بسم الله الرحمن الرحيم
في طريقي إلى العملº وبأحد الشوارع الكبرى بالخرطوم وفي موقع (استراتيجي)، وضعت إحدى شركات الاتصالات لوحة إعلانية ملونة بحجم ضخم وعليها صورة فتاة ـ كما هي الموضة أخيرا في الإعلانات ـ وفي اليوم التالي وجدت أن أحدهم قد كتب باللون الأسود ـ وبخط اليد ـ تحت اللوحة مباشرة العبارة التالية: (هذا منكر فقاطعوه)، وبعد يومين فقط لاحظت أن الشركة قد أزاحت اللوحة كلها عن موضعها وتركت المكان خاليا، كل هذا حدث في ظرف أسبوع واحدº الأسبوع الماضي، والرجل الذي أنكر هذا الأسلوب في الإعلان بطريقته الخاصة لم يكتفِ بالإنكار القلبي وإنما أتبع ذلك بالعمل، واستند في إنكاره إلى المقاييس الشرعية، والمسألة برمتها تستدعي مواجهة مسألة استخدام الفتيات في الإعلانات التجارية ورأي أصحاب الفضيلة العلماء في ذلك.
وقد راجعت قائمة الفتاوى في شبكة المشكاة الإسلامية فوجدت فتوى واحدة تتحدث عن مسألة قريبة مما نحن بصدده، فقد سئلت لجنة الفتوى - جامعة القرآن الكريم السؤال التالي (هل يجوز بيع صور لنساء متبرجات، وما حكم تعليقها في المركبات العامة؟) فجاءت الإجابة: (الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله. وبعد..اعلم وفقك الله أن هذا البيع محرم، والمال المأخوذ عنه محرم يجب الخروج منه بالتصدق، كما أن عرض هذه الصور، والنظر إليها، والقيام بتصويرها وتعليقها كله حرام.وعلى المسئولين إيقاف هذه الفتنة ووأد هذه الخلاعة.والله وليٌّ التوفيق. ) فالسؤال يتحدث عن صور النساء المتبرجات وتعليقها ـ بالإضافة إلى بيعهاـ والإجابة حرّمت ـ بالإضافة للبيع ـ العرض والنظر والتعليق، وسمت هذه المسألة بالفتنة والخلاعة.
ومعظم الإعلانات التي تستخدم صور النساء بها نساء متبرجات، إذا أدركنا أن إظهار جزء من شعر المرأة، أو إبراز الصدر والنحر، كله من التبرج ـ وباختصار عدم الالتزام بالزي الشرعي الساتر تبرّج ـ وندرك من هنا أن فتوى لجنة الفتوى بجامعة القرآن الكريم المشار إليها آنفا ليست بعيدة عن الإعلانات التي تستخدم صور المرأة.
لكن لخطورة الأمر واستشرائه في المجتمعº نرجو أن تصدر فتوى مفصّلة ومحدّدة حول استخدام النساء في الإعلانات التجارية، وإنا لنرجو أن نسمع كلمة من الهيئات ذات الصلة بالموضوع والمشتغلة بأمر الفتوىº كمجمع الفقه الإسلاميº أو هيئة علماء السودان، أو من الأفراد الذين عُرفوا بالفتوى ويقصدهم الناس ويتبعون فتاواهم بثقة واطمئنان من أمثال الشيخ أبو زيد محمد حمزة أو الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف أو الشيخ محمد أحمد حسن.. أو غيرهم من أصحاب الفضيلة، ويكون الأمر أقوى وأكثر تأثيرا إذا صدرت فتوى واحدة جماعية يوقع عليها مجموعة من أصحاب الفضيلة العلماء.
إن للفتوى أثر كبير في حياة الناس، فالشعب السوداني شعب متدين في جملته والفتوى عنده معتبرة وتحرّي الحق والمشروعية مهم لدى الغالبية العظمى، كما أن الشركات التي تستخدم النساء في الإعلانات إذا شعرت أنها ستخسر سوقها بتلك الطريقة، فيمكن أن تراجع نفسها، على الأقل خوفا على مصلحتها من الناحية الاقتصاديةº إن لم ترتدع أصلا من الناحية الدينية التي كان ينبغي أن تُقدّم على غيرها من الاعتبارات.
نأمل أن يأتي اليوم الذي نرى فيه إعلانات الشركات التجارية قد تطهّرت من المخالفات الشرعية، والأمر بيد السلطان في نهاية الأمر إذا لم ينتهِ المتجاوزون بمجرد التذكير.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد