بسم الله الرحمن الرحيم
((إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً)).
من هو المستحق للتذلل والخضوع والانكسار؟ من هو الذي ينبغي أن تملأ القلوب بحبه وتلهج الألسنة بذكره؟ من هو الذي تطوف الأرواح حول عرشه تستنشق نسيم قدسه إذا وفقت لطاعته؟ من هو المستحق للحمد والشك والثناء؟ من هو الذي إذا لجأت إليه آنسك في وحشتك؟ وإذا دعوته أجاب دعوتك؟
إلهنا وسيدنا ومولانا ما أعظمك وما أعظم كرمك!! ما أرحمك وما أحلمك!، تعصى فتغفر وتطاع فنشكر ونزل وتستر خيرك إلينا نازل وشرنا إليك صاعد.
((ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)).
أيها الإخوة: الله لطيف بعباده ورحيم بهم..يدلهم على الطاعة ويوفقهم لأدائها ويثيبهم عليها.أفبعد هذا الكرم كرم؟؟
يقول لهم: ادعوني أستجب لكم.واستغفروني اغفر لكم، وإذا عملتم المعاصي فتوبوا إليَّ أقبل توبتكم. أفبعد هذا الإحسان إحسان؟
من هو العاقل؟ من هو اللبيب الأريب الفطن الموفق؟
إنه ذلك الشخص الذي ماسمع بعمل فيه رضاً لله إلا وفعله واجتهد فيه وما سمع بشيء يسخط الله إلا واجتنبه وفاقه.. ((أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)).
أيها الإخوة الكرام: \" هذا شهر الله المبارك شهر الخير والنعيم شهر الأمن والإيمان شهر القرآن والذكر والتسبيح والتراويح. شهر الصبر شهر المجاهدة شهر التقوى شهر الرحمة والمغفرة شهر العتق من النيران \".
إن الموفق هو الذي أيده الله وأعانه على استغلال ليالي الشهر الكريم وأيامه بالطاعات والقربات.. والمخذول من وكله الله إلى نفسه فاتبع هواه وخرج من الشهر مفرطاً خاسئاً وهو حسير.
هل يمكن أن نستفيد من هذا الشهر؟ هل يمكن أن نخرج بأشياء عملية من هذا الشهر؟
أقول نعم.. ولكن من هو المستفيد ومن هو الابح في هذا الشهر... هذه نصائح ووصايا لإخواني علَّ الله أن ينفع بها من يسمعها (فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
1- خير ما أوصي به نفسي وإخواني الإخلاص لله - جل وعلا - وإصلاح النية ولنحذر أن يكون صوماً مجرد عادة، أو تحت ضغط اجتماعي أو أسري فالله لايقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً له جلّ في علاه.
2- تجديد التوبة في هذا الشهر وكثرة الاستغفار وأن لا يتعاظم الواحد منا ذنبه وليتذكر قوله - تعالى -: ((قل ياعبادي الذين أسرفوا... )) فباب التوبة مفتوح وعطاء ربك يغدو ويروح. وَضَع هذا النص النبوي أمام ناظريك: قال جبريل لنبينا الجليل: ((بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين، فقال النبي آمين)).
3- هذا الشهر شهر القرآن: فليكن للعبد ورد يومي يقرأ فيه كتاب الله ويترنم به، والذي يطالع سير السلف في هذا الباب يقرأ الأعاجيب... ووالله إن المحروم من الخير هو الذي يمر عليه هذا الشهر ولم يختم كتاب الله.
وحتى ننتفع بالقراءة.. خذ كتاب معاني القرآن في الجيب وضع مختصر تفسير ابن كثير للرفاعي قريباً منك حتى إذا أكلت عليك آية قرأت تفسيرها وتأملت معانيها.
4- مَن نوصي بالمحافظة على صلاة التراويح... هل نوصي بها رجلاً لا يحافظ على الفرائض المكتوبات.. من أراد أن تتعود نفسه على الصلوات جماعة في المسجد فليبدأ من اليوم حتى لايدخل عليه الهر إلا وقد تهيأت نفسه لذلك، فيكون رمضان عوناً على المحافظة مع الجامعة أما من يحافظ على الصلوات جماعة فأوصيه بالمحافظة على التراويح فعندك الأصل فشدَّ ساعديك ولاتحرمنَّ نفسك الأجر فالعاجر هو الذي يرضى بالقليل.
5- ليكن لنا في صومنا معنىً أعمَّ من مجرد الامتناع عن الأكل والشرب.. وغير ذلك من موانع الصيام..
- لتصم أعيننا عن مشاهدة ما لا يحل لها. تلفاز وقنوات والفوازير المخلة بالآداب..
- لتصم آذناننا عن سماع ما لا يحل لها. الغناء والغيبة.
- لتصم بيوتنا عن المنكرات من الاختلاط بين الاقارب ولتصم بيوتنا من الدشوش التي أفسدت شبابنا وبناتنا.
وقفة
من يتحمل مسؤولية الأسرة؟
أيها الأب أنت المسؤول الأول أما الله عن أولادك وذريتك. من الذي أدخل البيت الدش والمجلة والشريط. أليس بمالك ألست ترى المنكرات أمامك. هل اقتصر دور الوالد على توفير المطعم والمشرب والملبس فقط. جزاك الله خيراً على هذا ولكن المهمة لم تنته بعد.
والابن والبنت كل منهما مسؤول فإن الوالد وإن أخطا مثلاً فهذا لايبرر لهما الوقوع في الخطأ.
- لتصم بطوننا عن الحرام: الربا والأسهم التي لايعرف بم يتاجر بها أو التي توضع في بنوك ربوية.
• مع قوله - تعالى - ((ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام.. )) فإن هذه الآية جاءت بعد آية: ((وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط.. ))، قال العلماء: فيها إشارة إلى أن من امتثل أمر الله في اجتناب الطعام والشراب في نهار صومه فليمتثل أمره في اجتناب أكل الأموال بالباطل فإنه محرم بكل حال لا تباح في زمن من الأزمان.
- إن هذا الشهر فرصةً لتغيير السلوكيات الخاطئة والتصرفات غير المحمودة إلى الأفضل والأحسن وفيه تظهر الإرادة الحقيقية والعزيمة القوية لمن يتعللون أنهم لايقدرون على التخلص من بعض العادات السيئة فعلى سبيل المثال: المدخِّن.
إذاً هناك معنىً أعم للصوم فليس هو مجرد ترك الأكل والشرب: بل هو تربية وتزكية إذا أحسن المسلم التعامل معه.
6- الرحمة والشفقة والمحبة والإحسان، فضل من الله يهبه لمن يشاء وإذا أراد الله بعبدٍ, خيراً جعله رؤوفاص رحيماً على إخوانه.
ولا تجد إنساناً محباً محسناً لإخوانه المسلمين إلا وائتلفت القلوب على حبه وإكرامه وتعظيمه. فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)). ((والراحمون - يرحمهم الله - وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)).
كم من المسلمين الآن يحتاجون إلى وقفة إخوانهم معهم، أشغلتهم الحروب واضطربت الأمور عندهم، لا يجدون مأوى ولا يهنأون بعيش فمن لهم بعد الله - جل وعلا -.. إنهم أنتم أصحاب الشفقة وأهل الإيمان وحتى نكون فاعلين وجادين أكثر هناك فكرة ومشروع: الاستقطاع.
متى نحس بالمسؤولية ولاننتظر طلب الناس. لم لا نبادر. لم لا نفكر أحياناً بصدق، الذي عنده صدقة او زكاة مال لك لايعطيها أسرة يعفها لمدة معينة بدلاً من أن يقوم بتوزيع المال على اكثر من مسكين أو فقير، فلا أسمن ولا أغنى من جوع.
إن في وقوفك مع إخوانك المسلمين تحقيقاً للولاء لهم.
7- صُم صوم مودِّع:
• نصوم كل عام لإبراء الذمة فنصم هذا العام لتحقيق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً))
• إذا حرصنا على ختم القرآن أكثر من مرة فلتكن إحدى الختمات بتدبر وخشوع.
• نحرص كل يوم من أيام رمضان الأولى على المحافظة على الصلوات جماعة فليكن هذا ديدننا طيلة العام والعمر.
• نتوسع في رمضان بغذاء الأبدان فلنتوسع في غذاء الأرواح والقلوب.
• نحن نتصدق لمساعدة الفقراء والمساكين فلنتصدق هذا العام على أنفسنا حتى نخلصها من النار فلا نقترف ماحرم الله علينا.
• اترك البخل في رمضان فاجعل لإخوانك المسلمين نصيباً من الدعاء ولاتقتصر على نفسك.
• إذا وفقت لتفطير الصائمين أو لعمل الخير فلايكن قصدك مجرد المحمدة والثناء.
ختاماً: قليل دائم خير من كثير منقطعº محافظة على الفرائض والسنن الرواتب وصلاة التراويح والوتر مع الجماعة + قراءة جزء يومياً بشيء من التدبر، وجلوس بعد الفجر إلى شروق الشمس ولوفي أيام الإجازة الجمعة والسبت. مع حفظ اللسان وبقية الجوارح من الحرام تحقق معنى التقوى غذ هي فعل المأمور وترك المحظور.
((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد