صناعة الفتوى وفقه الأقليات ( 3 )


بسم الله الرحمن الرحيم 

ما به الفتوى من الأدلة في عهد الصحابة: وأسباب الاختلاف:

إن الفتوى لابد أن تعتمد على دليل منصوص في الأصلين الكتاب والسنّة أو مستنبط منهما بالاجتهاد على حد الترتيب الذي ورد في حديث معاذ - رضي الله عنه -.

1. فبالنسبة للكتاب لا خلاف يعترى العمل به إلا فيما يتعلق بدلالة اللفظ وسنتحدث عنها في حلقة لاحقه.

2- السنة:

أما بالنسبة للسنة فإننا سنشير إلى خلاف ظهرت بوادره في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وهو: الموقف من خبر الواحد، والغالب على الصحابة العمل بخبر الواحد: وسنكتفي بكلام للإمام المازري في شرحه للبرهان حيث يقول عن رجوع الصحابة إلى خبر الواحد:

فمن ذلك رجوع الصحابة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يورث إلى خبر الصديق - رضي الله عنه - بذلك.

ورجوعهم لمّا اختلفوا في الغسل من التقاء الختانين إلى أزواج النبي - عليه السلام -.

ورجوعه أيام الطاعون إلى خبر عبد الرحمن بن عوف.

وهكذا أيضا رجع إلى خبره في أخذ الجزية من المجوس لمّا أخبر بقوله - عليه الصلاة والسلام -: سُنٌّوا بِهُم سُنَّةَ أَهلِ الكِتَابِ\". (الموطأ)

وهكذا رجع - رضي الله عنه - في دية الأصابع إلى خبر عمرو بن حزم في الديات.

- ورجع أيضا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في خبر السكنى إلى الفريعة بنت مالك.

- ورجع عليٌّ إلى خبر المقداد في خبر المذي.

وقد رجع ابن عمر - رضي الله عنه - في المخابرة إلى رواية رافع بن خديج.

ورجع زيد بن ثابت في جواز أن تنفر الحائض قبل طواف الوداع إلى الحديث الذي روي له في هذا.

وهذا لو تتبع خرج عن الحد والحصر وأنت إذا طالعت ما صنف في هذا من كتب المحدثين والفقهاء التقطت من هذا الجنس ما لا يكاد يحصى ومثل هذا يدل على أنهم - رضي الله عنهم - مجمعون على العمل بخبر الواحد لأن مثل هذه الكثرة من القصص لا تكاد تنكتم وتخفى فكانوا ما بين راو لخبر وعامل به ومسلم للرواية والعمل فصار ذلك منهم إطباقا على العمل إذ لو كان العمل به حراما لكانوا أجمعوا على خطأ ومعصية لأنهم ما بين عامل وراض بالعمل ومسلم له.

وهذه عمدة يعول عليها في إثبات العمل بخبر الواحد وهي معتمد الحذاق من الأصوليين.

وقد رويت أخبار تتضمن ردهم لخبر الواحد وهي سبب الاختلاف في إجراء الخبر مجرى الشهادة فلا يقبل فيه إلا اثنان.

وقد يتعلق بها أيضا من يُنكر العمل بخبر الواحد جملة وإن كان راوي الخبر رجلين ويرون ذلك دلالة سمعية ونحن نورد عليك الآثار التي تعلق بها هؤلاء ثم نجيب عنها:

فمن ذلك قولهم: إن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - لمّا سأل عن ميراث الجدة فروى له المغيرة بن شعبة أن النبي - عليه السلام - أعطاها السدس لم يقبل ذلك منه حتى روى له محمد بن مسلمة أن النبي - عليه السلام - ورّثها.

وهكذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رد خبر فاطمة بنت قيس في السكنى والنفقة.

ورد خبر أبي موسى الأشعري في الاستئذان عليه ثلاثا حتى أتى أبو سعيد الخُدري فأخبره بمثل خبره.

وهكذا رد عليّ - رضي الله عنه - الخبر الذي روي له في نكاح التفويض في قصة بروع بنت واشق.

وهكذا ردت عائشة خبر ابن عمر لمّا روى أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه.

وأجاب المازري بأجوبة عن هذه الأخبار وغيرها منها أنها تتعلق بشهادة يدفع بها المرء عن نفسه فلهذا احتيج إلى مزيد من الاستيثاق ويكفي حسب رأينا- أن نقول: إنها وقائع أعيان لا عموم لها واستفاضة عملهم بخبر الآحاد يكفي في ترجيح العمل به.

3-الإجماع: كان الاهتمام به اهتماماً بدليل لم يكن له رواج في الفترة النبوية لأنه لا يمكن أن يكون مرجعاً في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد برزت بوادر العمل به في وقت مبكر.

فقد أخرج الدارمي عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر - رضي الله عنه - إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضى بينهم قضى به وإن لم يكن في كتاب الله وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر سنة قضى بها فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع النفر كلهم يذكر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ على نبيّنا.

فإن أعياه أن يجد فيه سنّة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به. (1 /58).

4- الاجتهاد

أما الاجتهاد بالرأي من قبل الصحابة فهو أمر شائع وذائع.

فقد فهموا: أن الشارع جوز لهم بناء الأحكام على المعاني التي فهموها من شرعه لقوله - عليه الصلاة والسلام - لمعاذ: بم تحكم؟ وتقريره على قوله: أجتهد رأيي. ولقوله لعمر: \"أَرَأَيتَ لَو تَمَضمَضتَ\"؟ ولقوله للخثعمية: \"أرأيت لو كان على أبيك دين\"؟ ولقوله: \"إنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيكُم وَالطَّوَّافَاتِ\".

لهذا فإنّ أبا بكر - رضي الله عنه - كان يقول برأيه كما فعل في توريثه للجد وحجبه للإخوة فأنه قال فيه برأيه.

وقال أبو بكر - رضي الله عنه -: أقول في الكلالة برأيي.

وهكذا كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لشريح: \"إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به ولا يلفتك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن في سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يتكلّم فيه أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت، إن شئت أن تجتهد برأيك ثم تقدم فتقدم وإن شئت أن تتأخر فتأخر.

وكان عمر مع ذلك يقول بالرأي ويحث عليه فيما ليس فيه كتاب ولا سنّة، فقد ذهب إلى زيد يطلب رأيه في الجد وكما في رسالته لأبي موسى الأشعري: \"الفهم الفهم في ما أدلي إليك فما ليس في قرآن ولا سنّة ثم قس الأمور على ذلك واعرف الأمثال والأشباه ثم اعمل فيها بأحبها إلى الله - تعالى -وأشبهها بالحق\".

وقد ورث أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - تماضر الأسدية زوج عبد الرحمن بن عوف لأنه طلقها في مرض الموت وهو اجتهاد.

وقال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -: كان رأيي ورأي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ألاّ تباع أمهات الأولاد وأرى الآن أن يبعن.

قال الأستاذ أبو منصور البغدادي في كتاب \"الأصول الخمسة عشر\": أربعة من الصحابة تكلموا في جميع أبواب الفقه وهم: عليّ وزيد وابن عباس وابن مسعود.

وهؤلاء الأربعة متى أجمعوا على مسألة على قول فالأمة فيها مجمعة على قولهم غير مبتدع لا يعتد بخلافه.

وكل مسألة انفرد فيها عليّ بقول عن سائر الصحابة تبعه ابن أبي ليلى والشعبي وعبيدة السلماني.

وكل مسألة انفرد فيها زيد بقول تبعه الشافعي ومالك في أكثره وتبعه خارجة بن زيد لا محالة.

وكل مسألة انفرد بها ابن مسعود تبعه علقمة والأسود وأبو أيوب. (الزركشي البحر المحيط 4/372)

وانتهى العلم بالأحكام الشرعية لستة من الصحابة عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبيّ وعبد الله بن مسعود وعليّ قاله مسروق.

وأكثر الصحابة إفتاء على الإطلاق ابن عباس قاله أحمد.

ويليه ستة عمر وعليّ وابن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابت وعائشة. قال ابن جزي يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد من هؤلاء مجلد ضخم.

قال وتلا هؤلاء السبعة عشرون بحيث يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير وهم أبو بكر وعثمان وأبو موسى ومعاذ وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وأنس وعبد الله بن عمرو بن العاصي وسلمان وجابر وأبو سعيد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وعمران بن حُصين وأبو بكرة وعبادة بن الصامت ومعاوية وابن الزبير وأم سلمة.

المكثرون من الفتيا: والذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة ونيف وثلاثون نفسا ما بين رجل وامرأة وكان المكثرون منهم سبعة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعائشة أم المؤمنين وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر قال أبو محمد بن حزم ويمكن أن يجمع من فتوى كل واحد منهم سفر ضخم.

قال وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب ابن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في عشرين كتابا وأبو بكر محمد المذكور أحد أئمة الإسلام في العلم والحديث.

المتوسطون في الفتيا: قال أبو محمد والمتوسطون منهم فيما روى عنهم من الفتيا أبو بكر الصديق وأم سلمة وأنس بن مالك وأبو سعيد الخُدريّ وأبو هريرة وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير وأبو موسى الأشعري وسعد ابن أبي وقاص وسلمان الفارسي وجابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل فهؤلاء ثلاثة عشر يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير جدا ويضاف إليهم طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وعمران بن حصين وأبو بكرة وعبادة بن الصامت ومعاوية بن أبي سفيان.

المقلون من الفتيا: والباقون منهم مقلون في الفتيا لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان والزيادة اليسيرة على ذلك يمكن أن يجمع من فتيا جميعهم جزء صغير فقط بعد التقصي والبحث وهم أبو الدرداء وأبو اليسر وأبو سلمة المخزومي وأبو عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد والحسن والحسين ابنا علي والنعمان.

قد تبين مما مضى وقوف الصحابة عند الكتاب والسنة ثم الإجماع ثم الرأي بالقياس أو ما ينحو منحاه.

فلماذا اختلفوا في الفتوى وأختلف علماء الأمة من بعدهم تبعاً لهم في كثير من الحالات؟

أولاً: يجب أن نقرر أن الاختلاف ليس كله ممقوتاً بل إن العلماء قرروا أن الاختلاف قد يكون رحمة.

قال ابن عابدين في تعليقه على قول صاحب الدّر المختار: \"وعلم بأن الاختلاف من آثار الرحمة فمهما كان الاختلاف أكثر كانت الرحمة أوفر\".

وقد انتبه لذلك العلامة ابن القيم عندما يقول: وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لابد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه.

أسباب الاختلاف بين الصحابة فيما بينهم وكذلك أسباب بين العلماء المجتهدين بعد عصرهم.

الخلاف ينشأ من أربعة أوجه تعتبر عناوين كبيرة لأسباب الخلاف الكثيرة والمتنوعة.

1- اختلاف في دلالات الألفاظ وضوحاً وغموضاً واعتباراً ورداً.

2- اختلاف في أدلة معقول النص التي ترجع إلى مقاصد الشريعة قبولاً ورفضاً

3- اختلاف في وسائل ثبوت النصوص الشرعية ودرجات الثبوت.

4- اختلاف في ترتيب الأدلة عند التعارض قوة وضعفاً.

فهذه العناوين الأربعة يرجع إليها اختلاف العلماء وقد ذكر ابن السيّد ثمانية أسباب لاختلاف العلماء.

أحدها: الاشتراك الواقع في الألفاظ واحتمالها للتأويلات وجعله ثلاثة أقسام: \"اشتراك\" في موضوع اللفظ المفرد كالقرء و أو في آية الحرابة و\"اشتراك\" في أحواله العارضة في التصريف نحو\"ولا يُضارَ كاتب ولا شهيد\".

و\"اشتراك\" من قبل التركيب نحو \"والعمل الصالح يرفعه\" \"وما قتلوه يقينا\".

الثاني: دوران اللفظ بين الحقيقة والمجاز وجعله ثلاثة أقسام: ما يرجع إلى اللفظ المفرد نحو حديث النزول\"الله نور السَّماوات والأرض\".

وما يرجع إلى أحواله نحو: \"بل مكر الليل والنهار\" ولم يبين وجه الخلاف.

وما يرجع إلى جهة التراكيب كإيراد الممتنع بصورة الممكن ومنه\"لئن قدر الله عليّ\" الحديث.

وأشباه ذلك مما يورد من أنواع الكلام بصورة غيره كالأمر بصورة الخبر والمدح بصورة الذّم والتكثير بصورة التقليل وعكسها.

الثالث: دوران الدليل بين الاستقلال بالحكم وعدمه كحديث الليث بن سعد مع أبي حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة في مسألة البيع والشرط وكمسألة الجبر والقدر والاكتساب.

الرابع: دورانه بين العموم والخصوص نحو \"لا إكراه في الدِّين\" \"وعلَّم آدم الأسماء كلها\".

الخامس: اختلاف الرواية وله ثمان علل.

السادس: جهات الاجتهاد والقياس.

السابع: دعوى النسخ وعدمه.

الثامن: ورود الأدلة على وجوه تحتمل الإباحة وغيرها كالاختلاف في الأذان والتكبير على الجنائز ووجوه القراءات.

هذه تراجم ما أورد ابن السيّد. (الموافقات 4/211)

وبالنسبة للرواية فقد ذكر أن لها ثماني علل: فساد الإسناد ونقل الحديث على المعنى أو من المصحَّف والجهل بالإعراب والتصحيف وإسقاط جزء الحديث أو سببه وسماع بعض الحديث وفوت بعضه.

وهذه الأشياء ترجع إلى معنى ما تقدم إذا صح أنها في المواضع المختلف فيها علل حقيقية فإنه قد يقع الخلاف بسبب الاجتهاد في كونها موجودة في محل الخلاف.

وإذا كان على هذا الوجه فالخلاف معتد به بخلاف الوجه الأول. (الموافقات 4/173)

وأما الحافظ ابن رجب فقد قال عن أسباب الخلاف: منها أنه قد يكون النص عليه خفياً، لم ينقله إلا قليل من الناس، فلم يبلغ جميع حملة العلم.

ومنها: أنه قد ينقل فيه نصان، أحدهما: بالتحليل والآخر: بالتحريم، فيبلغ طائفة منهم أحد النصين دون الآخر فيتمسكون بما بلغهم: أو يبلغ النصان معاً من لا يبلغه التاريخ فيقف لعدم معرفته بالناسخ.

ومنها: ما ليس فيه نص صريح، وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس، فتختلف أفهام العلماء في هذا كثيراً.

ومنها: ما يكون فيه أمر أو نهي، فتختلف أفهام العلماء في حمل الأمر على الوجوب أو الندب، وفي حمل النهي على التحريم أو التنزيه. (جامع العلوم والحكم 1/131)

ورد ابن رشد أسباب الاختلاف إلى ستة أنواع لا تخرج عما ذكرنا تراجع المقدمة الأصولية لبداية المجتهد.

ومن أمثلة الاختلاف في دلالات الألفاظ:

بين الحقيقة الشرعية والحقيقة الوضعية فيقدم أبو حنيفة الحقيقة الشرعية للصوم في حديث عائشة في الصحيح عندما سأل - عليه الصلاة والسلام - هل عندكم من طعام فقالت عائشة لا فقال إني صائم، وذلك في وسط النهار فيقول أبو حنيفة انه أحدث الصوم الآن لأن صوم التطوع لا يحتاج إلى تبيت النية التي وردت في حديث ابن ماجه\"لا صيام لمن لم يبتنه من الليل\".

وقال مالك إن الصوم لغوي فمعنى إني صائم أي إني إذا صائم أي ممسك عن الأكل فقد قال الحقيقة الوضعية.

بين الظاهر وبين التأويل:

في الحديث الصحيح \" الجَارُ أَحَقٌّ بِسَِقبِهِ \" أي بعموده وهو كناية فقال الثلاثة إن الجار هنا يراد به الشريك للحديث الصحيح أيضا \"فَإِذا وَقَعَتِ الحُدُودُ وصُرِّفَتِ الطٌّرُقُ فَلا شُفعَةَ \". (البخاري باب الشفعة)

أما أبو حنيفة فحمله على ظاهر العموم من وجوب الشفعة للجار مطلقا سواء كان شريكا أو غير شريك وبالتالي فأبو حنيفة لا يعتبر معارضة المخصص.

ويأخذ الأحناف بحديث \"الأَيِّمُ أَحَقُ بِنَفسِهَا مِن وَلِيَّهَا\" ويتأولون حديث \"أَيٌّمَا امرَأَةٍ, نَكَحَت بِغَيرِ إِذنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلُ\".

على أن المراد المرأة الصغيرة بينما يحمله الجمهور على ظاهره في العموم في كل امرأة فأوجبوا الولي للنكاح.

وتأول الأحناف حديث غيلان بن سلمة الذي فيه\"أَمسِك مِنهُنَّ أَربَعاً وفَارِق سَائِرَهُن\"بأن معنى أمسك منهن أربعا أي اعقد عليهن بينما يرى الجمهور إبقاء الحديث على ظاهره الذي يعني استمرار النكاح، بين اعتبار مفهوم المخالفة(دليل الخطاب)وعدم اعتباره، إن الأحناف لا يقولون بدليل الخطاب أصلا.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply