بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولي المؤمنين، وناصر المجاهدين.
فدائيون رايـتنا الــفداء * * * وعدًّتنا العقيدة والدمـاء
كفاح الخالديــن لنا دليل * * * وصبر المؤمنين لنا لواء
فدائيون نبسم للـــمنايا * * * فاستشهاد معناه البقـاء
فدائيون على الذروات نور * * * وقدوتنا هناك الأنبـيـاء
ومنطقنا شـواظ من حديد * * * فلا خطب تصاغ ولا هراء
إذا هاجت من الأقصى شجون * * * تلظى الثأر واشتعل الإبـاء
زهت حطين لمَّا أن رأتنا * * * أسوداً لا يزعزعها الـبلاء
وهلّل شاطئ اليرموك لما * * * رأى أحفادَ سيف الله جاؤوا
على اسم الله أشعلنا لظاها * * * وبالإيمان نحـن الأقويـاء
أشهد أن لا إله إلا الله، العظيمِ سلطانه، الظاهرِ برهانه، الباديةِ حكمته، الشاملةِ رحمته، المأمونِ عطفه، المحذورِ سطوته، عزَّ فارتفع، ووصل وقطع، العزيز بقدرته فلا يمانع، والحاكم بما يريد فلا يراجع..
(خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ, ثُمَّ استَوَى عَلَى العَرشِ يُدَبِّرُ الأَمرَ مَا مِن شَفِيعٍ, إلاَّ مِن بَعدِ إذنِهِ) (1).
(قَالَ إنِّي أُشهِدُ اللَّهَ واشهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنظِرُونِ (55) إنِّي تَوَكَّلتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي ورَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ, إلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ, مٌّستَقِيمٍ,) (2).
وأشهد أن نبينا وإمامنا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، بلّغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل الله حق الجهاد، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى أصحابه المجاهدين ومن تبعه من المؤمنين.
أيها الأخوة..
دعونا اليوم نفكر ونتحاور، ونتراءى ونتشاور. ما هو الحل تجاه ما يجري في أرض فلسطين؟.. أين مكمن المشكلة؟ ما هو السبب وراء هذه التطورات؟ هل هذه الحادثة هي أول مرة تجري في التاريخ؟ ما هو الحل؟ هل هو الجهاد؟ وهل مسموح به؟ هل هو السلام؟ وهل هو معترف به؟
وقبل هذا وذاك، المشكلة أصلاً هي بين من ومن؟
هل هي بين إسرائيل وفلسطين فقط؟ هل هي مشكلة عدم قبول الخيار الاستراتيجي؟ هل المشكلة في الدول أم في الشعوب؟ وهل مشكلة القدس تحديداً خاصةٌ بها أم لغيرها؟
أيها الإخوة..
هناك سؤال عجيب وغريب طالما كنت أسأله لنفسي سنين طوال عن سر قوة اليهود وإذلالهم للعرب والمسلمين، علماً أن عددهم لا يتجاوز أربعة عشر مليون يهودي، والأمة العربية والإسلامية مليار وثلاثمائة مليون مسلم. لا شك أن هذا يدعو للاستغراب.
ويزداد العجب أكثر عندما تعرفون أن القوات العسكرية العربية أكثر من مليونين وثلاثمائة ألف عربي لا يستطيعون أن يتحركوا لملاقاة إثناء وسبعون ألف جندي يهودي!
وتتكدس أكثر من ثلاثة آلاف طائرة حربية مقاتلة، وستمائة طائرة مروحية وثلاثين ألف مصفَّحة، وست عشرة ألف دبابة، واثني عشر ألف مدفعية في الأراضي العربية، ولم تستطع َبعدُ أن تطلق طلقة واحدة لمعدات يهودية لا تتجاوز عُشر هذه المعدات.
ما هو السبب؟ ما هو السر وراء ذلك؟
ويزداد الإنسان تعجباً أكثر عندما يقرأ القرآن الكريم فيعلم أن اليهود ملعونين بنص القرآن، وأنهم مفضوحين بالجرائم والدسائس والخبائث والعصيان والقتل (لُعِنَ الَذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إسرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وكَانُوا يَعتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَونَ عَن مٌّنكَرٍ, فَعَلُوهُ) (3).
50 % يتعاطون المخدارت، 30 % يحملون أدوات حادة بسبب الاعتداء عليهم، 15 % حالات انتحار، 100% يؤيدون قتل كل فلسطيني، إذن ما السبب؟!
(ضُرِبَت عَلَيهِمُ الذِّلَّةُ أَينَ مَا ثُقِفُوا إلاَّ بِحَبلٍ, مِّنَ اللَّهِ وحَبلٍ, مِّنَ النَّاسِ) (4).
إن هذا الآية الكريمة تبين أن اليهود ضربت عليهم الذلة والمهانة أينما ما اتجهوا، إلا إذا وُجدَ سببان فإنهم سيبقون في التسلط والقوة. السبب الأول هو (إلاَّ بِحَبلٍ, مِّنَ اللَّهِ). يعني نصرة الله لهم وتوفيقه إياهم. وهذا لم يتم ولن يتم لأنه حكم عليهم باللعنة، والحبل بينهم وبين الله مقطوع. والسبب الثاني (وحَبلٍ, مِّنَ النَّاسِ) يعني أن يمدهم الناس بالإعانة.
إن اليهود عبر التاريخ كله شرذمة قليلة ضعيفة، ولكنهم لمّا يجدوا المناصرة والتأييد من الناس (وحَبلٍ, مِّنَ النَّاسِ) يستأسدوا، ويتعاملوا بمكرهم وخبثهم، هذا هو سر بقاء وقوة اليهود (التحالف الغربي والأمريكي)، هذا هو الحبل الممدود الداعم والمبقي لهم. وهذا الذي جعل زعيم أكبر دولة كافرة يطالب بعض الدول العربية والإسلامية أن تقضي على حركة المقاومة الإسلامية حماس، وكتائب الأقصى، ويهدد هذه الدول العربية والإسلامية أنها إن لم تقف ضد حماس فهي دول إرهابية.. لا يريد أن يسمح بأي عمليات استشهادية، لا يريد أن يسمع أن يهودياً واحداً قتل بهذه العمليات، لا يريد أي ضحية أو صوتاً لسيارات الإسعاف، لا يريد هذا المسكين أن يسمع أو يرى أنّات اليهود، وبكاء اليهود، ودموع اليهود، لقد تفجرت أعصابه وهو يسمع ويشاهد أن فتيات صغيرات في عمر الزهور رمين بأنفسهن في العدو فداءً لفلسطين والقدس..
اسمع يا هذا.. (إن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإنَّهُم يَألَمُونَ كَمَا تَألَمُونَ) (5).
ويندد في تصريحه ويقول: أن هذه العمليات الاستشهادية عمليات انتحارية، وإن فاعلها يتجنى على نفسه، ويقتل نفسه، لقد أصبح قاضياً ومفتياً شرعياً! لقد خرج من دائرة السياسة إلى الشريعة، ولكن مهما قلت فإن الفتوى الشرعية منك مردودة إجماعاً.. وما أقلقك من هذه العمليات في أرض فلسطين فهو ماضٍ,.
باسم الشريعة، باسم العلماء، باسم القضاة، باسم طلبة العلم، باسم الأمة.
هنا الشريعة من مشكاتها لمعت * * * هنا العدالة والأخـلاق والـشيم
هنا العروبة في أبطـالها وثبت * * *هنا الإباء هنا العلياء هنا الشمم
هنا الكواكب كانت فـي مقابرها * * * واليوم تشـرق للـدنيا وتبتسم
هنا البراكين هبت من مضاجعها * * *تطغى وتكتسح الطاغي وتلـتهم
إن القيود التي كانت على قدمي * * * صارت سهاماً من السجان تنتقم
إن الأنيـن الـذي كـنا نـردده * * * سراً غدا صيحة تصغي لها الأمم
والحق يبـدأ في آهـات مكتئب * * * وينتـهي بزئيـر مـلؤه نـقـم
إن هذه العمليات المباركة التي أقلقتك وأتباعك، وأصدرتم بها فتوى كونجريسية بعدم جوازها..
ها أنذا أقول لك من أجازها وأعلنها على اليهود وعلانية لتحتفظ بها في المكتبة العالمية البيضاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم (قاعدة في الانغماس في العدو وهل يباح ذلك؟ ). بعد ذكره لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحيح في السنن \" عجب ربنا من رجلين، أحدهما: رجل غزا في سبيل الله - عز وجل -، فانهزم مع أصحابه، فعلم ما عليه في الانهزام وماله في الرجوع، فرجع حتى يهريق دمه. فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقاً مما عندي حتى يهريق دمه \" (6).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على هذا الحديث الشريف: فهذا رجل انهزم هو وأصحابه ثم رجع وحده فقاتل حتى قتل، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله يعجب منه وعجب الله من الشيء يدل على عظم قدره، وأن ما فعله هذا يحبه الله ويرضاه، ومعلوم أن مثل هذا الفعل يقتل فيه الرجل كثيراً أو غالباً (ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وصَبَرُوا إنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (7).
وهذه المسألة تلقتها الأمة كابراً عن كابراً، وقرناً إثر قرن، حتى سئل سماحة الشيخ/ عبدالله بن حميد المتوفى سنة 1402هـ، عن حكم الإسلام في مسلم ارتدى حزاماً ناسفاً ثم دخل مجموعة من أعداء المسلمين وفجّر نفسه ليقتل أكبر عدد ممكن منهم؟ فأجاب سماحته - رحمه الله -:
الحمد لله، إن قيام الفرد من أفراد المسلمين بحمل هذا الحزام الناسف أو أية وسيلة متفجرة ثم انخراطه ضمن صفوف الأعداء ثم قيامه بتفجير ما يحمل بقصد قتل أكبر عدد من الأعداء وهو يعلم أنه أول من يقتل، أقول: إن هذا العمل ضرب من ضروب الجهاد المشروع، وهذا الرجل قتل شهيداً بإذن الله.
(ولا تَحسَبَنَّ الَذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَموَاتاً بَل أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ ويَستَبشِرُونَ بِالَّذِينَ لَم يَلحَقُوا بِهِم مِّن خَلفِهِم أَلاَّ خَوفٌ عَلَيهِم ولا هُم يَحزَنُونَ) (8).
يا هذا.. إن خوفك على شاب أو شابة مسلمة في فلسطين لا يخيفنا، نحن والحمد لله مليار وثلاثمائة مليون، فليذهب ألف، فليذهب عشرة آلاف، فليذهب مئة ألف، فليذهب مليون، الحمد لله.. ماذا يعني مليون من مليار وثلاثمائة مليون؟
ثم إنهم لو قتلوا. هم أحياء عند الله لم يموتوا!
ثم إن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
لقد أصبح قتل المسلم الواحد يحزنكم، واليوم المسلمون في كل أرض يقتلون ولم تلتفتوا لهم!! هل قسمتم لنا العذاب ولكم الحرية؟ هل نصبتم أحدكم إلهاً من دون الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء؟
وإذا كانت الديمقراطية منطقكم، فلماذا منعتم الشعب الفلسطيني المسلم أن يسير أمام السفارة، لم يكن حاملاً أي سلاح، إنما حمل معه حنجرته ليصيح بطلب وقف إطلاق النار؟.
حتى هذا الطلب الإنساني منعتموه؟ دعوا الشعب داخل فلسطين يعبر عن رأيه. حتى اليابانيين الذين لا ملة لهم عملوا مسيرة احتجاج عليكم، ودول شرق آسيا كذلك. أفلا يحق لمن بداخل المعركة أن يتكلم فقط؟ يتكلم يا قومُ ولم يحمل سلاحاً، حتى هذا حرام!!!
ثم لنخرج عن منطق السلاح ولغة القتال.. أنتم أيها الغربيون أظهرتم استطلاعاً للرأي عن موقف شعوبكم ضد ما يجري في فلسطين. ونشر هذا في المحطات عندكم وبثته وكالات الأنباء العالمية ليلة البارحة، 80 % من شعوبكم تؤيد الضربات الإسرائيلية للفلسطينييين، والـ 20 % الباقون المتعاطفون مع فلسطينº منهم من يخاف على السلام اليهودي وليس من أجل الشعب الفلسطيني! إذن أنتم وشعوبكم تكاد تجمعون على ما يحدث.
وهذا التقرير الرسمي منشور على مستوى أكبر دول العالم الغربي. ولكم أيها الإخوة أن تعرفوا أنهم أجروا تقريراً آخر للشعوب العربية، والذي قام بالتقرير هم بأنفسهم حتى لا نُتهم بالتزوير في الأرقام. ففي الجامعة الأمريكية في بيروت مؤخراً أجرى البرفسور \"كاسان\" استفتاءً ضم عدداً كبيراً من العرب من سوريا والأردن وفلسطين، وكانت النتائج: 87 % يؤيد العمليات الاستشهادية ضد إسرائيل، و 82 % يؤيد الحرب ضدها، و 77 % لا يريدون أي تعاون اقتصادي معهم.
إذن لا أنتم ولا شعوبكم تتفقون معنا في شيء، ولا حكامنا ولا أمتنا يتفقون معكم في شيء.
إذن (قُل يَا أَيٌّهَا الكَافِرُونَ (1) لا أَعبُدُ مَا تَعبُدُونَ (2) ولا أَنتُم عَابِدُونَ مَا أَعبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتٌّم (4) ولا أَنتُم عَابِدُونَ مَا أَعبُدُ (5) لَكُم دِينُكُم ولِيَ دِينِ) (9). إذن:
حقَّ الجهاد فليس عـنه خـيار * * * وغلت مراجلٌ ما لهن قرار
خيل المنايا أسـرجت فـتأهبي * * * حطين إن رؤاك سوف تدار
يا مسلمون ومن سواكم للحمى * * * إن كشرت عما بها الأخطار
دعوا فلسطين المناضلة، دعوا رجالها الأشاوس، دعوهم، وادعوا لهم بالجهاد في سبيل الله.
دعوهم يدافعون بصدورهم ونحورهم، اتركوا شباب حماس، اتركوا الفتيات والأطفال. دعوهم يخرجوا من المدارس ليلبسوا حزاماً ناسفاً يقاتلون فيه. دعوا الطفل يخرج من بيته ليحمل الحجارة، ويلعب بها ويتسلى برجمها عليكم، دعوا النساء يخلطون الدماء بالدموع. دعوا دنياهم جحيماً يلتهب عليكم. دعوهم ينشدون ويصيحون لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى. دعوهم يقرروا حق المصير، دعوهم يسمعونا ويمتعونا ويسلونا ونحن نشاهد في التلفاز أن أختنا الصغيرة التي في سن الزهور رمت بنفسها، نسيت لعبها، نسيت جمالها، نسيت دنياها، وأن أخانا الصغير في الابتدائية قتل وهو يرمي بالحجر.
دعونا نحسن ولو مجرد إحساس أن لدينا نفس بين جوانحنا، أن لدينا أعين تبصر من وراء الجدران، دعونا نشعر أن الجهاد لم يمت بعد، دعونا نقرأ ونشاهد ونتابع الأحداث في فلسطين بعد أن غشيتنا الغفلة بأخبار النوادي والمراقص، وتسيير الشعوب على ترهات الأحداث، دعونا نحلم أننا سنصلي يوماً في المسجد الأقصى، دعونا ونحن في أماكننا ليس لنا إلا الكلام والشجب والصياح فقط.
ودعوني أنتم أيها الرجال أختم هذه الخطبة على خير!!.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
---------------------------------------
(1) يونس، الآية (3).
(2) هود، الآيتين (54، 55).
(3) المائدة، الآية (78، 79).
(4) آل عمران، الآية (112).
(5) النساء، الآية (104).
(6) أخرجه أبو داود (2536)، وأحمد (3949)، والحاكم (2/112)، وصححه ووافقه الذهبي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(7) النحل، الآية (110).
(8) آل عمران، الآية (169، 170).
(9) الكافرون، (1-6).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد