الذبح : آداب وسنن


بسم الله الرحمن الرحيم

 

علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)، فالذبح له آداب ينبغي على المسلم مراعاتها، ومن هذه الآداب التي تدل على عظمة هذا الدين أنه حث على راحة الحيوان المذبوح قدر المستطاع، فيستحب أن يحد الذابح شفرته قبل الذبح ويكره الذبح بآلة كالّة لما في ذلك من تعذيب للحيوان، كما يكره أن تحد السكين أمام الذبيحة، ويكره أن تذبح الذبيحة أمام أخرى، كما يندب تقديم الماء للحيوان قبل ذبحه، ويندب إمرار السكين على الذبيحة برفق ذهابا وإيابا، فهذا من الإحسان الذي أمرنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

يستحب في الذبح أمور منها:

أ - أن يكون بآلة حديد حادة كالسكين والسيف الحادين لا بغير الحديد; لأن ذلك مخالف للإراحة المطلوبة في قوله - صلى الله عليه وسلم - (وليرح ذبيحته).

 

ب - التذفيف في القطع - وهو الإسراع - لأن فيه إراحة للذبيحة.

 

ج - أن يكون الذابح مستقبل القبلة، والذبيحة موجهة إلى القبلة بمذبحها لا بوجهها إذ هي جهة الرغبة إلى طاعة الله عز شأنه ; ولأن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يكره أن يأكل ذبيحة لغير القبلة. ولا مخالف له من الصحابة، وصح ذلك عن ابن سيرين وجابر بن زيد.

 

د- إحداد الشفرة قبل إضجاع الشاة ونحوها، صرح بذلك الحنفية، والمالكية والشافعية، واتفقوا على كراهة أن يحد الذابح الشفرة بين يدي الذبيحة، وهي مهيأة للذبح لما أخرجه الحاكم عن ابن عباس - رضي الله عنهما- (أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتريد أن تميتها موتات؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها).

ولا تحرُم الذبيحة بترك شيء من مستحبات الذبح، أو فعل شيء من مكروهاته; لأن النهي المستفاد من الحديث ليس لمعنى في المنهي عنه بل لمعنى في غيره، وهو ما يلحق الحيوان من زيادة ألم لا حاجة إليها، فلا يوجب الفساد.

 

هـ - أن تضجع الذبيحة على شقها الأيسر برفق.

قال النووي: جاءت الأحاديث بالإضجاع وأجمع عليه المسلمون، واتفق العلماء على أن إضجاع الذبيحة يكون على جانبها الأيسر لأنه أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار، وقاس الجمهور على الكبش جميع المذبوحات التي تحتاج فيها إلى الإضجاع.

 

و- سوق الذبيحة إلى المذبح برفق، صرح بذلك الشافعية.

 

ز- عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها، صرح بذلك الشافعية أيضا.

 

ح - وإذا كانت الذبيحة قربة من القربات كالأضحية يكبر الذابح ثلاثا قبل التسمية وثلاثا بعدها، ثم يقول: اللهم هذا منك وإليك فتقبله مني، صرح بذلك الشافعية.

 

ط - كون الذبح باليد اليمنى، صرح بذلك المالكية والشافعية.

 

ي - عدم المبالغة في القطع حتى يبلغ الذابح النخاع أو يبين رأس الذبيحة حال ذبحها وكذا بعد الذبح قبل أن تبرد وكذا سلخها قبل أن تبرد لما في كل ذلك من زيادة إيلام لا حاجة إليها. ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الذبيحة أن تفرس).

 

وقال ابن الأثير في \" النهاية معنى أن تفرس هو كسر رقبة الذبيحة قبل أن تبرد\" فإن نخع أو سلخ قبل أن تبرد لم تحرم الذبيحة لوجود التذكية بشرائطها.

وصرح المالكية والشافعية والحنابلة بكراهة قطع عضو منها، أو إلقائها في النار بعد تمام ذبحها، وقبل خروج روحها.

وصرح الشافعية أيضا بكراهة تحريكها ونقلها قبل خروج روحها. وقال القاضي من الحنابلة: يحرم كسر عنقها حتى تبرد، وقطع عضو منها قبل أن تبرد.

 

والعلم الحديث يؤكد:

مما أكدته الأبحاث العلمية أن توتر الحيوانات قبل ذبحها يؤدي إلى انخفاض ضغط دمها بدرجة ملحوظةº وهو ما يؤدي إلى تدفق دمائها عند شق القصبة اللهائية بصورة أكثر بطئا، فضلا عن بقائها واعية وعلى قيد الحياة لفترة أطول، كما أن معدل نزفها حتى الموت يكون أسوأ كثيرًا. ويؤدي توتر الحيوانات قبل ذبحها إلى الإضرار بالعديد من العمليات الكيماوية الحيوية في جسدهاº فتتحول لحومها إلى لون أغمق، وتكون أكثر جفافًا وتيبسًا فيما يعرف باسم اللحم الداكن. وقد تضمن تقرير أصدرته جمعية الرفق بالحيوان الدولية مؤخرًا العديد من الممارسات المخزية التي تمثل إخلالا بتعاليم الإسلام فيما يتعلق بمعاملة الحيوانات في مزارع الإنتاج، وخلال عمليات النقل إلى الأسواق والمجازر، بالإضافة لما تلاقيه أثناء عملية الذبح من ممارسات نهى عنها الإسلام.

 

معاملة غير حيوانية

ويذكر التقرير الذي أعدته الدكتورة \"بيترا ماريا سيدهم\" مستشارة جمعية ملائكة الرحمة بالحيوان الدولية من بين تلك الممارسات التي تضر بالحيوانات والإنسان على السواء ..أنه عادة ما يتم إتباع إجراءات جماعية في علاج الحيوانات بالمزارع ومحطات التسمين، ولا يهتم أحد بمتابعة ما إذا كان يتم الالتزام بفترات الانتظار المقررة بعد معاملتها بالمضادات الحيوية وأنواع أخرى عديدة من الأدوية أم لاº وهو ما يؤدي إلى ترسيب بقايا هذه المضادات والأدوية داخل اللحومº لتشكل السبب الرئيسي لانتشار الحساسية المتزايدة التي تصيب الكثير من الناس.

 

كما تحدث التقرير عن حرمان المستوردين للحيوانات من شرب الماء لتجنب الزيادة في أوزانها لتوفير بعض المال حتى في قيظ الصيف لفترات تصل في بعض الأحيان إلى 36 ساعة، على الرغم من أنه من المعروف دوليا أن قدرة تحمل الحيوان للحرمان من الماء لا تزيد على 6 ساعات.

 

وكثيرًا ما يتم إنزال الحيوانات من على متن السفينة على نحو لا يخلو من القسوة الشديدةº حيث يقوم العمال غير المؤهلين بضرب الحيوانات دونما داع بكل ما تصل إليه أيديهم من آلات غير ملائمة كالعوارض الخشبية المثبتة في آخرها مسامير صدئة والمطارق الغليظة، كما يتم نقل الحيوانات في شاحنات غير مجهزة، أرضيتها زلقة بفعل البول والبراز، ونادرًا ما يتم فرشها بالقش، ويتم تكديس الحيوانات في الشاحنات بكثافة مرتفعةº وهو ما يجبرها على الوقوف متلاصقة ببعضها على نحو لا يسمح لها حتى بإدارة رؤوسها بشكل مستقيم إلى الأمام، وعندما تصل إلى المجازر بعد رحلة العناء تؤوي في أماكن غير مسقوفة حتى يحين ذبحها، ولا تقدم لها ولو رشفة ماء إذا كان مقررًا ذبحها في نفس اليوم.

 

على أن أفظع ما تضمنه التقرير هو مدى القسوة والعنف الذي اعتاده بعض الجزارين لكبح جماح الحيوانات الهائجة من أجل السيطرة عليها، والتمكن منها لإتمام عملية الذبحº حيث يقوم الجزارون بفصل أربطة الأرجل الخلفية وأحيانا الأمامية أيضا حتى تنهار الحيوانات وتخور قواهاº فلا تقوى أرجلها على حملها، كما يلجئون أحيانا إلى \"خزق\" عيونها واقتطاع أجزاء منها كاللسان وهي لم تسلم الروح بعد، وطعنها في أجزاء متفرقة من جسدها لدفعها إلى مكان الذبح، وكذلك البدء في سلخها قبل اكتمال موتها، إلى غير ذلك من الممارسات التي تؤدي إلى موت الحيوانات عند ذبحها، وهي في حالة من الصدمة -من وجهة النظر الطبية- المخالفة لتعاليم الدين الإسلامي التي ترفض تعمد إيلام المخلوقات البريئة.

 

وصايا.. للمضحي

يجب أن يكون الذبح بسكين حاد ليقطع الزور على الفور بدون أن يتسبب ذلك في أي ألم للحيوان، بل ولا ينصح بشحذ السكين أمام الحيوان حتى لا يتوتر، كما لا يجر الحيوان على الأرض إلى مكان الذبح، ولا يذبح أمام الحيوانات الأخرى إذا كان هناك أكثر من حيوان سيتم ذبحه.

يوضع الحيوان بهدوء على الأرض في راحة تامة مع السيطرة عليه دون استخدام العنف غير المبرر أو القسوة المفرطة، ويتم تقييد 3 قوائم فقط مع بعضها. والذبح يجب أن يكون فوريًا بمجرد وضعها على الأرض دون إبطاء، ويترك الحيوان يتحرك بحرية بعد الذبح لاستكمال نزف الدمº ليكون كاملا قدر الإمكان، ولا ينصح بفصل الرأس عن الجسد أو وصول السكين إلى النخاع الشوكي. (1)

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

سوال

-

المعلمات

16:33:22 2022-01-04

هل هو مستحب او لا