فضل المدينة وحرمتها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله فإنّ تقواه أفضل مكتَسَب، وطاعته أعلى نسَب، يِـا أَيٌّهَا الَّذِينَ ( ءامَنُوا إَن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجعَل لَّكُم فُرقَانًا وَيُكَفّر عَنكُم سَيّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ) [الأنفال: 29].

 

أيّها المسلمون، تتفاوت البلدان والأوطانُ شرفًا ومكانة وعلوًّا وحرمَة ومجدًا وتأريخًا، وتأتي المدينة النبويّةُ بلد المصطفى أرضُ الهجرة ودار الإيمان وموطِد السنّة في المكان الأعلى والموطن الأسمى، هي بعدَ مكّةَ سيّدة البلدان، وثانيتها في الحرمة والإكرام والتعظيم والاحترام، فيها قامت الدّولة النبوية والخلافة الإسلاميّة، وبها ضربتا بعروقهما، وسمقتا بفروعِهما، وصدَق رسول الله إذ يقول: ((أمِرتُ بقريةٍ, تأكل القرى، يقولون: يثربُ، وهي المدينة)) متفق عليه[1].

 

دارةُ المحاسن ودائِرة الميامن، طيبة الغرّاء وطابةُ الفيحاء، توسِع العينَ قرّة والنفسَ مسرّة، الفضائل مجموعةٌ فيها، والإيمان يأرِز في نواحيها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((إنّ الإيمانَ ليأرِز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها)) متفق عليه[2]، وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((إنّ الإسلامَ بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، وهو يأرز بين المسجِدين كما تأرز الحيّة إلى جحرها)) أخرجه مسلم[3]، وعند الحاكم والبيهقيّ من حديث جابر - رضي الله عنه - أنّ رسول الله قال: ((ليعودَنَّ كلّ إيمان إلى المدينة، حتى يكونَ كلّ إيمانٍ, بالمدينة))[4].

 

متنفَّس الخواطِر ومَرتع النواظر، بلدةٌ معشوقَة السّكنى طيِّبة المثوى، سكنُها مع الإيمان شرفٌ بالغ، واستيطانها مع التّقوى عزُّ شامخ، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنّ النبيّ قال: ((مَن استطاعَ أن يموتَ بالمدينة فليفعل، فإني أشفع لمن مات بها)) أخرجه أحمد والترمذيّ وابن ماجه[5]، وعند النسائيّ من حديث صُمَيتة: ((مَن مات بالمدينة كنتُ له شهيدًا أو شفيعًا يوم القيامة))[6]. وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: (اللهمَّ ارزُقني شهادةً في سبيلك، واجعَل موتي في بلدِ رسولك محمّد) أخرجه البخاري[7].

 

فيا هناءَةَ ساكنيها ويا سعادة قاطنيها، ويا فوزَ من لزم الإقامةَ فيها حتى جاءته المنيّة في أراضيها.

في البعدِ عنها يهيجُ الشّوق إليها، ويتضاعَف الوَجد عليها، وكان رسول الله إذا قدِم مِن سفر ونظر إلى جُدُراتها ودوحاتها ودرجاتها أوضع راحِلته، وحرّكها واستحثّها، وأسرع بها لحبِّه لها[8]، فهي حبيبة المحبوب القائل: ((اللهمّ حبِّب إلينا المدينةَ كحبِّنا مكّة أو أشدّ)) متفق عليه[9].

 

ولا غروَ فهي دارُه ومهاجَره، فيها نصِب محرابه ورُفع منبره، وفيها مضجعه ومنها مبعثه، وفيها أحُدٌ جبلٌ يحبّنا ونحبّه، بلده البديع ودِرعه المنيع وحِصنه الرفيع، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((رأيتُ أني في دِرعٍ, حصينة، فأوّلتها المدينة)) أخرجه أحمد[10].

 

بلدةٌ آمِنة، ومدينة ساكنة، لا يُهراق فيها دم، ولا يحمَل فيها سلاحٌ لقتال، فعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال: أهوى رسول الله بيده إلى المدينة فقال: ((إنها حَرَم آمِن)) أخرجه مسلم[11].

لا يكيد أهلَ المدينة أحَد أو يريدهم بسوءٍ, أو شرّ إلا انماع كما ينماع المِلح في الماء، يقول رسول الهدى: ((مَن أخاف أهلَ المدينة ظُلمًا أخافه الله - عز وجل -، وعليه لعنة الله والملائكةِ والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يومَ القيامة صرفًا ولا عدلاً)) أخرجه أحمد[12]، ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن أخاف أهلَها فقد أخاف ما بين هذين)) وأشار إلى ما بين جنبيه بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه. أخرجه ابن أبي شيبة[13].

 

ومِن مناقبها المأثورَة وفضائِلها المشهورة أنها محفوظةٌ مصونة محروسة محفوفة، لا يدخلها رُعب الدّجال ولا فزعُه، ولا يرِدها ولا تطؤُها قدمه، محرَّم عليه أن يدخل نقابها أو يلِج أبوابها، يريدُها فلا يستطيعها، الملائكةُ على أنقابها وأبوابها وطرُقها ومحادّها صافّون بالسّيوف صلتة، يحرسونها ويذبّونه عنها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((على أنقابِ المدينةِ ملائكةٌ، لا يدخلها الطاعون ولا الدّجال)) متفق عليه[14]، ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((يأتي المسيحُ من قِبل المشرق همّتُه المدينة، حتى ينزل دُبُر أحُد، ثمّ تصرف الملائكة وجهَه قِبَل الشام، وهناك يهلك)) أخرجه مسلم[15].

 

يأتي الدجالُ سَبخة الجُرف عند مجتمَع السيول عند الضّرَيب الأحمر، فيضربُ رواقه، وترجف المدينة بأهلها ثلاثَ رجفات، فيخرج إليه كلّ منافق ومنافقةٍ, وكلّ كافر وكافرة وكلّ مشرك ومشركةٍ,، وصدق رسول الله: ((لا تقوم السّاعة حتى تنفِيَ المدينة شِرارها كما ينفي الكير خبثَ الحديد)) أخرجه مسلم[16].

 

هي حرام ما بين لابَتَيها وحرَّتَيها وجبَليها ومأزِميها، لا ينفَّر ولا يُصاد صيدها، ولا يؤخَذ طيرها، ولا يعضَد شوكها، ولا يخبَط شجرها، ولا يُقطع عِضاهها، ولا يختلي خَلاها، ولا تؤخَذ لقطتُها إلا لمن يعرِّفها، يقول رسول الهدى: ((إنّ إبراهيمَ حرّم مكّة، وإني حرّمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطَع عضاهها، ولا يصاد صيدها)) أخرجه مسلم[17]، ويقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: لو رأيت الظباءَ في المدينة ما ذعرتها، قال رسول الله: ((ما بين لابتَيها حرام)) متفق عليه[18]، ويقول عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: كان أبو سعيدٍ, يجِد أحدَنا في يده الطير قد أخذَه، فيفكّه من يدِه ثمّ يرسلِه. أخرجه مسلم[19].

 

ومَن أظهرَ فيها بدعةً أو حدَثًا أو شِركًا أو آوى زانيًا أو مبتدِعًا فقد عرّض نفسه للوعيد الشديد واللّعن الأكيد، يقول رسول الهدى: ((المدينة حرَم ما بين عَير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدِثًا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يومَ القيامة صرفًا ولا عدلاً)) متفق عليه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه[20].

 

ومَن اعتقد جوازَ الطواف بالقبور أو التبرّكَ بتربتها أو الاستشفاءَ بها أو التوسّل بأصحابها أو نداءَها ودعاء أهلها فقد اعتقد باطلاً، وأتى حادِثًا منكرًا. ومَن اعتقد أنّ البركة إنما تحصُل بمسحِ جدارٍ, أو عمودٍ, أو باب أو تقبيل مِنبرٍ, ومحراب فقد جانب الصّواب، وخالف السنّة والكتاب، وعليه الكفّ عن ذلك والتّوبةُ وعدم العودة.

 

أيّها المسلمون، في سُكنى المدينة النبويّة من الفوائدِ الشرعيّة والعوائد الأخرويّة والمصالح الدينية والسعادة النفسية ما يستحقَر دونها كلّ عيش واسع ورغدٍ, ورفاه في غيرها من البلدان والأوطان، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله قال: ((يأتي على النّاس زمان يدعو الرجل ابنَ عمّه وقريبه: هلمّ إلى الرخاءِ هلمّ إلى الرخاء، والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرجُ منهم أحدٌ رغبةً عنها إلا أخلفَه الله فيها خيرًا منه)) أخرجه مسلم[21]، ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((ليسمعَنَّ ناسٌ برُخصٍ, من أسعار ورزق، فيتبعونه، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون)) أخرجه البزّار والحاكم وصحّحه[22].

 

الصلاةُ في مسجدها مضاعفة الجزاء فرضًا ونفلاً في أصحّ قولي العلماء، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي قال: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلاّ المسجد الحرام)) متفق عليه[23]. ووجهُ ذلك أنّ قوله: ((صلاة في مسجدي هذا)) نكِرة في سياقِ الإثبات في معرض الامتنان فتعمّ الفرضَ والنافلة، قال ابن النّجّار - رحمه الله تعالى -: \"ومِن صيغ العموم أيضًا النكرةُ في سياقِ إثبات الامتنان\"، وقال ابن حجر - رحمه الله تعالى -: \"ويمكِن أن يقالَ: لا مانعَ من إبقاء الحديث على عمومه\" انتهى كلامه - رحمه الله -[24].

 

إلاّ أنّ صلاةَ النافلة في البيت أفضلُ من صلاتها في مسجد رسول الله حتى ولو كانت مضاعَفة، لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((صلاةُ المرء في بيتِه أفضل من صلاته في مسجدِي هذا إلاّ المكتوبة)) أخرجه الشيخان وأبو داود واللفظ له[25]، وأخرج ابن ماجه بإسناد صحيح عن عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله: أيما أفضلُ الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ فقال: ((ألا ترى إلى بيتي ما أقربَه من المسجد، فلأن أصلّيَ في بيتي أحبّ إليّ من أن أصلّي في المسجد إلاّ أن تكون صلاة مكتوبة))[26].

 

وفي هذا المسجِد المبارك بُقعة هِي روضة من رياض الجنّة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((ما بين بيتي ومِنبري روضةٌ مِن رياض الجنّة، ومنبري على حوضي)) متفق عليه[27]، وعند أحمد: ((ومنبري هذا على تُرعة من ترَع الجنة))[28]، وعند النسائي: ((إنّ قوائم منبري هذا رواتب في الجنّة))[29]، وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((لا يحلِف أحدٌ عند مِنبري هذا على يمين آثمة ولو على سِواك أخضَر إلاّ تبوّأ مقعدَه من النّار أو وجبت له النار)) أخرجه أبو داود وابن ماجه[30].

 

وثبت الفضلُ في الصلاة في مسجدِ قباء عن المبعوث في أمّ القرى، فعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((مَن تطهّر في بيته ثم أتى مسجدَ قباء فصلّى فيه صلاةً كان له كأجر عمرة)) أخرجه ابن ماجه[31]، ولا يقصَد في أوقات النهي لكونها أوقاتًا يُنهى عن التنفّل فيها.

 

ولا يُزار في المدينةِ النبويّة من المساجِد سِوى هذين المسجدين: مسجدِ رسول الله ومسجد قباء.

أيّها المسلمون، البركةُ في المدينة حالّة في صاعِها ومدِّها ومكيالها وثمرِها وقليلها وكثيرها، دعا لها النبي بالبركة وقال: ((اللهمّ اجعَل في المدينة ضعفَي ما بمكة من البركة)) متفق عليه[32]، ((مَن تصبّح كلَّ يومٍ, سبعَ تمرات عجوةٍ, لم يضرَّه في ذلك اليوم سمّ ولا سحر))[33]، ((وفي عجوة العالية شفاء أو إنها ترياق أوّلَ البكرة))[34].

 

قدِم رسول الله المدينةَ وهي أرض وباء ومرَض وبلاءٍ,، متغيّرةُ الماء، فاسدةُ الهواء، قتّالة الغرباء، كثيرة الأنداء، زائرُها محموم، وقاطنها موعوك موخوم، أخذَتِ الحمّى فيها أبا بكر وبلال وعائشةَ أمَّ الأفضال، فدعا رسول الله ربَّه أن يصحِّحها وأن ينقلَ حمّاها إلى الجُحفة، فاستجاب الله منه الدّعاء وحقّق له النداء، ففي البخاري من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنّ النبيّ قال: ((رأيتُ كأنّ امرأة سوداء ثائرة خرجت مِن المدينة حتى قامت بمهيَعة وهي الجُحفة، فأوّلتُ أنّ وباءَ المدينة نُقِل إليها)) أخرجه البخاري[35]. قال ابن حجر: \"فعادَت المدينة أصحَّ البلاد بعد أن كانت بخلاف ذلك\"[36].

 

مَن صبر على لأوائِها وبلوائِها وغِمار شدّتها وغلوائها نال السّعودَ وتحقّق له الفضلُ الموعود، ألا وهو شفاعة صاحبِ المقام المحمود والحوضِ المورود، فعن عبد الله بنِ عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسولَ الله يقول: ((مَن صبر على لأوائها وشدَّتها كنتُ له شهيدًا أو شفيعًا يوم القيامة)) أخرجه مسلم[37]، وعن أبي سعيد مولى المهري أنّه جاء أبا سعيدٍ, الخدري - رضي الله عنه - لياليَ الحرّة، فاستشاره في الجلاء من المدينة، وشكا إليه أسعارها وكثرةَ عياله، وأخبره أنّه لا صبرَ له على جَهد المدينة ولأوائها، فقال له أبو سعيد: ويحك! لا آمرُك بذلك، إني سمعت رسول الله يقول: ((لا يصبر أحدٌ على لأوائها فيموت إلا كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يومَ القيامة إذا كان مسلِمًا)) أخرجه مسلم[38].

 

هذه هي المدينةُ، فضائلها لا تحصى، وبركاتها لا تستقصى، ومع ذلك كلّه فسيأتي عليها زمان في آخر الأزمان عند قيام الساعة يقول فيه النبي: ((تتركون المدينةَ على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العواف ـ يريد عوافيَ السباع والطير ـ، وآخِر من يحشَر راعيان من مزينة يريدان المدينةَ ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحوشًا، حتى إذا بلغا ثنيّة الوداع خرّا على وجوههما)) متفق عليه[39].

 

فاغتنموا ـ يا رعاكم الله ـ فيها الأوقات، واستكثِروا من الصالحات والحسنات.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

 

----------------------------------------

 [1] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: فضل المدينة وأنها تنفي الناس (1871)، ومسلم: كتاب الحج (1382) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

 [2] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: الإيمان يأرز إلى المدينة (1876)، ومسلم: كتاب الإيمان (147).

 [3] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (146).

 [4] مستدرك الحاكم (8400)، ودلائل النبوة (6/330-331)، وقال الحاكم: \"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة\"، وصححه الشيخ صالح الرفاعي في فضائل المدينة (ص196-197).

 [5] مسند أحمد (2/74، 102)، سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب: ما جاء في فضل المدينة (3917)، سنن ابن ماجه: كتاب المناسك، باب: فضل المدينة (3112)، قال الترمذي: \"حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه\"، وصححه ابن حبان (3741)، وحسنه البغوي في شرح السنة (7/324)، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5437)، والألباني في صحيح سنن الترمذي (3076).

 [6] سنن النسائي الكبرى (2/488)، وأخرجه الطبراني في الكبير (24/331)، والبيهقي في الشعب (8/112-113)، وصححه ابن حبان (3742)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1194، 1195).

 [7] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: كراهية النبي أن تعرى المدينة (1890).

 [8] أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب: المدينة تنفي الخبث (1886) عن أنس - رضي الله عنه - بمعناه.

 [9] صحيح البخاري: كتاب المرضى، باب: عيادة النساء الرجال (5654) واللفظ له، ومسلم: كتاب الحج (1376) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

 [10] مسند أحمد (1/271) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأخرجه أيضا البيهقي في الكبرى (7/41)، وصححه الحاكم (2588)، وحسنه ابن حجر في الفتح (13/341)، والألباني في السلسلة الصحيحة (3/91). وله شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -، أخرجه ابن أبي شيبة (30489)، وأحمد (3/351)، والدارمي في الرؤيا، باب: في القمص والبئر واللبن والعسل والسمن (2159)، والنسائي في الكبرى (4/389)، وصححه ابن حجر في الفتح (7/377، 13/341).

 [11] صحيح مسلم: كتاب الحج (1375).

 [12] مسند أحمد (4/55، 56)، وأخرجه أيضا النسائي في الكبرى (4266)، والطبراني في الكبير (7/143، 169، 170)، وأبو نعيم في الحلية (1/372) من حديث السائب بن خلاد - رضي الله عنه -، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1215)، وانظر: السلسلة الصحيحة (351).

 [13] مصنف ابن أبي شيبة (6/406) من حديث جابر - رضي الله عنه -، وأخرجه أيضا أحمد (3/354، 393)، قال المنذري في الترغيب (2/152) والهيثمي في المجمع (3/306): \"رجاله رجال الصحيح\"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1213).

 [14] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: لا يدخل الدجال المدينة (1880)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1379).

 [15] صحيح مسلم: كتاب الحج (1380) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

 [16] صحيح مسلم: كتاب الحج (1381) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

 [17] صحيح مسلم: كتاب الحج (1362) من حديث جابر - رضي الله عنه -.

 [18] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: لابتي المدينة (1873)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1372).

 [19] صحيح مسلم: كتاب الحج (1374).

 [20] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: حرم المدينة (1867)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1370) واللفظ له.

 [21] صحيح مسلم: كتاب الحج (1381).

 [22] مستدرك الحاكم (8400) من حديث جابر - رضي الله عنه -، وأخرجه أيضا أحمد (3/341-342) بنحوه، والبيهقي في دلائل النبوة (6/330-331)، وقال الحاكم: \"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة\"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1189)، والشيخ صالح الرفاعي في فضائل المدينة (ص196-197).

 [23] صحيح البخاري: كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1190)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1394).

 [24] فتح الباري (3/68).

 [25] صحيح البخاري: كتاب الأذان، باب: صلاة الليل (731)، صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها (781)، سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب: صلاة الرجل التطوع في بينه (1044) من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه -.

 [26] سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسعة فيها، باب: ما جاء في التطوع في البيت (1378)، وأخرجه أيضا أحمد (4/342)، والبيهقي في الكبرى (2/411)، وصححه ابن خزيمة (1202)، والضياء المقدسي في المختارة (388)، والبوصيري في مصباح الزجاجة (2/9)، وهو في صحيح سنن ابن ماجه (1133).

 [27] صحيح البخاري: كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل ما بين القبر والمنبر (1196)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1391).

 [28] مسند أحمد (2/360) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقد ورد عن غيره من الصحابة منهم: سهل بن سعد وجابر وأبو سعيد - رضي الله عنهم -، انظر: السلسلة الصحيحة (2363)، وفضائل المدينة للرفاعي (ص493).

 [29] سنن النسائي: كتاب المساجد، باب: فضل مسجد النبي (696) عن أم سلمة - رضي الله عنها -، وأخرجه أيضا عبد الرزاق (3/182)، وأحمد (6/289، 292، 318)، وأبو يعلى (6974)، والطبراني في الكبير (23/254)، وأبو نعيم في الحلية (7/248)، والبيهقي في الكبرى (5/248)، وصححه ابن حبان (3749)، وهو في صحيح سنن النسائي (672)، وانظر: السلسلة الصحيحة (2050).

 [30] سنن أبي داود: كتاب الأيمان والنذور، باب: ما جاء في تعظيم اليمين عند منبر النبي (3246)، سنن ابن ماجه: كتاب الأحكام، باب: اليمين عند مقاطع الحقوق (2325)، وأخرجه أيضًا مالك في الأقضية، باب: ما جاء في الحنث على منبر النبي (1434)، وأحمد (3/375)، وصححه ابن الجارود في المنتقى (927)، وابن خزيمة كما في الفتح (5/285)، وابن حبان (4368)، والحاكم (7810) وغيرهم، وهو في صحيح سنن أبي داود (2782).

 [31] سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء (1412)، وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة (32524، 32525)، وأحمد (3/487)، والنسائي في كتاب المساجد، باب: فضل مسجد قباء والصلاة فيه (699)، وصححه ابن حبان (1627)، والحاكم (3/12)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1180، 1181).

 [32] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: المدينة تنفي الخبث (1885)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1369) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

 [33] أخرجه البخاري في الأطعمة، باب: الهجرة (5445)، ومسلم في الأشربة (2047) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -.

 [34] أخرجه مسلم في الأشربة (2048) عن عائشة - رضي الله عنها -.

 [35] صحيح البخاري: كتاب التعبير، باب: إذا رأى أنه أخرج الشيء من كورة... (7038).

 [36] فتح الباري (10/191).

 [37] صحيح مسلم: كتاب الحج (1377).

 [38] صحيح مسلم: كتاب الحج (1374).

 [39] صحيح البخاري: كتاب الحج، باب: من رغب عن المدينة (1874)، صحيح مسلم: كتاب الحج (1389) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانِه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وإخوانِه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، ياأَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ [آل عمران: 102].

أيّها المسلمون، ينبغي لساكنِ المدينة أن يُعرَف بحسن سيرته وصلاحِ سريرته وصفاءِ قلبه وطهارته وأمانتِه وعفّته وصدقِ لسانه وحديثه، مجافيًا مستقبَح الفعال، مجانبًا فاحشَ الأقوال، وعلى ساكنيها أن يكونوا أوفياءَ لها أمناءَ عليها غيارى على حرمتها، فلا يدنّسوها بقذَر المحرّمات ونتن القنوات والفضائيات ودنَس المخالفات، وعلى المجترئين على حرمتها وقداستها ممّن أتَوا من الأخلاق قبائحَها وأظهروا من الأفعال فضائحَها انتهاكًا لحقّ الحرم ومكانته، واستخفافًا بعظمتِه وحرمته، واغترارًا بالمسامحة والتّجاوز، ورجاءَ العفو والمغفرة، عليهم أن يتّقوا الله - عز وجل - وأن يرعوُوا ويقصروا ويتوبوا ويرجعوا، وأن يستشِعروا أنهم في أرضٍ, درج عليها رسول الله وصحابته الكرامُ، وعاشوا فيها بالهدى والتقى، فاللهَ اللهَ في اقتفاء آثارهم وسلوكِ منهاجهم والسيرِ على طريقتهم.

رزقنا الله جميعًا فيها حسنَ الأدب، وغفر لنا جميعًا الخطأ والزّلل، وتجاوز عنّا جميعًا بعفوه ومغفرته.

إخواني، إنّ الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته المسبّحة بقدسه وثلثّ بكم أيّها المؤمنون من جنّه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النبي ياأَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلّمُوا تَسلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ عن الخلفاء الراشدين...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply