بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية اتخاذ الشيخ المرشد
ويرى الصوفية اتخاذ الشيخ ضرورة حتمية، لأن سبل الدين عندهم غامضة يحتاج فيها السالك إلى قائد ودليل يأخذ بيديه، في حين أن الله تعالى يقول: -ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر-، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في بيان وضوح الدين وظهور سبله: -وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها سواء<.
- وقال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً.
- قال الغزالي: يحتاج المريد إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة، ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض! وسبل الشيطان كثيرة ظاهرة، فمن لم يكن له شيخ يهديه، قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة، فمن سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير، فقد خاطر بنفسه وأهلكها، ويكون المستقل بنفسه كالشجرة التي تنبت بنفسها، فإنها تجف على القرب وإن بقيت مدة وأورقت لم تثمر، فمعتصم المريد شيخه فليتمسك به -الإحياء 3/56-.
ولهذا قال القشيري مبينا ضرورة اتخاذ الشيخ: ثم يجب على المريد أن يتأدب بشيخ، فإن لم يكن له أستاذ لا يفلح أبداً، هذا أبو زيد يقول: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان.
- ويقول محمد ماضي أبو العزائم في مذكرة المرشدين والمسترشدين ص 511: يلزم لمن أراد أن يسلك طريق الله تعالى - لتحصل له النجاة والفوز والسعادة والوصول - أن يبدأ أولا بالبحث عن الرجل الحي، العالم بكتاب الله تعالى، والعالم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعالم بتزكية النفوس وتخليصها من أمراضها ورعوناتها، والعالم بالأخلاق المحمدية، المتجمل بها، الممنوح الحال الذي يجرد النفوس من أوحال التوحيد!! العالم بعلوم اليقين ومشارب الأبرار ومشاهد المقربين، العالم بحقيقة التوحيد الخالص من الشرك الخفي.
وهنا يرد تساؤل وهو ما حكم من لم يحصل له الشيخ المرشد الصوفي؟ أو أنه أهمل ذلك مقتصراً على شيخ التعليم الذي بينه له دينه في عقيدته وعبادته وأخلاقه، فهل يكون بذلك قد حرم من تزكية نفسه وفات عليه الفلاح والنجاة أبداً؟
لاشك أن هذا مخالف لمنهج سلف الأمة الذي ينص على أن النجاة في التمسك بالوحي - الكتاب والسنة - كما قال عز وجل: -اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء-.
- قال الشيخ ابن سعدي: أي الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم من ربكم الذي يريد أن يتم تربيته لكم، فأنزل لكم هذا الكتاب الذي إن اتبعتموه كملت تربيتكم وتمت عليكم النعمة وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها.
وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته الجامعة: -أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم بعدي فسير اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة< فبين أن سبيل النجاة إنما هو بالتمسك بالسنة المطهرة وسنة الخلفاء الراشدين ولم يذكر شيوخ التربية كما يزعم الصوفية.
من هو الشيخ المرشد؟
يبنغي العلم بأن الشيخ عند الصوفية ليس شيخ التعليم كما يقول عبدالقادر عيسى: ينبغي الملاحظة أن المقصود بالشيخ هنا هو شيخ التربية لا شيخ التعليم، إذ يمكن لطالب العلم أن يكون له أساتذة عدة، ويمكن للمريد أن يكون له أساتذة في العلم لأن ارتباطه بهم ارتباط علمي بينما صلة المريد بشيخ التربية صلة قلبية وتربوية! -حقائق عن التصوف ص 99<.
- يقول القاشاني: الشيخ هو طبيب الأرواح وهو الإنسان البالغ في معرفة علوم الشريعة والطريقة والحقيقة إلى الحد الذي يتمكن معه من معالجة الأمراض الحاصلة في نفوس الطالبين للوصول إلى الله تعالى.
فالشيخ عند السالكين هو الذي سلك طريق الحق، وعرف المخاوف والمهالك، فيرشد المريد ويشير عليه بما ينفعه ويضره -السير والسلوك إلى ملك الملوك ص 122<.
فالصوفية يفرقون بين شيخ العلم وشيخ التربية كما يفرقون بين الشريعة والحقيقة، وبين الفقه والتصوف، والعلم الشرعي والعلم اللدني، وذلك أن لهم طريقاً خاصاً إلى الله تعالى، يقول عمر بن سعيد الفوتي: لا يصل السالك الناسك إلى حضرة الله وحضرات صفاته وأسمائه ولو جمع علوم الأولين وصحب طوائف الناس وعبد عبادة الثقلين إلا على يدي أصحاب الإذن الخاص.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد