نكاح المسيار


 بسم الله الرحمن الرحيم

قد شاع لدى الناس وصار حديث المجالس وأخذ الناس يخوضون في حكمه.

ويقصد الناس به هو: أن يعقد الرجل على امرأة ويتزوجها بشروط يذكرونها ومنها على سبيل المثال:

· أن الزوج لا ينفق عليها.

· أو لا يوفر لها سكنا فتسكن مع أهلها أو في مكان آخر.

· أو أن لا يعدل بينها وبين زوجته الأخرى.

· أو أن يأتيها نهارا دون الليل أو لا قسم لها في المبيت أو لا مهر لها عند العقد

· أو لا ترثه إذا مات أو غير ذلك من الشروط.

ويطلقون عليه زواج ((المسيار)) أو ((السيار)) أو نحوه وهو في الحقيقة إلغاء لجميع مقومات النكاح فالمقصد من هذا الزواج هو الاستمتاع فقط.

 

وللأسف الشديد أن الناس اليوم يأخذون الأحكام الشرعية من المجالس والقنوات الفضائية، فيقول أحدهم للآخر مثلا: هل سمعت عن زواج المسيار لقد حللوه في التلفاز أو في المجلس الفلاني أو...

 

ويا ليتهم يرجعون في ذلك لأهل العلم ولا يخوضون ويفتون ويتقولون على الشريعة فهذا من المحرمات بل قرنه الله بالشرك فقال: {قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقِّ وَأَن تُشرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَم يُنَزِّل بِهِ سُلطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعلَمُونَ} [سورة الأعراف: 33].

فإذا استعرضنا كيفية زواج المسيار وشروطه التي ذكرناها قبل قليل وجدتها أنها شروط فاسدة بنفسها فقط مع بقاء العقد والنكاح صحيحا وعلى هذا نقول: الخلاصة أن نكاح المسيار- كما يسمونه- عقده صحيح.

 

ولكن شروطه التي ذكرناها فاسدة باطلة لاغية، وعليه فإذا اشترط الزوج مثل هذه الشروط فإن المرأة ليست ملزمة بالوفاء بها بعد العقد لمخالفتها الشريعة ولفسادها في نفسها ولها الحق أن تطالبه بعكس كل شرط منها فتأخذ المهر إذا أرادت وتلزمه بالنفقة عليها والسكنى والعدل والإرث سواء رضي أو لم يرض لأن ذلك مما أوجبه الشارع لها فإن أبى فلها طلب فسخ عقد النكاح والقاضي يقف معها في كل ما تطلبه بعد العقد، إلا إن تنازلت عن حقها أو سكتت عنه فلها ذلك والعقد صحيح.

 

وفي التنازل ورد حديث صحيح وهو أن سودة بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - \" أراد رسول الله أن يطلقها أو خافت ذلك قالت: يا رسول الله: أمسكني وأهب يومي لعائشة، فصار رسول الله إذا جاءت ليلة سودة ذهب إلى عائشة (رواه البخاري وأبو داوود)، وأرادت سودة أن تحوز على الفضل ببقائها عند رسول الله وتحت ذمته وتكون زوجة له في الدنيا والآخرة.

 

* وكتب في زواج المسيار عبد الملك بن يوسف المطلق دراسة فقهية واجتماعية ونقدية وكان من أهم نتائج الدراسة ما يلي:

1. زواج المسيار زواج مستكمل الأركان والشروط والعقد فيه صحيح على رغم تنازل المرأة عن حقها في النفقة أو القسم أو السكنى أو بهم معاً إلا أنه مخالف لمقاصد الشرع من الزواج.

 

2. زواج المسيار له بعض الفوائد والمزايا على رأسها المساهمة في إعفاف قدر كبير من النساء العوانس والمطلقات والأرامل وصواحب الظروف الخاصة وكذلك بعض الرجال في الحصول على الإعفاف والمتعة الحلال مع تخطي أعباء الزواج العادي الباهضة.

 

3. زواج المسيار له كذلك العديد من المساوئ والآثار السلبية على الأسرة والمجتمع، فقد يستغله بعض الرجال في الحصول على المتعة فقط. وقد تشعر معه المرأة بالمهانة، ولا يتم فيه تربية الأولاد بصورة محكمة ومتكاملة.

 

وكان من أهم توصيات الدراسة ما يلي:

1- على الرجال الراغبين في العفة والمتعة الحلال عن طريق التعدد أن يسلكوا طريق التعدد المعروف الذي شرعه لنا الله وأوضحه لنا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا يلجئوا إلى هذا الزواج بهذه الصورة إلا في حالة الضرورة.

 

2-  على النساء اللاتي يرغبن في الزواج القبول بصاحب الدين والخلق حتى ولو كان متزوجاً من أخرى أو فقيراً أو كبيراً في السن بعض الشئ، وعلى الزوجة ألا تقف حجر عثرة في وجه زوجها الراغب في التعدد.

 

3- على النساء ألا يقدمن على زواج المسيار إلا للضرورة القصوى أو في حالة أن ظروفها لا تسمح لها إلا بذلك كأم أولاد مضطرة للبقاء عندهم أم مضطرة للبقاء مع أبويها أو يوجد لديها إعاقة لا تستطيع القيام بأعباء الزوج كاملة وترغب بإنجاب أولاد يحفظونها في كبرها فلا بأس بذلك.

 

4- على أجهزة الدولة أن توضح مشكلة العوانس والأرامل والمطلقات وتوضح كذلك صورة التعدد الشرعية وأن هذا التعدد ليس فيه إهانة للمرأة أو انتقاص من حقها بل فيه فوائد كبيرة للفرد والمجتمع.

 

5- ضرورة إجراء المزيد من الدراسات العلمية الواقعية على زواج المسيار للوقوف على موازنة دقيقة بين منافعه ومفاسده للفرد والمجتمع.

 

ومن الدراسات المقترحة في هذا الإطار:

· دراسة أثر زواج المسيار على التوافق النفسية والشخصية للمرأة.

· دراسة أثر الزواج على سلوكيات الأبناء وبنائهم الخلقي.

وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply