بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله على نعمة الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، سيد الأنام ابتلي فصبر، و أعطي فشكر، وجاهد فبطر، صلى الله عليه وعلى آله البررة الكرام، وسلم تسليما.
أما بعد:
أمةَ الإسلام: اتقوا الله، وكونوا عباد الله إخوانا، قلَّبتُ صفحات المآسي، وفتحتُ دفتر الأحزانِ، وبتٌّ أتأملُ أوراقهُ، فإذا أنا بين سطورٍ, مؤلمةٍ,، وصورٍ, مفجعةٍ,، فتحتُ صفحةً، فإذا فيها تصويرٌ لفعل النصارى الصليبين، وهم يدخلون بيتَ المقدسِ فيعتصم المسلمون في المسجد الأقصى، فيحاصرهم النصارى ويقتلونهم، حتى سالت الشوارعُ من الدماء، وحتى إنَّ الخيول كانت تخوض في الدماءِ إلى نصف سوقها، ثم فتحت صفحةً من العصر الحديث، فوجدتُ فيها صوراً لعصاباتِ الصرب، وقد قتلوا مسلماً ووطئوا على بطنه، وأطفئوا السجائر على جسده، وبجانبها صورةُ لامرأةٍ, مسلمةٍ,، وقد بُقر بطنها، واستُخرج جنينها، وكان ردُ الفعل الغربي بأنَّ هذا شأنٌ داخلي، ثم نقلتُ المشهد إلى فلسطين، حيث المجازرُ تترا، وصورَ الإذلالِ لا نقدرُ لها حصراً، ووقفتُ عند مجلدِ المآسي هناك، فإذا أنا بصورةٍ, لامرأةٍ, استشهادية، وجنود اليهود يسحبون جثتها، وصورةٌ أخرى لرجلٍ, يضربه اليهودُ بعنفٍ, ويستغيثُ ولا يُغاث، وصورةٌ ثالثه لطفلٍ, يسحبه اليهود من بين أهله وذويه، وسط صُراخ النساء وعويلِ الأطفال، ويكون الرد الغربي بأنَّ من حق إسرائيل أن تُدافع عن نفسها، وفي سرعةٍ, خاطفةٍ, قلبتُ صفحاتٍ, مؤلمة في جُزر الملوك الأندلسية، وفي أفغانستان، وفي الشيشان وفي السودان، وفي بقاعٍ, شتى، والضحايا هم المسلمون، ويتوالى مسلسلُ الإذلالِ والإهانةِ، ويتوقفُ عند العراق، ولن يقف إلا بالجهاد، وتنقل وسائل الإعلام صورَ المآسي والأحزان، أطفالٌ أبرياء تحت الأنقاض، والجرحى بالآلاف، والصليبيون يمنعون نقل المصابين أو دخول الدواء، وتخبرنا الأخبار أنَّ مئاتٍ, من المسلمين ذهبوا ضحية للعدوان الصليبي، منهم عائلة واحدة من خمسة وعشرين نفساً ذهبت بأكملها، فرت من الموت فوقعت في الموت، وبيوت الله تدك فوق المصلين، والجرحى ينزفون بالشوارع ولا يغاثون، وكل هذا لأن خنازير من جواسيسهم قُتلوا وصلبوا، بينما دماءُ المسلمين تذهب هدرا، والتمثيل بأجسادهم وسحب جثثهم، داخلٌ في مكافحة الإرهاب، فإن لم يكن هذا هو الإرهاب، فما الإرهاب إذاً؟ ووجدتني أمام هذه المشاهد أقفُ في هيبةٍ, وخشوعٍ, أمام حقيقة القرآن ((وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدٌّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا)) (البقرة: من الآية217) ووجدتني أطلقُ الآهات والحسرات على أمةٍ, ضاع مجدها، و ظهر هوانها، واستذلها عدوها، فآهٍ, على ما أصاب الأمة من ذلٍ,، وآهٍ, على ما يلاقيه أهلُ العراقِ وفلسطين من حقدٍ, وذلٍ,، ما حالكم يا أهلنا في العراق والعدو يقصفُ دياركم، ويهدم مساجدَكم، ويُرعبُ نسائكم وأطفالكم، ما حال أطفالكم البائسين، الذين ذاقوا مرارة الحصار سنين عددا، وختم العدو حياتهم بشظاياه فأهلكهم بددا.
أي نومٍ, من بعد ما حل بالعراق
ما حل من سماتٍ, عظام
أي نوم من بعد ما انتهك الرومُ
جهاراً محارم الإسلام
إن هذا من الأمورِ لأمــــرٍ,
كــاد أن لا يقومُ في الأوهامِ
كم أغصوا من شاربٍ, بشراب
كم أغصوا من طاعمٍ, بطعام
كم ضنينٍ, بنفسه رامَ من جاء
فتلـــقوا جبينهُ بالحسام
كم أخٍ, قد رأى أخاً صريعاً
ترب الخدِ بين صرعا كرام
كم أبٍ, قد رأى عزيز بنيه
وهـو يطوى بشظايا الئلام
كم رضيعٍ, هناك قد فطموهُ
بلظى القاذفاتِ قبل الفطام
ما تذكرةُ أمة الكفرِ إلاَّ
أضرمَ القلبُ أيٌّما إضرام
ما تذكرةُ أمة الكفرُ إلاَّ
أوجعتني مرارةُ الإرغام
يا أهل العراق: إنَّ صور قتلاكِ تدمي قلوبنا، وإن مناظر الأطفال اليتامى والنساء الثكالى لتأجج مشاعرنا، يا أهل العراق: إن مآقينا لتسيل دماً لا دموعاً، وهي تشاهد أطفالكم الرضع مجندلين قتلت براءتهم، وتشاهد عجائزكم يبكين الأقربين صرعى بسلاح المعتدين وإننا لنغلي حقداً وغيضاً على حاميةِ الصليب أمريكا وحلفائها، ونحن نرى بيوتَ اللهِ تُدكُ على المصلين فيها جهاراً نهارا، ولكن ما حيلتنا؟ فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا نملكُ إلا أن نرفع أيدينا إلى اللطيف الخبير متضرعين إليه، أن ينزل على أمريكا وحلفائها عذاباً لا يُبقي من جنودها ولا يذر. وصبرٌ جميلٌ، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إن ما نراه اليوم، وما نسمعه من صور الحقدِ اليهودي في فلسطين، والعداوةُ الصليبية في العرق، ليجلي الحق اليقين، والحقيقة التي لا تقبل الشك ولا الظنون، ولا تُغيرها الحوادث ولا السنون، الحقيقةُ التي ما تغيرها الشعارات المرفوعة، ولا الدعوات الزائفة، ولا تبدلها معاهدات الدول، ولا مواثيقَ ما يسمى بهيئةِ الأمم، الحقيقة التي لا تُلغيها مبادرات الصلح، ولا معاهدات السلام، إنها الحقيقةُ التي قررها من هو أعلمُ بمن خلق، وهو اللطيف الخبير، حقيقةٌ عنوانها ((وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم)) (البقرة: من الآية120)وبنودها، ((وَدَّ كَثِيرٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدٌّونَكُم مِن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّاراً)) (البقرة: من الآية109)، ((لا يَألُونَكُم خَبَالاً وَدٌّوا مَا عَنِتٌّم قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ)) (آل عمران: من الآية118)، ((وَإِذَا خَلَوا عَضٌّوا عَلَيكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيظ)) (آل عمران: من الآية119)، ((لا يَرقُبُونَ فِي مُؤمِنٍ, إِلّاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ المُعتَدُونَ))(التوبة: 10)، ((إِن يَثقَفُوكُم يَكُونُوا لَكُم أَعدَاءً وَيَبسُطُوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم وَأَلسِنَتَهُم بِالسٌّوءِ وَوَدٌّوا لَو تَكفُرُونَ)) (الممتحنة: 2)، إن الأعداء هم الأعداء على مر التاريخ، وأعداء اليوم هم أعداء الأمس، واليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض، هل ننسى الحروب الصليبية خلال مائتي عام؟ وهل ننسى فضائع الأندلس؟ وهل ننسى أن النصارى هم من شرد المسلمين في فلسطين، وأحلوا اليهود محلهم؟ وهل ننسى أن بريطانيا النصرانيةَ هي صاحبة الوعد المشؤوم لليهود؟ وهل ننسى نصيرة الكفر و رافعة راية الصليب أمريكا؟ أليست هي العدو الأولى للمسلمين؟ والمحاربة لقضاياهم، أليست هي الأُم الحنون لليهود الغاصبين؟ أليست هي التي تمارسُ اليوم سياسة الكبر والغطرسة؟ والاستعلاء قولاً وفعلاً؟ أليس هم من قال: لقد جعل الله منا أساتذة العالم، لكي نتمكن من نشر النظام حيث تكون كالفوضى، وجعلنا جديرين بالحكم، كي نتمكن من إدارة الشعوب البربرية الهرمة، وقد اختار اللهُ الشعب الأمريكي دون سائر الأجناس، شعب مختار يقود العالم أخيراً إلى تجديد ذاته..أمريكا..أليست هي التي ضربت بلاداً مسلمة؟ وأسقطت أنظمة حكم شرعية، أليست هي التي تحتجز في أسرها بصورة مزرية، صفوة من شباب الإسلام وفلذات الأكباد، وتمارس معهم سياسة القهر والإذلال؟ أليست هي التي تمارس حرباً إعلامية ضد بلادنا وولاة أمرنا و تسمُنا بدعم الإرهاب كما يزعمون، أمة هذا هو موقفها من الإسلام والمسلمين، أمة يدها ملطخة بدماء الأبرياء، أمةٌ تمارسُ ضدنا سياسةَ القهر والإذلال و الاستعداء، فكيف نلامُ على بغضها وعداوتها؟ وكيف يرادُ بنا أن ندير لها خدنا الأيسر بعد ما صفعتنا بخدنا الأيمن؟ إن قلوبنا مجروحةً وأكبادنا مقروحةً بفعل دولة الكفر والطغيان، ولكننا لا نملك في زمن الوهن، وحب الدنيا، وكراهية الموت، إلا أن نحتفظ بمشاعر الأعداء للأعداء، إلى أن يأذنَ الله بالنصر، ويأتي الفرج، إنَّ أولَ موقف يجبُ على المسلمين تجاه هؤلاء اليهود وأولئك النصارى، هو اتخاذهم أعداء، والحذر من موالاتهم والركون إليهم، أو مودتهم و تقديم التنازلات لهم، على حساب العزةِ الإيمانية، إنَّ سماحة الإسلامِ مع أهل الكتاب شيءٌ، واتخاذهم أولياء شيء آخر، ولكنهما يختلطان على بعض المسلمين الذين لم تتضح في نفوسهم الرؤية الكاملة، لحقيقة هذا الدين ووظيفته، إن التسامح معهم إنِّما يكون في المعاملات الشخصية، لا بالتصور الإعتقادي، ولا بالنظام الاجتماعي، وقول الله: ((لا يَنهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَم يُقَاتِلُوكُم فِي الدِّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِن دِيَارِكُم أَن تَبَرٌّوهُم وَتُقسِطُوا إِلَيهِم)) (الممتحنة: من الآية8) إنما يعني: السماحة بالنفقة عليهم، والصلة للقريب منهم، وعدم ظلمهم، أو التعدي على مُسالِمهم، ولكنه لا يعني حبهم، ولا الإعجابَ بهم، ولا مودتهم، ولا مناصرتهم.
وثاني المواقف: أن ندرك جميعاً أن الصراع مع الأعداء صراعٌ ديني، والمعركة معركة العقيدة في صميمها وحقيقتها، و إن حاول الأعداءُ أن يلونها بألوانٍ, شتى، لقد جردوا حماسة المسلمين لدينهم وعقيدتهم، حين واجهوهم تحت راية العقيدة، ومن ثمَّ استدار الأعداءُ، فغيروا أعلام المعركةِ، لم يُعلنوها حرباً باسم العقيدة على حقيقتها، خوفاً من حماسة العقيدة وجيشانها، إنَّما أعلنوها بأسماءٍ, برَّاقةٍ,، باسم الأرض والاقتصاد، وباسم حقوق الإنسان، وباسم القضاءِ على الإرهاب، وباسم نشر السلام، وألقوا في روعنا نحن المخدوعين، أنَّ العقيدة صارة حكايةً قديمة، ولا يجوز رفع رايتها، وخوض المعركةِ باسمها، فهذه سمة المتخلفين المتعصبين، بينما هم في قرارةِ أنفسهم، يخوضون المعركة أولاً وقبل كل شيء، لتحطيم صخرةِ الإسلام، تلك الصخرةَ العاتية، التي نطحوها طويلاً فأدمتهم جميعاً، واسألوا مساجد الفلوجة، فهي على ذلك من الشاهدين، وإنَّ من واجبنا في ضلٍ, الأحداث المحزنة، أن نعمقَ في نفوسنا عقيدةَ الولاءِ والبراء، الولاء للمؤمنين بالنصرةِ مادياً ومعنوياً، وبنشر قضيتهم، والدفاع عنهم، والوقوف في صفهم، والبراء من الكافرين ببغضهم، وترسيخ عداوتهم في القلوب، وتربيةُ النفسِ والناسِ والناشئةِ على مقاطعةِ أفكارهم، وأخلاقهم ومنتجاتهم، والتضحيةِ بشهوات النفس، تحقيقاً لعقيدةِ الولاءِ والبراء، ((وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعض)) (التوبة: من الآية71)، قال - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مسلمٍ, يخذلُ مسلماً في موضعٍ, تُنتهكُ فيه حرمته، ويُنتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطنٍ, يُحب فيه نُصرته)، والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أمَّا بعد. أيها المسلمون:
وأمَّام ما يحدثُ لإخواننا في العراق، حيثُ تُستحلُ أرضهم، وتُستباحُ دماؤهم، وتُدمرُ مساجدهم، في صورٍ, داميةٍ, مؤلمةٍ,، لو تأملهنَّ طفلٌ لطفلَ في عوارضه المشيب، أمام ما نرى ونسمع، فإنَّه يتأكدُ علينا، ومراعةً لمشاعر إخواننا، وتفاعلاً مع مآسيهم، أن نتخلى عن تفاهاتنا ولهونا ولعبنا، وكم هو مؤسفٌ، وأمة مسلمة بجوارنا تُباد وتُقتل، أن ترى الأمةَ تلهو وتلعب، وإعلامها بالغناءِ يصدح، وقنواتُها تلوثُ الأبصارَ والعقول، وتُميت القلوب بمسلسلاتها الهابطة الساقطة، والصحفُ تنشرُ على صفحاتها الأولى صوراً للمسلمين المنكوبين، وبجوارها دعاية لشريط غنائي، وأخرى لفلمٍ, ساقطٍ, ماجن، فمتى يا ترى تتحركُ عندنا مشاعرُ الغيرة على الدين؟ وينمو في قلوبنا الشعور بآلامِ وآمالِ المسلمين.
وإنِّه أيها المسلمون: إن عز علينا نصرةُ إخواننا بالنفس والمال، فإنَّ بأيدينا السلاح الذي لا يُغلب، والقوةَ التي لا تُقهر، إنِّه سلاحُ الدعاءِ والالتجاءِ إلى رب الأرض والسماء، فكم من دعوةٍ, صادقةٍ, فرجَ اللهُ بها كرباً، وكشفَ اللهُ بها هماً وغماً، وجعل بها من بعد عسرٍ, يسراً، الدعاءُ هو سلاحُ المرسلين والدعاة والمجاهدين، فهذا نوح - عليه السلام -، يقول الله - تعالى - عنه ((فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغلُوبٌ فَانتَصِر)) (القمر: 10)، فكان الجوابُ، ((فَتَحنَا أَبوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ, مُنهَمِرٍ,)) (القمر: من الآية11))، وقال يوسف: ((وَإِلَّا تَصرِف عَنِّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجَاهِلِينَ* فَاستَجَابَ لَهُ رَبٌّهُ فَصَرَفَ عَنهُ كَيدَهُنَّ)) (يوسف: الآية 34، 33)، وقال موسى وهارون: ((رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيتَ فِرعَونَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَموَالاً فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا رَبَّنَا لِيُضِلٌّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطمِس عَلَى أَموَالِهِم وَاشدُد عَلَى قُلُوبِهِم فَلا يُؤمِنُوا حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ)) (يونس: 88) فكان الرد، ((قَالَ قَد أُجِيبَت دَعوَتُكُمَا)) (يونس: من الآية89)، الدعاءُ سلاحُ محمدٍ, - صلى الله عليه وسلم - يوم بدرٍ, وأخواتها، فهل يا ترى تتحرك ألسنتُنا وتصدحُ بالتضرع إلى الله في الخلواتِ والصلواتِ ليرحم الأمةَ، ويكشف عنها الغمة، إنَّ المسلمين وهم ينظرون إلى إخوانهم يواجهون الكيد الصليبي، والحقدَ الأمريكي، ويرون دماءَ المسلمين تُسفك، وبلادُهم تُدمر، ومساجدُهم تخرب، ثم لا تذرفُ لهم دمعةً، ولا يتحركُ لهم ساكن، ولا تضج ألسنتهم بدعوةٍ,، بل يتخاذلون ويتثاقلون، هؤلاءِ إن لم يفيقوا من غفلتهم وينفضوا غبار الذل، وتراب الوهن عن رؤوسهم، فإن الله - تعالى -قادرٌ على أن يستبدل قوماً خيراً منهم ((وَإِن تَتَوَلَّوا يَستَبدِل قَوماً غَيرَكُم ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمثَالَكُم))(محمد: من الآية38)، إنَّ كيد أمريكا وحلفاءِها لم يكن ليتوقف عند حدود العراق، بل كان كيدهم سينالُ أرضنا، وأرضاً مسلمةً أخرى، ولكنَّ اللهَ بمنهِ وكرمهِ سلط عليهم أسودَ العراق، فشغلوهم بحمد الله، أفيكون من حق إخواننا هؤلاءِ أن نخذلهم حتى في الدعاء، وإنَّ على علماءِ المسلمين ودعاتهم، مسؤوليةً عضمى في تسجيلِ موقفٍ, مشرفٍ, تجاه إخوانهم، ولوا ببيانِ تأييدٍ, ومناصرةٍ, للمظلومين، واستنكارٍ, وتنديدٍ, لفعل المجرمين، بدلاً من أن يصرحَ أحدهم وهو متكئٌ على أريكته، بأن لا داعي للمقاومة في العراق، وأخيراً فإننا على ثقةٍ, بنصر الله وتأييده، فلقد سبقت كلمته لعباده المرسلين، بأنهم هم المنصورون، وأن جنده هم الغالبون، وإن الذي يفصلُ في الأمر ليس هو ضخامة الباطل، و ليس هو قوةُ الضربات، إنِّما الذي يفصلُ بالأمر، هو قوةُ الحق، ومدى الصمودِ للضربات، وإننا على ثقةٍ, بأنَّ دولةَ الكفرِ والطغيان قد قرَب زوالها، فإنِّها والله ظلمةٌ، وإنَّ اللهَ ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وإنَّها قد فسقت، وإذا أراد اللهُ إهلاكَ قريةٍ, أمر مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول ودمرها تدميرا، وإنَّها والله قد فسدت وأفسدت، وإنَّ الله لا يصلحُ عمل المفسدين، وإنَّها قد تكبرت وطغت، وإن الذين استكبروا واستنكفوا يعذبهم الله عذابا أليماً، وإنَّ الله لا يُحبُ كل مختالٍ, فخور، إنَّ دولةَ الصليب أمريكا نملةٌ نبت ريشُها، وإنَّ اللهَ إذا أرادَ إهلاك النملة أنبت لها جناحين، فابشروا أيها المسلمين، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ اللهُ فيه خيراً كثيراً، فقد حركة أحقادُ أهل الصليب مكامن في النٌّفوس، وجيَّشة عند المسلمين مشاعر العداءِ للكافرين، ترى ذلك في دعوات الكبار، كلمات الصغار، وأحاديثُ الشباب، وإنَّ الآمال تولدُ في رحم الآلام، وكم في طيات المحنِ من منح.
وختاماً: مَن مُبلغ عنَّا أسودَ العراقِ، وأبطال الفرات، مَن مُبلغٍ, المرابطين الصابرين أن رؤوسنا ونحنُ نتابع صمودهم مرفوعة، مطرقة مرفوعة، فخراً بجهادكم وصبركم وثباتكم، واعتزازاً بصورِ البطولةِ، وروائعِ الصمودِ، وابتهاجاً بعزتِكم ومواقفكم المشرفة، لقد رفعتم رؤوسَنا وأعدتم لنا الأملَ بهذا الصمودِ العجيب، وتلك البطولةِ النادرة، لقد أعلنتم للعالم أن العزةَ والنصرَ والهيبةَ لا طريق لها إلا الجهاد في سبيل الله، وأنَّهُ ما ترك قومٌ الجهادَ في سبيل الله إلا ذَلوا، لقد علَّمتُم العالم أنَّ ساعةً لمجاهدٍ, أجدى من آلاف القرارات، ومئات المؤتمرات، لقد أثبتم بصبركم أن القلة الصابرة، لا ترهبها قوة الأعداء، (فكم من فئةٍ,ٍ, قليلةٍ, غلبة فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين) لقد لقنتم جيوشَ الصليبِ درساً في عزةِ المسلمين والثبات على الدين، فهاهي جيُوشهم الجرارةُ تقفُ عاجزةً عن قتالكم، تطلبُ المدد حيناً بعدَ حين،
رجالُ العراق أعادوا البنود، وصُفو الأسود، أسوداً أسودا
رجالُ العراق أعادوا المثنى لظهر الجواد، أعادوا الرشيدا
أنا يا رجال تسألتُ يوماً، أيغزو أسود العراق عبيداً
أتسبى النساءُ ويبقى الرجالُ يجرون قرب الجياد القيودا
وجاء الجواب، وكان جوابا يسُر القريب، ويُدني البعيدا
وأغرقَ نفطُ العراق الغُزاة، ومن أشعل النار صار وقُودا
أذاقوا الغُزاةَ كؤوس منون، تدورُ لتسقي بعد اليهودا
يا أسودَ العراق رؤوسُنا مطرقة خجلاً من تخاذلنا، وحياءً من عجزنا عن مناصرتكم، رؤوسُنا مطرقةً لأنكم تُذبحون وتُهانون، وشبابنا بالتفحيط والدوران غارقون، وفي الشوارع يُغنون ويرقصون، رؤوسُنا مطرقةً لأننا بخلنا بُنصرتكم حتى الدعاء، نُقدمه على خجلٍ, واستحياءٍ,، رؤوسُنا مطرقةً لأننا لا نملكُ إلا أن نتفرج على مآسيكم، ونسمع صرخاتِكم واستغاثاتِكم، وعويلَ نسائكم، وبكاءَ أطفالكم، ونشاهد بيوتكم المدمرة، ومساجدَكم المهدمة، ولا حيلةَ لنا ولا سبيل.
يا أسُودَ العراق، ((إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُم وَإِن يَخذُلكُم فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ)) (آل عمران: 160)، واقطعوا الأملَ إلاَّ بالله، ولا تنتظروا الفرجَ إلاَّ من الله.
يا أبطالَ العراق إذا لقيتم الصليب فضربَ الرقابَ حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق، ((وَلا تَهِنُوا فِي ابتِغَاءِ القَومِ إِن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإِنَّهُم يَألَمُونَ كَمَا تَألَمُونَ وَتَرجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرجُونَ)) (النساء: من الآية104)، ((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعلَون))(آل عمران: من الآية139)، وإن بشائرَ النصرِ قد لاحت، ومعالمَ العزةِ قد بدت، والعدو يخسرُ بالمئات، ولولا التعتيم الإعلامي لظهرت حقيقةُ المعركة، وظهرت حقيقةُ العدو، ومقدارُ خسائره.
وختاماً أيها المسلمون: فإنه لا يكشفُ البلوى سوى الله، ولا خاب من احتمى بحماه، انصروا إخوانكم بدعواتكم الخالصة الصادقة، وارفعوا أكفَّ الضراعةِ بالعشي والإبكار، ولا تقنطوا، فهاهي تباشير دعواتكم بدأت تلوحُ، طائرات تسقطُ، وجنودٌ تجندل، ودباباتٌ تُحرق، وعدو عن التقدم عاجز، وقولوا من قلبٍ, صادقٍ, مخبتٍ,ٍ, موقنٍ,، اللهم يا جبار، يا قهار، نسألُك بعزك الذي لا يُرام، يا عزيزُ يا ذا انتقام، يا من على عرشه استوى، يا من قهرَ كل القوى، يا من لا يَرضى بالظُلم، يا من أرحمُ بعباده من الأم، نسألُك ونتوسلُ إليك، ونرفعُ أكفَّ الضراعةِ إليك، في هذه الساعة التي تُرفع فيها الدعوات وتضج بها المساجد، وتجأرُ فيها القلوب إلى خالقها، ونسألك بقلوبٍ, واثقةٍ, بنصرك، واثقةٍ, من وعدك، ونسألُك بقلوبٍ, واثقةٍ, بنصرك، واثقةٍ, بوعدك، مؤمنةٍ, بقوتك وقهرك، وندعوك يا ملاذنا عند المحن، وأملُنا عند الشدائدِ والمحن، ننادي بدعوات ممزوجة بالدموع والعبرات، نسألُك اللهم أن تريَنا في أمِّ الكفر وحلفائها عجائب قدرتك، اللهم اشدد عليهم وطأتك، وارفع عنهم عافيتك، وأحلل عليهم نقمتك، اللهم أرنا فيهم المثُلات، اللهم صبَّ عليهم عذابك صبَّا، واقذف في قلوبهم ذلاً ورعباً، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، واجعل بأسهم بينهم، واجعل قوتهم وبالاً عليهم، اللهم أغرقهم بطوفانٍ, من الأرض، وأحرقهم بصواعقٍ, من السماء، اللهم أقرَّ عيوننا بذُلهم وصغارهم وهوانهم، اللهم عاجلهم بالعقوبة والعذاب، اللهم أرسل عليهم الطوفانَ والجرادَ والقُمل والضفادعَ الدمَ، اللهم أقرَّ عيوننا بجنودهم مجندلين فوق الرمال، ومشتتين بين الجبال، ومأسورين بالحبال، اللهم اشدد عليهم وطأتك، اللهم اخسف بهم الأرض، اللهم أرسل عليهم ريحاً صر صراً عاتية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد