بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته فله الجلال والكمال والجمال - سبحانه - من حكيم عليم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين فجزاه الله خيرا ما جزى نبيا عن أمته وعلى آله وأصحابه الأطهار، الذين حموا الذمم والديار وبلغوا لنا الأخبار رغم الصعاب وكثرة الأشرار، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم وعمل بهديهم إلى يوم الدين أما بعد:
أيها المسلمون: الصراع بين الخير والشر، والحق والباطل، والإيمان والكفر، سنة ماضية منذ أن خلق الله آدم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو يأخذ صوراً وأشكالاً تختلف من عصر إلى عصر، ومن مكان إلى مكان، ولكن هناك قواعد وأسس يتفق عليها أعداء الدين والمبادئ، قواعد كليه، وأسس متشابهة أثناء حربهم وعدوانهم على الحق وأهله، وإن من الميادين التي الصراع فيها قديم هو الصراع على المرأة بين دعاة الضلالة والاستمتاع بالمرأة وإهانتها وبين دعاة العفة والطهارة ومريدي كرامتها ورفعتها، ويحرص الأعداء منذ القدم على المرأة لأنها إذا فسدت المرأة ضعف المجتمع وانحلت عراه، وانتشرت الرذيلة وأمكن السيطرة عليه وتنفيذ المخططات التي يريدون، فالمرأة بوابة قوية إذا هدمت هدم المجتمع وصدق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: (اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)، وفي هذه الأزمان المتأخرة، وتحديداً في البلاد العربية وتحديداً في هذا البلد المبارك بلد الحرمين الشريفين فإن المرأة تتعرض لهجوم سافر حاقد بشع لم يعهد في هذه الجزيرة من قبل، فالهجوم عليها عالمياً من الخارج، ومحلياً من الداخل، أما الخارج فلا غرابة وكيدهم مكشوف وصريح ومعلن، والمسلمون يرفضونه جملة وتفصيلاً وربنا قد قال في محكم التنزيل: {وَدٌّوا لَو تَكفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء}[النساء89]، وقال - سبحانه -: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدٌّونَكُم مِّن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّاراً حَسَداً مِّن عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقٌّ}[البقرة 109]، فالغرب غارق في الرذيلة والمرأة تعيش بؤساً لم يحصل في تأريخ البشرية منذ أيامه الأولى وهذا ليس دعاية ولا مبالغة ومن قرأ الإحصائيات التي تنشر في الصحف والمجلات وفي صفحات الانترنت سوف يتعجب من حجم البؤس والشقاء كل هذا لأنها تمردت على شرع ربها وزينوا لها الاختلاط بالرجال والسفور والعري والحرية المزعومة وهي عبودية أشد من عبودية البشر للبشر بل هي عبودية الشهوات والهوى والتي تصبح فيها أمة مملوكة لأكثر من طرف نسأل الله السلامة والعافية، والغرب يعلم أن المرأة هنا لو فعلت كما فعلت المرأة الغربية أمكن ترويض هذه المجتمعات التي استعصت عليهم، لأن الشهوات مفتاحها وبابها المرأة، ويعلمون أن الرجال الأقوياء الأشداء لا يلين عريكتهم إلا النساء، فسلطوا كل ما يستطيعون من كل أنواع المكر والكيد المعلن والخفي عبر جمعيات حقوق المرأة، وعبر وسائل الإعلام والتعليم والمناهج والبعثات التغريبية، والمنتديات والملتقيات الاقتصادية وغير الاقتصادية والمؤتمرات الدولية والكتب والصحف والمجلات والانترنت، وما خفي أكثر وأكثر، كل هذا معلوم وواضح والتصدي له يجب أن يكون معلنا وواضحاً أيضاً، لا أريد أن أطيل حول هذه القضية فهي معلومة لدى غالب الناس، ولكن الشأن في الهجوم والتغريب من الداخل وأقصد به الشأن المحلي، أعني به ما يقوم به المنافقون، والعملاء بالوكالة عن الغرب من كيد ومكر كبار بالليل والنهار في بلاد الحرمين لتغريب المرأة وإفساده حتى يضعف المجتمع ويستطيع الغرب أن يروض هذه المجتمعات الأبية الصامدة، والغرب لا يراهن على الحكومات فقد انتهى منها ولكنه متجه بثقله إلى الشعوب لأن هذا هو زمن الشعوب هي التي تتحرك وهي التي تغير، لقد أقض مضاجعهم الانتفاضة الكبرى من كل أنحاء العالم لنصرة إخوانهم في فلسطين، ومقاطعة المنتجات الأمريكية مع بداية الغزو لأفغانستان والعراق، وآخرها كانت الانتفاضة المباركة في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها لنصرة خير البرية محمد بن عبد الله - عليه الصلاة والسلام -، نعم هذا مؤشر أن الشعوب فيها الخير وفيها الاعتزاز بالدين، فازداد المكر والكيد لإغراق المجتمعات المسلمة وخاصة مجتمع الحرمين الشريفين في الشهوات، وأعظم بوابة هي بوابة المرأة، ولكن لماذا الكيد المركز على بلاد الحرمين لعدة أسباب:
أولاً: الوضع المتميز للمرأة في بلاد الحرمين بين كل شعوب الدنيا من حيث الحجاب والعفة والصيانة والرعاية في ظل الشريعة الإسلامية فحقها مكفول في الجملة رغم وجود التقصير.
ثانياً: البلد الوحيد في العالم الذي التعليم فيه غير مختلط في كل مراحله ماعدا الطب.
ثالثاً: لا زالت بعض الحدود والضوابط الشرعية معمول بها كمنع سفر المرأة بدون محرم وغيرها من الضوابط وهي لا توجد إلا في هذا البلد.
رابعاً: أكثر الأنشطة الإسلامية في العالم والتي لها أثر كبير على المسلمين هي من هذا البلد المبارك سواء برعاية مالية أو توجيه وقيادة مما أثار حفيظة الغرب وهاج وماج ضد هذا البلد المبارك وضد كل الجهود فيه.
ويبقى السؤال الآن وهو الذي يهمنا ما أبرز وسائل التغريب والإفساد للمرأة في بلاد الحرمين حتى نتنبه لها ونحذر منها ولا نقع في حبائلهم ولا مصايدهم عصمنا الله ونسائنا وبناتنا وأبنائنا من كل سؤ:
الوسيلة الأولى: إضعاف التدين بإغراق الناس في الشهوات واستخدام المرأة وسيلة في ذلك عبر وسائل الإعلام وعبر الهجوم على الثوابت وخاصة ما يخص المرأة كالهجوم على الحجاب وترويج الفتاوى والأقوال الشاذة والساقطة والدعوة للاختلاط وما أستار أكاديمي وسوبر أستار ونواعم عنا ببعيد، وغيرها من البرامج التي تشيع الرذيلة وتتطبع في أذهان الفتيات الفساد والانحلال وأنه رمز للتقدم والحضارة فسقط في هذه المصيدة فئام من الفتيات بل أمهات وزوجات فكثر الانحراف واسألوا المعلمات والهيئات ومراكز الشرطة
الوسيلة الثانية: الكذب المتواصل حتى يصبح حقيقة يصدقها الناس مثل الترويج اليومي عبر وسائل الإعلام لأكذوبة أن المرأة مظلومة ولا تأخذ حقوقها وأن الرجل متسلط عليها، وقد يكون هناك ظلم نعم ولكن لما يأتي التمثيل للظلم والتسلط يمثلون بما هو من ديننا وبما هو حفظ لكرامة المرأة وصيانتها فتدعوا تلكم الوسائل المرأة إلى التمرد والعصيان والخروج بغير إذن الزوج والولي وأن هذا الفعل هو الحل الناجح لأخذ حقوقها، ومن الكذب افتعال قصص غير واقعية ومكذوبة والبناء عليها وتسويقها وترويجها ومن ثم الدعوة إلى التحلل والتفلت انطلاقا من هذه القصص المكذوبة فإذا غاب الرقيب والحسيب فماذا يمكن أن تتصوروا أن تفعل هذه الوسائل.
الوسيلة الثالثة: تشويه الحق وأهله وتصويره بصور منفرة والإعلاميون يعرفون أن هذه الوسيلة من أكثر الوسائل تأثير في النفوس فيربط بين التخلف والحجاب وبين التشدد والتزمت والدين، وبين النفاق والكذب وبين الحجاب والعفة وهكذا مما ينطبع في أذهان المراهقات والأطفال بأن الحجاب هو نفاق وتزمت فتجد الصغيرة تكره الحجاب وتغطية الوجه بناء على ما ترسب عندها في وعيها من الصورة الذهنية التي رسمها هذا الإعلام الفاجر والله المستعان.
الوسيلة الرابعة: إبراز قدوات وشخصيات يقتدي بها النساء وخاصة الصغيرات والمراهقات ويركز على الشخصيات الأكثر انحرافا وتحررا بزعمهم فتسوق ويعلى من شأنها في الإعلام العميل، وفي المجلات والجرائد وتدعم، وإذا شئت أن تعلم صدق هذا الكلام من كذبه اسأل الصغيرات عن أبرز أسماء المغنيات والممثلاث وقصات شعورهن وإذا اتجهت للمراهقات اسألهن عن تفاصيل حياة فلانة وفلانة من المغنيات والممثلات وتجرباتهن الغرامية واللقطات المخلة بالآداب، واسألوا الهيئات والمعلمات عن اللقطات الفاضحة التي تتداول بين أيدي الشباب والبنات في البلوتوثات للمغنيات والممثلات، وفي المقابل تغيب النساء الجادات العاملات المثقفات في بلادنا ولا يبرزن بل يغيبن وهذه والله عين الخيانة التي يمارسها الإعلام في بلاد الحرمين.
الوسيلة الخامسة: استصدار القرارات الجائرة التي تؤصل وتتطبع الاختلاط والفجور وإشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم الطاهر النقي، فقد سبق وأن أقر الاختلاط في المستشفيات والمستوصفات وفي الاستقبال، فماذا كانت النتيجة لقد أزكمت أنوفنا رائحة الفساد في المستشفيات والمستوصفات وخاصة الممرضات والله المستعان، هذا وهو مكان لعلاج المرضى وأبعد ما يكون عن التفكير في الفساد فكيف بالأسواق وما صدر مؤخراً من قرار إلزام أصحاب المحلات لبيع الملابس الداخلية النسائية بتوظيف النساء في المحلات من غير أن يكن مستقلات في المحل بعيدات عن الرجال، وهكذا لما توصد الأبواب أمام من يريدون التغريب في البلد يستخدمون سلطتهم ولكن هيهات لقد نسوا أن الله فوقهم وسوف يجعل كيدهم وتدبيرهم تدميراً عليهم بإذن الله.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره أما بعد:
عباد الله:
تحدثنا عن الداء فما هو الدواء، ما هو الحل لمواجهة هذه الهجمة الشرسة الظالمة الحاقدة لتغريب المرأة المسلمة في بلاد الحرمين فنقول وبالله التوفيق ومنه الإعانة والتسديد:
أولاً: أن يؤدي كل منا مسؤوليته أمام الله، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، أيها الأب المبارك، والأخ الناصح،. والابن البار: أنت مسئول في بيتك وو الله مهما عملوا لن يجبروك على تغيير برنامجك علينا أن نهتم بتربية أبنائنا وبناتنا وغرس المبادئ والقيم والتفنن في ذلك والتفرغ لهم وعدم الانشغال عنهم فهذا من أعظم الحقوق التي تجب علينا تجاههم، لا يكفي أن نعتني بالمأكل والملبس والمشرب والمركب ونوعية المدرسة التي يسجلون فيها والمباهاة أمام الناس بأن أبنائنا وبناتنا أحسن من غيرهم في أمور الدنيا ماذا يفيد كل هذا إذا مسخت عقولهم وفسدت أخلاقهم وجلبت بنتك لك العار والشنار في أخر عمرك، لنستيقظ غفلتنا ولنبذل جهدنا مع بناتنا ونسائنا، فنجلب لهم الإعلام الآمن من قنوات محافظة تدل على الخير تامر به، ومن مجلات نسائية فاضلة عفيفة، وأشرطة مرئية ومسموعة نقية طاهرة، مع الاهتمام بالخلطة والصحبة، والتذكير بالله وغرس الإيمان بالله في نفوسهم ومحبة رسوله ودينه وكثرة الجلوس معهم قبل أن يتخطفهم شياطين الإنس والجن، ومن المسؤولين أيضا المعلمين والمعلمات، أنكم أهم فئة في المجتمع فأنتم تصيغون عقول الجيل وتجلسون مع أبنائنا وبناتنا ما يزيد على ست ساعات يوميا فماذا أنتم فاعلون فاتقوا الله أيها المعلمات وأدوا ما أوجب الله عليكن من التربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساطكن.
ثانياً: واجب المسؤولين ومن بيده القرار أن يحمي البلاد من هذه الهجمة العاتية لماذا هؤلاء يسرحون ويمرحون بلاحسيب ولا رقيب أين المحاسبة أين المعاقبة لهؤلاء وهم يغتالون العفة ويصدرون القرارات تلو القرارات ويخالفون نظام الحكم الذي قام عليه البلد من تحكيم للشريعة, فاللوم بالدرجة الأولى على كل مسئول في هذا البلد وسوف يسألكم الله عن ذلك, وسوف نقف أمام الحكم العدل الديان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم, فأعدوا للسؤال جوابا وللجواب صواباً.
ثالثاً: يجب على العلماء وطلاب العلم والدعاة الصدع بالحق وأن يقوموا بالواجب الذي عليهم ولا يجاملوا ولا يكتموا الحق ويعلنوا به ولا يكون سرا في المجالس بل يقال للناس هذا حق وهذا باطل: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلَا يَخشَونَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً}الأحزاب39، والناس سوف يصدرون عن رأيكم إذا أحسنتم مخاطبتهم وحل مشكلاتهم وهمومهم، وعليكم أن تكونوا حاضرين عبر وسائل الإعلام كي يصل صوتكم إلى أكبر شريحة في المجتمع فأنتم أصحاب الحق وأنتم تخاطبون الفطرة وما يوافقهم وأعداؤكم دخلاء غرباء في أفكارهم عن هذا البلد ولا يخيفنكم العدو ولو وصموكم بالإرهاب والتطرف وصدق الله إذ يقول: {وَقُل جَاء الحَقٌّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}[لإسراء81].
رابعاً: إعلاء شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعله أمراً مألوفاً في مجتمعنا ودعم كل من يناصح ويأمر وعدم الوقوف بجانب أهل الباطل ضدهم فهم صمام الأمان وحماة الأعراض، وأن نذب عنهم في المجالس وفي وسائل الإعلام بكل ما أو تينا من قوة.
خامساً: الاهتمام بمحاضن الفضيلة والعفة وتكثيرها والعناية بها وتطويرها ودلالة الناس عليها وترويجها إعلامياً ودعمها مالياً ومعنوياً والمشاركة فيها بكل ما نستطيع وعلى رأسها مدارس تحفيظ القرآن النسائية والمراكز الاجتماعية والمنابر الإعلامية النسائية كالمجلات والمواقع النسائية المحافظة لأنه هذه المحاضن هي التي تبني وتقف أمام هجمة التغريب هذه فهي أولى بالعناية.
سادساً: المطالبة بعزل أي مسئول يكون بوابة وداعماً لتغريب نسائنا، فهذا حق مشروع لنا فنحن متضررون من هؤلاء أشد الضرر فديننا وأعراض نسائنا أغلى ما لدينا، ولا بد من رفع الخطابات للمسئولين والاستنكار لكل ما يعمل لتغريب نسائنا وبناتنا ولا تقل أن بيتي محافظ فالخطر سوف يدهمك والمجتمع لحمة واحدة وما يحدث لجارك سوف يأتيك وما تشاهده في الإعلام سوف يدخل بيتك والله المستعان ولا بد أن نكون إيجابيين وننزع جلباب الخوف فأبواب المسوؤلين مفتوحة وصدورهم تتسع لشكواكم ومعاناتكم والله المستعان.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد