بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد: قال الله - تعالى -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم: \"الـم غُلِبَتِ الرٌّومُ فِي أَدنَى الأرضِ وَهُم مّن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ فِي بِضعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ, يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعدَ اللَّهِ لاَ يُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ وَلَـاكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لاَ يَعلَمُونَ يَعلَمُونَ ظَاهِراً مّنَ الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَهُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غَـافِلُونَ\" [الروم: 1-7].
أيها المسلمون: إن صراع الإسلام مع النصرانية صراع قديم بدأ مع (غزوة مؤتة) إن أول لقاء للمسلمين مع النصارى كان في (مؤتة) في (جمادى الأولى) سنة (ثمان من الهجرة)، كان سببها هو مقتل مبعوث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحابي الجليل (الحارث بن عمرو الأَزدى) - رضي الله عنه -، عندما ذهب بكتاب إلى ملك الروم بالشام، والذي تم قتله من قِبل حليف الروم \"شرحبيل بن عمرو الغساني\"، الملك على أطراف الشام.
لقد كان لقتل رسولِ رسولِ الله، أكبر الأثر في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما كان منه صلوات ربي وسلامه عليه إلا أن بَعَث بَعث مؤتة بقيادة ثلاثة من كبار الصحابة، وهم: (زيد بن حارثة) و(جعفر بن أبي طالب) و(عبد الله بن رواحة)، كان عدد المسلمين (ثلاثة آلاف) رجل، فجمع النصارى جيشاً عدده \"مائة ألف\" رجل، وانضم إليهم من قبائل العرب \"لَخم وجُذام\" وغيرهم، التقى الفريقان في قرية من قرى البلقاء في الشام، وانتهت المعركة بانسحاب الجيش المسلم بدون هزيمة، وقذف الله الرعب في قلوب النصارى والخوف من هذه القوة الجديدة التي ظهرت في جزيرة العرب، حتى إن بعض حلفاء النصارى من العرب أفزعهم نبأ هذه الغزوة، فسارعوا إلى عقد الصلح مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودفع الجزية.
وقبل هذه الغزوة بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرسائل إلى ملوك عصره يدعوهم للإسلام، فكان من جملة ما كتب، رسالته إلى قيصر ملك الروم، قال فيه: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هِرَقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تَسلَم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأَرِيسِيِّين، \"ويا أَهلَ الكِتَـابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ, سَوَاء بَينَنَا وَبَينَكُم أَلاَّ نَعبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضًا أَربَابًا مّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنَّا مُسلِمُونَ\" [آل عمران: 64])) رواه البخاري.
إن هذا الكتاب الذي بعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمثلُ الإعلانَ الدائم والمستمر على أن الصراع بين الإسلام والنصرانية سيبقىº لأن الشرط الذي في هذا الكتاب هو قبول الإسلام والخروج من النصرانية بل والتخلي عن الزعامة، وهل سيقبل النصارى بهذا وزعامة العالم اليوم بأيديهم؟ أما نحن المسلمون، فواجب علينا تحقيق هذا الكتاب، والسعي لتنفيذه، وبذل كل غالٍ, ورخيص في سبيل الوصول إليه.
أيها المسلمون: ينبغي أن نعلم بأن من سنن الله الثابتة في هذا الكون، هو ديمومة صراعنا -نحن المسلمين- مع النصارى، وأنه سيستمر إلى نهاية العالم، وقد ورد ما يشير إلى بقاء هذا الصراع في الكتاب الذي بعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى هِرَقل، بطريق غير مباشر، حيث قال: فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين. والأصرح منه قول الله - تعالى -: \"وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَـارَىا أَخَذنَا مِيثَـاقَهُم فَنَسُوا حَظّاً مّمَّا ذُكِرُوا بِهِ فَأَغرَينَا بَينَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاء إِلَىا يَومِ القِيَـامَةِ وَسَوفَ يُنَبّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصنَعُونَ\" [المائدة: 14].
إذاً صراع الإسلام والنصرانية سيستمر إلى قيام الساعة، وهو فتنة ابتلى الله بها المسلمين، وهذا قَدَرُهم وما عليهم إلا الصبر والمواجهة.
وإليكم أيها الأحبة بعضاً من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيها الإشارة إلى استمرار هذا الصراع، وأنه يأخذ منحنى المداولة: فتارة تكون الغلبة لهم وتارة تكون الغلبة عليهم، وأن هذا الصراع ينتهي بانتهاء الروم وانعدام النصرانية، وانتصار الحق في نهاية مسيرة الحياة الإنسانية والتي تعقبها نهاية العالم. وقبل استعراض بعض هذه الأحاديث ينبغي أن نعلم بأن كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما هو إلا إرشاد للأمة من جانبين:
الجانب الأول: تنمية وتقوية الإحساس بالخطر النصراني حتى لا يستكين المسلمون لهم.
الجانب الثاني: تثبيت الإيمان لدى المسلم، وألا يفقد الثقة بنفسه حتى في فترات زهو النصرانية وتصدرها الزعامة، وليَعلم بأنها مرحلة وتكون النهاية للإسلام وأهله، وللدين وأتباعه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
إن هذه الأحاديث ـ عباد الله ـ، تمثل المَصلَ الواقي، وتمثل التِّرياق الذي يحفظ على الأمة كيانها في فترات الضعف والذل والهوان، كما هو في عصرنا الحاضر.
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عَن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرٌّومُ بِالأَعمَاقِ أَو بِدَابِقٍ, ـ ودابق قرية قرب حلب ـ فَيَخرُجُ إِلَيهِم جَيشٌ مِن المَدِينَةِ مِن خِيَارِ أَهلِ الأَرضِ يَومَئِذٍ,، فَإِذَا تَصَافٌّوا قَالَت الرٌّومُ خَلٌّوا بَينَنَا وَبَينَ الَّذِينَ سَبَوا مِنَّا نُقَاتِلهُم، فَيَقُولُ المُسلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَينَكُم وَبَينَ إِخوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُم فَيَنهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِم أَبَدًا، وَيُقتَلُ ثُلُثُهُم أَفضَلُ الشٌّهَدَاءِ عِندَ اللَّهِ، وَيَفتَتِحُ الثٌّلُثُ لَا يُفتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفتَتِحُونَ قُسطَنطِينِيَّةَ فَبَينَمَا هُم يَقتَسِمُونَ الغَنَائِمَ قَد عَلَّقُوا سُيُوفَهُم بِالزَّيتُونِ، إِذ صَاحَ فِيهِم الشَّيطَانُ إِنَّ المَسِيحَ قَد خَلَفَكُم فِي أَهلِيكُم...)).
في هذا الحديث إشارة إلى أنه يسبق المعركة معارك يغنم فيها المسلمون غنائم من بينها أسرى، وهؤلاء الأسرى يُسلمون ويكونون في صفوف المسلمين، لهذا يرغب النصارى في قتال أبناء جنسهم، لكن المسلمين يمتنعون عن ذلك ثم تنتهي المعركة بفتح القسطنطينية، وهذا الفتح ليس هو الفتح الأول الذي كان على يد محمد الفاتح.
الحديث الثاني: روى الحاكم بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسُئل أي المدينتين تفتح أولاً؟ يعني القسطنطينية والرومية، فقال: ((مدينة هرقل أولاً يعني القسطنطينية)).
يشير هذا الحديث إلى أنه سيكون هناك فتح لكلتا المدينتين، فالأولى فتحت على يد محمد الفاتح العثماني، وبقيت تحت سيطرة المسلمين فترة من الزمن ثم سُلبت، وهناك ما يشير إلى أنه سيعاد فتحها ثانية، وترجع في حوزة الدولة الإسلامية، وستُفتح روما أيضاً بإذن الله - تعالى -، وإن كانت هي اليوم تعتبر معقل \"الفاتيكان\" وقبلة النصارى.
الحديث الثالث: في مسند الإمام أحمد عَن نَافِعِ بنِ عُتبَةَ قَالَ كُنتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ,، فَأَتَاهُ قَومٌ مِن قِبَلِ المَغرِبِ عَلَيهِم ثِيَابُ الصٌّوفِ، فَوَافَقُوهُ عِندَ أَكَمَةٍ, وَهُم قِيَامٌ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَأَتَيتُهُ فَقُمتُ بَينَهُم وَبَينَهُ، فَحَفِظتُ مِنهُ أَربَعَ كَلِمَاتٍ, أَعُدٌّهُنَّ فِي يَدِي، قَالَ: ((تَغزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغزُونَ فَارِسَ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغزُونَ الرٌّومَ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفتَحُهُ اللَّهُ)) قَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّجَّالَ لَا يَخرُجُ حَتَّى تُفتَحَ الرٌّومُ. وقد روى هذا الحديث الإمام مسلم بلفظ قريب من هذا.
في هذا الحديث إشارة إلى تدرج الفتح، وقد تحقق فتح جزيرة العرب وفارس، فلم يبق من بلاد فارس جزء لم يكن تحت الولاية الإسلامية، أما الروم فلا زال الصراع معهم، ولا زال جزء من بلاد الروم لم يفتح، وخاصة معقل النصرانية الديني وهو \"روما\"، فالصراع معهم مستمر، فتارة يُدال للمسلمين عليهم، وأخرى يدال للنصارى على المسلمين، ولا زال مركز القيادة الروحية للنصارى لم يفتح وستفتح بإذن الله - تعالى -وبخبر الصادق المصدوق.
كما إن الحديث يشير إلى أن الصراع مع النصارى وخضوعهم للدولة الإسلامية سوف لن يتحقق إلا قرب خروج الدجال، وقد يكون السر في ذلك والله أعلم هو أن البعد الروحي للنصارى مقترن بالدجال، لأن العقيدة النصرانية قائمة على الاعتقاد بعيسى وبعودته إلى الأرض. وعودته - عليه السلام - مقترنة بخروج الدجال، ولهذا فإن الصراع معهم مستمر، وإن هزيمتهم ستكون الحلقة الأخيرة التي تسبق الدجال، فنسأل الله جل وتعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نسأله جل وتعالى أن يعز دينه ويعلي كلمته، وينصر أولياءه وأن يعجِّل بفرج هذه الأمة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله العزيز الوهاب، القاهر القابض الغلاب، يمهل للظالم ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر، أحمده - تعالى -وأشكره على سوابغ نعمه، وأسأله أن يدفع عنا أسباب سخطه ونقمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
الحديث الرابع: في سلسلة الصراع بين الإسلام والنصرانية، الذي سيكون بين مد وجزر ينتهي بالمعركة الفاصلة، التي يحشد لها النصارى قرابة مليون شخص، تنتهي بالهزيمة النهائية حيث لا يقف الجيش الإسلامي إلا بعد أن يفتح \"روما\" العاصمة الروحية للنصرانية، وعند هذا الفتح سوف تنتهي معركة الروم، فيتحقق ما أخبر عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يتم فتح الروم، ويتبع ذلك مباشرة المعارك مع الدجال، الذي ينتهي الأمر بقتله وعندئذٍ, تضع الحرب أوزارها، ويقرب العالم من نهايته، ويتحقق وعد الله بتبديل الأرض غير الأرض، ويعود الخلق جميعهم إلى مُوجدهم، لتبدأ بعد ذلك الحياة السرمدية الأُخروية.
روى الحاكم في المستدرك والإمام أحمد في مسنده، واللفظ للحاكم عن خالد بن مَعدان أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تصالحون الروم صلحاً آمناً، حتى تغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم، فتُنصرون وتغنمون وتنصرفون، حتى تنـزلوا بمرج ذي تلول فيقول قائل من الروم غلب الصليب، ويقول قائل من المسلمين بل: اللهُ غَلَب، فيتداولانِها بينهم فيثور المسلم إلى صليبيهم وهم منهم غير بعيد، فيدقه ويثور الروم إلى كاسر صليبهم فيقتلونه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيكرم الله - عز وجل - تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فيقول الروم لصاحب الروم: كفيناك جد العرب، فيغدُرون فيجتمعون للملحمة فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً)). وفي رواية أخرى للحاكم: ((ستصالحكم الروم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدواً فتُنصرون وتَسلَمون وتَفتَحون، ثم تنصرفون بمرج فيرفع لهم رجل من النصرانية الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليهم فيدق الصليب، فعند ذلك تغضب الروم فيجتمعون للملحمة)). في هذا الحديث العظيم يتضح بعض الحقائق التي تبين مستقبل الصراع مع النصارى نلخصها في النقاط التالية.
أولاً: أن هذه الهيمنة من قبل النصارى اليوم على العالم ستزول، وأن هذه القوة المادية وهذه التقنية لن تستمر حتى نهاية العالم، قال الله - تعالى -: \"حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الارضُ زُخرُفَهَا وَازَّيَّنَت وَظَنَّ أَهلُهَا أَنَّهُم قَادِرُونَ عَلَيهَا أَتَاهَا أَمرُنَا لَيلاً أَو نَهَارًا فَجَعَلنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّم تَغنَ بِالامسِ كَذالِكَ نُفَصّلُ الآيَـاتِ لِقَومٍ, يَتَفَكَّرُونَ\" [يونس: 24].
إذاً فهذه العقلية التي يعيشها الغرب اليوم، أنهم قادرون على فعل كل شيء، وهذا التباهي بالقوة المادية والعسكرية والتقنية، ستزول بقوة الواحد الأحد.
ثانياً: يشير الحديث إلى خفض الهيمنة العالمية المعاصرة للنصارى، وفك ارتباط بعض الحكومات المعاصرة مع العدو الصليبي اليهودي، وابتعاد النفوذ الصليبي عن المنطقة، مما يتيح للمسلمين تسلم زمام الأمور، وتكوين دولة إسلامية تمثل قوة جديدة في العالم، يلتجئ إليها النصارى، ويطلبون الصلح للحصول على مساندة لمحاربة عدوها الذي سيُنـزِل بها الدمار.
ثالثاً: إن هذا الصلح الذي سيتم مع النصارى آخر الزمان، يتم بناء على رغبة من النصارى، فهم الذين يطلبون الصلح بقصد الاستعانة بالمسلمين، وهذا يؤكد أنه سيكون للمسلمين دولة قوية، وهو مؤشر إلى أنه قبل الملحمة ستقوم للمسلمين دولة قوية، يخشاها النصارى، ولمعرفتهم بقوة المسلمين يحشدون لهم ما يقارب مليون شخص، ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً.
رابعاً: يفهم من هذا الحديث أن الفكر العلماني المعاصر التي تتبناه الدول النصرانية، سوف يحل محله الفكر الديني الصليببي، وأن الدول النصرانية ستعود إلى دينها، بعد أن قضت ردحاً من الزمن وهي غارقة في شهواتها وعلمنتها، وأن الدين سيكون هو المحرك لهذه الدول، وهذا يؤخذ من الحديث من قيام رجل منهم برفع الصليب بقصد إظهار القوة النصرانية، فيغضبُ المسلمون لذلك فيعمدون إلى الصليب فيكسرونه، مما يثير غضب النصارى فيقومون بقتل الجيش الذي كان معهم، وبهذا ينقضون الصلح مع الدولة الإسلامية وتكون نهايتهم.
خامساً: أن هذا الحديث وما سبق وأمثاله من علم الغيب الذي أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونحن أمة تؤمن بالغيب، قال الله - تعالى -: \"الم ذالِكَ الكِتَابُ لاَ رَيبَ فِيهِ هُدًى لّلمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقنَـاهُم يُنفِقُونَ\" [البقرة: 1-3]، فانطلاقاً من إيماننا بالغيب، وثقة بما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فنحن على موعد مع النصارى، وسيتحقق كل ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وسترفرف رايات المجاهدين فوق دول النصارى وسيطأ المسلمون بأقدامهم عاصمة \"الفاتيكان\" الحالية \"روما\"، وستلتحم هذه الأمة مع أعدائها ويكون الغلبة لها، وستقع المعركة الفاصلة مع النصارى، وسيُكسر الصليب فوق رؤوس أصحابه، وستكون معركة شديدة قوية، وسيكون قتلاها عدد كبير من الطرفين. قل عسى أن يكون قريباً..
إلى كم يُهـان الدين والعِلج يطـربُ ** وحتى متى يا قـوم ننعـى ونشجُب
وحتى متى يستأسد الفأر في الربــى ** ويزرع فينا الخـوفَ والحقَّ يَسلـب
أفي كل يوم يشتكـي الظلم إخوتـي ** وفي كل صـقعٍ, من بـلادي معـذّب
وفي كل يـوم تستبـاح حقـوقنـا ** وما عـاد فينـا من يذود ويغضـب
أللخائـن العربيـد ألـفُ تحيـــة ** وللعالـِم المغـوار ســيفٌ مذرّب
أننعـم والإسـلام يشكو مصابــهُ ** ونضحـك والرحـمن للحق يغضب
فمن يا ترى للحـق يأسو جراحــه ** ومن في ســبيل الله للنفس يُتعـب
أهذا أوان النـوم يا ابن عشيرتــي ** ودمع ذوي القربى على الخد يُسكـب
أهـذا أوان النـوم يا شـبل خالـدٍ, ** وأنفاسـنا في اللوح تحصى وتكتـب
فقم يـا حفيـد الصحب واثأر لأمةٍ, ** يسـوم لها الباغي وفي المجد يلعــب
وقل لبني الإسـلام واصـرخ بجمعهم ** سأنصـر ديـن الله والحـقَّ أطلـب
سـأثأر للحـق الذي بات يشتكـي ** فلا القيد يثنينـي ولا السوط يُرهب
سأنصـر هذا الدين مهمـا تكالبـت ** عليه الأعـادي أو العـود أُصـلب
سـأثـأر على أن أمـوت مجاهـداً ** شهيداً إلى الجنات أسعــى وأذهب
فمـن يا ترى للـذل يحنـي جبينه ** ومن ذا عن الهيجاء يرضى ويـرغب
لئـن كـان للشـر المبجّل صولـةٌ ** فإن هـدى الرحمن أعلى وأغلــب
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد