بسم الله الرحمن الرحيم
حاورهم بالحسنى، فإن لم يجدي معهم بدأ بالأخرى، يدعوهم سراً وجهاراً، ليلاً ونهاراً، يدعوهم بالحوار والمناظرة، تارة مساجلة كلامية، وتارة مساجلة كتابية، وكان في هذه وتلك يسبك الحق بلفظ الإشفاق، ويبين بالدليل وحسن الحجاج، بالدليل النقلي، ثم يتبعه بالعقلي، وينزل حتى يفهم الغبي، وبلا شك بأنه قد فهمها الذكي، ولكن أهل الأهواء عامة يلغون العقل والتفكير، ويمارسون مهمة التحجير، ويهاجمون الغير بالتكفير، وعن ساحة الحوار بالتنفير، ومرشدهم قول فرعون {وما أريكم إلا ما أرى} .. والعجيب أن بعضهم يدعي للعقل التقديس، ولكن ما يلبث إلا ويخلطه بالتدنيس، فيقع في حيرة وتلبيس، وللحق بالباطل تدليس، وما هذه إلا سياسة إبليس ..
عجيب أمر هؤلاء .. والأعجب منه أمر الشيخ الذي هددº بل قد جرت محاولات عديدة لاغتياله، حتى طاشت أفكارهم، وتناهت أحلامهم، أمام إفلاسهم، من الحجة والبيان، فعمدوا لسياسات الجبناء الأنذال، قتل الحق بالاغتيال، حسبهم أن الحق يحجب بكف الصبيان، وأنامل الولدان، وهيهات أن يحجب ضوء الشمس أنامل طفل صغير، ونذل حقير، وقد سبق أن أرشدهم قائلاً: ( نعم، أقولها، وإن آذت الأذان: لقد هددوني بالقتل، وأوعزوا إلى أحدهم بالفعل، وهم يجهلون أنني أرضى بأن يطاح برأسي مقابل رأسهم، وهم يظنون أن الله غافل عما يعملون، أو أن المسلمين عنهم لاهون، ألا إن الصبح قريب، وسبحان ربنا القائل:
{قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون، قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون} ).
هكذا يرى أن بذر الحق، تنمو على أشلاء الدماء، حينما أمهر الحق رأسه، ورضي بهداية قومه بأن يراق دمه، ومثله مثل سابقه القائل بعد موته: {يا ليت قومي يعلمون}.
إن الحق، لا يغيب بتمكين سلطات الظلم له، أو سكوت بعض أهل العلم عن نصره، أو إسكات القائلين به من خلال سياسات الترهيب والترغيب، ولا يحجب الحق، بحجب صاحبه بسياسات الإرهاب الفكري والجسدي، سواءً كان سجنا أو قتلاً أو تهديداً .. إن الحق يُضيء كلما أشتد أهل الأهواء بمحاولة حجبه عن طالبي الحق .. والنور كافي لتبديد الظلام، فهل يعي هذا اللئام، وأتباعهم من زمرة الجهال؟!!
شيخ الشام أسامة بن توفيق بن عبدالرحمن القصاص – تقبله الله في عداد الشهداء- من أهل الفيحاء طرابلس الشام، قد قام بمحاولات للحوار مع الأشاعرة، وبدأ دعوته في أوساط الشام، وكانت مناظراتهم معهم مفحمة، إلا حد أن أوصى كبارهم بتهديده، ومنعه من الحوار!!، بل تأمر عدد منهم لاغتياله، حتى تم لهم ذلك .. لأن الحق أبلج، والباطل لجلج .. وقبل هذا أراد أن يختم الحوارات بسجلٍ, يدونه التاريخ شاهداً على إفلاسهم، وحجة دامغة تكشف زيف باطلهم، ولطالب الحق مورد وشفاء، ولأصحاب الأهواء شقاء، إنه دواء لكل أشعري فيه هذا الداء، وكلهم به قد أصابه الداء، فعاد إلى الحق في هذه المسائل جملة من أئمتهم، منهم والد إمام الحرمين الجويني –رحمه الله- صاحب الرسالة العليّة (رسالة في إثبات الاستواء والفوقية)، وتبعه عدد من أئمتهم وعلمائهم إلى وقتنا الحاضر، قد دوناها في مجموعة (العائدون إلى العقيدة السلفية)، لا شرقية ولا غربية، إسلامية سنية سلفية، من منهل الكتاب والسنة، بفهم سلف هذه الأمة ..
ويحق لي أن أمتثل ذانك البيت الرائع:
لست منا يا أسامة .. أنت من نسل الصحابة
هذه الجسارة، والنصح لهداية الأمة، لا يحملها إلا الرجال الصادقون، صدقوا ما عاهدوا الله، استناروا فأناروا، وهُدوا فهَدوا، رفع الله منزلتهم في عليين ..
الشيخ أسامة سجل التاريخ، بمدادِ القلم، ودرس الأمة، بنصح أهل الفرقة، لقد أمهر الغالية بكتابه الفاصل (إثبات علو الله على خلقه والرد على المخالفين) أو كما أسماه صاحبه (إثبات علو الرحمن من قول فرعون لهامان) ..
لقد فتح البيان بقوله: (إنه من المصائب الكبرى ما يردده اتباع الجهمية في عصرنا الحاضر، وهو إنكار علو الله على خلقه، وإنكار استوائه على عرشه، معتمدين بذلك على عقول بعض الجهال، الذين أخذوا دينهم عن المحاولات الفلسفية والسفسطات الكلامية، وراحوا يردون دين الله بالشبهات، مما أدخل على فطر بعض الناس شوائب كثيرة، حتى اجترؤوا على كلام الله وكلام رسوله، وظنوا أن هذا تنزيهاً لله سبحانه وتعالى، وما هو بتنزيه فقد ظنوا التعطيل تنزيهاً، فعبدوا العدم، وقالوا أقوالاً، لا يجرؤ على ذكرها القلم)
لقد صاغ بعضهم أبيات فرد هذا العالم، الداعية، الخطيب، المناظر، والشاعر بعدة أبيات على نفس الوزن والقافية، يقول:
فقد اتخذ بعضهم شيخاً لهم الذي قال مدعياً كما قال غيره:
اثنان من يعذلني فيهما *** فهو على التحقيق مني بري
حبّ أبي بكر إمام الهدى *** ثم اعتقادي مذهب الأشعري
قلت: هذا زعم منك، وإني لأقول لك:
بل أنت لا تصدقُ يا عبدري *** ها جئت بالمذموم والمنكر
إن كنت بالتعطيل له تابعاً **** قد عاد عن تعطيله الأشعري
أو كنت في شكٍّ, وفي ريبة *** فانظر لهذا \"كذب المفتري\"
قد صور التاريخ عاراً، بدى ** في صورةٍ, من صور الأعصُر
مثل المريسيِّ وجهمٍ, نرى *** فيك وفي سيِّدك الكوثري
لقد حاورهم نثراً وشعراً، بآية وحديث، ونقل وعقل، بأقوال العلماء والأئمة، ولم يجدي معهم نفعاً، عصابة غفلوا عن أمرٍ, مهم، يقول القصاص عنه:
( لقد غفل الإمبراطور وعصابته، عن أن صفات الله لا تقاس بصفات المخلوقين، ولم يدركوا ما لعلوه سبحانه فوق خلقه، من آيات العظمة التي لا تحصى. فكيف يرد الدين، لقول الجاحدين الجاهلين؟!!
سبحانك ربي! هذا بهتان عظيم)
وأبان عن منهجه في الدعوة حين قال:
(فنحن لا نحب الجدال ولا المراء، لأن الله ما غضب على قومٍ, إلا أورثهم الجدل، ويعلم الله أنني عندما أسير في الطريق، أتذكر قوله تعالى: {وقل ربِّ أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون}.
ولكن الحاجة في بعض الأحيان، تستدعي المجابهة والمواجهة، ولا سيما عندما يوجد معهم، بعض المساكين، الذين يلبسون عليهم الحقائق، ويزرعون في أذهانهم الشبهات.
وبفضل الله تعالى – وهو ينصر دينه- تسقط حجبهم في كل جلسة مناظرة، الواحدة تلو الأخرى، والله يقول:
{فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون})
ثم أبان عن دائهم، كرأي الطبيب في المريض، أبان الداء، وأتبعه الدواء، حنان ورحمة وشفقة، فهو يبين ذلك قائلاً:
( وقد عرفت بحكم الاحتكاك المتواصل بهم، والممارسات المتلاحقة، أنهم لا يأخذون بظاهر النصوص، فهم يقرون بوجود الآيات والأحاديث، لكن يتأولون ذلك على غير حقيقته، الأمر الذي دفعني إلى أن أرد عليهم رداً عقلياً، يخصهم، لعلهم يرجعون عما هم فيه من التحريف، والله يعلم أنني لم أكن محباً لما خط قلمي، لميلي إلى أسلوب النصوص، ولكن الحاجة ماسة، وتستدعي مثل هذا النوع من الردود، وهو أمر بحسب الضرورة، لا سيما أن المسلم بحكم طبيعته، لا ينبغي – في حيز العلاقات- أن يخلو من رابطتين:
- رابطة العبادة، وتكون بين العبد والمعبود
- ورابطة الدعوة إلى العبادة، وتكون بين العبد والعبد.
وليس في التوحيد أنانية، حتى يستأثر العبد به دون سواه، بل عليه أن يوحد الله، وأن يدعو غيره إلى توحيده.
هذا، ولما عرفت من أنهم لا ينكرون النصوصº بل يؤولونها، كان الأمر مستدعياً، أن يرد عليهم ردُّ يلزمون به، وإن كان عقلياً، والضرورة تعظم عندما يعلم المسلم أن رجوع أحدهم عن غيه، إنما هو رجوع لخلق معهº بل إحاله دون وقوع أناس في هذا الشرك، ن أحدهم لابدَّ من أن يدعو إلى ضلاله أناساً كثيرين)
هكذا يبين عن منهجه، وعن دعوته، وعن سيره، وما قصده مناصحة أكابرهم، إلا رأفة بالهمج الرعاع المريدين لغير سبيل، غرهم أهل التجهيم ..
ولفت انتباه الكرام، إلى سبب تسمية الكتاب فقال:
( والسبب الذي دفعني إلى تسمية هذه الرسالة بـ(إثبات علو الرحمن من قول فرعون لهامان). هو أنني قصدت إظهار سفاهتهم، من خلال بيان شبههم لفرعون، الذي كان يرد العلو، ويكذب موسى عليه السلام.
ولقد وجدتني أمام تلعثم ظاهر وعجز كلي من هؤلاء المكابرين، كلما ألقيت على مسامعهم آية فرعون، أو قوله لهامان، مما دل على أنه لا مجال عندهم للإنكار وتعطيل صفة علو الجبار سبحانه وجل شأنه.
وليست الرسالة مقتصرة على مدلول عنوانهاº بل فيها الكثير من الأدلة القرآنية والسنّية، وفيها أقوال مستفيضة لعلماء الأمة، فما كان اسم هذه الرسالة إلا من قبيل ذكر الخاص من العام، أو لسبب بدء الرسالة بما يحمله العنوان.
وإنني كثيراً ما أسمع من أفواه الجهال قولاً – وإن كان واضح البطلان- يظنونه مخرجاً، وهو جوابهم عن قولنا: (الله في السماء) بأن هذا مقبول، ولكن ليس هو العلو الذاتي، وإنما علو قهر وقدر.
وبالنسبة لقول فرعون، فإنه يبطل بدلالته هذا الزعم، ويؤكد أن كل منكر لعلو الله هو فرعوني بإنكاره، ففي هذا القول ما يرفع الشبهات، التي تراكمت على القلوب حتى أعمت البصائر والأبصار، ولا يبقى أما الجاحدين سوى التسليم بعلو العليم على عرشه العظيم.
ونبدأ بسوق الأدلة، فانظروا وعوا، ولا تركنوا إلى الجهل، أو تأخذكم الحمية، حمية الجاهلية، واسمعوا مرة واحدة – وهذا رجاء منا- لغير شيخكم، فالله الهادي، وهو ينير السبيل).
وقد سرد المؤلف الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة، والحجج العقلية، على إثبات العلو لله الواحد العلي .. ودونك الكتاب فهو منتشر في المكتبات .. ولعل الله يسهل لنا نشره عما قريب .. وللاختصار أربطك برسالة والد إمام الحرمين الجويني فهي توبة صادقة، ونصيحة صافية، تبعه بعدها أبنه إمام الحرمين كما في بعض الرسائل وأشرنا لها من قبل ..
ثم سرد بعضاً من مناظراته مع رؤوس الأشاعرة بالشام، فمنها:
( والمستغرب العجيب أنهم أصبحوا يتحاملون، حتى على مصابيح الأمة وأعلامها، سيراً على خطوات زعمائهم من المعتزلة والجهمية، ولا يبعد أن يصل بعضهم إلى تكفير حتى الأئمة الأربعة، فقد كنت في مناظرة معهم، فاستشهدت بما نقله العلامة ابن القيم، فقال لي متبجّح من بينهم، جاهل لا يعرف الألف من الباء: ومن هو ابن القيم؟ نحن لا نعرفه ..
فقلت له: هذا علم من الأعلام، وصاحب كذا وكذا.
فبادني بقوله: ومن هم مشائخه؟
فسبحــان الله! وكأن السفيه هو الذي سيحكم عليهم، أتراه يكون إماماً في الجرح والتعديل؟!!)
(وبعضهم قال لي في مجلس آخر: كل من قال: (الله في السماء) فهو مجسم مشبه كافر.
فقلت له: هذا يقوله شيخ المفسرين الإمام الطبري.
فقال: ومن هو الطبري، إنه كافر.
قلت: والإمام مالك وأحمد بن حنبل؟
فقال: ثبت ذلك عنهما؟
فقلت: نعم.
قال: هما كافران خسيسان، أخس من النصارى، إن كان قالا ذلك.
فسبحـــان الله! انظر كيف آل الغلو والجرأة بهؤلاء إلى ما نطقوا ).
(حتى وقال لي بعضهم في المجلس الذي انكروا فيه معرفة ابن القيم: كيف تأخذ العلم من الكتب؟
قلت: ومن أين آخذه؟ ثم إن الأمة اعتنت بحفظ هذه الكتب عن أصحابها، وهي مخطوطة منذ أمد بعيد بأكثر من نسخة، فكيف لا آخذ منها، وقال الله تعالى: {وإنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.
فقال لي المتخرص: العلم يؤخذ من الصدور لا من السطور، ويؤخذ عن رجل صاحب سند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعندما طالبته باسم هذا الرجل الموجود اليوم – وأنا أعلم من يقصد- غص بقوله أمام الملأ، ولم يطق أن يلفظ اسم شيخه لكراهة الناس له، والجميل أنني في هذا المجلس أتيته بقول لغوي، فقال: من أين جئت به؟
فقلت له مستهزئاً به: من السطور.
فقال لي: يا سبحان الله، انظر وخذ من ألفية ابن مالك، ولسان العرب.
فضحكت بملء فمي ولم يدرك الناس أولُ لماذا، ثم جاوبته فقلت: وهل ألفية ابن مالك ليست بالسطور؟ أم أن ابن مالك جاء إليك خاصة، وعلمك؟
فضحك الناس من حولنا واستصغروه ...)
وفي ختام الرسالة يذكر:
( قلتُ: والله بعد سرد ما ثبت به الدليل على علو العظيم الجليل، من كتابه وسنة نبيه وقول الأئمة وسائر الأمة، أصبح مثلهم مثل الذين يقول لهم ربهم: أنا في السماء.
فيقولون: لا يا ربنا، أنت لست في السماء، لأن هذا لا يجوز عليك ولم تقبله عقولنا.
وما أجمل قول الشاعر أحمد الصافي النجفي:
يعترض العقل على خالقٍ, *** من بعض مخلوقاته العقلُ
وعلى كل فنحن أخذنا ديننا عن الصحابة والتابعين، وأثبتنا الأحاديث بالتلقي عنهم، وأما هؤلاء فقد جاؤوا بأقوال حديثه مرقعة، لا شأن لها برجالات الإسلام)
(علمنا بفضل الله تعالى أن كتاب الله، هو المرجع عند الاختلاف، حيث جعله الله نوراً وهدىً، وفصل فيه الأمور، وبيَّن كل شيء، وأما هؤلاء فقد جعلوه بتأويلاتهم مصدر الاختلاف والنزاع، وسبب التمزق والتفرق، تحار عنده العقول، ويشك فيه الفحول، لكل شيء فيه معنى خلاف ما هو معهود ومعروف من اللغة التي نزل بها.
فكيف يكون مبيناً ومفصلاً وهدى ورحمة، إن كانت هذه نتائج النظر فيه؟ مع أننا نرى الله تعالى يقول في بيانه: {حم، والكتاب المبين} )
( ونحن لا نفهم هذا القرآن إلا بلغته التي أنزل بها، وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يكونان حجة إلا بهذه اللغة العربية، وبها يحسم النزاع، فسبحان الله تعالى حيث قال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم، فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} ).
(وأنصحك يا أخي بأن تدع قول الرجال لقول النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تضع عقلك عبداً أسيراً لما ورد عن الله تعالى وعن رسوله عليه السلام فإن الذي تجهله يوماً تعلمه يوماً آخر، ولكن ويلك من ربك إن حكمت بما عندك، أو بما في نفسك، على ما تجهله أو على ما عند الله تعالى.
وكفى بك جهلاً أن تظن بنفسك يوماً ظن العصمة، أو أن تترك حقيقة المعاني والألفاظ، التي هي في كتاب الله وفي سنة رسول الله، لاصطلاح تعلمته من فلان أو علان.
أما رأيت أمامك، كيف أن هؤلاء حملوا لواء التنزيه، وهي كلمة شريفة المقاصد، بل لا يتم إيمان من دونها، ولكن تحولت بمفهومهم إلى تعطيل الله بتعطيل أسماء وصفاته).
وقد انتهى من تدوينه حُجته الأخيرة كتابةً في اليوم الأول من شعبان 1408 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذه السنة امتدت يد الغدر والإجرام، يد المفلسين اللئام، إلى الشيخ المجاهد بالقلم أسامة بن توفيق بن عبدالرحمن القصاص – تقبله الله في عداد الشهداء- حين لم يتستطيعوا مُحاججته، أو الرد عليه، أو الغلبة عليه ولو مرة!!
وهذا ديدن أهل الأهواء .. فمن يبين ضلالهم، ويكشف عوارهم، ويقطع كذبهم واسترزاقهم من كاهل الضعفاء المغلوب على أمرهم، الأتباع الرعاع .. وحين يكثر على يده المستنيرين، ويعود بعد بيان حُجته المضللين، ويثوب إلى رشده المتشككين .. تنطلق يد الإجرام .. محاولة إخفاء الحق –وهيهات- فإن قتل أسامة فنحن كلنا أسامة!! وإن مات رجل .. فأمهاتنا لم يعقمن عن ولادة الرجال ..
مسيرة في هذا العصر .. قضى نحبه في بيان الحق .. وكشف زيف الباطل .. وإنارة الخلق .. وقيام الحجة .. وإظهار المحجة .. وإبانة الهدى .. ودرأ الشبهات .. وقمع الكذبات .. ورد الاتهامات .. وبيان الحقائق .. الشيخ المجاهد إحسان إلهي ظهير الباكستاني .. وآية الله المهتدي أبو الفضل البرقعي الإيراني .. والشيخ المجاهد جميل الرحمن الأفغاني .. والشيخ المجاهد شمس الدين الأفغاني .. والشيخ المجاهد أسامة القصاص السوري .. والإمام المجاهد عبدالعزيز بن محمد آل سعود .. والإمام المجاهد سليمان بن محمد بن عبدالوهاب .. وغيرهم كثير رحمهم الله أجمعين وتقبلهم في عداد الشهداء ..
هذه الثلة الزكية أسرجت بدمائها نور التوحيد، وأخمدت نار الشرك والزندقة، وأخفت ملامح البدعة والضلالة، وأهوت بأصنام الجبت والطاغوت، من الأعراف والأسلاف والمشاهد وسخف العقول .. فكان دمائها طريقاً لمعرفة الحقيقة، ومصباحاً لنيل السعادة، وشعلة لأصحاب العقيدة الصحيحة .. هكذا كانوا .. ترخص النفس .. لأجل أن تحيا نفوس .. فلا حياة إلا بالتوحيد .. وإبطال التنديد ..
وليس أسامة هو مسك الختام .. بل ما زالت قافلة الدعوة تسير .. ولصوص الأجرام تحيك المؤامرات .. وتُعد الاغتيالات .. وتنشر الاتهامات .. لا وازع من يردع .. ولا سلطان لقوته الأفاك يخضع .. ولا خلق من الحياء ينفع .. فالله المستعان ..
وصلى الله على النبي الأمي الهاشمي، سيدي وحبيبي وقدوتي، بأبي هو وأمي عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع سنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد