بسم الله الرحمن الرحيم
v عن عطاء الخرساني أن امرأة أبي مسلم الخولاني قالت: ليس لنا دقيق. فقال: هل عندك شيء؟ قالت: درهم بعنا به غزلاً. قال: ابغينيه وهاتِ الجراب. فدخل السوق فأتاه سائل وألح، فأعطاه الدرهم وملأ الجراب نشارة مع تراب وأتى وقلبه مرعوب منها وذهب ففتحه فإذا به دقيق حواري فعجنت وخبزت. فلما جاء الليل وضعته فقال: من أين هذا؟ فقالت: من الدقيق. فأكل وبكى.
v أن عيسى بن طلحة جاء إلى عروة بن الزبير حين قدم فقال عروة لبعض بنيه: اكشف لعمك رجلي، ففعل، فقال عيسى: غنا والله يا أبا عبد الله ما أعددناك للصراع ولا للسباق، ولقد أبقى الله منك ما كنا نحتاج إليه رأيك وعلمك، فقال: ما عزاني أحد مثلك.
v قال ابن خلكان: كان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة فقال: والله ما بك حاجة على المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضائك، وابن من أبنائك إلى الجنة، ولكل تبع للبعض إن شاء الله، وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك.
v عن علقمة بن مرشد قال: أما الحسن البصري فما رأينا أحداً أطول حزناً منه ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة ثم قال: تضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا وقال: لا أقبل منكم شيئاً، ويحك يا ابن آدم هل لك بمحاربة الله - يعني قوة - والله لقد أقواماً كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواماً يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتاً فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني فيتصدق ببعضه، ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه.
v طلب الحجاجُ إبراهيم النخعي فجاء الرسول فقال: أريد إبراهيم فقال: إبراهيم التيمي: أنا إبراهيم ولم يستحل أن يدله على إبراهيم النخعي، فأمر بحبسه في الديماس ولم يكن لهم ظل من الشمس ولا كِن من البرد، وكان كل اثنين في سلسلة فتغير إبراهيم فعادته أمه فلم تعرفه حتى كلمها فمات فرأى الحجاج في نومه قائلاً يقول: مات في البلد الليلة رجل من أهل الجنة فسأل، فقالوا: مات في السجن إبراهيم التيمي فقال: حُلمٌ نزعة من نزعات الشيطان وأمر به فألقي على الكناسة.
v قال عبد الرحمن بن يزيد بن جبار: ما رأيت أحداً أفضل من القاسم أبي عبد الرحمن بن أبي القاسم، كنا بالقسطنطينية وكان الناس يرزقون رغيفين رغيفين فكان يتصدق برغيف ويصوم ويفطر على رغيف.
v قال أبو حازم الأعرج: لقد رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيهاً أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا، وما رأيت في مجلسه متمارين ولا متنازعين في حديث لا ينفعنا.
v خرج يحيى بن سعيد إلى إفريقية في ميراث له، فطلب له ربيعة بن أبي عبد الرحمن البريد، فركبه إلى إفريقية، فقدم بذلك الميراث وهو خمسمائة دينار، فأتاه الناس يسلمون عليه، وأتاه ربيعة فأغلق الباب عليهما، ودعا بمنطقته فصيرها بين يدي ربيعة وقال: يا أبا عثمان، والله ما غيبت منها ديناراً إلا ما أنفقناه في الطريق، ثم عد مائتين وخمسين ديناراً فدفعها إلى ربيعة وأخذ هو مثلها قاسمه.
v جاء فضيل بن مرزوق وكان من أئمة الهدى زهداً وفضلاً إلى الحسن بن حي فأخبره أنه ليس عنده شيء فأخرج له ستة دراهم وقال: ليس معي غيرها. قال: سبحان الله ليس عندك غيرها وأنا آخذها؟ فأبى ابن حي إلا أن يأخذها، فأخذ ثلاثة وترك ثلاثة.
v قال رواد بن الجراح: كنت ليلة مع إبراهيم بن أجهم فأتاه رجل بباكورة فنظر حوله هل يرى ما يكافئه، فنظر إلى سرجي فقال: خذ ذاك السرج، فأخذه، فسررت حين نزل مالي بمنزلة ماله.
v قال قتيبة بن سعيد: لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار.
v قال أسد بن موسى: كان عبد الله بن علي العباسي يطلب بني أمية فيقتلكم، قال: فدخلت مصر في هيئة رثة فأتيت الليث، فلما فرقت من المجلس تبعني خادم له بمائة دينار، وكان في حوزتي هميان فيه ألف دينار فأخرجها فقلت: أنا في عنى، استأذن لي على الشيخ، فاستأذن، فدخلت وأخبرته بنسبي واعتذرت من الرد فقال: هي صلة، قلت أكره أن أهود نفسي، قال: ادفعها إلى من ترى من أصحاب الحديث.
v عن الفضيل أنهم استروا شعيراً بدينار، وكان الغلاء فقالت أم علي للفضيل: قوته لكل إنسان قرصين، فكان علي يأخذ واحداً ويتصدق بالآخر حتى كاد أن يصيبه الخواء.
v عن الواقدي قال: أضقت مرة، وأنا مع يحيى بن خالد، وحَضَر عيد، فجاءتني الجارية فقالت: ليس عندنا من آلة العيد شيء، فمضت إلى تاجر صديق لي ليقرضني، فأخرج إلي كيساً مختوماً فيه ألف دينار، ومائتا درهم، فأخته، فما استقررت في منزلي حتى جاءني صديق لي هاشمي، فشكا إلي تأخر غلته وحاجته إلى القرض، فدخلت إلى زوجتي، فأخبرتها، فقال: على أي شيء عزمت؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس، قالت: ما صنعت شيئاً، أتيت رجلاً سوقة، فأعطاك ألفاً ومائتي درهم، وجاءك رجل من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تعطيه نصف ما أعطاك السوقة؟ فأخرجت الكيس كله إليه فمضى، فذهب صديقي التاجر على الهاشمي - وكان صاحبه - فسأله القرض، فأخرج الهاشمي إليه الكيس بعينه ن فعرفه التاجر، وانصرف إلي، فحدثني بالأمر. قال: وجاءني رسول يحيى يقول: إنما تأخر رسولنا عنك لشغلي، فركبت إليه، فأخبرته أمر الكيس، فقال: يا غُلام هات تلك الدنانير، فجاءه بعشرة آلاف دينار، فقال: خذ ألفي دينار لك، وألفي دينار للتاجر، وألفين للهاشمي، وأربعة آلاف لزوجتك، فإنها أكرمكم.
v الخلال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: قال أبو سيعد بن أبي حنيفة المؤدب: كنت آتي أباك فيدفع إلي الثلاثة دراهم وأقل وأكثر ويقعد معي، فيتحدث، وربما أعطاني الشيء، ويقول: أعطيتك نصف ما عندنا. فجئت يوماً، فأطلت القعود أنا وهو. قال: ثم خرج ومعه تحت كسائه أربعة أرغفة. فقال: هذا نصف ما عندنا. فقلت: هي أحب إلي من أربعة آلاف من غيرك.
v قال المروذي: رأيت أبا عبد الله وجاءه بعض قرابته فأعطاه درهمين. وأتاه رجل فبعث إلى البقال، فأعطاه نصف درهم.
v وعن يحيى بن هلال، قال: جئت أحمد فأعطاني أربعة دراهم.
v وقال هارون المستملي لقيت أحمد بن حنبل، فقلت: ما عندنا شيء. فأعطاني خمسة دراهم، وقال: ما عندنا غيرها.
v قال المروذي: رأيت أبا عبد الله قد وهب لرجل قميصه، وقال: ربما واسى من قوته.
v وجاءه أبو سعيد الضرير، وكان قال قصيدة في ابن أبي دؤاد، فشكا إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقال: يا أبا سعيد، ما عندنا إلا هذا الجذع. فجيء بحمال، قال: فبعته بتسعة دراهم ودانقين. وكان أبو عبد الله شديد الحياء، كريم الأخلاق، يعجبه السخاء.
v قال المروذي: سمعت أبا الفوارس ساكنَ أبي عبد الله، يقول: قال لي أبو عبد الله: يا محمد، ألقى الصبي المقراض في البئر، فنزلت فأخرجته، فكتب لي إلى البال: أعطه نصف درهم. قلت: هذا لا يسوى قيراط، والله لا أخذته. قال: فلما كان بعد دعاني، فقال: هذا لا يسوى قيراط، والله لا أخذته. قال: فلما كان بعد، دعاني، فقال: كم عليك من الكراء؟ قلت ثلاثة أشهر. قال: أنت في حل. ثم قال أبو بكر الخلال: فاعتبروا يا أولي الألباب والعلم، هل تجدون أحداً بلغكم عنه هذه الأخلاق؟!!
v عن يعقوب بن شيبة، قال: أظل العيد رجلاً، وعنده مئة دينار لا يملك سواها، فكتب إليه صديق يسترعي منه نفقة، فأنفذ إليه بالمائة دينار، فلم ينشب أن ورد عليه رقعة من بعض إخوانه يذاكر أنه أيضاً في هذا العيد في إضاقة، فوجه إليه بعينها. قال: فبقي الأول لا شيء عنده، فاتفق أنه كتب إلى الثالث وهو صديقه يذكر حاله، فبعث إليه الصرة بختمها. قال: فعرفها، وركب إليه، وقال: خبرني، ما شأن هذه الصرة؟ فأخبره الخبر، فكربا معاً إلى الذي أرسلها، وشرحوا القصة، ثم فتحوها واقتسموها.
v قال منبه البصري: سافرت مع أبي أحمد القلانسي فجعنا جوعاً شديداً، ففتح (علينا) بشيء (من طعام) فآثرني به، وكان معاً سويق، فقال: يا منبه! تكون جملي؟ يمزح، قلت: نعم، فكان يؤجرني السويق.
v قال ابن لبابة الحافظ: كان بقي بن مخلد من عقلاء الناس وأفضلهم، وكان أسلم بن عبد العزيز يُقدمه على جميع من لقيه بالمشرق، ويصف زهده، ويقول: ربما كنت أمشي معه في أزقة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه احد ثوبيه.
v قال أبو البركات إسماعيل ابن أبي سعد الصوفي: كان الشيخ أبو بكر بن زهراء الصوفي برباطنا، قد أعد لنفسه قبراً إلى جانب قبر بشر الحافي، وكان يمضي إليه كل أسبوع مرة، وينام فيه، ويتلوا فيه القرآن كله، فلما مات أبو بكر الخطيب، كان قد أوصى أن يدفن إلى جنب قبر بشر، فجاء أصحاب الحديث إلى ابن زهراء، وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره، وأن يؤثره به، فامتنع، وقال: موضع قد أعددته لنفسي يؤخذ مني! فجاؤوا على والدي. وذكروا له ذلك، فأحضر ابن وهراء وهو أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي فقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر، ولكن أقول لك: لو أن بشراً الحافي في الأحياء وأنت على جنبه، فجاء أبو بكر الخطيب ليقعد دونك، أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أجلسه مكاني. قال: فهكذا ينبغي أن تكون الساعة. قال: فطاب قلبه، وأذن.
v أن أبا عبيد الله محمد بن عبده الصاداني وَهَبَ رجلاً اختلت حاله - لا يعرفه - في ساعة واحدة ما مبلغه ألف دينار.
v حدثنا جعفر بن ورقاء الأمير قال: اجتزت بابن الحصاص (أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الصدر الرئيسي) وكان مصاهري، فرأيته على حوش داره حافياً حاسراً يعدو كالمجنون، فلما رآني استحيي، فقلت: ما لك؟ قال: يحق لي، مني أمراً عظيماً، فسلمته وقلت: ما بقي يكفي، وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الحاجة، فاصبر حتى أبين لك غناك. قال: هات، قلت: أليس دارك هذه بآلتها وفرشها لك؟ وعقارك بالكرخ وضياعك؟ قال: بلى. فما زلت أحاسبه حتى بلغ قيمة سبع مئة ألف دينار، ثم قلت: وصادقني عما سلم لك، فحسبناه، فإذا هو بثلاث مئة ألف دينار، قلت: فمن له ألف ألف دينار ببغداد؟! هذا وجاهك قائم، فلم تَغتَنم؟ فسجد لله وحمده وبكى، وقال: أنقذني الله بك، ما عزاني أحد بأنفع من تعزيتك، ما أكلت شيئاً منذ ثلاث، فأقم عندي لنأكل ونتحدث. فأقمت عنده يومين.
v حدثني منصور الغضاري قال: شاهدت الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي في الغلاء بمصر وهو ثلاث ليال يؤثر بعشائه ويطوي.
v وكان الزاهد عبد الله بن عثمان اليونيني لا يقوم لأحد تعظيماً لله ولا يدخر شيئاً، وله ثوب خام، ويلبس في الشتاء فروة.وقد يؤثر في البرد، وكان ربما جاع ويأكل من ورق الشجر.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد