بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُهُ ورسولُهُ.
أخوةَ الإسلامِ:
نحتاجُ إلى الأمنِ الفكريِّ كحاجتِنا إلى الأمنِ الغذائي أو أشدَّ، ونحتاجُ إلى الصِّحةِ النفسيةِ كحاجتنا إلى الصحةِ الجسديةِ أو أشدَّ.
وليس أضرَّ على الأمةِ والمجتمعِ مِن رواجِ فكرٍ, دخيلٍ, يُبلبل العقولَ ويُوحشُ القلوبَ، ولا شيءَ أسوأُ مِن تَطاحُنِ الأفكارِ لا تَلاقحُها، وحين تُخلخلُ الثقةُ بالمُسَلَّمَاتِ، وتَطالُ التهمُ علماءَ الأمةِ، وروادَ الإصلاحِ والفكرِ فيها، فلا تَسأل عنِ التشنيعِ بغيرِهم، والبُهتانِ لِمَن دونََهم، وفرقٌ بينَ الاختلافِ المُثرِي، والتنازعِ المُفضِي للفشلِ وذهابِ الريحِ، والأدبُ القرآنيُ واضحٌ، والنهيُ شديدٌ في هذا الباب. ((وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (سورة الأنفال: 46).
إنَّ مَن يُراقبُ ساحتَنا الفكريةَ، ويُتابعُ مُنتدياتِ الحوارِ، وأعمدةَ الصحفِ، وزوايا الإعلامِ الأخرى، يَرى مِن ذلك كلِّه عَجباً...وبوادرَ خطرٍ,، يرى العقلاءُ وميضَ النارِ مِن خِلالِ الرمادِ.. ويخشون ضرامَ النارِ مِن مُستَصغَرِ الشررِ، لقد بلغ السيلُ الزُبا، وتجرَّأ على الثوابتِ، مَن لا يزن الأمورَ، أو يتحسبُ لعواقبِها، وأصبحتِ الكلمةُ بلا زمامٍ, أو خُطامٍ,، تطيرُ في الآفاقِ تحملُ الهدمَ، وترسمُ معالمَ التشكيكِ، وتُؤذي الصالحين، ويَحتارُ لها العوامُ، ويَتحسَّسُ مِن آثارِها العالِمون، ويَتبرَّمُ منها العقلاءُ والمنصفون.
وفي المقابلِ استُنفرَ أقوامٌ ولوَّحوا بلغةِ الحسامِ ظنٌّوه الأسلوبَ الأوحدَ للحوارِ، وإذا كان التطرفُ مرفوضاً سواءً كان ذاتَ اليمينِ أو ذاتَ الشمالِ، فالغلوُ كالجفا نَمَطانِ بَعِيدانِ عَنِ الوسطيةِ والاعتدالِ، وهما سِمةُ هذهِ الأمةِ المُسلمَةِ. ((وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدًا وَمَا جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيهَا إِلاَّ لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيهِ وَإِن كَانَت لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) (سورة البقرة: 143).
((وَإِذَا قُلتُم فَاعدِلُوا وَلَو كَانَ ذَا قُربَى وَبِعَهدِ اللّهِ أَوفُوا ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ)) (سورة الأنعام: 152).
نعم ينبغي أن تكونَ هناك مبادرةٌ مِن قِبَلِ كلِّ الأطرافِ، لردعِ أي تحفيزٍ, أحمقَ نحوَ الانفصامِ الاجتماعيِ، وخَلقِ عداواتٍ, محليةٍ, نحن مُشغولون عنها بغيرِها، ولكنَّا معِ ذلكَ لا نرغبُ أن تصلَ الأمورُ إلى ما وصلت إليه، كاتبٌ يكتبُ وآخرُ يُهدد، هذا يعتبره يكتب مقالة طريفاً ومقابلة يراه سخريةً واستهزاءً إنها رسالةٌ ذاتُ دلالةِ، تلك التي نشرتها جريدةُ الرياضِ، واستغربَ رئيسُ التحريرِ أن يُهددَ منها حينَ كتبَ مقالاً له بعنوان (اللحية الغانمة)، وقال: إليكم الرسالةُ الواردةُ إليَّ أنشرُها بنصِها كما وردتني:
رسالتي لكَ باختصارٍ,
أولاً: تكتبُ رسالةً تعتذرُ فيها عَن هذا الموضوعِ وعَنِ المواضيعِ الأخرى.
ثانياً: أن تُعلِنَ أنَّكَ كنتَ منافقاً وتُعلنَ أنني متوقفٌ.
ثالثاً: إذا لم يُطبق هذا الأمرُ في أسبوعٍ, فانتظرِ النهايةَ، فإنَّ مَن استهزأ بشيءٍ, مِن سُنَّةِ النَّبيِ r، فإنَّ النَّبِيَّ قد أباحَ دمَهُ، وأنا بإذنِ اللهِ أولُ مَن سيُطبِّقُ هذا في شريعتِهِ، فسأذبحُكَ إن لم تَستَسلِم وتَعتدِل، ورسالةٌ أخيرةٌ: أنا لستُ مِنَ القاعدةِ، ولا مِن أبنائِها ولا أنظرُ إليهَا، ولكن مِن مُحبِّي سنةِ النَّبِيِّ r، واللهُ الموفقُ، فإمَّا أن تُوافقَ شُروطِي وإمَّا الموتُ. (جريدة الرياض 29/محرم/1425هـ) مَن؟ ومَن؟ ومَن؟ ) إنَّنا لا نريدُ للأمورِ أن تصلَ إلى هذا الحدِ، والمُفترَضُ أن تُوجَّهَ طاقتُنا الفكريةُ لمحاورةِ ونقدِ أعدائِنا، الذين يتربَّصون بنا، ويريدون أن يسلُخُونَنَا مِن هُوِيتنا وإرادتِنا... وأن لا ينجحَ العدوٌّ في نقلِ المعركةِ بينَنا.
لقد سُوِّدت الصحفُ مُؤخراً برديء الكلامِ، وسيلٍ, مِنَ التهمِ، ومحاولاتِ الانتقامِ والتصيّدِ، وكلٌّ مَن انحرفَ عَنِ الصراطِ المستقيمِ أثقلَ كاهلَ أمتِهِ بالرزايا والخطايا، فالحداثيون حين اختلفوا معَ ثوابتِ الحضارةِ وهَمَّشُوها، تحولوا إلى هَدامين ودعاةِ سوءٍ, في الأفكارِ والأخلاقِ، والثوريون حينَ تهيأت لهم الأسبابُ طافوا بقومِهم على سقطِ الحضاراتِ، والمتابعُ لمُعطياتِ الفكرِ السياسيِ الإسلاميِ يجدُه جماعَ الخيرِ كلِه، فلا هو حفيٌ بعنفِ الثوريين ولا بمداهنةِ المُتزلفِين.
هكذا قال الدكتور الهويمل في أحدِ مقالاتِه النقديةِ للواقعِ، (د. حسن الهويمل، مقال بعنوان: أيها المستجيبون والممانعون عقلنوا خطابكم، الجزيرة 25/1/1425هـ).
أيها الأخوة المسلمون:
لقد بُلينا مِن قبلُ - وظهرتِ البلوى أكثرَ في هذهِ الأيامِ- بدهاقنةٍ, للعلمنةِ والتغريبِ، يطرحون غريبَ القولِ بلا خوفٍ,، ولا ترددٍ,، ولا حياءٍ,، وفي طروحاتِهم طوامٌ ومقحماتٌ (وقد سبق الحديثُ عن هؤلاء).
وثَمَّةَ أُغَيلِمَةٌ بدأت تقحمُ المُهلِكَاتِ، وتَتَسلَّقُ جُدرَ المُسَلَّماتِ، وتَرمِي بشررِها الأكابرَ مِنَ العلماءِ، تَلمزُ هذا... وتَتَّهمُ ذاك، وتَنسبُ إلى بعضِهم زُوراً وبهتاناً رديءَ القولِ... وترميهم بقبيحِ التٌّهمِ، وتتجرأُ على الفتوى، وتُبيحُ لنفسِها الاجتهادَ، وتعاظمت في نقدِهَا حتَّى لم تُبقِ ولم تَذر، وآخرون شبابٌ أخيارٌ، وإن كانوا قلةً لكن جَنحت بهم القراءةُ إلى مواقعَ الهوى، ومصايدَ الشيطانِ، بدؤوا مُبَكِّرين - ودونَ مَناعةٍ, تُذكَرُ- في قراءةِ كتبِ فلسفيةٍ, قديمةٍ,، تُغرِقُ في الجدلِ، وتُهمِّشُ النصَّ الشرعيَّ، وتُعظِّمُ العقلَ... أو كتاباتٍ, حديثةٍ, تَنطوِي على العَصرَنَةِ أو العلمنةِ والتغريبِ، وتَتَّخِذُ مِنَ الجدلِ وسيلةً لإسقاطِ الثوابتِ، وتَهميشِ الحقائقِ، والتشكيكِ في المُسَلَّماتِ... وكانت حصيلتُهم منها قلقاً، وشكاً، وحيرةً، وانقطاعاً، وضعفاً في الإيمانياتِ، وهشاشةً في السلوكياتِ، وكان لهؤلاءِ الشبابِ ولا يزالُ مندوحةٌ عنها بكتبِ سليمةِ المنهجِ تُعمّقُ الإيمانَ، وترسخُ العلمَ الشرعيَّ، وتُنيرُ السبيلَ، وتَهدي للتي هي أقومُ... وهذهِ الفئةُ وإن قلت - أخشى إن طال مسارُها في هذا الطريقِ أن تكونَ إشكاليةَ المستقبلِ... ومعوقاً عَنِ الإنتاجيةِ والبذلِ حِينَ تُشغلَ نفسَها أو غيرَها في الجدلِ... وتُعنى بالنقدِ لكلِّ شيءٍ,... ولكلِّ أحدٍ,! نعم إنَّ النقدَ الهادفَ سيبلٌ للتطويرِ والإصلاحِ... ولكن الجدلَ ما أُوتيَهُ قومٌ إلا ضَلٌّوا، وفرقٌ بينَ مَن يُمارسُ العطاءَ والبذلَ مع النقدِ، وبينَ مَن هو حفيٌ بالنقدِ، مولعٌ بالجدلِ ليس إلا.
إنَّه حقٌ على الأغيارِ ورُبَّانِ السفينةِ، ورجالِ التربيةِ، وقادةِ الفكرِ، وأهلِ الذكرِ أن يَتهيَّئُوا لهذهِ المخاطرِ... وأن يسارعوا لعلاجِ هذه الظواهرِ... فالمسلمون نصَحةٌ، ومِنَ جُملِ الإيمانِ أن يُحبَّ المرءُ لأخيهِ ما يُحبٌّهُ لنفسِه، وينبغي أن تُحفظَ الطاقاتُ وتُوجَّهَ الملكاتُ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ, يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَ- يرحمهم الله - إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) (سورة التوبة: 71).
الخطبة الثانية
أيها المسلمون:
وما لم يُصلحِ المُفسدون ما أفسدوا أو يَتدخل ولاةُ الأمرِ مِنَ الأمراءِ والعلماءِ في وضعٍ, حدٍ, لهذه الطروحات الفَجَّةِ، والمهاتراتِ المُفرقةِ - فسيَصطلي المجتمعُ بنارِها- وإنَّ أيةَ أمةٍ, يتوفرُ لها أمنٌ وافرٌ، واستقامةٌ راشدةٌ، ورخاءٌ ونعمة ثمّ لم تكن شاكرةً لهذه النعمِ، قائمةً بحقوقِها، مجاهدةً لمن ينالُ منها آطرةً للسفهاءِ.. انقلب الأمنُ خوفاً والاستقامةُ انحرافاً، والرخاءُ فقراً، وفي أمثلةِ القرآنِ عبرةٌ لمن اعتبر ((وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مٌّطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ, فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بِمَا كَانُوا يَصنَعُونَ)) (سورة النحل: 112).
إنَّ الانحرافَ الفكريَّ (قديم لمن تأمّل حلقاتِ التاريخِ) وطالما كان لأساطينِ الاعتزالِ، والرفضِ، والمتصوفةِ، وأمثالِهم دورٌ وأثرٌ... وكان لأئمةِ السلفِ، وأصحابِ الدعوة، دورٌ وأثر ٌحتى نفع اللهُ بعلمِهم وجهادِهم، فعاد شاردون...، وهدى اللهُ مِنَ الضلالةِ قوماً كانوا عَمِينَ... وبلغ الحالُ ببعضِهم أن قال:
وكنتُ جنداً من جنود إبليس حتى *** ارتمى بي الدهرُ فصار إبليسُ من جندي
وكلٌّ مَن لم يعتصم بالكتابِ والسُنَّةِ، وما عليه سلفُ الأمةِ فمآلُه الحيرةُ، والاضطرابُ، وتجربةُ الرازي واضحةٌ حين يقولُ:
نهايةُ أقدام العقولِ عِقالٌ *** وأكثرُ سعيِ العالميـن ظلالٌ
ولم نستفد من بحثِنا طـول عمرِنا*** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وأرواحُنا في وحشـةٍ, من جسومِنا *** وغايةُ دنيانا أذى ووبالُ
ويقول الشهرستاني:
لعمري لقد طفتُ المعاهدَ كلَّها *** وسيرتُ طرفي بينَ تلك المعالم
فلم أرَ إلا واضعاً كفَّ حائـرٍ,*** على ذقـنٍ, أو قارعاً سنَّ نـادمِ
وأبلغُ من ذلك كلِّه وأصدقُ قوله - تعالى -: ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلٌّ وَلَا يَشقَى)) (سورة طـه: 123).
قال ابنُ عباس - رَضِيَ الله عَنهُمَا-: (تكفَّل اللهُ لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضلَّ في الدنيا ولا يَشقى في الآخرةِ) (التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية الشيخ عبد العزيز الرشيد ص 378).
يا عَبدَ اللهِ: تأمل هديَ القرآنِ والسُنّةِ في الاجتماعِ والاختلافِ، وستجدُ من ذلك قوله - تعالى -: ((وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا)) (سورة آل عمران: 103).
وقوله: ((إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا لَّستَ مِنهُم فِي شَيءٍ,)) (سورة الأنعام: 159).
وأخبر - عليه الصلاة والسلام - عن افتراقِ هذهِ الأمةِ، والمخرجِ منها، وذلك بلزومِ هديِه وهديِ صحابتِه رضوانُ الله عليهم ((مَن كَانَ عَلَى مِثل مَا أَنَا عَلَيه اليَومَ وَأصحابِي)).
وخيرُ الأمورِ السابقاتُ على الهدى*** وشرٌّ الأمورِ المحدثات البدائعُ
وقال آخر:
تخالف الناسُ فيما قد رأوا ورووا *** وكلهّم يدعون الفوز بالظفر
فخذ بقولٍ, يكون النصٌّ ينصرُه *** إمّا عن اللهِ وإما عن سيدِ البشر
(السابق378)
أيها المسلمون:
إنّنا مطالبون جميعاً بالحفاظِ على وحدتِنا، وسلامةِ فكرِنا، ومعتقدِنا، والعزةِ بإسلامِنا، والترضي عن سلفِنا...، ومع أهميةِ الشَّفافيةِ، والصراحةِ، والحوارِ، فلابدَّ من قيودٍ, تحكُم، وضوابطَ تُنظمُ، و إلا تحوَّلتِ المصارحةُ إلى مصارعةٍ,، والشفافيةُ إلى تُهمٍ, وأنانيةٍ,، والحوارُ إلى ساحةٍ, للمعاركِ، وتلويحٍ, بالانتقامِ..، وكلٌّ ذلك خسارةٌ، وضياعٌ وهدرٌ للطاقات، وفرصةٌ لتسللِ الأعداءِ، وإذا كان على العوامِ ألا يتأثروا بكلِ صائحٍ,، وأن يتحروا الحقَّ، ويسألوا أهلَ الذكرِ - فعلى العلماءِ خاصةً- دروٌ كبيرٌ في بيانِ الحقِ وردِّ المُبطلين- وهذا الإمامُ الذهبيٌّ - رحمه الله - ينقلُ لنا تجربةً في عَصرِهِ (القرن الثامن) عن فئةٍ, كانت تَنتقصُ الأكابرَ مِنَ العلماءِ بلسانِ الحالِ، والمقال، ويقولُ عنهم: من أحمد؟ وما ابن المديني؟ وأي شيء أبو زرعة وأبو داود؟ هؤلاء مُحدِّثون ولا يدرون ما الفقهُ؟ وما أصولُهُ؟ ولا يفقهون الرأيَ، ولا علمَ لهم بالبيانِ، والمعاني، والدقائق، ولا خبرةَ لهم بالبرهان والمنطق، ولا يعرفون اللهَ - تعالى -بالدليلِ، ولا هم من فقهاءِ المِلَّةِ، فاسكت بحلمٍ, أو انطق بعلم، فالعلمُ النافعُ هو ما جاء عن أمثالِ هؤلاء، ولكن نسبتُك إلى أئمةِ الفقهِ كنسبةِ مُحدِّثي عصرِنا إلى أئمةِ الحديث، فلا نحن ولا أنت، وإنما يَعرفُ الفضلَ لأهلِ الفضلِ ذوُ الفضلِ، فمن اتقى الله راقبَ اللهَ واعترفَ بنقصِه، ومَن تَكلَّم بالجاهِ وبالجهلِ، أو بالشرِّ والباو فأعرض عنه وذرهُ في غيِّه فعُقباهُ إلى وبالٍ,، نسألُ اللهَ العفوَ والسلامةَ. (تذكرة الحفاظ 2 / 628).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد