مفهوم الإيمان كما جاء في القرآن ( 7 – 10 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





لا ريب أن مفهوم الإيمان عندما نصل إليه من خلال القرآن وتوضيح سيد الأنام - عليه أفضل الصلاة والسلام - هو الوسطية بعينها في هذا الباب، وهو الاستقامة والاعتدالº لذلك حرصت على إيضاح مفهوم الإيمان كما جاء في القرآن والسنة خصوصاً، وأن الناس قد وقعوا في الإفراط والتفريط لبعدهم عن الوحيين الكتاب والسنة.



في حد الإيمان وتفسيره

حدود الأشياء وتفسيرها الذي يوضحها، تتقدم أحكامها:فإن الحكم على الأشياء فرع عن تصورها، فمن حكم على أمر من الأمور قبل أن يحيط علمه بتفسيره، ويتصوره تصوراً يميّزه عن غيره أخطأ خطأ فاحشاً.

أما حد الإيمان وتفسيره، فهو: (التصديق الجازم، والاعتراف التام بجميع ما أمر الله ورسوله بالإيمان به، والانقياد ظاهراً وباطناًº فهو تصديق القلب واعتقاده المتضمن لأعمال القلوب وأعمال البدن. وذلك شامل للقيام بالدين كله) (1)

ولهذا كان الأئمة والسلف يقولون: الإيمان قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح. وهو: قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية فهو يشمل عقائد الإيمان، وأخلاقه، وأعماله فالإقرار والاعتراف بما لله - تعالى- من الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال الناشئة عن أسمائه وصفاته. هو من أعظم أصول الإيمان وكذلك الاعتراف بما لله من الحقوق الخاصة وهو: التألّه والتعبّد لله ظاهراً وباطناً من أصول الإيمان والاعتراف بما أخبر الله به عن ملائكته وجنوده، والموجودات السابقة واللاحقة، والإخبار باليوم الآخر، كل هذا من أصول الإيمان، (2)

وكذلك الإيمان بجميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وما وُصفوا به في الكتاب والسنة من الأوصاف الحميدة، كل هذا من أصول الإيمان.

كما أن أعظم أصول الإيمان: الاعتراف بانفراد الله بالوحدانيّة والألوهية، وعبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص الدين لله، والقيام بشرائع الإسلام الظاهرة، وحقائقه الباطنة، كل هذا من أصول الإيمان، ولهذا رتب الله على الإيمان دخول الجنة والنجاة من النار، ورتب عليه رضوانه والفلاح والسعادة، ولا يكون ذلك إلا بما ذكرنا: من شموله للعقائد وأعمال القلوب، وأعمال الجوارح. لأنه متى فات شيء من ذلك: حصل من النقص وفوات الثواب، وحصول العقاب بحسبه بل أخبر الله - تعالى -: أن الإيمان المطلق تُنال به أرفع المقامات في الدنيا: وأعلى المنازل في الآخرة، فقال - تعالى -: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصد يقون...) (3)

والصدّيقون هم أعلى الخلق درجة بعد درجة الأنبياء: في الدنيا، وفي منازل الآخرة.وأخبر في هذه الآية: أن من حقق الإيمان به وبرسله، نال هذه الدرجة، ويفسر ذلك ويوضحه ما ثبت في الصحيحين - صلى الله عليه وسلم - قال: \"إن أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف في الجنة، كما تراؤون الكوكب الشرقي أو الغربي في الأفق، لتفاضل ما بينهم، فقالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين\"(4)

وإيمانهم بالله وتصديقهم للمرسلين: في ظاهرهم وباطنهم في عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم، وفي كمال طاعتهم لله ولرسله. فقيامهم بهذه الإيمان العام الشامل، وما يتبعه: من الانقياد والاستسلام، وأثنى على من قام به، فقال في أعظم آيات الإيمان: (قولوا: آمنا بالله وما أُنزل إلينا، وما أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتى موسى وعيسى، وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم، ونحن له مسلمون) (5)

فأمر الله عباده بالإيمان بجميع هذه الأصول العظيمة والإيمان الشامل بكل كتاب أنزله الله، وبكل رسول أرسله، وبالإخلاص والاستسلام والانقياد له وحده بقوله: (ونحن له مسلمون).

كما أثنى على المؤمنين في آخر السورة بالقيام بذلك، فقال: (آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير) (6)

فأخبر: أن الرسول ومن معه من المؤمنين، آمنوا بهذه الأصول ولم يفرقوا بين أحد من الأنبياء، بل آمنوا بهم: أن يحقق لهم ذلك وأن يعفو عن تقصيرهم ببعض حقوق الإيمان، وأن مرجع الخلائق كلهم ومصيرهم إلى الله يجازيهم بما قاموا به حقوق الإيمان، وما ضيعوه منها كما قال - تعالى -عن أتباع الأنبياء عيسى وغيره إنهم قالوا: (ربنا آمنا بما أنزلت، واتبعنا الرسول: فاكتبنا مع الشاهدين) (7)

فآمنوا بقلوبهم، والتزموا بقلوبهم، وانقادوا بجوارحهم، وسألوا الله أن يكتبهم مع الشاهدين له بالتوحيد وأن يحقق لهم القيام به: قولاً، وعملاً، واعتقاداً.

وقال - تعالى -: (إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون، والذين يقيمون الصلاة، ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقاً، لهم درجات عند ربهم، ومغفرة، ورزق كريم) (8)

فوصف الله المؤمنين بهذه الصفات المتضمنة للقيام بالإيمان به إيماناً: ظهرت آثاره في عقائدهم وأقوالهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة، وأنه مع ثبوت الإيمان في قلوبهم يزداد إيمانهم كلّما تُليت عليهم آيات الله، ويزداد خوفهم ووجلهم كلما ذُكر الله، وهو في قلوبهم وسرهم، متوكلون على الله، ومعتمدون في أمورهم كلها عليه، ومفوضون أمورهم إليه، وهم مع ذلك يقيمون الصلاة فرضها ونفلها: يقيمونها ظاهراً وباطناً، ويؤتون الزكاة، وينفقون النفقات الواجبة والمستحبة. ومن كان على هذا الوصف فلم يبق من الخير مطلباً، ولا من الشر مهرباً. ولهذا قال: (أولئك هم المؤمنون حقاً)، الذين يستحقون هذا الوصف على الحقيقة، ويحققون القيام به ظاهراً وباطناً، ثم ذكر ثوابهم الجزيل المغفرة المؤدية لزوال كل شر ومحذور، ورفعة الدرجات عند ربهم، والرزق الكريم المتضمن من النعم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وقال - تعالى -: (قد أفلح المؤمنون: الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون، أولئك هم الوارثون، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) (9)

ففسر الله الإيمان في هذه الآيات بجميع هذه الخصال، فإنه أخبر بصلاح المؤمنين، ثم وصفهم بقوله: (الذين هم في صلاتهم خاشعون) إلى آخر الآيات المذكورة فمن استكمل هذه الأوصاف فهو المؤمن حقاً. ومضمونها: القيام بالواجبات الظاهرة والباطنة، واجتناب المحرمات والمكروهات. وبتكميلهم للإيمان استحقوا ورثة جنات الفردوس التي هي أعلى الجنات، كما أنهم قاموا بأعلى الكماليات.

وهذه صريحة في أن الإيمان يشمل عقائد الدين وأخلاقه، وأعماله الظاهرة والباطنه. ويترتب على ذلك: أنه يزيد بزيادة هذه الأوصاف والتحقق بها، وينقص بنقصها، وأن الناس في الإيمان درجات متفاوتة بحسب تفاوت هذه الأوصاف. (10)

ولهذا كانوا ثلاث درجات: سابقون مقربون، وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات، ومقتصدون، وهم: الذين قاموا بالواجبات، وتركوا المحرمات، وظالمون لأنفسهم، وهم: الذين تركوا بعض واجبات الإيمان، فعلوا بعض المحرمات، كم ذكرهم الله بقوله: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، ذلك هو الفضل الكبير). (11)

وقد يعطف الله على الإيمان، والأعمال الصالحة أو التقوى أو الصبر، للحاجة إلى ذكر المعطوف، لئلا يظن الظان أن الإيمان يُكتفى فيه بما في القلب، فكم في القرآن من قوله (12): (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ثم ذكر خبراً عنهم. والأعمال الصالحات: من الإيمان، ومن لوازم الإيمان. وهي التي يتحقق بها الإيمان. فمن ادعى أنه مؤمن وهو لم يعمل بما أمر الله به ورسوله من الواجبات، ومن ترك المحرمات فليس بصادق في إيمانه، وهذا من وسطية القرآن واستقامته واعتداله وحكمته في هذا الباب.

كما يقرن بين الإيمان والتقوى، في مثل قوله - تعالى -: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) (13)

فذكر الإيمان الشامل لما في القلوب: من العقائد والإرادات الطيبة، والأعمال الصالحة، ولا يتم للمؤمن ذلك حتى يتقى ما يسخط الله من الكفر والفسوق والعقبات ولهذا حقق ذلك بقوله: (وكانوا يتقون)

كما وصف الله بذلك خيار خلقه، بقوله: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم، وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان، أولئك هم الراشدون، فضلاً من الله ونعمة، والله عليكم حكيم). (14)

فهذه أكبر المنن أن يحبب الله الإيمان للعبد، ويزينه في قلبه، ويذيقه حلاوته، وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام، ويبغّض الله إليه أصناف المحرمات، والله عليم بمن يستحق أن يتفضل عليه بهذا الفضل، حكيم في وضعه في محله اللائق به، كما ثبت في الصحيح من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب الله إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع عن دينه، كما يكره أن يُقذف في النار) (15)

فذكر أصل الإيمان الذي هو محبة الله ورسوله، ولا يُكتفى بمطلق المحبة، بل لابد أن تكون محبة الله مقدمة على جميع المحاب، وذكر تفريضها: بأن يحب لله، ويبغض لله فيحب الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحينº لأنهم قاموا بمحاب الله واختصهم من بين خلقه، وذكر دفع ما يناقضه وينافيه، وأنه يكره أن يرجع عن دينه أعظم كراهة، تقدر أعظم من كراهة إلقائه في النار.

وأخبر في هذا الحديث: أن للإيمان حلاوة في القلب، إذا وجدها العبد سلته عن المحبوبات الدنيوية، وعن الأغراض النفسية، وأوجبت له الحياة الطيبة، فإن من أحب الله ورسوله لهج بذكر الله طبعاً فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره واجتهد في متابعة الرسول، وقدّم متابعته على كل قول، وعلى إرادة النفوس وأعراضها. من كان كذلك. فنفسه مطمئنة مستحلية للطاعات، قد انشرح صدر صاحبها للإسلام، فهو على نور من ربه، وكثير من المؤمنين لا يصل إلى هذه المرتبة العالية (ولكل درجات مما عملوا... ). (16)

وكذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: \"الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان) (17) وهذا صريح: أن الإيمان يشمل أقوال اللسان، وأعمال ألجوارح، والاعتقادات والأخلاق، والقيام بحق الله، والإحسان إلى خلقه. فجمع في هذا الحديث بين أعلاه وأصله وقاعدته وهو قول: لا إله إلا الله، اعتقاداً، وتألّهاً، وإخلاصاً لله وبين أدناه، وهو: إماطة العظم والشوكة، وكل ما يؤذي عن الطريق فكيف بما فوق ذلك: من الإحسان وذكر الحياء، - والله أعلم - لأن الحياء به حياة الإيمان، وبه يدع العبد كل فعل قبيح كما به يتحقق كل خلق حسن، وهذه الشعب المذكورة في هذا الحديث هي جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة.

وهذا أيضاً صريح في أن الإيمان يزيد وينقص بحسب زيادة هذه الشرائع والشعب واتصاف العبد بها أو عدمه، ومن المعلوم أن الناس يتفاوتون فيها تفاوتاً كبيراً، فمن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فقد خالف السنة مع مخالفته لنصوص الشارع كما ترى (18) والانقياد لحكم الله ورسوله من علامات الإيمان قال - تعالى -: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلموا تسليماً) (19)

فأقسم - تعالى -أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله، ولا يبقى في قلوبهم حرج وضيق من حكمه وينقادوا له انقياداً، وينشرحوا لحكمه. وهذا شامل في تحكيمه في أصول الدين، وفي فروعه، وفي الأحكام الكلية، والأحكام الجزئية. (20)

وفي صحيح البخاري عن أنس مرفوعاً: \"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه\". (21)

وذلك يقتضي أن يقوم بحقوق إخوانه المسلمين الخاصة والعامة، فإنه من الإيمان، ومن لم يقم بذلك ويحب لهم ما يحب لنفسه، فإنه لم يؤمن الإيمان الواجب، بل نقص إيمانه بقدر ما نقص من الحقوق الواجبة عليه. (22)

وفي صحيح مسلم من حديث العباس بن عبد المطلب(23) - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً\" (24) والرضا بذلك يقتضي الفرح بذلك، والسرور بربوبية الله له، وحسن تدبيره وأقضيته عليه، وأن يرضى بالإسلام ديناً، ويفرح به، ويحمد الله على هذه النعمة التي هي أكبر المننº إذ رضي الله له الإسلام ووفقه له، واصطفاه له. ويرضى بمحمد- صلى الله عليه وسلم - نبياًº إذ هو أكمل الخلق، وأعلاهم في كل صفه كمال، وأمته وأتباعه أكمل الأمم وأعلاهم، وأرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.

فالرضا بنبوة الرسول ورسالته، واتباعه من أعظم ما يثمر الإيمان، ويذوق به العبد حلاوته، قال - تعالى -: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (25)

قال - تعالى -(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم). (26)

فكيف لا يرضى المؤمن بهذا الرسول الكريم الرؤوف الرحيم، الذي أقسم الله أنه لعلى خلق عظيم، وأشرف مقام للعبد انتسابه لعبودية الله، واقتداؤه برسوله، ومحبته واتباعه، وهذا علامة محبة الله، وباتباعه تتحقق المحبة والإيمان.

قال - تعالى -: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم... ) (27)

وفي صحيح مسلم من حديث سفيان بن عبد الله الشقفي قال قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً، لا أسال عنه أحداً بعدك. قال: (قل آمنت بالله ثم استقم). (28)

فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه- الوصية الجامعة أن العبد إذا اعترف بالإيمان قولاً وعملاً، فعلاً وتركاً -: فقد كمل أمره، واستقام على الصراط المستقيم، ورُجي له فلاح الدارين.

وبعد هذا العرض الموجز لمفهوم الإيمان كما جاء في القرآن، ووضحته أحاديث سيد ولد عدنان - عليه أفضل الصلاة والسلام - يتضح لنا مفهوم الإيمان بعيداً على من أنكره جملة كالملاحدة، أو انحرف في فهم حقيقته كالفلاسفة، أو حرّفوه عن أصله كاليهود أو ضلّوا عن تصوّر معانيه والوقوف على ماهيته كالنصارى، وبذلك يتضح لنا مفهوم الإيمان ووسطية واستقامة واعتدال القرآن الكريم في عرضه.

وابتعدت عن أقوال من وقع في البدع في حقيقة هذا الجانب من المعتزلة والأشاعرة والخوارج والمرجئة و الجهمية، واكتفيت بقول واعتقاد أهل السنة والجماعة الذين هم الصحابة - رضي الله عنهم -، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين رحمة الله عليهم أجمعين، ثم أصحاب الحديث ومن تبعهم من الفقهاء جيلاً فجيلاً إلى يومنا هذا، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها رحمة الله عليهم (29) وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النجاة لا تكون إلا لمن كان على ما كان عليه رسول الله وأصحابه ومن تابعهم إلى يوم الدين. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (.... وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة، قالوا وما هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي) (30)



--------------------

الهوامش:

1-التوضيح والبيان لشجرة الإيمان للسعدي ص (9)

2-انظر: التوضيح والبيان لشجرة الإيمان ص (10)

3-سورة الحديد آية (19)

4-أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة (ج4 /ص 105)

5-سورة البقرة آية 136

6-سورة البقرة، آية 285

7-سورة آل عمران آية 53

8-سورة الأنفال آية 2-4

9-سورة المؤمنون آية 1 إلى 11

10-انظر: التوضيح والبيان ص (16)

11-سورة فاطر آية 32

12-سورة البقرة آية 277 يونس آية (9)

13-سورة يونس آية 62، 63

14-سورة الحجرات آية 7-8

15-رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان (ج1 / 11) رقم 14

16-من سورة الأنعام آية 132

17-رواه مسلم شرح النووي، كتاب الإيمان باب الحياء شعبه من شعب الإيمان (ج2/6)

18-انظر: التوضيح والبيان ص (23)

19-سورة النساء آية 65

20-انظر: التوضيح والبيان ص 23

21-رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب الإيمان أن تحب لأخيك (ج1 / 11)

22-انظر: التوضيح والبيان ص (24)

23-هو العباس بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي القرشي ابو الفضل عم النبي - صلى الله عليه وسلم - اسلم قبل عام الفتح وقدمه عمر في صلاة الاستسقاء وتوفي عام 32 هـ.

24-رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب من رضي بالله وبالإسلام وبمحمد ديناً(ج1 /62)

25-سورة آل عمران آية 164

26-سورة التوبة آية 128

27-سورة آل عمران آية 31

28-مسلم، كتاب الإيمان، باب جامع أوصاف الإسلام (ج1 /65)

29-انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل(ج2/113)

30-رواه الترمذي: كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (ج5 /26) رقم الحديث 2641 وحسّنه.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply