فهم وشوق ونية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 شعرت أني أشعلت فتيل الاهتمام في نفس صاحبي عندما سألني بلهفة:

أخبرني أرجوك بواجبات من لم يحج؟

قلت لصاحبي: هناك واجبات أساسية على من لم يحج ليربح العشرة الأوائل مع الحجيج.

 

أولاً: الفهم والشوق والنية

أن تفهم أن مناسك الحج هي كمال الامتثال لأوامر الله - تعالى -.. وأن ترجمة (لبيك اللهم لبيك) هي استجابة العقل والنفس بالكامل لنداء الملك - سبحانه و تعالى -. ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يقول في حجه عند التلبية: (لبيك بحجة حقاً تعبداً ورقاً).

فإذا فهمت ذلك المعنى لعبادة الحج حيث خضعت النفس لربها.. وخضع العقل لأوامره عرفت ساعتها أن البيت هو بيت الملك، وأن المتوجهين إلى البيت متوجهون للمثول بين يدي الملك.. والمقصد هو الله، فإن الرحل يستقر على بابه..

عندها فالشوق المشتعل يزداد اشتعالاً.. والرغبة في البيت تتصفحه العيون وفي الأركان تتلمسها الأيادي، وفي الحرم تقبله الجباه لا تكون رغبة في الأماكن بذاتها ولكنها رغبة في رضاء الملك الذي أضيفت له المناسك فينطلق اللسان شوقاً لمن ملك.

(لبيك اللهم لبيك).

لبيك إن الحمد لك ...... والملك لا شريك لك

ما خاب عبد أملك ..... أنت له حيث سلك

لولاك يا رب هلك ..... كل نبي وملك

فإذا اشتعل الشوق.. يتحول إلى عزم ورغبة ولكن تعوقه عدم الاستطاعة.. فهنا لابد من تجديد النية، والاعتذار إلى الله، وتسجيل العهد على النفس إنه إن كان قد أخرني العجز هذا العام- فإني من أوائل الوفود في عام قابل إن شاء الله

يا أرض مكة يا ربوع حراء...... من لي بهذه المنحة السمحاء

فلكم تمنيت الحياة ملبياً ...... أدعو جوار الكعبة الشماء

وأرى جلال الحق يملأ خاطري... في كل شيء يجتليه الرائي

في البيت في الأركان بين مناسك... لله في التطواف في الإفضاء

في الذكر في النور الجلي وفي الرؤى.... في الصمت في التسبيح في الإغضاء

 

ومن عظمة العلاقة مع الله في ديننا إنه إذا رأى - سبحانه و- تعالى - منك هذا الشوق وذاك العزم وتلك النية- فأبشر فقد كتب لك أجر الحجيج (عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال إن بالمدينة أقواماً ما سيرتم مسيراً ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال وهم بالمدينة حبسهم العذر). رواه البخاري.

 

يا سائرين إلى البيت العتيق......... لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواح

إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا...... ومن أقام على عذر كمن راح

 

اختبار النية

نعم لابد لك من اختبار نيتك، والنجاح في هذا الاختبار يبدو أن رغبتك وعزمك لا إلى جاه أو سفر أو أداء واجب أو تمتع برؤية أماكن وانظر إلى هذه الحادثة لتدرك كيف تنضبط النيات؟

 

وقف رجل ينظر إلى وفد الحج – وهو غير مستطيع أن يصاحبهم- فوقف يبكي فقال له أحد الصالحين: هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت فكيف بحسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت.

 

يا سائرين إلى الحبيب ترفقوا...... فالقلب بين رحالكم خلفته

مالي سوى قلبي وفيكم وجيبه..... مالي سوى دمعي وفيكم سكبته

 

ثانياً أن تطلب الدعاء من الحجيج

فقد روى (عن ابن عمر أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرة فقال أي أخي أشركنا في دعائك ولا تنسنا) رواه الترمذي.

 

وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (اللهم اغفر للحاج ولمن دعا للحاج)

وسمع - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الطواف يقول: (اللهم اغفر لفلان ابن فلان فقال - صلى الله عليه وسلم - من هذا قال: رجل حملني أن أدعو له بين الركن والمقام فقال - صلى الله عليه وسلم - قد غفر لصاحبك).

ألا قل لزوار دار الحبيب...... هنييئاً لكم في الجنان الخلود

أفيضوا علينا الماء فيضاً...... فنحن عطاش وأنتم ورود

 

والحاج مستجاب الدعوة، فهو مسافر ودعوة المسافر مستجابة، وسيرى الكعبة ودعوته عند رؤية الكعبة مستجابة، وقد عدّ العلماء خمسة عشر موضعاً في الحرم يستجاب عندها الدعاء، وهو سيقف في عرفات حيث الرحمات تنهمر، ويتجلى الكريم سبحانه، ويغفر لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply