بسم الله الرحمن الرحيم
حينما أقول: إنه تجب العناية أولاً بالتوحيد ومحاربة البدع والشركياتº فهذا لا يعني أن يغفل الدعاة الجوانب الأخرى من تحقيق المصالح، ودرء المفاسد، وعلاج الانحرافات الاجتماعية والخلقية والفكرية والسياسية والاقتصادية ـ وما أثقلها وأعظمها وأعقدها ـ إنما أقول: إن الداعية يجب عليه أن يهتم بكل شيء يهم الإسلام والمسلمين ـ مهما صغر أو قل ـ ولو قصر في شيء كان ملوماً بقدر تقصيره فيما يقدر عليه، وهذا هو مقتضى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح الذي أمر الله به، وأمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم -. فاهتمام الداعي المصلح لابد أن يأخذ صفة الشمول في الإصلاح، لكن يكون للأولويات اعتبار بحيث يبدأ بما بدأ بالله به، وبدأ به رسله الكرام جميعاً، وما بدأ به رسولنا - صلى الله عليه وسلم - على وجه الخصوص، وهو: التوحيدº فيبدأ بالأخطر والأعظم ظلماً وهو الشرك والبدع وفساد العقائد، وفي الوقت نفسه يسعى إلى الإصلاح وينهى عن الفساد.
وهناك أمر يغفل عنه الكثيرون، ألا وهو أن صلاح أحوال الناس في معاشهم وأخلاقهم مرتبط بسلامة توحيدهم وعقيدتهم، قال الله - تعالى -: (وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ, مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ)(الأعراف: من الآية96).
والإيمان والتقوى لا يتحققان إلا بصحة الاعتقاد وسلامة العبادةº إذ قبول الأعمال الصالحة المفروضة منها والمسنونةº كالصلاة والزكاة والصيام والحج والدعاء والإحسان إلى الناس، والبر والصدق والعفاف والصلة، كل ذلك وغيره مرتبط بصحة الاعتقاد، وصحة الاتباع، وبالإخلاص لله - تعالى -وحده، وأن يكون العمل صواباً على مقتضى أمر الله - تعالى -ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ومما يؤسف له أن بعض الحركات لا تكتفي بالاستهانة بهذا الواجب العظيم والتخلي عنه ـ وهو تطهير عقائد المسلمين وعباداتهم ـ بل تلمز من يقوم بذلك، وترى أن هذا المنهج عقيم ناتج عن قصور التفكير وضيق الأفق! وأحياناً تدعى أن ذلك اهتمام بالقشور! ويتمثل هذا في الذين يأخذون على الدعوات السنية- كأنصار السنة والسلفيين وأهل الحديث اهتمامهم بتخليص الأمة من البدع والخرافات وعنايتهم بتصحيح العقائد، نعم قد يكون لدى هذه الجماعات شيء من القصور والأخطاء في الأساليب، أما اهتمامهم بالعقيدة والعبادة ومحاربتهم البدع فهي منقبة كبرى تُحمد لهم، ويمدحون بها، بل إن اهتمام هذه الدعوات بالعقيدة ومحاربة الشركيات والبدع يؤيد القول بأنها من الدعوات التي تنسب إلى أهل السنة والجماعة، والطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، لتوافر أكثر صفاتهم فيها أكثر من غيرها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد