بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد: معاشر المسلمين، كم تُطوى الليالي والأيام، وتنصرم الشهور والأعوام، فمن الناس من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وإذا بلغ الكتاب أجله فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. ومن يعش منكم يا عباد الله، أسأل الله - عز وجل - أن يطيل في أعماركم وأن يجعلها في طاعته وأن يتوفانا جميعاً - سبحانه وتعالى - وهو راضى عنا.
أقول أيها الإخوة: فإنه من يعش منكم فإنه يرى حلواً ومرّا، فلا الحلو دائم ولا المرّ جاثم، وسيرى أفراحاً وأحزاناً، وسيسمع ما يؤنسه وسيسمع ما يزعجه، وهذه سنة الحياة، والليل والنهار متعاقبان، والآلام تكون من بعد زوالها، أحاديث وذكرى ولا يبقى للإنسان إلا ما حمله زاداً للحياة الأخرى، يولد المعدوم ويشب الصغير، ويهرم الكبير، ويموت الحي وينظر المرء ما قدمت يداه، وكل يجري إلى أجل مسمى. قعدت بالمؤملين آجالهم، عن بلوغ آمالهم، وعدوا أنفسهم بالصالحات، فعاجلهم أمر الله، كل الناس يغدو في أهداف وآمال، ورغبات وأماني، ولكن أين الجازمون وأين الكيسون؟ كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها.
أيها المسلمون، لقد أظلكم شهر عظيم مبارك، كنتم قد وَعدتم أنفسكم قبله أعواماً ومواسم، ولعل بعضكم قد سوّف وقصّر، فها هو قد مُدّ له في أجله، وأنسئ له في عمره، فماذا عساه فاعل؟
إن بلوغ رمضان نعمةٌ كبرى يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون. إن واجب الأحياء استشعار هذه النعمة واغتنام هذه الفرصة، إنها إن فاتت كانت حسرةً ما بعدها حسرة، أي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بحديثه على منبره في مساءلةٍ, بينه وبين جبريل الأمين: ((من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين)) من حرم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي؟
إن العمل الجاد لا يكون على تمامه ولا يقوم به صاحبه على كماله، إلا حين يتهيأ له تمام التهيؤ، فيستثير في النفس همّتها، ويحدوه الشوق بمحبة صادقة ورغبة مخلصة.
أتاكم أيها المؤمنون المسلمون شهر رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقيّ من حرم رحمة الله.
في استقبال شهر الصوم تجديد لطيف الذكريات، وعهود الطهر والصفاء والعفة والنقاء، ترفع عن مزالق الإثم والخطيئة، إنه شهر الطاعات بأنواعها صيام وقيام، جود وقرآن، صلوات وإحسان، تهجد وتراويح، أذكار وتسابيح، له في نفوس الصالحين بهجة، وفي قلوب المتعبدين فرحة، وحسبكم في فضائله أن أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، رب ساعة قبول أدركت عبداً فبلغ بها درجات الرضى والرضوان.
في الصيام تنجلي عند الصائمين القوى الإيمانية، والعزائم التعبدية، يدعون ما يشتهون، ويصبرون على ما يشتهون في الصيام، يتجلى في نفوس أهل الإيمان الانقياد لأوامر الله، وهجر الرغائب والمشتهيات، يدعون رغائب حاضرة، لموعد غيب لم يروه إنه قياد للشهوات وليس انقياداً لها.
في نفوسنا يا عباد الله، شهوةٌ وهوى، وفي صدورنا دوافع غضبٍ, وانتقام، وفي الحياة تقلب في السراء والضراء، وفي دروب العمر خطوب ومشاق، ولا يُدَافع ذلك كله، إلا بالصبر والمصابرة ولا يُتَحمّل العناء، إلاّ بصدق المنهج وحسن المراقبة. وما الصوم إلا ترويض للغرائز، وضبط للنوازع، والناجحون عند العقلاء هم الذين يتجاوزن الصعاب، ويتحملون التكاليف ويصبرون في الشدائد.
تعظم النفوس ويعلو أصحابها حين تترك كثيراً من اللذائذ، وتنفطم عن كثير من الرغائب، والراحة لا تنال بالراحة، ولا يكون الوصول إلى المعالي إلا على جسور التعب والنصب، ومن طلب عظيماً، خاطر بعظيمته، وسلعة الله غالية وركوب الصعاب هو السبيل إلى المجد العالي، والنفوس الكبار تتعب في مرادها الأجسام.
إن عبّاد المادة وأرباب الهوى، يعيشون ليوم حاضر، يطلقون لغرائزهم العنان، إذا أحرزوا نصيباً طلبوا غيره، شهواتُهم مسعورة وأهواؤهم محمومة ونفوسهم ملوثة \" ذَرهُم يَأكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلهِهِمُ الأمَلُ فَسَوفَ يَعلَمُونَ \" [الحجر: 3]، ويجعلون مكاسبهم وقوداً لشهواتهم، وحطباً لملذاتهم، ويوم القيامة يتجرعون الغصة \" ذَلِكُم بِمَا كُنتُم تَفرَحُونَ فِي الأرضِ بِغَيرِ الحَقّ وَبِمَا كُنتُم تَمرَحُونَ \" [غافر: 75]، وما فسدت أنظمة الدنيا إلا حين أعرضت عن توجيهات الدين وتعليمات الملة \" فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطّعُوا أَرحَامَكُم \" [محمد: 22]، إنها الأنعام السوائب، والضّوال من البهائم تفعل ما تحب وتدع ما يضايقها، لا تنازع عندها بين شهوات وواجبات، وحينما يقود الإنسان رشده، فانه يحكّم رغائبه، وإلا فهو إلى الدواب أقرب، بل إنه منها أضل \" أَرَءيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـاهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلاً أَم تَحسَبُ أَنَّ أَكثَرَهُم يَسمَعُونَ أَو يَعقِلُونَ إِن هُم إِلاَّ كالأنعام بَل هُم أَضَلٌّ سَبِيلاً \" [الفرقان: 43، 44].
ولعلكم بهذا أيها الإخوة تدركون أسراراً من التشريع في الصيام، فهو الضبط المحكم للشهوات، والاستعلاء على كثير من الرغبات، إنه زاد الروح، ومتاع القلب، تسمو به همم المؤمنين إلى ساحات المقربين، يرتفع به العبد عن الإخلاد إلى الأرض ليكون أهلاً لجنةٍ, عرضها السماوات والأرض.
عباد الله، جديرٌ بشهرٍ, هذه بعض أسراره، وتلك بعض خصاله أن يفرح به المتعبدون ويتنافس في خيراته المتنافسون. أين هذا من أناس، استقبالهم له تأفف، وقدومه عليهم عبوس، لقد هرم فيه أقوام، فزلت بهم أقدام، اتبعوا أهواءهم فانتهكوا الحرمات، واجترؤوا على المعاصي فباؤوا بالخسار والتبار، من الناس من لا يعرف من رمضان إلا الموائد، وصنوف المطاعم والمشارب يقضي نهاره نائماً، ويقطع ليله هائماً، وفيهم من رمضانه بيع وشراء، يشتغل به عن المسابقة إلى الخيرات وشهود الصلوات في الجماعات، فهل ترى أضعف همة وأبخس بضاعة ممن أنعم الله عليه بإدراك شهر المغفرة ثم لا يتعرض فيه للنفحات. فها هو من طالت غيبته قد قرب قدومه، فيا غيوم الغفلة تقشعي، ويا قلوب المشفقين اخشعي، ويا جوارح المتهجدين اسجدي لربك واركعي، وبغير جنان الخلد أيها الهمم العالية لا تقنعي. طوبى لمن أجاب وأصاب، وويل لمن طرد عن الباب.
ها هو الشهر الكريم يحل بالساحات فاستعدوا واجتهدوا، فما أكرمَ الله أمة بمثل ما أكرم به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
في هذا الشهر ذنوب مغفورة، وعيوب مستورة ومضاعفة للأجور، وعتق من النار يجوع الصائم وهو قادر على الطعام، ويعاني من العطش، وهو قادر على الشراب، لا رقيب عليه إلا الله، يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجل الله تبارك وتعالى. الألسنة صائمة عن الرفث والجهل والصخب، والآذان معرضة عن السماع المحرّم، والأعين محفوظة عن النظر المحظور، والقلوب كافّة لا تعزم على إثم أو خطيئة، في النهار عمل وإتقان، وفي الليل تهجد وقرآن، صحة للأجساد وتهذيب للنفوس، وضبط للإرادات، وإيقاظ لمشاعر الرحمة، وتدريب على الصبر والرضا، واستسلام لله رب العالمين. فاجتهدوا رحمكم الله واعرفوا لشهركم فضله وأملوا وأبشروا.
فيا أهل الصيام والقيام، اتقوا الله - تعالى -وأكرموا هذا الوافد العظيم، جاهدوا النفوس بالطاعات، ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات، استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله، جددوا العهد مع ربكم وشدّوا العزم على الاستقامة، فكم من مؤمل بلوغه أصبح رهين القبور، قال الله - تعالى -: \" شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ, مِّنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ, فَعِدَّةٌ مّن أَيَّامٍ, أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ \" [البقرة: 185].
بارك الله..
الخطبة الثانية:
الحمد لله جعل الصيام جُنّة وسبباً موصلاً إلى الجنة، أحمده - سبحانه - وأشكره هَدَى ويسر فضلاً منه ومنّة، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، جعلنا على أوضح محجة، وأقوم سنة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وعلى أصحابه، نفوسهم بالإيمان مطمئنة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: عباد الله، فللصيام معانٍ, ومقاصد عظيمة، لو تأملناها وتفكرنا فيها، لطال عجبنا منها، ومهما أعمل الإنسان فكره، فلن يحيط بمقاصد الصيام كلها لكن هذه بعضها:
فمن معاني الصوم أنه مرتبط بالإيمان الحق بالله - جل وعلا -، ولذلك جاء أن الصوم عبادة السّر، لأن الإنسان بإمكانه ألاّ يصوم إذا شاء، إذاً، فالصوم عبادة قلبية سرية بين العبد وربه، فإن امتناع العبد عن المفطرات على الرغم من استطاعته الوصول إليها خفية، دليل على استشعاره اليقيني لاطّلاع الله - تعالى -على سرائره وخفاياه، وفي ذلك بلا ريب تربية لقوة الإيمان بالله - جل وعلا -، وهذا السر الإيماني يجري في سائر العبادات التي يتقرب بها العبد إلى خالقه - سبحانه -. انظروا رحمكم الله مثلاً إلى الوضوء الذي يتطهر به العبد من الحدث، فإن فيها دلالة على إيمان العبد بأن الله - تعالى -رقيب عليه مما يحمله على أداء تلك الأمانة السرية بينه وبين ربه، ولو أتى إلى الصلاة بدون طهور لما علم الناس بذلك. انظروا كذلك إلى الصلاة ألا ترى أن المصلي يقرأ في قيامه الفاتحة، وفي ركوعه يقول: سبحان ربي العظيم، و في سجوده يقول: سبحان ربي الأعلى، وفي جلوسه بين السجدتين يقول: رب اغفر لي، وفي التشهد يقول: التحيات لله، وكل هذا يقوله سراً لا يسمعه مجاوره الملتصق به، أتراه لو لم يكن مؤمناً بعلم الله - تعالى -بهمسات لسانه، وخواطر ذهنه، ووساوس قلبه، أتراه يدعو ويذكر الله - عز وجل - في صلاته بهذه السرية التي لا يطّلع عليها إلا ربه - سبحانه – \" وَإِن تَجهَر بِالقَولِ فَإِنَّهُ يَعلَمُ السّرَّ وَأَخفَى \" [طه: 7].
ومن معاني الصيام أيضاً أيها الإخوة أنه يربي العبد على التطّلع إلى الدار الآخرة فحين يتخلى الصائم عن بعض الأمور الدنيوية، تطلعاً إلى ما عند الله - تعالى -من الأجر والثواب لأن مقياسه الذي يقيس به الربح والخسارة مقياس أخروي، فهو يترك الأكل والشرب والملذات في نهار رمضان، انتظاراً للجزاء الحسن يوم القيامة وفي ذلك توطين لقلب الصائم على الإيمان بالآخرة، والتعلق بها والترفع عن عاجل الملاذّ الدنيوية التي تقود إلى التثاقل إلى الأرض والإخلاد إليها.
ومن معاني الصيام أن فيه تحقيقاً للإستسلام والعبودية لله - جل وعلا -، إذ الصوم يربي المسلم على العبودية الحقة، فإذا جاء الليل أكل وشرب امتثالاً لقول ربه الكريم: \" وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأسوَدِ مِنَ الفَجرِ \" [البقرة: 187]، وإذا طلع الفجر أمسك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات امتثالاً لأمر الله - تعالى - \" ثُمَّ أَتِمٌّوا الصّيَامَ إِلَى اللَّيلِ \" [البقرة: 187]، وهكذا يتربى المسلم على كمال العبودية لله، فإذا أمره ربه - عز وجل - بالأكل في وقت معين أكل، وإذا أمره بضد ذلك في وقت آخر امتثل، فالقضية ليست مجرد أذواق وشهوات وأمزجة، وإنما هي طاعة لله - تعالى -وتنفيذ لأمره، وإذا أمره ربه بعد رمضان على الجماعات في المساجد حضر، وإذا أمره ربه بترك الربا في معاملاته ترك، فالطاعة والامتثال ليس في رمضان بترك الأكل والشرب بل هي الطاعة الكاملة المطلقة في كل وقت وفي كل حين، حتى يأتيك اليقين وإلا فهو تلاعب، وليس طاعة لله. وإن العبودية لله - سبحانه - لهي الحرية الحقيقة وكمال الحرية من كمال العبودية له - عز وجل - ولذلك قال عياض - رحمه الله -:
وممـا زادني شرفـاً وتيهـاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيـا
هكذا يتربى المؤمن على معنى الاستسلام والعبودية لله - تعالى -، بحيث يأمر بالشيء فيمتثل، ويأمره بضده فيمتثل، سواء أدرك الحكمة أو لم يدركها.
ومن معاني الصوم العظيمة أيضاً، أنه تربية للمجتمع، وذلك أن الصائم حين يرى الناس من حوله صياماً كلهم، فإن الصوم يكون يسيراً عليه ويحس بالتلاحم مع المجتمع الذي يربطه به جانب عبادي يلتقي عليه الجميع.
إن الذي يقارن بين صوم النافلة وصوم رمضان يجد أن في صوم النافلة شيئاً من الكلفة بينما يجد أن صوم رمضان المفروض يسير سهل لا كلفة فيه ولا مشقة للسبب الذي سلف ذكره، حيث إن الصائم في رمضان لا يرى حوله إلا صائمين مثله، فإن خرج إلى السوق وجد الناس فيه صياماً، وإن دخل البيت وجد أهله صياماً، وإن ذهب إلى دراسته أو عمله وجد الناس صياما، وهكذا فيشعر بمشاركة الجميع له في إمساكه، فيكون ذلك عوناً له ومنسياً له ما قد يجده من المشقة.
ولذلك نجد المسلمين الذين يدركهم رمضان في بلاد كافرة، دفعتهم الضرورة للذهاب إليها إما لمرض أو لغيره، نجدهم يعانون مشقة ظاهرة في صيام رمضان لأن المجتمع من حولهم مفطرون، يأكلون ويشربون، وهم مضطرون لمخالطتهم.
فشعور الصائم بأن الناس من حوله يشاركونه عبادته يخفف عليه أمر الصوم ويعينه على تحمله بيسر وسهولة، ومن هنا كانت عناية الإسلام بإصلاح المجتمعات عناية كبيرة لأنه إذا صلح المجتمع كله، ولو بوجه عام سهل فيه فعل الطاعات، وصعب فعل المخالفات لأن المجتمع كله سوف يستنكر المخالفة.
ولهذا نجد أن صغار السن في مجتمعات المسلمين يصومون لماذا؟ لأن المجتمع كله مسلم صائم يساعد على ذلك حتى صغار السن، وفي المقابل تجد أهل الفسق في مجتمعات المسلمين يتسترون بمعاصيهم لماذا؟ لكي لا يفضحوا، ولأن المجتمع كله ينكر ذلك، وتجد أن الكفّار لا يستطيعون أن يعلنوا الأكل والشرب في رمضان في الأوساط الإسلامية الحقة، والله المستعان.
ومن هذا المنطلق حرص أعداء الإسلام على إفساد المجتمعات الإسلامية لكي يسهل عمل المخالفة فيه، ويقل الإنكار عليه، ولعل من أحدث وسائلهم في ذلك، ما يسمى بالبث المباشر، والقنوات الفضائية، والتي فيها من الشرور والأخطار على المجتمع الإسلامي فكرياً وعقدياً وأخلاقياً وسلوكياً وسياسياً، مالا يخفى.
كنت أُقلب أحد الأعداد من مجلة أصداف، وهي أحد المجلات السيئة التي تباع عندنا فتعجبت مما تنشره المجلة بكل جرأة وصراحة، وإن كان هذا أمراً معلوماً من قبل وليس سراً، لكن الغريب كما قلت لكم هو الجرأة والصراحة والنشر. فبالخط العريض: مدير محطة إل بي سي يعترف علناً بأن المحطة تركز على الجنس، وأن هذا هو الذي يجذب المشاهد العربي. وفي نفس العدد وفي أحد الحوارات التي أجريت مع مالك إحدى المحطات الفضائية المعروفة في الوطن العربي اعترف علانية وبصراحة بأن محطته تستخدم المذيعات الجميلات اللواتي يجدن الإثارة والإغراء والبرامج ذات الطابع الجنسي لاستقطاب المشاهدين وخاصة من دول الخليج.
فيا أولياء أمور البنين والبنات، لا أظن إلا أن خطر القنوات الفضائية أصبح واضحاً لكل عاقل، فإني أخاطب الإيمان الذي في قلوبكم، وأخاطب الإسلام الذي تعتنقون، وأنتم أعلم مني بأن ما يعرض في بيوتكم عبر هذه الدشوش أنه يخالف إسلامكم الذي تعتنقون، ويضاد إيمانكم الذي تحملون، أما وصل بك الجرأة أيها الأب أن تصارح أهل بيتك بأن هذا الذي أدخلناه كان خطأً، ولا عيب أن يخطأ الرجل ثم يصحح ويتراجع، أم أنك ضعيف إلى هذا الحد أمام أهل بيتك ولا تستطيع المواجهة وأنت رجل.
فاتقوا الله أيها المسلمون، نصيحة مشفقٍ, عليكم أقولها لكم، انجو بأنفسكم من النار، انجو بأنفسكم من النار، ولعل شهر رمضان فرصة للتوبة والرجوع إلى الله وتصحيح الماضي.
اللهم أنا نسألك رحمة…
اللهم بلغنا رمضان …
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد