بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.
وسوف نذكر بعض مشاهد يوم القيامة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
الإيمان باليوم الآخر من أركان الإيمان:
الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الست، ولا يتم إيمان العبد إلا به، وذلك بدليل القرآن والسُّنَّة وإجماع علماء الأمة.
أولًا: القرآن:
(1) قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (البقرة:4).
(2) قال سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة 177).
(3) قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا} (النساء:136).
(4) قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ • أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (التوبة 18:19).
ثانيًا: السُّنة:
• رَوَى مسلمٌ عَنْ عُمَر بْنِ الخطاب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وذلك في حديث سؤال جِبْرِيل) أنَّ جِبْرِيلَ قَالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ. قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ". (مسلم حديث:1).
أسماء يوم القيامة.
يوم القيامة له أسماء كثيرة منها:
يوم القيامة يوم الحسرة يوم الزلزلة يوم الواقعة يوم القارعة يوم الغاشية يوم الراجفة يوم الحاقة يوم الطامة يوم الصاخة يوم التلاق يوم التناد يوم الحشر يوم النشور يوم الجزاء يوم الوعيد يوم العرض يوم الفصل يوم الدين يوم الآزفة يوم الصاعقة اليوم الموعود يوم الفرار يوم الحق يوم الوزن يوم القضاء يوم الرادفة يوم الجمع يوم البعث يوم القصاص يوم اليقين يوم الفزع الأكبر يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا يوم يقوم الناس لرب العالمين يوم ينفخ في الصور. (النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير ص191).
بعض مشاهد يوم القيامة:
النفخ في الصور:
هناك نفختان عظيمتان ينفخهما الملك الموكل بالنفخ في الصور وهو إسرافيل.
النفخة الأولى: يُصعقُ بها جميع الخلائق إلا ما شاء اللهُ تعالى.
النفخة الثانية: يقوم بها الناس مِن قبورهم للحساب والعرض على الله تعالى.
قال الله سبحانه وتعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}.
وقال سبحانه: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (إبراهيم:48).
• رَوَى مسلمٌ عن سهل بن سعد أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ (بياض إلى حمرة) كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ (الدقيق)، لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ لِأَحَدٍ (ليس فيها سكن أو بناء ولا أثر" (مسلم حديث 2790).
• قال عمرو بن ميمون: أرض بيضاء لم يُسْفك عليها دم ولم يُعمل عليها خطيئة. (تفسير ابن كثير ج2 ص563).
• رَوَى مسلمٌ عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: عَلَى الصِّرَاطِ" (مسلم 2791) (1).
كيف يَحشر الله الناس؟
قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} (مريم:86:85).
• رَوَى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا" (البخاري حديث 6522/مسلم 2861).
• رَوَى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا (غير مختونين). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ: يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ". (مسلم حديث 2859).
المُدَّة بين النفختين:
• رَوَى الشيخان عَنْ أَبي صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ. قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ". (البخاري حديث4814 / مسلم حديث2955).
• قوله: (أَبَيْتُ): أي: أمتنع عن الإجابة، لأنني لا أعلم.
صفة أرض المحشر:
قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا • فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا • لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} (طه 107:105).
اقتراب الشمس من الناس:
• رَوَى الترمذيُّ عن الْمِقْدَاد بن الأسود أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُدْنِيَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْعِبَادِ حَتَّى تَكُونَ قِيدَ مِيلٍ أَوْ اثْنَيْنِ قَالَ سُلَيْمٌ لَا أَدْرِي أَيَّ الْمِيلَيْنِ عَنَى أَمَسَافَةُ الْأَرْضِ أَمْ الْمِيلُ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ فَتَصْهَرُهُمْ الشَّمْسُ فَيَكُونُونَ فِي الْعَرَقِ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى عَقِبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ إِلْجَامًا. فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ أَيْ يُلْجِمُهُ إِلْجَامًا". (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1973).
حوض نبينا:
• الحوض: حوض الماء النازل مِن نهر الكوثر الذي أعطاه الله تعالى لنبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليشرب منه المؤمنون يوم القيامة.
الإيمان بحوض نبينا ثابت في الكتاب والسُّنَّة. قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (الكوثر:1).
• رَوَى مسلمٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً (نام نَومة) ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ. فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (الكوثر: 2) ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ (أي: يُنتزع) الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي. فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ".
(مسلم حديث:400).
صفة حوض النبي:
• رَوَى الشيخانِ عَنْ عبدالله بْنِ عَمْرٍو بنِ العاص قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا"*. (البخاري حديث: 6579/مسلم حديث:2292).
الملائكة تطرد أصحاب المعاصي عن حوض نبينا:
• رَوَى البخاريُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي". (البخاري حديث 6583 / 6584).
صفة إظهار صحائف الأعمال:
• قال اللهُ سبحانه وتعالى: *{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ • فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا • وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا • وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ • فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا • وَيَصْلَى سَعِيرًا}* (الانشقاق:12:7).
قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} أَيْ: بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، تُثْنى يَدُهُ إِلَى وَرَائِهِ وَيُعْطَى كِتَابَهُ بِهَا كَذَلِكَ. (تفسير ابن كثير ج14ص295).
• وقال الله سبحانه وتعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} (الحاقة:25).
• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ كِتَابَهُ فِي العَرَصات (يوم القيامة) بِشَمَالِهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْدَمُ غَايَةَ النَّدَمِ، فَيَقُولُ: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ• وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ • يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} قَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي مَوْتَةً لَا حَيَاةَ بَعْدَهَا. (تفسير ابن كثير ج14ص295).
ميزان الأعمال:
قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء:47).
وقال سبحانه: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ• وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (المؤمنون:102: 103).
وقال سبحانه: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ • وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ} (الأعراف:8: 9).
وقال جَلَّ شأنه: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ • فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ• وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ • فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ • وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ • نَارٌ حَامِيَةٌ} (القارعة:7: 11).
الميزان له كفتان حقيقيتان:
• رَوَى الترمذيُّ عَن عبدالله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ:لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ.
قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ". (حديث صحيح). (صحيح الترمذي للألباني حديث 2127).
الحساب والعرض على الله تعالى:
• قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ • ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} (الغاشية 26:25).
• وقال سبحانه: {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} (الأعراف:6).
• وقال جل شأنه: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (غافر:17).
صفة الحساب:
• رَوَى الشيخانِ ِعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ". (البخاري حديث 6539 / مسلم حديث 1016).
أول الأمم حسابًا يوم القيامة:
• رَوَى مسلمٌ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليمان، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ". وَفِي رِوَايَةِ: "وَاصِلٍ الْمَقْضِيُّ بَيْنَهُمْ". (مسلم حديث: 856).
أول ما يحاسب الله عليه المسلم:
الصلاة أول ما يُحاسبُ اللَّهُ تعالى عليه العبد من الأعمال يوم القيامة.
• رَوَى الترمذيُّ عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ". (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 337).
أول ما يقضى الله فيه يوم القيامة:
• رَوَى الشيخانِ عَنْ عبدالله بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ". (البخاري حديث: 6864/ مسلم حديث: 1678) (3).
جوارح الإنسان تشهد عليه يوم القيامة:
قال اللهُ تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ • حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ • وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (فصلت: 19:21).
قال ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا} أَيْ: وَقَفُوا عَلَيْهَا، {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أَيْ: بِأَعْمَالِهِمْ مِمَّا قَدَّمُوهُ وَأَخَّرُوهُ، لَا يُكْتَم مِنْهُ حَرْفٌ {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} أَيْ: لَامُوا أَعْضَاءَهُمْ وَجُلُودَهُمْ حِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَجَابَتْهُمُ الْأَعْضَاءُ: {قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أَيْ: فَهُوَ لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانَعُ، وَإِلَيْهِ تَرْجِعُونَ. (تفسير ابن كثير ج7 ص170).
وقال سبحانه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (يس:65)
روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَضَحِكَ. فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟ قَالَ: قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ قَالَ يَقُولُ بَلَى قَالَ فَيَقُولُ فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي قَالَ فَيَقُولُ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا قَالَ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ انْطِقِي قَالَ فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ قَالَ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ" (أي: أدافع). (مسلم حديث 2969).
الصراط:
تعريف الصراط: هو الجسر الممدود على ظهر جهنم ليعبر عليه الناس إلى الجنة.
يجب الإيمان بالصراط وأن كل الناس سوف يمرون عليه، وهو ثابت الكتاب السُّنة وإجماع الأمة.
قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا • ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} (مريم:72:71).
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عبدالله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: يَرِدُ النَّاسُ جَمِيعًا الصِّرَاطَ، وَوُرُودُهُمْ قِيَامُهُمْ حَوْلَ النَّارِ، ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنِ الصِّرَاطِ بِأَعْمَالِهِمْ. (تفسير ابن كثير ج9ص281).
صفة المرور على الصراط:
• رَوَى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بن اليمان أن رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قال: (وهو يتحدث عن المرور على الصراط): "يَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ. قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟. قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ. حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا قَالَ وَفِي حَافَتَيْ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ. وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا". (مسلم حديث 195).
أول الناس مرورا على الصراط:
• رَوَى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (وهو يحدث يوم القيامة): "يُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى(دعاء) الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمِ السَّعْدَانَ؟، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ". (البخاري حديث: 7437).
ذبح الموت:
الذبح أمرٌ معنوي، غير محسوس، ولا يراه أحدٌ مِن الناس، ولكن الله تعالى يجعل الموت كبشًا، يراه جميعُ الخلْق يوم القيامة، فيأمر الله سبحانه بذبح الموت بين الجنة والنار.
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِالْمَوْتِ (أي يُجَسَّد ويُؤتى به) كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ (يمدون أعناقهم) وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: وهَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} (مريم: 39)، وَهَؤُلاَءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (مريم: 39) (البخاري حديث: 4730/مسلم حديث: 2849).