ما حكم من دخل الحرم وهو جنب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو توضيح ما يتعلق بمن دخل الحرم المكي الشريف وهو جنب حيث أن هناك فتى في بداية بلوغه ذهب مع أخوته لقضاء العمرة في العشر الأواخر من شهر رمضان..وبعد أن أتم مناسك العمرة وعاد للمكان الذي يسكنه ونام أحتلم..

وعندما صحى من نومه أجبروه إخوته على الذهاب معهم ولم يكن معه ملابس غير ملابسه التي أحتلم بها فذهب معهم ودخل الحرم وصلى معهم دون أن يكبر اجتهاداً منه بأنه لا يريد أن يكبر وهو جنب..

حيث أنه لا يريد أن يعلموا إخوته بأنه جنب أو بالأصح أنه قد بلغ.. فما الحكم في ذلك؟

 

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاكم الله خير الجزاء

لا يجوز للمسلم أن يُصلي وهو جُنب مع القدرة على استعمال الماء، فإن عجز عن استعماله أو كان يضرّ به استعمال الماء فإنه يتيمم ويُصلي.

كما لا يجوز له أن يقف في المسجد كمن يُصلي، وهو جُنب، ولذا فإن عليه التوبة إلى الله، وإعادة تلك الصلاة إن لم يكن صلاها.

 

ولذا قالت أم عطية - رضي الله عنها -: أمرنا - تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين. رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية للبخاري: ويعتزلن مصلاهم.

مع حضورهن للمصلى، فهذا الاعتزال إنما هو اعتزال للصلاة.

ونقل ابن حجر - رحمه الله - عن ابن المنير - رحمه الله - أنه قال: الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال، فاستحب لهن اجتناب ذلك.

فالحائض تشهد العيد وتدخل المصلى، ولكنها لا تقف في صف المُصلِّيات.

 

وهنا فائدة:

وهي هل دلّ الدليل على منع الحائض من دخول المسجد؟

الجواب: لا، إلا أن تخشى أن تلوّث المسجد.

وما ودر إما غير صحيح، وإما غير صريح.

فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لما حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري. رواه البخاري ومسلم.

والقاعدة: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

ولم يقُل لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تدخلي المسجد، وإنما نهاها عن الطواف بالبيت حتى تطهر.

ولذا لما قالت أم عطية - رضي الله عنها -: سمعته يقول: يخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيض وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى. قالت حفصة - رضي الله عنها -: فقلت: آلحيض؟ فقالت: أليس تشهد عرفة وكذا وكذا.

يعني أنها تحضر تلك المواطن، ولا تُمنع منها.

 

ويستدل بعض العلماء على منع الجنب من دخول المسجد بقول الله - عز وجل -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُم سُكَارَى حَتَّىَ تَعلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ, حَتَّىَ تَغتَسِلُوا)

فهذا فيما يتعلق بقربان الصلاة لا بدخول المساجد، فالآية واضحة في نهي المؤمنين عن أداء الصلاة في تلك الأحوال لا عن دخول المساجد.

قال البغوي: وجوّز أحمد والمزني المكث فيه (يعني في المسجد)، وضعف أحمد الحديثº لأن راويه (أفلت) مجهول، وتأول الآية على أن (عَابِرِي سَبِيلٍ,) هم المسافرون تُصيبهم الجنابة، فيتيممون ويُصلّون، وقد روي ذلك عن ابن عباس. انتهى.

وقال ابن المنذر: يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا.

 

وأما حديث: لا أُحلّ المسجد لحائض ولا لجُنُب. فقد رواه أبو داود ومدار إسناده على جسرة بنت دجاجة، وهي مقبولة، أي عند المتابعة.

وقال البخاري في التاريخ الكبير عنها: عندها عجائب.

ولذا قال الحافظ عبد الحق: هذا الحديث لا يثبت.

 

فبقي الجُنب والحائض على البراءة الأصلية من عدم المنع من دخول المساجد

وعلى البراءة الأصلية من عدم التنجس لقوله - عليه الصلاة والسلام -: إن المؤمن لا ينجس. رواه البخاري ومسلم.

 

خاصة إذا كان هناك مصلحة من دخول الجُنب أو الحائض المسجد.

وقد أدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمامة بن أثال وكان مشركا، أدخله إلى مسجده - صلى الله عليه وسلم - وربطه في سارية من سواري المسجد، ثم أسلم فيما بعد، والحديث في الصحيحين.

 

فإذا كان المشرك لا يُمنع من دخول المسجد لوجود مصلحة، فالمسلم الذي أصابته الجنابة أو المسلمة التي أصابها الحيض أولى أن لا يُمنعوا.

 

قال الإمام النووي - رحمه الله -: الأصل عدم التحريم، وليس لمن حرم دليل صحيح صريح.

 

ويُنظر تمام المنة للشيخ الألباني - رحمه الله -.

والله - تعالى -أعلى وأعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply