المرأة الصهيونية.. ألوان من الهوان!


بسم الله الرحمن الرحيم



صحيفة الشرق القطرية

في كتابها «المرأة بين اليهودية والإسلام» تناولت الأستاذة الدكتورة ليلى إبراهيم أبو المجد أستاذ الدراسات التلمودية بجامعة عين شمس (قسم اللغة العبرية) أوضاع المرأة اليهودية من خلال دراسة المأثور الديني اليهودي، وهي تؤكد في كتابها أن حواء لم تسلم من النزعة الذكورية في المأثور الديني اليهودي، فقد أكد الحاخامات أن الرب عاقب حواء لأنها استجابت لغواية الحية، وأكلت من شجرة معرفة الخير والشر، وأعطت آدم، وحواء في المنظور الديني اليهودي هي سبب عصيان آدم ربه، فهي التي استجابت لغواية الحية، وغررت بآدمº لذلك صب الرب عليها تلك اللعنات في (التكوين 3-16).

\"وقال الرب للمرأة تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، وبالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون استياقك، وهو يسود عليك، وعدد اللعنات الواردة في هذه الفقرة عشر، يشرحها الحاخام يتسحاق برأفديمي في التلمود قائلاً: إن كل كلمة تعد لعنة منفصلة: أهمها أن المرأة تنزف نوعين من الدم دم الحيض، ودم غشاء البكارة، وتتعب في تربية الأطفال، وفي آلام الحمل، والوضع، وتشتاق إلى رجلها أي إلى المعاشرة والجماع أي أن المرأة لا تفصح عن رغبتها وشهوتها، بينما يطلب الرجل ويصرح برغبته، وتغطي رأسها كما لو كانت في حداد دائم، ويحرم على الرجال الزواج من أكثر من امرأة دون حد أقصى، وتحبس في البيت كالأسرى، وفي رواية أخرى: تطلق شعرها مثل الجنية \"ليليت\"، وتتبول وهي جالسة مثل البهيمة، وجعلت وعاء لزوجها.

ويتضح من اللعنات السابقة أن أربعاً منها تتعلق بالجانب البيولوجي الذي يتمثل في دم الحيض، البكارة، وآلام الحمل، وآلام الوضع، أما اللعنات الباقية فيظهر فيها الجانب الاجتماعي مثل الشوق إلى الرجل، وتربية الأبناء.

وتعكس هذه الأفكار والمفاهيم طبيعة التشريعات التي استقرت عليها اليهودية بالنسبة للمرأة، وخاصة مفهوم قوامة الرجل على المرأة، وترى الدكتورة ليلى أبو المجد أن تطبيق هذا المفهوم يبدأ من قوامة الأب الذي يحق له أن يبيع ابنته كجارية، وأن يزوجها من يشاء، ويحق له الاستيلاء على الغرامة التي توقع على زوجها إذا ادعى زوراً أنها لم تكن عذراء، والغرامة التي تفرض على شخص إذا اغتصبها، والنذور التي تنذرها للرب، وعلى أجرها من أي عمل تقوم به، وما تعثر عليه ابنته من لقطة، وإذا مات الأب انتقل هذا الحق إلى الأخوة الذكور، وفي مقابل كل هذه الحقوق وغيرها لم يلزم التشريع اليهودي الأب بأي واجبات تجاه ابنته، فهو غير ملزم حتى بإعالتها إذا تخطت الست سنوات، وتنتقل هذه الحقوق إلى الزوج بعد أن يدخل بزوجته، وإن ألزمه التشريع اليهودي ببعض الواجبات كأن يفتديها إذا وقعت في الأسر، وأن يوفر لها مكيالاً من القمح أي رغيفين من الخبز يومياً، وكسوة عبارة عن غطاء للرأس، وحزام للخصر، وحذاء من العيد إلى العيد.

ويكشف الكتاب أيضاً أن \"إسرائيل\" المعاصرة التي تجرم تعدد الزوجاتº تخالف الشريعة اليهودية التي تركت الباب مفتوحاً أمام الرجل يتزوج ما يشاء من النساء، وقد تزوج يعقوب أربع نساء وفقاً لما ورد في العهد القديم، وتزوج داود من نساء عديدات، وأنجب من ست نساء، أما سليمان فقد تزوج من سبعمائة، ومع ذلك فقد جاء المشرعون اليهود بعد ذلك واصدروا تشريعات تخالف النص، وتناسب ظروف كل مكان وزمان عاشوا فيهما، فالحاخام جرشوم بن يهودا\" الذي عاش في ألمانيا في العصر الوسيط حرم على اليهود الزواج من أكثر من امرأة واحدة أسوة بجيرانهم المسيحيين في الدول الأوروبية، في حين نجد المشرع موسى بن ميمون الذي عاش في الأندلس وشمال أفريقيا ومصرº وهي بلدان تابعة للحضارة الإسلامية التي تبيح للرجل أن يجمع بين أربع زوجات، فقد استند إلى التلمود، وسمح لليهود الشرقيين بالزواج من أربع، وما زال يهود اليمن في (إسرائيل) يتحايلون على القانون (الإسرائيلي)، ويتزوجون عدداً كبيراً من النساء، رغم أن المشرعين الاشكناز حددوا الزواج في امرأة واحدة لا أكثر!

ويبدو أن الوضع الراهن للمرأة في المجتمع الصهيوني أسوأ بكثير مما ذهبت إليه الباحثة الأكاديمية الدكتورة ليلى أبو المجد، فقد كتب روتي سيناي في صحيفة هاآرتس بتاريخ 25/4/2007 تحت عنوان (النساء في \"إسرائيل\" أكثر ثقافة، ولكنهن يعانين من سوء التمثيل) يقول:

تعتبر النساء في \"إسرائيل\" أكثر ثقافة من الرجال، ولكنهن أكثر فقراً، وأكثر بطالة، وأكثر تعرضاً للإقالة، وأكثر تعرضاً للاعتداء، وتحصلن على أجور منخفضة، كما أن تمثيلهن محدود في مؤسسات الحكم والإعلام، وعالم التجارة.

وبمناسبة نشر تقرير غير مسبوق عن أوضاع النساء في \"إسرائيل\" تقول رينا بار - طل، رئيس اللوبي النسائي الإسرائيلي: \"مازال صناع القرارات لا يأخذون في الاعتبار النساء في مجالات شتى، وعلى مر السنين يتعرضن للتمييز والعزلة بصورة منهجية، ورغم إنجازاتهن ونضالهن إلا أن الطريق نحو المساواة مازال طويلاً، هذا ومن المقرر عرض التقرير يوم الاثنين في الكنيست على رئيس لجنة النهوض بوضع المرأة عضو الكنيست جدوعن ساعر (حزب الليكود).

وتقول بار - طل: إن \"أحد المعطيات الخطيرة التي تظهر من البيانات الواردة في التقرير هو أن النمو الاقتصادي الذي تتباهي به الحكومة الإسرائيلية لا يأخذ في الاعتبار جمهور النساء، ولا يتمتع بحصانة الاقتصاد الإسرائيلي سوى الرجال المنتمين للطبقة المتوسطة فأعلى.

ويشتمل التقرير على بيانات مختلفة المصادر - رغم أن معدة التقرير طل تأمير تشير إلى قلة المصادر -، ويصف عوامل تؤثر على انخفاض مكانة النساء، ورغم أن \"إسرائيل\" دولة متقدمة في مجال الخصوبة، وتحتل المرتبة الأولى في العالم في مجال علاج الخصوبةº إلا أن مصلحة الضرائب - على سبيل المثال - لا تعترف بنفقات المعالجة كبند للإعفاء، كما أن نسبة إقالة النساء الحوامل والأمهات لصغار الأبناء تفوق مثيلتها بين الرجال، وتتم ترقيتهن بوتيرة أكثر بطئاً.

ويظهر التقرير أن 26% فقط من النساء يحصلن على معاش مقابل 52 من الرجال، ويصل راتبهن إلى ثلثي راتب الرجال فقط، ويمثلن ثلثي العاملين الذين يحصلون على الحد الأدنى من الأجور، كما يمثلن أغلبية من بين الحاصلين على المخصصات المالية - 65% من الحاصلين على مخصصات تأمين الدخل، و51% ومن الحاصلين على إعانات البطالة -.

وتعمل ما يقرب من 40% من النساء في وظائف لبعض الوقت أي ما يعادل ضعف النسبة بين الرجال، غير أن 16% فقط منهن يذكرن أن رعاية الأبناء والمنزل هي السبب الرئيسي لعملهن لبعض الوقت، ويصل متوسط نسبة البطالة بين النساء إلى 9.5% مقابل 8.5% بين الرجال، وتصل نسبة البطالة بين النساء العربيات إلى ما يزيد على 15%، ويقول معدو التقرير: \"يبدو أنه يتم إهمال المرأة بعد الإنجاب\".

كما أن النساء في الجيش الإسرائيلي بعيدات عن نيل المساواة، فهن يمثلن ثلث حجم أفراد الخدمة الإلزامية، و18% من الخدمة الدائمة، و26% من الضباط، أما نسبتهن بين الرتب الكبيرة فهي ضئيلة حيث يمثلن 10% من رتب المقدمين، ونسبة أقل من الرتب الأعلى - وأحد الأسباب الرئيسية لذلك هو اشتراط الخدمة في وحدات قتالية كعنصر للترقي، سواء كان ذلك موضوعياً أم لا على حد قول معدي التقرير -.

ومن حيث التمثيل السياسي فإن الوضع أكثر سوءاً، بل وساء في السنوات الأخيرة، وتبلغ نسبة النساء بين أعضاء الكنيست السابع عشر 14% فقط، وتحتل \"إسرائيل\" المرتبة السابعة والثمانين على مستوى العالم من حيث التمثيل النيابي النسائي، وبالنظر إلى التوزيع الجغرافي والاجتماعي نجد أن نسبة التمثيل أقل، حيث إن معظم أعضاء الكنيست من السيدات يقمن في وسط \"إسرائيل\"، ومنذ قيام الدولة لم تحصل سوى امرأتين عربيتين على عضوية الكنيست، وتصل نسبة النساء في الحكومة إلى ما يقرب من 7%، أما في الحكم المحلي فتصل إلى 12% من أعضاء المجالس المحلية، بينما لم تشغل سوى 10 سيدات منصب رئيس سلطة محلية منذ قيام الدولة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply