بسم الله الرحمن الرحيم
بلوَر عالم دين مغربي مقترحاً فقهياً ذا سمة عملية، بهدف تيسير مناسك رمي الجمرات خلال موسم الحج للمسلمين، بما يتيح المجال لتلافي حوادثها نهائياً.
جاء ذلك بعد أنّ تكرّرت خلال موسم الحج الجاري مأساة تدافع الحجاج بمنى، لدى رميهم للجمرات، ما أوقع مئات الضحايا من الحجيج، لتصبح الحوادث في هذا المنسك بالذات هي الأكثر حضوراً خلال الأعوام الماضية.
فقد صاغ الشيخ المغربي، الحسين بن أحمد مفراح، ما وصفه بالمقترح الفقهي - العملي، مؤكداً لوكالة \"قدس برس\"، أنه كفيل بإنهاء مآسي تدافع الحجيج في منى، وموتهم دهساً أو خنقاً جراء ذلك. ومفراح هو أستاذ كرسي بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، وعضو مكتب فرع رابطة علماء المغرب بالدار البيضاء، وخريج دار الحديث الحسنية بالرباط، علاوة على كونه رئس جمعية الوعظ والإرشاد بولاية الدار البيضاء.
وحسب توضيحات مفراح لوكالة \"قدس برس\"º فإنّ المقترح يقوم على فكرة اعتماد النيابة الإجبارية في رمى الجمرات، أي أن يقوم برمي الجمرات عدد معين محدّد نيابة عن كل الحجاج، حيث يعتبرون عاجزين حكماً عن القيام بذلك.
وبموجب ذلكº فإنّ المنوب عنهم من الحجيج في القيام بذلكº يُخيّرون بين مذهب الإمام مالك في تقيم الهدى جبراً لعدم رميهم، ومذهب أحمد بن حنبل وغيره من الفقهاء الذين لا يوجبون شيئاً على العاجز الذي أناب في الرمي غيره.
وأوضح الشيخ الحسين بن أحمد مفراح، أنّ النيابة يمكن أن تكون قُطرية، حيث تقع وفق هذا التصنيف عن حجاج كل قطر من أقطار العالم الإسلامي من طرف جماعة منهم، أو عامة، حيث ينوب عدد معيّن في هذه الحالة عن كل حجاج العالم الإسلامي.
ويشير العالم المغربي في هذا الصدد إلى أنّ \"النائبين يمكن تحديدهم إما من متطوعين أو مقترحين، وفق مواصفات معينة فقهياً وجسدياً وجنساً وعمراً، يقع تحديدها سلفاً، ويمكن أن يعطى هؤلاء أجرة\"، حسب توضيحه، مضيفاً \"يمكن أن يتولى هؤلاء النائبون رمى الجمرات كلها أو يتولّون بعضها في شكل فرق متناوبة، وهؤلاء النائبون يُحدّد عددهم بشكل لا يمكن أن يحصل معه أي تدافع أو ازدحام أو أي خطر محتمل\"، كما قال.
وطبقاً للمقترح الفقهي العملي الذي صاغه مفراحº فإنّ هؤلاء النائبين يُزوّدون بفرق مساعدة - حلال أو محرمون - يتوّلون حمل الحصيات وترنيبها وإعدادها لأداء منسك رمي الجمرات.
أما في ما يتعلق بالأسس الفقهية لهذا المقترحº فيذكر الشيخ مفراح إنه يتأسس \"أساساً على مبدأ النيابة الإجبارية، وذلك باعتبار بقية الحجاج عاجزين حكماً عن الرمي، وأسباب اعتبارهم عاجزين حكماً تتخرج على قواعد وأدلة ونظائر فقهية متنوعة ومتعددة وعلى واقع الحال، فمما هو معلوم فقهاً أنّ الحكم الفقهي ينزل ويحكم به حقيقة أو حكماً\".
ويضيف العالم المغربي متابعاً \"أما واقع الحالº فهو الحالة التي يكون عليها الأمر في رمى الجمرات، من مشقة عظيمة، وإذاية شديدة، بل وإزهاق الأرواح، وذهاب الأنفس وإلى آخر ما يعلمه الجميع في هذا الشأن. وأما القواعد والأدلةº فمن ذلك: المشقة تجلب التيسير، والضرر يُزال، وإذا ضاق الأمر اتسع، وحفظ الأنفس ضرورة، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وغير ذلك مما هو معروف ومقرّر في محله\".
ويرى الشيخ الحسين بن أحمد مفراح أنّ مزايا هذا الاقتراح تتمثل في الإبقاء على شعيرة رمى الجمرات واستمرارها، وتلافى حوادث الرمي بشكل نهائي، وإظهار مرونة الأحكام الإسلامية، وإظهار صلاح الإسلام لكل زمان، وتيسير الحج كنموذج على تيسير الأحكام الإسلامية كلما تطلب الواقع والأحوال ذلك\"، على حد تقديره.
أما من الجانب العمليº فيلخص مفراح مراحل تطبيق المقترح في ضرورة أن يمرّ من خلال لجنة فقهية تمثل العالم الإسلامي، حيث يتم دارسة المقترح فقهياً، حتى إذا ما تم اعتماده تأتى المرحلة التالية، وهي تمريره من جهة إسلامية ملزمة، كمنظمة المؤتمر الإسلامي، أو وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية.
لكنّ مقترحاً كهذا سيواجه على الأغلب صعوبات عدة، وهى حسب توقعات الشيخ مفراح إما أن تكون عقبات فقهية أو سياسية أو طائفية أو تقنية. ويقصد عالم الدين المغربي بالصعوبات الفقهية \"أن يكون هناك من يعارضه في أسسه الفقهية، إما في شكل أفراد أو هيئات علمية معينة\"، في ما يقصد بالصعوبات السياسية \"ظهور ووقوف بعض الأقطار الإسلامية ذات توجه فقهي أو إسلامي معين\".
ومقابل ذلكº فإنّ الصعوبات التقنية \"وإن كانت غير ذات أهميةº فإنّ وضعها في الحسبان مهم\"، لكنه يعرب عن ثقته في أنّ هذه الصعوبات جميعاً \"يمكن العمل على تذليلها واحتوائها فقهياً وسياسياً، خاصة مع استحضار دواعي المقترح\"، كما قال.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد