حماية بيت المقدس حق للمسلمين لا اليهود


 

بسم الله الرحمن الرحيم



نحن المسلمين نؤمن عن يقين نابع من الإسلام أن بيت المقدس وما حوله إنما هو أرض مقدسة لا نستطيع أن نفرط فيها إلا إذا فرطنا في تعاليم ديننا.



وغني عن التأكيد أننا وحدنا في الأرض بالأمس واليوم الذين نؤمن بكل الأنبياء ونكرمهم وننزههم من كل نقص..بدءاً من آدم وإبراهيم ونوح..وحتى موسى وعيسى ومحمد عليه جميعاً السلام وليس في ديننا نص واحد، لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة ينسب إلى أي نبي فاحشة أو جريمة أو كذباً.

ولأن يقبل إيمان المسلم إلا إذا آمن بكل الأنبياء، وأنزلهم جميعاً منزلة كريمة ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) البقرة: (285).



( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) (البقرة: 136).



وفي القرآن الكريم عشرات الآيات التي تتناول كل نبي على حدة، تثبت له كل كريم من الخلق، وتنفي عنه كل ما حاول بعضهم إلصاقه به، وتحكي للمسلم قصة جهاده في أداء رسالته، وما لاقاه من الأذى المادي والمعنوي لتوحي إلى المسلم أن يحذو حذوه، لأن رسالة الأنبياء منذ نوح وحتى محمد رسالة واحدة تنبع من مصدر واحد، وتهدف إلى غايات واحدة، ويكمل بعضها بعضاً.



وبالتالي، وانطلاقاً من هذا الإيمان الكامل نقف نحن المسلمين حماة لكل التراث والمقدسات الدينية السماوية، وذلك بأمر ديننا الذي مثل آخر حلقة في سلسلة الوحي السماوي، والذي حمل أتباعه نتيجة هذا مسؤولية إنسانية عامة:

( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )(آل عمران: 110).

( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل ) (الحج: 78).

وإن حقيقة هذه المسؤولية العامة وقيمتها لتتضح إذا قارناها بالموقف اليهودي من الأنبياء، وهو ذلك الموقف الذي لا يؤهلهم لأي لون من ألوان الحماية أو الهيمنة على أية مقدسات دينية في الأرض.



إن التوراة نفسها والإنجيل والقرآن أيضاً تصفهم في مواضع عديدة بأنهم قتلة الأنبياء ومشوهوهم وأولاد الأفاعي، والضالون والعميان، والملعونون بكفرهم.

قال الرب: (ها أنذا جالب شراً على أورشليم، ويهوذا وأدفعهم إلى أيدي أعدائهم غنية ونهباً لجميع أعدائهم، لأنهم عملوا الشر في عيني).

وتقول (ها أنذا جالب الشر على هذا الموضع وسكانه من أجل أنهم تركوني، وأوقدوا لآلهة أخرى لكي يغيظوني بكل عمل أيديهم، فيشتعل غضبي على هذا الموضع ولا ينطفئ).



وتقول (إن الله قال: اذهب: قل لهذا الشعب، اسمعوا سمعاً، ولا تقهقهوا، وأبصروا إبصاراً، ولا تعرفوا غلط قلب هذا الشعب، وثقل أذنيه، وأطمس عينيه، لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه).

وتقول (وصار مرشدو هذا الشعب مضلين، لأجل ذلك لا يفرح الرب بفتيانه، ولا يرحم أيتامه وأرامله، لأن كل واحد منهم منافق وفاعل شر).



وتسجل كتبهم التاريخية أنهم قتلوا من الأنبياء حزقيال، وأشعيا بن آموص، وآرميا، وزكريا ويحيى بن زكريا، كما أنهم حاولوا قتل عيسى، ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وتواطؤا ضدهما وضد أتباعهما.



وفي التوراة أن إسرائيل النبي يعقوب أصرّ على محق العرب الكنعانيين وعدم الاعتراف لكنعان بحق الحياة (حتى لو اعتنق العرب اليهودية)، لأنها دين إسرائيل وحده، وهذا أمر محرف، لأن يعقوب نبي الله ولا يصدر عنه هذا التصرف الظالم.



وفيها أيضاً أن كل البشر غير اليهود كلاب وخدم لليهود ففي أصل الديانة، وهي تقول على لسان اليهود:

(لم نأخذ أرضاً لعرب، ولم نستول على شيء لأجنبي، ولكنه ميراث آبائنا الذي كان أعداؤنا قد استولوا عليه ظلماً).

ويقول: (استيلاء اليهود على ما يملكه الغوييم أي غير اليهود حق، وعمل تصحبه المسرة الدائمة). ويقول: (يستحق القتل كل الغوييم أي غير اليهود- حتى ذوو الفضل منهم).



فهل يمكن أن يؤتمن ناس هذه تعاليم كتبهم المقدسة على التراث الديني أو على الحضارة البشرية؟ ويقول القرآن الكريم ( ذلك بأنهم كفروا بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق )(البقرة: 61).

فهل يصلح ناس هذا موقفهم لحماية تراث الأنبياء؟

وأين موقف الإسلام والمسلمين من موقف اليهودية واليهود؟



ومن يا ترى أولى بحفظ هذا التراث وحمايته؟

والمسلمون منذ أربعة عشر قرناً ينظرون إلى بيت المقدس نظرة تقديس، على أنه مركز لتراث ديني كبير تجب حمايته، وهم يربطون ربطاً كاملاً وثيقاً بين المسجد الحرام في مكة، والمسجد الأقصى في القدس، وينظرون إلى القدس نظرة تقترب من نظرتهم إلى مكة.. فإليهم يشدون الرحال، وفي كليهما تراث ديني ممتد في التاريخ، فإذا كان أبو الأنبياء إبراهيم قد وضع قواعد الكعبة في مكة، فإن جسده الشريف يرقد على مقربة من القدس في الخليل فيما يرى كثير من الرواة والمؤرخين وإذا كان المسلمون في كل بقاع الأرض أصبحوا يتجهون في صلاتهم إلى المسجد الحرام، فإنهم لا ينسون أن نبيهم محمداً وأسلافهم الصالحين قد اتجهوا قبل نزول آيات حديث القبلة إلى الكعبة- إلى المسجد الأقصى أولى القبلتين.. ولا زالت مدينة الرسول - عليه الصلاة والسلام - تضم مسجداً يسمى مسجد القبلتين شاهداً حياً على الترابط الديني بين مكة والقدس، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى.



وإذا ذكر المسلم بحسه الديني الممتد ووعيه التاريخي الإسلامي بيت المقدس فإنه يذكر أنه المكان الذي كلم الله فيه موسى، وتاب على داود وسليمان، وبشر زكريا بيحيى، وسخر لداود الجبال والطير، وأوصى إبراهيم وإسحاق أن يدفنا فيه، وفيه ولد عيسى، وتكلم في المهد، وأنزلت عليه المائدة، ورفع إلى السماء، وماتت مريم، إن هذا هو موقف المسلم من الأنبياء وتراثهم، ومن بيت المقدس، وهو موقف يقوم على التقدير والتقديس والشعور بالمسؤولية الدينية والتاريخية.



وعلى العكس من هذا الإحلال الإسلامي لبيت المقدس، وللأنبياء والأخيار الذين اتصلوا به كان موقف اليهود فكل هؤلاء الأبرار الذين ذكرناهم وغيرهم قد نالهم من اليهود كثير من الأذى، ولولا عناية الله بهم لما أدوا رسالتهم، ولولا تنزيه القرآن لهم ودفاعه عنهم لوصل تاريخهم إلى البشرية مشوهاً بتأثير تحريف اليهود عليهم، وظلمهم لهم، كما نقلنا عن توراتهم في النصوص السابقة.

إن المسلم إزاء كل هذا يحس بمسئوليته الدينية العامة تجاه بيت المقدس، باعتباره مركزاً أساساً لتراث النبوة.



ووفقاً لتعاليم الإسلام فإنه ليس مسلم من لا يحمي تراث الأنبياء، - كل الأنبياء من التدمير المادي أو التشويه المعنوي، وهو الأمر الذي سعى إليه اليهود في كل تاريخهم على مستوى الفكر حين حرفوا التوراة، وابتدعوا التلمود وملؤها بما لا يرضى الله ولا يقبله دين سماوي، وعلى مستوى التطبيق حين عاثوا في كل بلاد الله الفساد، وحاربوا كل الأنبياء، وأشعلوا الحروب، وجعلوا أنفسهم شعب الله المختار، وبقية الشعوب في منزلة الكلاب والأبقار، ولذا ينبغي على المسلم الصادق جهادهم دفاعاً عن شريعة الله الحق، واستنقاذاً لتراثهم المعنوي والمادي، بل دفاعاً عن الحضارة الإنسانية كلها.



------------------------------------------------------------------

الهوامش

1- متفق عليه.

2- رواه الإمام أحمد.

3- متفق عليه.

4- رواه الإمام أحمد في مسنده.

5- انظر الأنس الجليل 1/260-266، ومحمد الفحام: المسلمون واسترداد بيت المقدس ص 34، وما بعدها نشر الأزهر، والإحرام جائز في الإسلام قبل الميقات، وهو أمر معروف والمهم أن لا تتعدى الميقات.

6- أنظر ابن سعد: الطبقات الكبرى 7/424، طبعة بيروت.

7- الطبقات 7/464.

8- الأنس الجليل/ 1 / 275 وما بعدها.

9- انظر ابن سعد/ الطبقات الكبرى 7/ 406.

10- انظر د. رشاد الإمام: مدينة القدس في العصر الوسيط ص 62 وما بعدها.

11- انظر حقيقة هذه الوحدة في الآيات (83-90).

12- سفر الملوك الثاني 21/ 12-15.

13- سفر الملوك الثاني 21/ 16-17.

14- سفر أشعيا 6/ 8-13.

15- سفر أشعيا 9 / 13 17.

16- انظر نبيل شبيب، الحق والباطل ص 18 أخن ألمانيا.

17- انظر سفر المكابين الثاني.

18- انظر سفر المكابين الثاني، انظر الأنس الجليل 1/ 239

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply