فهذا لا يكون مسلماً، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة بن الصامت.... وذكر الحديث فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها كما أمر الله - تعالى -، والذي يؤخرها أحياناً عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة الله - تعالى -، وقد يكون لهذا نوافل يكـمل بعها فرائضه كما جاء في الحديث).

و قال - رحمه الله - في الأمراء الذين أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها كما في \" مجموع الفتاوى 22 / 61 \" (و إن قيل وهو الصحيح أنهم كانوا يفوتونها فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمة بالصلاة في الوقت، وقال: أجعلوا صلاتكم معهم نافلة، ونهى عن قتالهم.. ومؤخرها عن وقتها فاسق والأمة لا يقاتلون بمجرد الفسق.. وهؤلاء الأئمة فساق وقد أمر بفعلها خلفهم نافلة) اهـ بتصرف.

5 ومنها تعمد إلقاء المصحف في الحش أو البول عليه، أو كتابته بالنجاسة، لا يصدر عمن يقر بأنه كلام الله - عز وجل - قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في \" مجموع الفتاوى 7 / 616 \" (و لا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه، مقر بأن الله أوجب عليه الصلاة، مقرا بأن الله أوجب عليه الصالة، ملتزماً لشرعية النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة، فيمتنع حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن، قد لا يكون إلا كافراً، ولو قال: أنا مقر بوجوبها، غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه، كما لو أخذ يلقي المصحف في الحش ويقول: أشهد أن ما فيه كلام الله، أو جعل يقتل نبياً من الأنبياء ويقول: اشهد أنه رسول الله، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب، فإذا قال: أنا مؤمن بقلبي، مع هذه الحال كان كاذباً فيما أظهره من القول).

أما قول السائل: (و هل سوء التربية عذراً في كفر من سب الله أو رسوله؟ )

فالجواب:

أن سب الله ورسوله من نواقض الإسلام البينة، لأنه استهانة بالله ورسوله، وذلك من يناقض ما تقتضيه الشهادتين من تعظيم لله ورسوله.

و سوء التربية ليس عذراً للمكلف في ترك واجب، ولا فعل محرم من سائر المحرمات فضلاً عما هو من أنواع الكفر بالله.

و لو صح أن سيء التربية عذر في شيء من ذلك لكان أولاء اليهود والنصارى وغيرهم معذورين في تهودهم، وتنصرهم، وهذا لا يقوله مسلم، ومن قال ذلك فهو كافر يُعرّف ويستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله مرتداً.

و في الصحيحين عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، فهل تحسون فيها من جدعاء؟ ) ثم يقول أبو هريرة: وأقرؤوا إن شئتم (فِطرَتَ الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) الروم: 30.

و قال - تعالى - (بل قالوا إنا جدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) الزخرف: 22.

هذا وأسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يحبب غلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا من الراشدين، إنه - تعالى -سميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.





جواب في الإيمان ونواقضه

الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك



الحمد لله الذي منَّ على من شاء بالإيمان، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً..أما بعد:

فقد سأل بعضُ طلاب العلم عن مسألة كثر فيها الخوض في هذه الأيام، وصورة السؤال: هل جنس العمل في الإيمان شرط صحة أو شرط كمال، وهل سوء التربية عذر في كفر من سب الله أو رسوله؟



و الجواب أن يقال: دل الكتاب والسنة على أن الإيمان اسم يشمل:

1- اعتقاد القلب، وهو تصديقه، وإقراره.

2- إقرار اللسان.

3- عمل القلب، وهو انقياده، وإرادته، وما يتبع ذلك من أعمال القلوب كالتوكل، والرجال، والخوف، والمحبة.

4- عمل الخوارج واللسان من الجوارح والعمل يشمل الأفعال والتروك القولية أو الفعلية.

قال الله - تعالى -(يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبلُ وَمَن يَكفُر بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَاليَومِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداًً) النساء: 136.

و قال - تعالى - (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) التغابن: 8.

و قال - تعالى - (آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله) البقرة: 285.

و قال - تعالى - (إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون [2] الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون [3] أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) الأنفال: 2-4.

و قال - تعالى - (ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَلَ المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) البقرة: 177.

و قال - تعالى -(و من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) النحل: 106.

و قال - تعالى -(و ما كان الله ليضيع إيمانكم) البقرة: 143.

و الآيات في هذا المعنى كثيرة.

و في \" الصحيحين \" عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس لما أتوا إليه، قال (من القوم؟ أو من الوفد؟ ) قالوا: ربيعة، قال (مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى) فقالوا: يا رسول الله، إنما لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام، وبيننا وبينك الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال (أتردون ما الإيمان بالله وحده؟ ) قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس، ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت وربما قال: المقير وقال (احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم).

و في \" الصحيحين \" عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان).

و في \" الصحيحين \" عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أي العمل أفضل؟ فقال (إيمان بالله ورسوله)، قيل: ثم ماذا؟ قال (الجهاد في سبيل الله) قيل: ثم ماذا؟ قال (حج مبرور).



و في \" صحيح مسلم \" عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

و قد استفاض عن أئمة أهل السنة مثل: مالك بن أنس، والأوزاعي، وابن جريج، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وغيرهم الكثير قولهم (الإيمان قول وعمل).

و أرادوا بالقول: قول القلب واللسان، وبالعمل: عمل القلب والجوارح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في \" العقيدة الواسطية \" (ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب، واللسان، والجوارح)

فظهر أن اسم الإيمان يشمل كل ما أمر الله به ورسوله من: الاعتقادات والإرادات، وأعمال القلوب، وأقوال اللسان، وأعمال الجوارح أفعالاً وتروكاً، فيدخل في ذلك فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات، والمكروهات، وإحلال الحلال، وتحريم الحرام.

و هذه الواجبات والمحرمات، بل والمستحبات والمكروهات، على درجات متفاوتة تفاوتاً كبيراً.

وبهذا يتبين أنه لا يصح إطلاق القول بأن العمل شرط صحة أو شرط كمال بل يحتاج إلى تفصيلº فإن اسم العمل يشمل عمل القلب وعمل الجوارح، ويشمل الفعل والترك، ويشمل الواجبات التي هي أصول الدين الخمسة، وما دونها، ويشمل ترك الشرك والكفر وما دونهما من الذنوب.

فأما ترك الشرك وأنواع الكفر والبراءة منها فهو شرط صحة لا يتحقق الإيمان إلا به.

و أما ترك سائر الذنوب فهو شرط لكمال الإيمان الواجب.

وأما انقياد القلب وهو إذعانه لمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما لابد منه لذلك من عمل القلب كمحبة الله ورسوله، وخوف الله ورجائه وإقرار اللسان وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله فهو كذلك شرط صحة لا يحقق الإيمان بدونهما.

وأما أركان الإسلام بعد الشهادتين فلم يتفق أهل السنة على أن شيئاً منها شرط لصحة الإيمانº بمعنى أن تركه كفر، بل اختلفوا في كفر من ترك شيئاً منها، وإن كان أظهر وأعظم ما اختلفوا فيه الصلوات الخمس، لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولما ورد في خصوصها مما يدل على كفر تارك الصلاةº كحديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه وغيره، وحديث بريده بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه نو سلم (إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه أصحاب السنن.

وأما سائر الواجبات بعد أركان الإسلام الخمسة فلا يختلف أهل السنة أن فعلها شرط لكمال إيمان العبد، وتركها معصية لا تخرجه من الإيمان.

و ينبغي أن يعلم أن المراد بالشرط هنا معناه الأعم، وهو ما تتوقف الحقيقة على وجوده سواء كان ركناً فيها أو خارجاً عنها، فما قيل فيه هنا أنه شرط للإيمان هو من الإيمان.

و هذا التفصيل كله على مذهب أهل السنة، والجماعة فلا يكون من قال بعدكم كفر تارك الصلاة كسلاً أو غيرها من الأركان مرجئاً، كما لا يكون القائل بكفره حرورياً.

و إنما يكون الرجل من المرجئة بإخراج أعمال القلوب والجوارح عن مسمى الإيمان فإن قال بوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، وترتب العقوبات فهو قول مرجئة الفقهاء المعروف وهو الذي أنكره الأئمة، وبينوا مخالفته لنصوص الكتاب والسنة.

و إن قال: لا يضر مع الإيمان ذنب، والإيمان هو المعرفة، فهو قول غلاة المرجئة الجهمية وهم كفار عند السلف.

و بهذا يظهر الجواب عن مسألة العمل في الإيمان هل هو شرط صحة أو شرط كمال، ومذهب المرجئة في ذلك وهذا ولا أعلم أحداً من الأئمة المتقدمين تكلم بهذا، وإنما ورد في كلام بعض المتأخرين.

و بهذا التقسيم والتفصيل يتهيؤ الجواب عن سؤالين:

أحدهما: بم يدخل الكافر الأصلي في الإسلام، ويثبت له حكمه؟

والثاني: بم يخرج المسلم عن الإسلام، بحيث يصير مرتداً؟



فأما الجواب عن الأول:

فهو أن الكافر يدخل في الإسلام، ويثبت له حكمه بالإقرار بالشهادتين (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) فمن أقر بذلك بلسانه دون قلبه ثبت له حكم الإسلام ظاهراً، وإن أقر بذلك ظاهراً وباطناً كان مسلماً على الحقيقة ومعه أصل الإيمان، إذ لا إسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام.

و هذا الإقرار الذي تثبت به حقيقة الإسلام يشمل ثلاثة أمور: تصديق القلب، وانقياده، ونطق اللسانº وبانقياد القلب ونطق اللسان يتحقق الإقرار ظاهراً وباطناً، وذلك يتضمن ما يعرف عن أهل العلم بالتزام شرائع الإسلامº وهو الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبما جاءه به وعقدُ القلب على طاعته، فمن خلا عن هذا الالتزام لم يكن مقراً على الحقيقة.

فأما التصديق: فضده التكذيب والشك والإعراض.

وأما الإنقياد: فإنه يتضمن الاستجابة، والمحبة، والرضا والقبول، وضد ذلك الإباء، والاستكبار والكراهة لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

و أما النطق باللسان: فضده التكذيب والإعراض، فمن صدق بقلبه وكذب بلسانه فكفره كفر جحود، ومن أقر بلسانه دون قلبه فكفره كفر نفاق.

فنتج عن هذا ستة أنواع من الكفر كلها ضد ما يتحقق به أصل الإسلام وهذه الأنواع هي:

1- كفر التكذيب.

2- كفر الشك.

3- كفر الإعراض.

4- كفر الإباء.

5- كفر الجحود.

6- كفر الإعراض.

و من كفر الإباء والاستكبار: الامتناع عن متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاستجابة لما يدعو إليه، ولو مع التصديق بالقلب واللسان، وذلك ككفر أبي طالب، وكفر من أظهر الاعتراف بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود وغيرهم.



وأما جواب السؤال الثاني:

وهو ما يخرج به المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتداً، فجماعه ثلاثة أمور:

الأول: ما يضاد الإقرار بالشهادتين، وهو أنواع الكفر الستة المتقدمة، فمتى وقع من المسلم واحد منها نقض إقراره وصار مرتداً.



الثاني: ما يناقض حقيقة الشهادتين (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله):

أ- فحقيقة شهادة أن لا إله إلا الله: الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، وهذا يشمل التوحيد بأنواعه الثلاثة:

توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

و هذا يتضمن الإيمان بأنه - تعالى -رب كل شيء ومليكه، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وانه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، وأنه الموصوف بكل كمال والمنزه عن كل نقص، وأنه كما وصف نفسه وكما وصفه رسوله صلى الله عله وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل، على حق قوله - تعالى -(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) الشورى: 11.

و إقراده مع ذلك بالعبادة، والبراءة من كل ما يعبد من دونه.

و جملة ما يناقض التوحيد أمور:

1- جحد وجود الله، وهذا شر الكفر والإلحاد وهو مناقض للتوحيد جملة، ومنه القول بوحدة الوجود.

2- اعتقاد أن مع الله خالقاً، ومدبراً، ومؤثراً مستقلاً عن الله في التأثير والتدبير، وهذا هو الشرك في الربوبية.

3- اعتقاد أن لله مثلاً في شيء من صفات كماله، كعلمه، وقدرته.

4- تشبيهه - تعالى -بخلقه في ذاته أو صفاته أو أفعاله، كقول المشبه: له سمع كسمعي، وبصر كبصري، ويدخل في ذلك وصفه بالنقائص كالفقر والبخل والعجز، ونسبة الصاحبة والولد إليه.

5- اعتقاد أن أحداً من الخلق يستحق العبادة مع الله، وهذا هو اعتقاد الشرك في الألهية، ولو لم يكن معه عبادة لغير الله.

و هذه الأمور الخمسة كلها تدخل في كفر الاعتقاد وشرك الاعتقاد.

6- عبادة أحد مع الله بنوع من أنواع العبادة، وهذا هو الشرك في العبادة سواء اعتقد أنه ينفع ويضر، أو زعم أنه واسطة يقربه إلى الله زلفى، ومن ذلك السجود للصنم.

و الفرق بين هذا والذي قبله أن هذا من باب الشرك العملي المناقض لتوحيد العمل الذي هو إفراد الله بالعبادة، وذاك من باب الشرك في الاعتقاد المنافي لاعتقاد تفرد الله بالإلهية واستحقاق العبادة.

و لما بين الاعتقاد والعمل من التلازم صار يعبر عن هذا التوحيد بتوحيد الإلهية، وتوحيد العبادة، وعن ضده بالشرك في الإلهية، أو الشرك في العبادة.

7- جحد أسماء الله وصفاته أو شيء منها.

8- السحر، ويشمل:

* ما يفرَّق به بين المرء وزوجه كسحر أهل بابل.

* ما يسحل أعين الناس حتى ترى الأشياء على غير حقيقتها كسحر سحرة فرعون.

* ما يكون بالنفث في العقد كسحر لبيد بن الأعصم وبناته.

و هذه الأنواع تقوم على الشرك بالله بعبادة الجن أو الكواكب.

و أما السحر الرياضي وهو: ما يرجع إلى خفة اليد وسرعة الحركة، والسحر التمويهي وهو: ما يكون بتمويه بعض المواد بما يظهرها على غير حقيقتها فهذان النوعان من الغش والخداع وليسا من السحر الذي هو كفر.



ب - حقيقة شهادة أنَّ محمداً رسول الله: أن الله أرسله إلى جميع الناس بالهدى ودين الحق، وأنه خاتم النبيين، وأنه الصادق المصدوق في كل ما أخبر به، وأن هديه - صلى الله عليه وسلم - خير الهدي، وأن الإيمان به، وطاعته، ومحبته، وأتباعه واجب على كفر أحد.

و جملة ما يناقض حقيقة شهادة أن محمداً رسول الله أمور:

1- جحد رسالته - صلى الله عليه وسلم -، أو تكذيبه، أو الشك في صدقه.

2- جحد ختمه للنبوة، أو دعوى النبوة بعده - صلى الله عليه وسلم -، أو تصديق مدعيها، أو الشك في كذبه.

3- جحد عموم رسالته - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك اعتقاد أنه رسولٌ للعرب خاصة، أو دعوى ذلك، أو أن اليهود والنصارى لا يجب عليهم اتباعه، أو أن أحداً يسعه الخروج عن شريعته - صلى الله عليه وسلم - كالفيلسوف أو العارف من الصوفية ونحوهما.

4- تنقص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعيبه في شخصه، أو في هديه وسيرته.

5- السخرية من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاستهزاء به، او بشيء مما جاء به من العقائد، والشرائع.

6- تكذيبه - صلى الله عليه وسلم - في شيء مما أخبر به من الغيب مما يتعلق بالله، أو يتعلق بالملائكة، والكتب والرسل والمبدأ والمعاد والجنة والنار.



ج ما يناقض حقيقة الشهادتين جميعاً، ويشمل أموراً:

1- التكذيب بأن القرآن من عند الله، أو جحد سورة، أو آية، أو حرف منه، أو أنه مخلوق، أو أنه ليس كلام الله.

2- تفضيل حكم القانون الوضعي على حكم الله، ورسوله، أو تسويته به، أو تجويز الحكم به ولو مع تفضيل حكم الله ورسوله.

3- تحريم ما أحل الله، ورسوله، وتحليل ما حرم الله، ورسوله، أو الطاعة في ذلك.



تنبيه: ينبغي أن يعلم:

أولاً: أن ما تقدم من أنواع الردة منه ما لا يحتمل العذر كجحد وجود الله، وتكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يكفر به المعين بكل حال.

و منه ما يحتمل العذر بالجهل، أو التأويل..

مثل: جحد شيء مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار والشرائع، وهذا لا يكفر به المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه.

ثانياً: أن من أظهر شيئاً مما تقدم من أنواع الردة جاداً أو هازلاً أو مداهناً أو معانداً في خصومة أي غير مكره كَفَرَ بذلك لقوله - تعالى - (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.. الآية) النحل: 106.

و من ذلك: إظهار السجود للصنم مجاملة للمشركين، وطلباً للمنزلة لديهم، والنيل من دنياهم، مع دعوى أنه يقصد بذلك السجود لله أو لا يقصد السجود للصنم، فإنه بذلك مظهرٌ لكفر من غير إكراه، فيدخل في عموم قوله - تعالى -(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.. الآية) النحل: 106.



الثالث: ما يلزم منه لزوماً ظاهراً ويدل دلالة ظاهرة على عدم الإقرار بالشهادتين باطناً ن ولو أقر بهما ظاهراً وذلك يشمل أمور:

1- الإعراض عن دين الإسلام، لا يتعلمه، ولا يعمل به، ولا يبالي بما ترك من الواجبات، وما يأتي من المحرمات، ولا بما يجهل من أحكام.

و ينبغي أن يعلم أن المكلف لا يخرج من كفر الإعراض المستلزم لعدم إقراره بفعل أي خصلة من خصال البر، وشعب الإيمان، فإن من هذه الخصال ما يشترك الناس في فعله كافرهم ومؤمنهم كإماطة الأذى عن الطريق، وبر الوالدين، وأداء الأمانة.

و إنما يتحقق عدم هذا الإعراض، والسلامة منه بفعل شيء من الواجبات التي تختص بها شرعية الإسلام التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالصلاة والزكاة والصيام والحج إذا فعل شيئاً من ذلك إيماناً واحتساباً، قال شيخ الإسلام بن تيمية (فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد - صلى الله عليه وسلم -) من \" مجموع الفتاوى \" (7 / 621).

ملاحظة: هكذا وردت العبارة في \" الفتاوى \"، ولعل المناسب للسياق (مع عدم فعل شيء).

2- أن يضع الوالي قانوناً يتضمن أحكاماً تناقض أحكام قطعية من أحكام الشريعة معلومة من دين الإسلام بالضرورة، ويفرض الحكم به، والتحاكم إليه، ويعاقب من حَكَمَ بحكم الشريعة المخالف له، ويدعي مع ذلك الإقرار بوجوب الحكم بالشريعة شريعة الإسلام التي هي حكم الله ورسوله.

و من ذلك هذه الأحكام الطاغوتية المضادة لحكم الله ورسوله:

أ) الحكم بحرية الاعتقاد فلا يقتل المرتد، ولا يستتاب.

ب) حرية السلوك، فلا يجبر أحد على فعل الصلاة، ولا الصيام، ولا يعاقب على ترك ذلك.

ج) تبديل حد السرقة الذي هو قطع اليد بالتعزير والغرامة.

د) منع عقوبة الزانيين بتراضيهما إلا لحق الزوج أو نحو ذلك مما يتضمن إباحة الزنا وتعطيل حدِّه من الجلد والرجم.

هـ) الإذن بصناعة الخمر، والمتاجرة فيه، ومنع عقوبة شاربه.

3- تولي الكفار من اليهود والنصارى، والمشركين، بمناصرتهم على المسلمين، قال - تعالى -(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة: 51.

4- أن يترك المسلم الصلاة دائماً بحيث لا يصلى إلا مجاملة للناص إذا كان بينهم، ولو بغير طهارة، فإن ترك الصلاة على هذا الوجه لا يصدر ممن يقر بوجوبها في الباطن، فكفر بترك الإقرار بوجوب الصلاةº لا بمطلق ترك الصلاة الذي اختلف فيه أهل السنة، ولهذا يجب أن يفرق بين هذا وبين من يصلي لكنه لا يحافظ عليها فيتركها أحياناً ويقص في واجباتها، كما يدل على ذلك حديث عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن ولم يضيع من حقهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن جاء وليس عنده له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإنشاء أدخله الجنة).



قال شيخ الإسلام بن تيمية في \" مجموع الفتاوى \" (22 / 49):

(فأما من كان مصراً على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا لا إصرار، والترك، فهذا لا يكون مسلماً، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة بن الصامت.... وذكر الحديث فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها كما أمر الله - تعالى -، والذي يؤخرها أحياناً عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة الله - تعالى -، وقد يكون لهذا نوافل يكـمل بعها فرائضه كما جاء في الحديث).

و قال - رحمه الله - في الأمراء الذين أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها كما في \" مجموع الفتاوى 22 / 61 \" (و إن قيل وهو الصحيح أنهم كانوا يفوتونها فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمة بالصلاة في الوقت، وقال: أجعلوا صلاتكم معهم نافلة، ونهى عن قتالهم.. ومؤخرها عن وقتها فاسق والأمة لا يقاتلون بمجرد الفسق.. وهؤلاء الأئمة فساق وقد أمر بفعلها خلفهم نافلة) اهـ بتصرف.

5 ومنها تعمد إلقاء المصحف في الحش أو البول عليه، أو كتابته بالنجاسة، لا يصدر عمن يقر بأنه كلام الله - عز وجل - قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في \" مجموع الفتاوى 7 / 616 \" (و لا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه، مقر بأن الله أوجب عليه الصلاة، مقرا بأن الله أوجب عليه الصالة، ملتزماً لشرعية النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة، فيمتنع حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن، قد لا يكون إلا كافراً، ولو قال: أنا مقر بوجوبها، غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه، كما لو أخذ يلقي المصحف في الحش ويقول: أشهد أن ما فيه كلام الله، أو جعل يقتل نبياً من الأنبياء ويقول: اشهد أنه رسول الله، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب، فإذا قال: أنا مؤمن بقلبي، مع هذه الحال كان كاذباً فيما أظهره من القول).

أما قول السائل: (و هل سوء التربية عذراً في كفر من سب الله أو رسوله؟ )

فالجواب:

أن سب الله ورسوله من نواقض الإسلام البينة، لأنه استهانة بالله ورسوله، وذلك من يناقض ما تقتضيه الشهادتين من تعظيم لله ورسوله.

و سوء التربية ليس عذراً للمكلف في ترك واجب، ولا فعل محرم من سائر المحرمات فضلاً عما هو من أنواع الكفر بالله.

و لو صح أن سيء التربية عذر في شيء من ذلك لكان أولاء اليهود والنصارى وغيرهم معذورين في تهودهم، وتنصرهم، وهذا لا يقوله مسلم، ومن قال ذلك فهو كافر يُعرّف ويستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله مرتداً.

و في الصحيحين عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، فهل تحسون فيها من جدعاء؟ ) ثم يقول أبو هريرة: وأقرؤوا إن شئتم (فِطرَتَ الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) الروم: 30.

و قال - تعالى - (بل قالوا إنا جدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) الزخرف: 22.

هذا وأسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يحبب غلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا من الراشدين، إنه - تعالى -سميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply